تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 12:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2005, 05:48 AM

peace builder
<apeace builder
تاريخ التسجيل: 10-17-2002
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام (Re: peace builder)

    401 - ويبدو أن الاعتقال والاحتجاز غير الشرعيين للأشخاص ممارسة شائعة في عمليات جهاز أمن الدولة فيما يتصل بالصراع في دارفور. وقد التقت اللجنة بأشخاص كانوا قيد الاحتجاز السري. وكان من بين أولئك المحتجزين طلبة ومحامون وتجار. وفي العديد من هذه الحالات، كانت أسرهم على غير علم باعتقالهم أو بأماكن وجودهم. وكان من بينهم صبي عمره 15 عاما اعتُقل في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 في نيالا شمالَ دارفور، عندما كان عائدا إلى منزله من العمل. ولم تعلم أسرته بأمر اعتقاله أو بمكان وجوده. وكان الصبي مريضا بداء الصرع، ولم يتلق أي مساعدة طبية منذ احتجازه. وكان جميع المحتجزين يوضعون في الحبس الانفرادي. وباستثناء الحالة المذكورة أعلاه، أبقي الجميع رهن الاحتجاز لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، بل قد استغرقت تلك المدة سنة تقريبا في حالة واحدة، بدون توجيه أي تهمة لهم. ولم يقدموا إلى محكمة أبدا، كما لم يسمح لهم برؤية محام.
    402 - وتلقت اللجنة أيضا معلومات موثوقا بها بشأن حالات اختطاف على أيدي المتمردين. وفي حالة هجوم للمتمردين على قلبوس في قرب نهاية عام 2003، اختُطف 13 رجلا وما زالوا مفقودين. وفي هجوم آخر على إحدى القرى في منطقة ظلاطية غربَ دارفور، اختُطف ثلاثة أطفال على أيدي مجموعة من المتمردين. ولا يزال هؤلاء الأطفال في عداد المفقودين. وتلقت اللجنة معلومات إضافية عن قيام المتمردين باختطاف أشخاص من فتة برنو ومقلة وكلكل. واتهم المتمردون هؤلاء الأشخاص بالتعاون مع الحكومة والقبائل العربية. وتلقت اللجنة معلومات موثوق بها تفيد أن هؤلاء الأشخاص عذبوا وعُرِّضوا للمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وفي حالات أخرى، اختُطف الأشخاص بعد أن صودرت مركباتهم واقتيدوا من قبل مجموعات المتمردين. وذُكِرت حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة باعتبارهما الجهتين المسؤولتين عن تلك الحوادث.

    (ب) التكييف القانوني
    403 - تكفل المادة 9 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حماية حق كل فرد في الحرية وفي الأمان على شخصه. على أنه يتعين بالضرورة أن تقرأ أحكام تلك المادة في سياق سائر الحقوق التي يسلم بها العهد، ولا سيما عدم جواز التعذيب في المادة 7، والمادة 10 التي تنص على المبدأ الأساسي المتمثل في المعاملة الإنسانية لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم واحترام كرامتهم. وأي حرمان من الحرية يجب أن يتم طبقا لأحكام المادة 9: إذ يجب ألا يكون الحرمان من الحرية تعسفيا؛ ويجب أن يتم طبقا للقانون وللإجراء المقرر فيه؛ ويجب تقديم معلومات عن أسباب التوقيف؛ ويجب إتاحة الرجوع إلى محكمة للفصل في الاعتقال، فضلا عن الحصول على تعويض في حال وقوع انتهاك. وتسري تلك الأحكام حتى عندما يستخدم الاحتجاز لأسباب الأمن العام.
    404 - ومن بين الضمانات المهمة التي تنص عليها الفقرة 4 من المادة 9، الحق في الرجوع إلى محكمة للفصل في قانونية الاعتقال. وقد ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقاتها العامة أن الضمانات التي قد تمنع انتهاكات القانون الدولي هي الأحكام التي تمنع الحبس الانفرادي، وتمنح المحتجزين إمكانية مناسبة للوصول إلى أشخاص من قبيل الأطباء والمحامين وأفراد العائلة. وفي هذا الصدد، شددت اللجنة أيضا على أهمية الأحكام التي تقتضي احتجاز المعتقلين في أماكن معروفة لدى العموم وتستوجب تسجيل أسماء المعتقلين وأماكن الاعتقال حسب الأصول. ويستنج من تعليقات اللجنة أنه لكي تكون الضمانات فعالة، يجب أن تتاح تلك السجلات للأشخاص المعنيين، كالأقارب، أو لأشخاص مستقلين يتولون الرصد والمراقبة.
    405 - وحتى في الحالات التي تتحلل فيها دولة ما تحللا شرعيا من بعض أحكام العهد، فإن حظر الاحتجاز غير المعترف به أو احتجاز الرهائن أو حالات الاختطاف، يكتسي صبغة مطلقة. ولا تخضع للاستثناء معايير القانون الدولي تلك، شأنها في ذلك شأن الحق الإنساني لجميع الأشخاص في أن يعاملوا معاملة إنسانية وباحترام للكرامة المتأصلة في الشخص الإنساني.
    406 - وتقع المسؤولية الأساسية عن الامتثال للالتزامات القائمة بموجب القانون الدولي على عاتق الدول. وتتسع مهمة الدول لتشمل كفالة حماية تلك الحقوق حتى عندما تتعرض للانتهاك أو التهديد من قبل أشخاص ليس لهم أي مركز أو سلطة رسمية. وتظل الدول مسؤولة عن جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان التي تقع بسبب تقاعس الدولة عن تهيئة الظروف التي تمنع الأعمال المحظورة أو اتخاذ التدابير اللازمة لردعها، كما تكون مسؤولة عن أية جرائم فعل بما في ذلك التشجيع على تلك الأعمال المحظورة أو إصدار الأمر بارتكابها أو التسامح إزاءها أو اقترافها.
    407 - وتبرز أهمية تحديد المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم الدولية سواء ارتكبت في إطار سلطة الدولة أو خارج نطاق تلك السلطة، علاوة على مسؤولية الدولة وهي تمثل جانبا حاسما في وجوبية إنفاذ الحقوق وحمايتها من الانتهاك. ويتيح القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الروابط الضرورية لعملية التحديد تلك.
    408 - وفيما يتعلق بالقانون الإنساني الدولي، تحظر المـــادة 3 المشتركة بين اتفاقيــات جنيف أعمال الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب، وأخذ الرهائن، والاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة أو الحاطة بالكرامة.
