سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 03:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-07-2005, 05:10 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان (Re: Sabri Elshareef)

    استقالة

    مي التلمساني



    أستلقي فوق صخرة عالية. عارية. طيور سابحات في الفضاء البعيد. يأتين إليّ. هذا جسدي فكلوه. شمس الصيف الحارقة ونسيم البحر الذابل. يعتريني. هذا دمي المنسلخ من ثنايا شعيراتي الدفينة. هذا شعري المتكاسل فوق نتوءات الصخر. هذه أنا التي تتحرق شوقاً للانسياب وسط تعاريج الصخر.

    وسط حنايا الريح. وسط انعطافات الموج الهادر عن كثب. هذه أنا التي نصف جسد، نصف كون وعي بالوجود.

    كان هذا حلم يقظة. حين أطفأت نور الغرفة رحل اللون. وظل شكل الأشياء في المكان كحقيقة سوداء تعلن عن كثافة الوجود. مددت يدي في حنق مقرون باللهفة تحت الوسادة. وأمسكت برباط الرأس. أحكمته فوق شعري المتناثر هنا وهناك وتركت رأسي يهوي فوق الوسادة من جديد. حدثت نفسي بصوت خفيض كي تذهب أفكاري الممسوسة. وأنصت إلى حفيف أوراق الشجر القادم من النافذة البحرية. صور متقطعة من بحرها در وسماء صافية تحوم فيها طيور شرسة وصخور تشبه انكسارات الجبال في الأزمنة الأولى. أغمضت عيني على صورتي العارية فوق الصخرة. وتمنيت أن أحلم حلماً مبهجاً. أسدلت طرف ثوبي الليلي حتى قارب أطرافي واعتدلت فوق ظهري كالصليب.

    الثالثة بعد منتصف الليل تقريباً. لم أنظر في الوقت. لكن رائحة الكون تنبئ باقتراب الفجر. لازالت صورتي العارية معلقة هناك. في الفضاء الفاصل بين الفراش والسقف. ثقلت جفوني ثانية فغفوت.وأفقت على زقزقة عصفور قريب. كانت غرفتنا تسبح في ضوء رمادي يشبه ضوء الفجر. اكتست الأشياء لوناً موحداً كصور الأفلام القديمة. أسدلت الستائر وانتبهت إلى وجودك عند طرف الفراش الآخر. أين كنت أثناء الحلم؟

    رشفة واحدة من كوب الشاي الساخن تغسل حلقي من ملح البحر. تعقبها رشفة أخرى وقضمة من كعك يشبه صخور الليل. أزدرد بسرعة كل ما يتراكم في تجويف الفم. وأعلن أني انتهيت. ترمقني بنظرة متثائبة.

    وتدعوني في غير حماس للتريث. أغلق الباب الخلفي على كلمة مقتضبة.

    نصفها يظل داخل البيت ونصفها الآخر يرحل معي. دقيقة واحدة عند أعتاب البيت ثم انطلاقة تبدو في غير محلها نحو الرصيف المقابل حيث تقبع بقايا صخور انكسارية وبحر صغير يعكس زرقة السماء وريشة طائر أسطوري هارب لتوه من التاريخ. أجفل دون أن أتوقف عن السير. تحلق فوق رأسي صورتي في شبق مكتوم. عارية إلا من شعيرات تتراكم هنا وهناك في إصرار. قبل أن أنزلق داخل سيارة الأجرة المح طرفاً من شمس الصيف الحارقة، وأصافح هواء الصبح الذابل.

    في المرآة الأمامية، عينا السائق كعيني صقر.

    في الممرات المتثائبة يمر الآخرون في حركة متمهلة. يتشممون عطري الذي رحل. ويكشفون عن أسنان ملونة كالابتسام. أو كالوعد. أضع يدي فوق مقبض الباب الممدود وأخطو خطوتين. بالداخل. أوراق قديمة متراصة هنا وهناك، يعلوها التراب ولون الصدأ. أفتح درجاً يقفز منه فأر رمادي. يتوارى خلف أكوام من الورق الجاف. أضع حقيبتي مكان الفأر وأغلق الدرج في حرص. أدير نظري في الغرفة المستطيلة مروراً بالنافذة والباب المفتوح. أتشمم رائحة ملابسي التي لا زالت تشي بعطر الأمس. أتحسس رأسي حين تباغتني فكرة أني نسيت رباط الرأس. أخرج من جيبي منديلاً أجفف به وجهي في انتظار أن يمر تيار الهواء بين النافذة والباب فيحملني بلا صوت.

    فوق مائدة الاجتماعات المستطيلة أوراق هامة ملونة. جدران الغرفة الخشبية قد حال لونها. والمكتب الكبير الذي يتصدر الحائط الأمامي يلمع في ضوء الشمس القادم من النافذة المغلقة. الهواء القادم من العلبة المعدنية يشبه هواء العلب المحفوظة بلا صوت. بلا رائحة، اسبح في الفراغ الفاصل بين الباب وبين المكتب مروراً بالمائدة المستطيلة. أخترق عقبات أخرى صغيرة وأتخطى إحساسي بالسأم. أضع فوق المكتب ورقة وحيدة ذابلة ولا أنظر إلى الرجل القصير الذي يحتمي بمقعده العالي. نتبادل كلمات قليلة قبل أن يضع إمضاء أسفل إمضائي. ألتفت إلى الهواء المحلق فوق رأسي فلا أجد أثراً لصورتي العارية.

    كان هذا حلم يقظة. حين مددت يدي في حنق مقرون باللهفة تحت الوسادة أمسكت بذيل فأر رمادي. وضعته في خفي الأسود فاستكان. وأنصت إلى حفيف أوراق الشجر القادم من النافذة. رائحة الكون تنبئ باقتراب الفجر.


                  

العنوان الكاتب Date
سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:22 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:24 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:26 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:28 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:30 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 04:52 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:10 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:18 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:36 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:36 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:36 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:46 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-07-05, 05:50 PM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-08-05, 08:48 AM
  Re: سرد قصصي القاص محمدخلف الله سليمان Sabri Elshareef05-11-05, 01:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de