    409 - ووفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن عبارة ”الاختفاء القسري للأشخاص“ تعني إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه. ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة( ).وعندما ترتكب تلك الأعمال كجزء من هجوم واسع أو منتظم موجه ضد سكان مدنيين، مع العلم بالهجوم، فإنها قد تشكل جريمة ضد الإنسانية( ).
    410 - وقد يندرج اختطاف النساء على أيدي الجنجويد ضمن الاختفاء القسري بوصفه جريمة ضد الإنسانية. وتثبت الحوادث التي جرى التحقيق فيها أن حالات الاختطاف تلك كانت منتظمة، وأنها ارتكبت بقبول ضمني من جانب الدولة، بما أن حالات الاختطاف أعقبت هجمات مشتركة بين الجنجويد والقوات الحكومية ووقعت في حضورها وبعلمها. وكانت النساء يُستبقين في الأسر لمدة طويلة من الوقت، وكانت أماكن وجودهن غير معروفة لدى أسرهن على امتداد فترة حبسهن. وتعتبر اللجنة أيضا أن القيود المفروضة على المشردين داخليا المقيمين بالمخيمات، ولا سيما النساء، عن طريق بث الرعب في نفوسهن بواسطة أعمال الاغتصاب أو القتل أو التهديد بالاعتداء على الحياة والسلامة البدنيــة من قبــل الجنجويد، تشكل حرمانا خطيرا من الحرية البدنية، وبالتالي انتهاكا لقواعد القانون الدولي.
    411 - وتعتبر اللجنة أيضا أن إلقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم على أيدي جهاز أمن الدولة والاستخبارات العسكرية، بما في ذلك إبان الهجمات وعمليات الاستخبار ضد القرى، قد تشكل أيضا جريمة الاختفاء القسري بوصفها جريمة ضد الإنسانية، وذلك بغض النظر عن كونها تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان. ولقد كانت تلك الأعمال منهجية وواسعة النطاق على السواء.
    412 - إن اختطاف الأشخاص خلال هجمات الجنجويد واحتجازهم في مخيمات يتعهدها الجنجويد، بدعم وتواطؤ من القوات العسكرية الحكومية، يشكلان انتهاكين جسيمين لحقوق الإنسان ويندرجان ضمن حالات الاختفاء القسري. على أن اللجنة لم تعثر على أي دليل على أنهما كانا من اتساع النطاق والانتظام بحيث يشكلان جريمة ضد الإنسانية. غير أن المحتجزين عُرِّضوا لاعتداءات جسيمة على حياتهم وسلامتهم البدنية. فقد عذبوا أو عُرِّضوا للمعاملة القاسية والمهينة والحاطة من كرامتهم. وارتكبت تلك الأعمال في إطار الصراع المسلح وارتبطت به ارتباطا مباشرا. وتعتبر اللجنة أن تلك الأعمال تشكل جرائم حرب باعتبارها انتهاكات خطيرة للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف، الملزمة للسودان.
    413 - كما أن اختطاف الأشخاص على أيدي المتمردين يشكل انتهاكات خطيرة وجسيمة لحقوق الإنسان، وتندرج ضمن الاختفاء القسري، ولكن اللجنة لم تعثر على أي دليل على أنها كانت من اتساع النطاق والانتظام بحيث تشكل جريمة ضد الإنسانية. غير أن اللجنة تمتلك ما يكفي من المعلومات التي تثبت أن الاعتداءات على الحياة والسلامة البدنية للمحتجزين ارتكبت إبان الحوادث التي حققت فيها اللجنة. كما تعرض المحتجزون للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وارتكبت تلك الأعمال في إطار الصراع المسلح وارتبطت به ارتباطا مباشرا، ومن ثم فهي تشكل جرائم حرب بوصفها انتهاكات خطيرة للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف.

    11 - تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة واستخدامهم في أعمال القتال المسلح
    (أ) النتائج فيما يتعلق بالوقائع
    414 - كان ثمة بعض التقارير من مصادر أخرى عن استخدام الأطفال الجنود من قبل المجموعتين المتمردتين حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان. بيد أن تلك التقارير لم تتضمن تفاصيل فيما يتعلق، مثلا، بطريقة تجنيدهم أو منطقة نشرهم. ووجهت حكومة السودان أيضا هذا الادعاء ضد المتمردين، ولكنها لم تقدم أي معلومات محددة أو أدلة يمكنها أن تساعد اللجنة في التوصل إلى نتيجة فيما يتعلق بصحة أو عدم صحة هذه الواقعة.
    415 - وتدل تحريات اللجنة على أن حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان قاما باستخدام الأطفال كجنود. على أنه ليس ثمة ما يدل على أن ذلك يشكل تجنيدا قسريا. وقد شوهد هؤلاء الأطفال وهم يرتدون زيا رسميا ويحملون أسلحة داخل معسكرات المتمردين وحولها. وأكد المراقبون المستقلون وجود الأطفال الجنود في مناطق الصراع. ورغم أن اللجنة لا يمكن أن تستبعد مشاركتهم في القتال، فإنها لم تتلق معلومات موثوق بها عن نشر الأطفال الجنود في القتال المسلح.
    416 - وواجهت اللجنة قادة مجموعتي المتمردين كلتيهما بتلك الادعاءات أثناء لقاءاتها بهم. وقد أنكرت المجموعتان كلتاهما استخدام الأطفال في الصراع المسلح. ولا تنكر قيادة حركة تحرير السودان أن الأطفال يقيمون في بعض المعسكرات التابعة لها. بيد أنها تنكر أن يكون أولئك الأطفال جنودا أو أن يكونوا مشاركين في أعمال القتال المسلح. وتذكر تلك القيادة أن أولئك الأطفال يُتِّموا نتيجة للصراع وأن جيش تحرير السودان يوفر لهم الرعاية. ولا تعتبر اللجنة أن هذا التفسير مقنع. وعلى نحو ما ذكر أعلاه، أكدت مصادر مختلفة أن الأطفال يرتدون الزي الرسمي ويحملون الأسلحة. وبالتالي، لا يمكن للجنة أن تستبعد مشاركتهم في القتال.

    (ب) التقييم القانوني
    417 - على نحو ما ذكر آنفا، نشأت قاعدة عرفية دولية بشأن هذه المسألة مفادها أنه يُحظر استخدام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في أعمال القتال المسلح. وقد صادق السودان أيضا على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال واتخاذ إجراءات فورية للقضاء عليها، التي تحظر التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في النـزاع المسلح. وتعرف الاتفاقية الأطفال بكونهم جميع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة. وعلاوة على ذلك، يعد المتمردون، شأنهم في ذلك شأن حكومة السودان، ملزمين بالمادة 8 من البروتوكول المتعلق بتحسين الحالة الأمنية في دارفور وفقا لاتفاق نجامينا، المؤرخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وبموجب هذا الحكم تمتنع الأطراف عن استخدام الأطفال كجنود أو مقاتلين، وفقا للميثاق الأفريقي لحقوق الطفل الأفريقي ورفاهه واتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة.
    418 - ويترتب على ذلك أنه إذا ثبت على نحو مقنع أن الحكومة أو المتمردين جندوا الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في أعمال القتال العسكري الفعلي، فيجوز مساءلتهم على تلك الجريمة.

    سابعا - الإجراءات التي اتخذتها الهيئات السودانية لوقف الانتهاكات ومعالجتها
    419- وجه انتباه حكومة السودان إلى الجرائم الخطيرة التي يدعى ارتكابها في دارفور. ولم يكن المجتمع الدولي وحده هو الذي يطالب بوضع حد للانتهاكات وتقديم مرتكبيها للعدالة، بل والأهم من ذلك أن هذا ما كان يطالب به شعبه. ففي حين أقر عدد من المسؤولين الحكوميين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في دارفور، إلا أنهم قالوا إن مرتكبيها كانوا يتصرفون بروح المسؤولية وبنية حسنة لوقف العنف ومعالجة الأزمة. وقال البعض إنه رغم القول بأن الحكومة لم تكن قادرة أحيانا على كل معالجة المشاكل إلا أنه لا يمكن لأحد أن يزعم بأنها لم تكن راغبة في ذلك.
    420- ويقيّم الفرع الوارد أدناه فعالية التدابير التي اتخذتها حكومة السودان، وخاصة فيما يتعلق بالتحقيق في هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة. وهو يركز على دور وكالات إنفاذ القانون بشكل خاص، ولا سيما الشرطة، ويبحث بعض جوانب النظام القانوني والقضائي، ويقيم بعض الآليات غير القضائية، مثل لجنة التحقيق الوطنية واللجان المعنية بالاغتصاب.

    ألف - الإجراءات التي اتخذتها الشرطة
    421- إن دور الشرطة في الصراع الحالي غير واضح تماما. إذ تدعي الحكومة بأن هذه المؤسسة أضعفت نتيجة الصراع في دارفور. فقد كانت الهجمات على مخافر الشرطة ومعاقلها ونهب الأسلحة على يد المتمردين، سمة رئيسية في أعمال التمرد. وفي واقع الحال، تزعم الحكومة أنه خلال الفترة من كانون الثاني/يناير 2003 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2004، قتل 685 شرطيا على يد المتمردين، وجرح 500، وأن 62 شرطيا في عداد المفقودين، وتم نهب 247 1 قطعة سلاح من مخافر الشرطة( )، وتفيد بأن ذلك أدى إلى تقوض القانون والنظام، وتشجيع أعمال اللصوصية والجريمة.
    422- والمعتاد في الصراعات المسلحة الدولية أن قوة الشرطة المدنية لا تشارك رسميا في أعمال القتال، ويمكن اعتبارها على الأقل نظريا، جهة غير مقاتلة تستفيد من الضمانات والحمايات من الهجمات. أما في حالة الصراع الداخلي الخاصة في دارفور، فإن التمييز بين الشرطة والقوات المسلحة غالبا ما يكون غير واضح. وهناك عوامل قوية تشير إلى وجود حالات قاتلت فيها الشرطة إلى جانب قوات الحكومة خلال الهجمات، أو أنها امتنعت عن التدخل أو التحقيق في الهجمات على السكان المدنيين، التي ارتكبها الجنجويد. وتوجد -كذلك مزاعم واسعة الانتشار ومؤكدة بأن بعض أعضاء الجنجويد قد أدمجوا في الشرطة. وأكد الرئيس البشير في لقاء مع وسائط الإعلام الدولية أنه لكبح جماح الجنجويد، فقد تم إدماجهم في ”مجالات أخرى“، مثل القوات المسلحة والشرطة“( ). لذلك، فإن اللجنة ترى أن الوضع ”المدني“ للشرطة في سياق الصراع في دارفور، أمر يدعو للتساؤل( ).
    423- بيد أن الضحايا عزوا في بعض الأحيان دورا إيجابيا للشرطة. فقد أخبروا اللجنة بأن الشرطة كانت مستهدفة بالفعل خلال الهجمات التي شنت على القرى، إلا أنهم أنحوا باللائمة بشكل رئيسي على الجنجويد لمثل هذه الأعمال. وكذلك، ففي حين أعرب الضحايا غالبا عن عدم ثقتهم بقدرة الحكومة ورغبتها في الدفاع عنهم، كانت الشرطة موضع استثناء من هذا الاتجاه. ولعل السبب يعزى إلى أنه باستثناء قادة الشرطة، كان معظم أفراد الشرطة في دارفور من أبناء دارفور. وأبلغ بعض الشهود اللجنة أنه خلال الهجمات التي شنها الجنجويد، كانت الشرطة، التي كانت قليلة العدد في الغالب تحاول الدفاع عن القرويين، إلا أنها لم تكن في أغلب الأحيان جيدة التجهيز، وكان مهاجموهم يفوقونهم عددا. وأحد الأمثلة على ذلك، الهجوم الذي شنه الجنجويد على موللي (قبيلة المساليت) في 23 نيسان/أبريل 2003 - في يوم انعقاد السوق. وقد دمرت أكشاك السوق تدميرا تاما ونهبت المواشي. وألقت الشرطة القبض على 7 من الجنجويد، لكن المحكمة أمرت بإطلاق سراحهم، بزعم عدم توفر الأدلة.
    424- وقد بدأ اتجاه تفوق الجنجويد على الشرطة، حتى قبل حدوث الأزمة الحالية، ويمكن استخلاص ذلك من المعلومات التي قدمتها الحكومة نفسها. فمثلا، يصف الحكم الصادر في القضية المعروفة بقضية ”جاكر الهادي المقبول وآخرين“، كيف أن مجموعة مشتركة من الشرطة والقوات الشعبية المسلحة يبلغ عددها 39 شخصا، تركوا سكان الثابت تحت رحمة مجموعة كبيرة من مهاجمي الفرسان( ). وتشمل القضية قبيلتين عربيتين هما قبيلة المماليا والرزيقات. وتتمثل وقائع القضية في مقتل أحد أفراد الأمن الوطني من قبيلة الرزيقات في شجار مع رجلين من الشرطة من قبيلة المماليا. وبعد 40 يوما من الحادث، اجتمع من 700 إلى 800 شخص من الفرسان بلباسهم الرسمي ومجهزين بالأسلحة للانتقام لموته . وهاجموا وقتلوا 54 شخصا وجرحوا 24 شخصا آخر، وحرقوا منازل قبل انسحابهم، ونهبوا أبقارا وممتلكات منزلية. واستنادا إلى الحكم، فقد طلبت القوات الرسمية البالغ عددها 39 شخصا من الشرطة والقوات الشعبية، من قيادتها السماح لها بالتصدي للمهاجمين،لكن القيادة رفضت بسبب الفارق العددي ثم انسحبت القوات الرسمية.
    425- ومع تصاعد الأزمة وعدم فعالية الشرطة في معالجة الأزمة، بدا أن السكان في دارفور لم يعد لديهم الثقة في هذه المؤسسة. وقد أبلغ عدد من الضحايا اللجنة بأنهم لم يتوجهوا إلى الشرطة لتقديم شكاواهم عن الأعمال التي قامت بها القوات الرسمية أو الجنجويد. إذ كانوا يعتقدون أن الشرطة لن تتابع هذه الشكاوى، وكانوا يخشون من عمليات الانتقام. وفي الواقع، عندما طلب إلى الموظفين في ولايات دارفور الثلاث تقديم معلومات عن عدد الشكاوى المسجلة، قدموا بشكل رئيسي قوائم بالشكاوى المسجلة بشأن الهجمات التي قام بها المتمردون. أما بالنسبة للهجمات التي شنها الجنجويد، فلم تقدم سوى معلومات قليلة. وكانت أكثر قوائم الشكاوى شمولا ضد الجنجويد هي التي قدمها محافظ شمال دارفور. وقد شملت 93 شكوى مسجلة بين الفترة من شباط/فبراير 2003 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2004. إلا أن القائمة لم تتحدث عن التدابير التي اتخذتها الشرطة لمتابعة هذه الشكاوى.
    426- وزعمت الحكومة أنه كان يوجد بين 000 9 و 000 12 شرطي منتشرين في دارفور لحماية الأشخاص المشردين داخليا. إلا أن هؤلاء الأشخاص المشردين داخليا لم يلمسوا تأثير هذا التواجد، كما يظهر الوضع في مخيم فاتابورنو للمشردين داخليا. فقد حصر السكان في منطقة حددت بصخرة حمراء وقاع نهر (وادي). وكانت أي محاولة يقوم بها شخص من السكان المشردين داخليا للمغامرة باجتياز المنطقة المحددة، تقابل بطلقات نارية من الجنجويد في مخابئهم الجبلية القريبة. ولم تبد الشرطة، المتمركزة على حافة المخيم، أي اهتمام بالتصدي للجنجويد. ومن المنطقي الافتراض بأن وجود الشرطة كان يعود لأسباب سياسية أكثر من كونها لتوفير الحماية. وفيما بين الفترة 27 أيلول/سبتمبر 2003 وأيار/مايو 2004، تعرضت 7 قرى( ) بالقرب من نيالا للهجوم المستمر على يد الجنجويد. وقد أسفر ذلك عن نزوح ما يزيد على 000 1 مدني. ولم تتخذ الشرطة أي إجراء ضد الجنجويد.
    427- وقد منعت عوائق إجرائية عديدة الشرطة من القيام بعمل فعال. ومثال على ذلك، الممارسة التي تقتضي من ضحايا جرائم معينة في دارفور، كالاغتصاب، الحصول على ما يسمى ”النموذج 8“ من الشرطة قبل التمكن من الحصول على الفحص والمعالجة الطبية. وقد اعتمد أمر توجيهي عنوانه ”مرسوم جنائي صادر عن وزارة العدل 1-2004“، الذي سرى مفعوله اعتبارا من 21 آب/أغسطس 2004، للاستغناء عن ذلك الطلب. إلا أنه كان من الواضح من اللقاءات التي أجرتها اللجنة مع ضحايا الاغتصاب، بمن فيهن الضحايا في مخيم زمزم للمشردين داخليا في شمال دارفور، بأن الشرطة كانت لا تزال تطبق قاعدة النموذج رقم 8. وكان التردد ينتاب مكتب المدعي العام والشرطة عند سؤالاهما عن معرفتهما بالمرسوم، واتضح للجنة أنهما لم يكونا على علم بوجود هذا المرسوم. كما أن المسؤولين القضائيين في الخرطوم لم يكونوا على علم بمرسوم آب/أغسطس 2004 وبالمرسوم اللاحق حول المسألة ذاتها، الذي أصبح ساري المفعول اعتبارا من 11 كانون الأول/ديسمبر 2004.

    باء - الإجراءات التي اتخذتها الهيئة القضائية
    428- طلبت اللجنة مرارا إلى الحكومة أن تزودها بمعلومات عن الإجراءات القضائية التي اتخذتها لتقديم مرتكبي الجرائم المزعومة في دارفور إلى العدالة. ورغم الطلبات المتكررة التي قدمتها اللجنة، واصلت الحكومة ذكر حالة واحدة فقط تتصل بمهمة اللجنة والتي اتخذت الهيئة القضائية إجراء فيها عام 2003. وكانت تلك هي قضية جمال سليمان محمد شايب في قرية حلوف المتعلقة بمقتل 24 فردا، بعضهم من النساء والأطفال، ونهب الممتلكات وحرق القرية. أما القضيتان الأخريان اللتان أحيلتا إلى اللجنة كدليل على الإجراءات التي اتخذتها الهيئة القضائية فهما أولا قضية جاكر الهادي المقبول وآخرون المعروضة أمام المحكمة الخاصة في نيالا المذكورة أعلاه، والثانية قضية حافظ محمد دهب وآخرون المتعلقة بالهجمات على قرية جقمة وجبرة التي أسفرت عن مقتل 4 أشخاص، وحرق أحد الأشخاص، وجرح آخرين، وكذلك نهب البيوت وحرقها. إلا أن هاتين القضيتين المعنيتين حدثتا في عام 2002. لذلك فإن اللجنة تعتبر أن الحكومة أخفقت في إظهار أنها اتخذت تدابير لمقاضاة المتورطين في الهجمات التي حدثت منذ شباط/فبراير 2003.
    429- واستشهدت الحكومة كذلك بثلاث قضايا جرى فيها قصف عن طريق الخطأ. وذكرت أنها عوضت ضحايا قرى هبيلا، وأم جوزين وتولو. وقدم رئيس اللجنة العسكرية التي أنشئت لتعويض الضحايا في هبيلا إحاطة للجنة. وزعم بأن الضحايا أحجموا عن الحصول على التعويض. إلا أن اللجنة علمت من مصادر أخرى أن السبب الحقيقي هو أن الضحايا ألحوا على إجراء تحقيق شامل في الخطأ المزعوم الذي حدث.
    430- واتهمت الحكومة المتمردين بمهاجمة مباني المحكمة وموظفيها، ليستدل من ذلك على أن هذا قد أضعف من فعاليتها. واستشهادا بأحد الأمثلة، أُبلغت اللجنة أنه أثناء هجوم شن على كتوم، شمال دارفور في 1 آب/أغسطس 2003، هاجم المتمردون المحكمة الجنائية وبيوت القضاة ونهبوا محتوياتها. كما أحرقت الوثائق ومواد الإثبات والملفات. وخلال هجوم شن في 10 تموز/يوليه 2004 على قربة أليت، التي كانت موضع هجمات متكررة من قبل حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وكذلك القوات الحكومية، اختطف المتمردون قاضيا. ثم أطلق سراحه في 13 آب/أغسطس 2004. وفي هجوم آخر على القرية ذاتها في 20 أيلول/سبتمبر 2004، ادعت الحكومة أن المتمردين هاجموا المحكمة ودمروا أثاثها والوثائق فيها. ويبدو أن منزل القاضي قد نهب أيضا.
    431- ووفقا للنتائج التي توصلت إليها اللجنة، لا يبدو أن النظامين القضائي والقانوني في السودان بشكلهما الحالي قادران على مواجهة التحديات الخطيرة الناجمة عن الأزمة في دارفور. فقد أعرب الضحايا غالبا عن عدم الثقة في قدرة الهيئة القضائية على العمل باستقلالية وبطريقة حيادية. وإن وجود بعض كبار القضاة في دارفور ممن شاركوا في وضع السياسات المثيرة للجدل وتنفيذها مثل عودة الأشخاص المشردين داخليا، قد أضعف من مصداقية الهيئة القضائية في أعين الجماهير. وفيما يلي وصف مقتضب للنظام القضائي وتقييم عن قدرته في نشر العدالة وفق معايير حقوق الإنسان الدولية.

    1 - لمحة عامة عن النظام القضائي السوداني
    432 - يؤكد دستور عام 1998 استقلالية الهيئة القضائية. إلا أنه يبدو أن الهيئة القضائية تم التلاعب فيها وتسييسها خلال العقد الأخير. إذ يتعرض القضاة الذين لا يتفقون مع الحكومة غالبا إلى المضايقة، بما في ذلك الطرد من الخدمة.
    433 - وتحدد المادة 103 من الدستور هيكل النظام القضائي في البلد الذي يشمل المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، والمحاكم الابتدائية. وحسب الترتيب الهرمي، تأتي المحكمة العليا، المؤلفة من ثلاثة قضاة وذات أعلى سلطة قضائية ونهائية، في قمة الهرم. وتعد قراراتها في دعاوى الاستئناف المحالة إليها من محكمة الاستئناف حول المسائل الجنائية والمدنية والشخصية والإدارية نهائية، ولا يمكن أن يغيرها إلا رئيس القضاء، إذا رأى مخالفة قانون معين للشريعة.
    434 - ويوجد لكل عاصمة ولاية محكمة استئناف يرأسها ثلاثة قضاة. وتقع دعاوى الاستئناف في المسائل الجنائية والمدنية والشخصية المحالة من المحاكم العامة في إطار محكمة الاستئناف. ويمكن للمحكمة أن تراجع قرارتها ولها اختصاص محكمة ابتدائية ذات قاضي واحد لاستعراض المسائل المتعلقة بالسلطة الإدارية.
    435 - وتنشأ المحاكم العامة بموجب قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 الذي يتيح لرئيس القضاء أن يشكلها، وأن يحدد اختصاصها. وينقسم اختصاص المحاكم إلى استئنافي جزئيا وابتدائي في جزء آخر. وتحال دعاوى الاستئناف من المحاكم المحلية إلى المحاكم العامة. ويكمن الاختصاص الأصلي للمحاكم في إصدار الأحكام بشأن القضايا التجارية، والقضايا التي تشمل الأحوال الشخصية لغير المسلمين.
    436 - وللمحاكم الجزئية اختصاص أصلي واستئنافي لسماع دعاوى الاستئناف المتعلقة بالمسائل المدنية (القانون الإجرائي المدني لعام 1983) والمسائل الجنائية (القانون الجنائي لعام 1991) من محاكم المدن. ويقوم رئيس القضاء بتحديد الصلاحيات المالية للمحاكم في القضايا المدنية وسلطاتها الجزائية فيما يتعلق بفرض غرامات في المسائل الجنائية.
    437 - وتعد محاكم المدن أدنى درجات المحاكم في السودان. إذ يمكن استئناف القرارات التي تصدرها محاكم المدن في المحاكم الجزئية. وهي محاكم شعبية يتم اختيار أعضائها من بين مواطنين من ذوي السيرة والسمعة الحسنة. ومما يميز هذه المحاكم تطبيقها للأعراف التي لا تتعارض مع القانون العام أو السياسة العامة. وفي معظم الحالات، تلجأ إلى المصالحة والاتفاق في حل النـزاعات بشأن مناطق الرعي والماء والزراعة. ويتم إنشاؤها بموجب أمر يصدره رئيس القضاء.
    438 - وبالإضافة إلى ذلك، تقوم محكمة دستورية مُنشأة بموجب المادة 105 من الدستور بشكل رئيسي بالنظر والبت في المسائل المتعلقة بتفسير مواد الدستور، ومن بين أمور أخرى، ”مزاعم المتظلمين من أجل توفير الحماية للحريات والحرمات والحقوق التي يكفلها الدستور“. وبما أن رئيس الجمهورية علّق أحكاما هامة في الدستور عام 1999 ومنح سلطات واسعة لأجهزة الأمن، فلا توجد إلا دلائل ضعيفة على فعالية هذه المحكمة.
    439 - ورغم الهيكل المبين أعلاه، فقد أُنشئ نظام من المحاكم الخاصة والمتخصصة، ولا سيما في دارفور. ويبدو أن القضايا التي تهم الحكومة تُحال إلى هذه المحاكم. وبالإضافة إلى المحاكم المبينة أدناه، أنشأ رئيس الجمهورية بعض المحاكم الاستثنائية للمحاكمة في قضايا معينة. فقد أُحيلت مثلا قضية تشمل 72 ضابطا في الجيش، معظمهم من دارفور، إلى هذه المحكمة الاستثنائية في الخرطوم. وقد أُحضر قاض من كردفان خصيصا للاشتراك في المحاكمة في هذه القضية.
    440 - وفي 12 كانون الثاني/يناير 2005، راقبت اللجنة جلسة محاكمة مجموعة مؤلفة من 28 شخصا من دارفور، كان منهم عدد من الطيارين في القوات الجوية رفضوا المشاركة في قصف مناطق في دارفور. ورغم أن الجلسة كان يشوبها التوتر، فقد أُخبرت اللجنة أنها المرة الأولى التي تجري فيها محاكمة وفق الإجراءات النظامية. ففي جلسات سابقة، كانت حتى الأسئلة المتعلقة بالقضايا القانونية التي يطرحها الدفاع مرفوضة. وفي إحدى المراحل طردت المحكمة فريق الدفاع. وخلال تلك الفترة، كان الشهود يُستجرَبون ويتم الحصول على اعترافات ضد المتهمين. وعندما غيّر شاهد إفادته أثناء جلسة المحاكمة بعد تدخل محامي الدفاع، بدأت المحكمة إجراءات شهادة الزور ضده فانهار في المحكمة.

    2 - المحاكم المتخصصة
    441 - أُنشئت مبدئيا كمحاكم خاصة بمراسيم بموجب حالة الطوارئ في دارفور في عام 2001، وحُوّلت المحاكم في عام 2003 إلى محاكم متخصصة. فقد أصدر رئيس القضاء مرسوما في 28 آذار/مارس 2003 أنشأ بموجبه أولا المحكمة المتخصصة في غرب دارفور، وفعل الشيء ذاته فيما بعد في شمال وجنوب دارفور. إلا أنها فشلت في إصلاح بعض العيوب في المحاكم الخاصة التي انتقلت إلى المحاكم المتخصصة.
    442 - وورثت المحاكم المتخصصة وظائف واختصاصات المحاكم الخاصة. ولذلك، فإن المحاكم الجديدة مثل سلفها، تقوم بمحاكمة المتهمين بأعمال السطو المسلح، واللصوصية، والجرائم المرتكَبة ضد الدولة، وحيازة الأسلحة النارية غير المرخصة، والهجمات ضد الدولة، وتعكير صفو النظام العام، وأي جرائم يمكن أن يدرجها رئيس القضاء أو رئيس الجهاز القضائي في اختصاص المحكمة. ويُذكر أن معظم ممن تمت محاكمتهم في هذه المحاكم لحيازة أسلحة هم من المجتمعات الزراعية، ولم يكونوا عمليا من القبائل البدوية أبدا.
    443 - وكان يرأس المحاكم الخاصة قاض مع عضو من الشرطة وعضو من الجيش. إلا أنه بما أن الذي يرأس المحكمة المتخصصة الآن قاض واحد، فإن السلطات السودانية تدفع بأن هذه المحاكم تعد أفضل بالمقارنة مع المحاكم السابقة. وثمة زعم آخر بأنها أُنشئت لدواعي السرعة والفعالية.
    444 - وقد أُنشئت المحاكم الجنائية المتخصصة خاصة في دارفور وكردفان، وذلك للمساعدة في تسريع جلسات بعض القضايا. إلا أن سبب إنشائها قد يوصف بأنه ’لانتهاج مسار سريع‘، وليس ’للضرورة العملية‘، وخاصة في ضوء الواقع إذ أنه، استنادا إلى التقارير، فإن جلسة من أجل تهمة يُعاقب عليها بالإعدام قد لا تستغرق أكثر من ساعة واحدة.
    445 - وتتمثل إحدى نقاط الضعف المتأصلة في المرسوم 2003 الذي أنشأ المحاكم، في عدم كفالة استبعاده للأدلة المستندة إلى الاعترافات التي تنتـزع نتيجة للتعذيب أو بأشكال أخرى من الإكراه. ومن الأمور الأساسية بالنسبة لمبادئ أصول المحاكمات عدم إرغام المتهم على أن يشهد ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب (المادة 13-3 (ز) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). لذلك، عندما يطعن أحد المتهمين في المحكمة بأن اعترافه المزعوم قد انتزع منه تحت التعذيب، يوجه انتباه المحكمة إلى التحقيق في هذا الطعن والحكم، مع إعطاء الأسباب، بمقبولية الدعوى أو الاعتراف المزعوم قبل متابعتها. وثمة أمثلة عديدة تبين أن المحاكم المتخصصة لا تضطلع بعملها بهذه الطريقة. وقد أُفيد أنه ألقي القبض على شخص في كانون الثاني/يناير 2004 بتهمة صلته بأعمال لصوصية. وقيل إنه عُذِّب على يد قوات الأمن مما أدى إلى اعترافه بالتهمة. ولدى مثوله أمام المحكمة في حزيران/يونيه 2004، قال للقاضي إنه اعترف تحت التعذيب وإنه يسعى لسحب اعترافه. فرفض القاضي بسرعة سحب الاعتراف واستمرت القضية ضد المتهم. وأي قانون يتجاهل إجراء التحقيق في اعتراف مطعون به، ويسمح للقاضي برفض سحب الاعتراف بسرعة، يتعارض مع حقوق المتهم.
    446 - ويسمح مرسوم المحاكم الخاصة بأن يمثل المتهم ”أصدقاء“ فقط. وبمعنى آخر، لا يستطيع المتهم أن يمارس حقه في أن يمثله محام يختاره هو. ورغم أن مرسوم عام 2003 يسمح بالتمثيل القانوني، فإنه غير مكتمل. وأمام المحامي وقت محدد لاستجواب شهود الإثبات وشهود الدفاع، وثمة قيود على زيارة المتهم المحتجز لتيسير إعداد دفاعه.
    447 - ولا تزال المحاكمات تجري بإجراءات موجزة، كما دأبت على ذلك المحاكم الخاصة ويمكن أن تصدر المحكمة أحكام الإعدام في طائفة واسعة من الجرائم. واستنادا إلى المرسوم، يجب تقديم استئناف خلال سبعة أيام إلى رئيس الجهاز القضائي، الذي يحيل القضية إلى أعضاء محكمة الاستئناف. وتُعتبر هذه فترة قصيرة نسبيا، إذا ما نظرنا إلى سجلات المحكمة وأسس الاستئناف التي يجب تحضيرها قبل إكمال تقديم الشكوى. كما لا تخضع القرارات التمهيدية للطعن. ولا يمكن للمرء إلا أن يعتقد بوجود عنصر هنا لتثبيط همة الأشخاص المدانين حتى لا يقوموا باستئناف الأحكام الصادرة، بإدانتهم. وباستثناء الحكم بالإعدام، والبتر، أو السجن المؤبد الذي يبت فيه فريق من القضاة، فإن الاستئناف يبت فيه قاض واحد. ولا توجد إمكانية لإجراء مراجعة قضائية أخرى. وفي الحالة التي يكون فيها حق الاستئناف محدودا يزداد احتمال الحكم على الأبرياء بالإعدام.
    448 - ولا يبدو أن المحكمة تميز بين المجرمين البالغين وبين القصّر. لذلك، يتعرض القصّر لخطر الحكم بالإعدام، ولا سيما عندما يُتهمون ويُحاكمون مع البالغين. ففي رواية موثوقة شملت محاكمة سبعة أشخاص أُلقي القبض عليهم في مخيم للمشردين داخليا في كالما كان من بينهم شخصان تقل أعمارهما عن 18 سنة. وأنكر السبعة التهمة وزعموا استخدام الوحشية من قبل الشرطة. وفي محكمة نيالا المتخصصة حيث كانوا يُحاكمون من أجل جريمة قتل، وكانوا يواجهون الحكم بالإعدام إذا ما أُدينوا.
    449 - والواقع هو أن المحاكم المتخصصة تنطبق بشكل رئيسي على دارفور وكردفان، وليس على السودان كله مما يجعل مصداقية وموثوقية هذه المحاكم مشكوكا فيها كما يجعل الغرض من هذه المحاكم واضحا وجليا للعيان. وستقدم الحكومة خدمة جليلة لنظامها القضائي إذا اتخذت خطوات لإلغاء المرسوم الذي أنشئت بموجبه المحاكم. وتوصي اللجنة بأن تكفل الحكومة إغلاق تلك المحاكم.

    جيم - القوانين السودانية ذات الصلة بالتحقيق الحالي
    450 - ثمة عدد من الأخطاء الخطيرة التي تمنع النظام القضائي في السودان من العمل بسرعة وبشكل صحيح لمعالجة الاعتداءات. وهناك الكثير من التساؤلات بشأن توافق القوانين السودانية مع المعايير الدولية. فقد أُعلنت حالة الطوارئ في السودان في عام 1999 وتجدد باستمرار منذ ذلك الوقت. وتم تعليق الضمانات الدستورية الهامة. وفي الواقع، لا تزال المراسيم تحكم السودان بشكل رئيسي. ومثال على ذلك مرسوم المحكمة المتخصصة. وحاول المسؤولون القضائيون شرح عملية إقرار المراسيم كتدبير مؤقت يُتخذ عندما يكون البرلمان في عطلة، ويجوز للبرلمان أن يبقيه أو يلغيه عندما يعود إلى الانعقاد. وعندما سُئل عن مصير مشتبه فيه أدين بموجب المرسوم قبل أن يقوم البرلمان بإلغاء المرسوم، كانت إحدى الإجابات ”أنه لا يمكن الرجوع فيه“ وكانت الإجابة الأخرى أن الحكم بالإدانة قد يسقط عند الاستئناف. ولا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ الاستخدام المستمر بصورة متوازية للمراسيم والقوانين وكأنها تنحو لأن تجعل من العملية البرلمانية لعبة ألغاز.
    451 - وعلاوة على ذلك، فإن القوانين الجنائية السودانية لا تحظر بصورة كافية جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. كما أن قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 يضم أحكاما تمنع المقاضاة على هذه الأعمال بشكل فعال. ويمنح القانون سلطات واسعة للوكالات التنفيذية ويمنح حصانة من المقاضاة للعديد من موظفي الدولة. ولإيضاح بعض هذه المشاكل، نعرض أدناه أحكام قانون قوات الأمن الوطنية لعام 1999، كمثال على ذلك.
    452 - في المادة 31 من قانون الأمن الوطني، صدر أمر من المدير العام، بأنه يمكن لموظف الأمن إلقاء القبض على أحد الأشخاص، وأن يفتشه ويحتجزه ويحقق معه. وأمامه ثلاثة أيام يقدم خلالها إلى المحتجز أسباب اعتقاله واحتجازه. ويمكن للمدير العام أن يمدد الفترة إلى ثلاثة أشهر فقط، ويجوز أن تُجدد بموافقة النائب العام لمدة ثلاثة أشهر أخرى. وإذا احتاج الأمر، يجوز للمدير العام أن يطلب من مجلس الأمن الوطني تجديد الاحتجاز لمدة ثلاثة أشهر أخرى. ويحق للمحتجز أن يستأنف هذا القرار أمام القاضي. إلا أنه لا توجد ضمانات بإمكانية الحصول على مساعدة من محام فورا. ويتم تجاهل الفترة المحددة للاحتجاز بموجب المادة 31 في أغلب الأحيان. وقد التقت اللجنة بعدد كبير من المحتجزين في مراكز الاحتجاز الأمنية ممن احتُجزوا لفترات طويلة دون الحصول على مساعدة من محام أو المثول أمام المحكمة.
    453 - وتمنح المادة 9 من القانون سلطات معينة لأعضاء الجهاز الذي يعينه المدير العام لتنفيذ مهام خاصة. إذ يخوّل احتجاز ممتلكات المحتجزين ”وفقا للقانون“. وهناك حق بموجب المادة 32 (2) يسمح للمحتجز بالاتصال بأسرته ”حيثما لا يخل ذلك بسير الاستجواب والتحقيق في القضية“. وهذه العبارات تنفي الوضوح ولا تجلب إلا الغموض وتهبط بمستوى القانون. وحتى لو كان أفراد أسرة المحتجز على اطلاع بحق الاتصال به أو بالجهة التي يمكن للأسرة أن تتقدم بطلب للسماح لها بالاتصال به، فمن المشكوك فيه أن تتوفر لديهم الشجاعة لتحدي هالة الخوف التي تحيط بأجهزة الأمن. وتبين التحقيقات التي أجرتها اللجنة أنه في أغلب الأحيان، عندما تسعى القلة القليلة الشجاعة للحصول على إذن، فإنه لا يُمنح لهم. والنتيجة، أن المحتجز يصبح محتجزا مجهولا، وتتجاوز فترة احتجازه في بعض الأحيان 12 شهرا، بدون توجيه اتهام له، وبدون إمكانية الحصول على محام، وعدم المثول أمام المحكمة وعدم السماح بالزيارات له. وفي سجن كوبر في الخرطوم، أجرت اللجنة لقاءات مع عدد من هؤلاء المحتجزين. وقد احتُجز آخرون في أحد السجون في شمال الخرطوم منذ كانون الثاني/يناير 2004 في ظروف مشابهة. وهو انتهاك جسيم لحقوق المحتجزين ومخالف للمادة 14-3 (ج) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جهاز الأمن الوطني ينتهك المادة 31 من قانونه الذي يشير إلى أنه بعد انتهاء مدة الاحتجاز المحددة، أي مدة أقصاها 9 أشهر، يجب تقديم المحتجز إلى المحاكمة أو إطلاق سراحه.
    454 - وتمنح المادة 33 حصانات واسعة لأعضاء الأمن الوطني وأجهزة المخابرات والمتعاونين معهم. ولا يُرغم أحد منهم على إعطاء معلومات عن أنشطة المنظمة التي اطلعوا عليها خلال عملهم. وباستثناء موافقة المدير، لا يمكن إقامة دعوى مدنية أو جنائية ضد أي منهم عن أية أعمال ارتكبوها ولها صلة بعملهم، والمدير وحده هو الذي يملك الموافقة على ذلك إذا كان هذا العمل لا يرتبط بمهامهم. إلا أنهم يحتفظون بحقهم في تقديم دعوى للتعويض ضد الدولة. وعندما يوافق المدير على رفع دعوى قضائية ضد أحد أعضاء القوة والمتعاونين معه وتستند الدعوى إلى أعمال قام بها خلال عمله الرسمي، سواء كانت خلال أو بعد انتهاء فترة توظيفهم يقدم إلى المحاكمة في محكمة عادية لكنها سرية. ومرة أخرى، فإن ذلك يخالف المادة 41-1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على عقد ”جلسة عامة“ كمعيار أساسي من أجل محاكمة عادلة. وعند مواجهة السيد صلاح عبد الله، المعروف كذلك بالسيد صلاح قوش (مدير عام الأمن الوطني وجهاز المخابرات) مسألة المحاكمات ”السرية“ فإنه وصف الترجمة الانكليزية بأنها غير دقيقة. ومنذ ذلك الحين، بدأت اللجنة تترجم النص العربي، ومن الواضح إن المحاكمة ”السرية“ جزء من القانون. ويستدل من المادة 33 بوضوح على أنه يمكن لأحد أفراد خدمات الأمن، تحت مظلة القانون، أن يعذب مشتبها فيه، بل وحتى أن يقتله إذا كانت تصرفاته تتم في سياق تأدية مهامه. وتوصي اللجنة بقوة بإلغاء هذا القانون.
    455 - واستنادا إلى ما ذُكر أعلاه، فإن اللجنة تعتبر أنه نظرا لمسألة الإفلات من العقاب التي تسود دارفور اليوم، فقد أظهر النظام القضائي أنه يفتقر إلى هياكل وسلطة ومصداقية وإرادة كافية للمقاضاة بشكل فعال وإنزال العقاب بالجناة الذين ارتكبوا الجرائم التي يدعى أنها لا تزال ترتكب في دارفور.

    دال - الإجراءات التي اتخذتها هيئات أخرى
    1 - لجنة التحقيق السودانية
    456 - أنشأ الرئيس لجنة تحقيق وطنية في 8 أيار/مايو 2004. وقد كُلفت هذه الهيئة المؤلفة من 10 أعضاء بمهمة جمع المعلومات عن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان من جانب الجماعات المسلحة في ولايات دارفور، والتحقيق في الادعاءات الموجهة ضد الجماعات المسلحة في المنطقة، وما يمكن أن يكون قد ترتب عليها من خسائر في الأرواح والممتلكات، وتحديد أسباب الانتهاكات متى تأكدت. وقد زُودت اللجنة بنسخة من التقرير النهائي للجنة الوطنية في 16 كانون الثاني/ يناير 2005.
    457 - ويوضح التقرير النهائي طريقة عمل اللجنة الوطنية. فهي قد اجتمعت 65 مرة، واستمعت إلى 228 شاهدا، وزارت ولايات دارفور الثلاث عدة مرات. كما قامت بزيارة 30 موقعا من المواقع التي وقعت فيها أحداث، والتقت بالسلطات المحلية، ولا سيما القوات المسلحة. وطلبت وثائق من مختلف الهيئات الحكومية، واستعرضت تقارير المنظمات التي زارت السودان، بما فيها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي فضلا عن مختلف هيئات حقوق الإنسان، ولا سيما هيئة العفو الدولية، ومنظمة رصد حقوق الإنسان، إضافة إلى تقارير بعض الحكومات، ولا سيما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. وبعبارة أخرى، فإن اللجنة الوطنية كانت على علم تام بادعاءات خطيرة بجرائم ارتكبت في دارفور.
    458 - ويبدأ التقرير بإعطاء لمحة عامة عن دارفور. ويخصص جزءا كبيرا لجريمة الإبادة الجماعية. ويناقش خمس جرائم هي: تفجير المدنيين بالقنابل في سياق اتفاقيات جنيف؛ وأعمال القتل؛ وأعمال القتل التي تتم خارج نطاق القانون، والاغتصاب باعتباره جريمة ضد الإنسانية، والنقل القسري، والتطهير العرقي.
    459 - وفيما يلي ترجمة غير رسمية للنتائج الرئيسية التي توصلت إليها اللجنة الوطنية، كما ترد في موجزها التنفيذي:
    ”ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ولايات دارفور الثلاث. وكانت جميع الأطراف ضالعة، بدرجات متفاوتة، في هذه الانتهاكات التي أدت إلى الكثير من المعاناة البشرية التي أرغمت سكان دارفور على الهجرة إلى عواصم الولايات واللجوء إلى تشاد.
    وإن ما حدث في دارفور، بالرغم من جسامته، لا يشكل جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، وذلك لعدم وجود ظروف يتقرر على أساسها ما إذا جرت إبادة جماعية. ولم تجد اللجنة الوطنية دليلا على تعرض أي من الجماعات العرقية أو الدينية أو الوطنية المحمية، عن سوء قصد، لأذى بدني أو عقلي أو لظروف معيشية تستهدف استئصالها كليا أو جزئيا. فالأحداث التي وقعت في دارفور لا تماثل ما وقع في رواندا أو البوسنة أو كمبوديا. ففي تلك الحالات الأخيرة، كانت الدولة تتبع مجموعة من السياسات تفضي إلى استئصال جماعة محمية معينة.
    ووجدت اللجنة الوطنية دليلا على أن أحداث دارفور تسببت فيها العوامل المذكورة في التقرير والظروف الموضحة. كما وجدت دليلا على أن وصف الأحداث بكونها تمثل إبادة جماعية كان يرتكز على أرقام غير محققة ومبالغ فيها فيما يتعلق بأعداد القتلى.
    كما وجدت اللجنة الوطنية دليلا على أن القوات المسلحة قد قصفت بعض المناطق التي كان بعض أعضاء المعارضة يلتمسون اللجوء إليها. وقد أسفر هذا القصف عن مقتل بعض المدنيين. وقد حققت القوات المسلحة في الحادث وقامت بتعويض من أصابتهم أضرار أو خسائر في مناطق هبيلا، وأم قزوين وتولو. ولا يزال يجري التحقيق في حادث واد هجم.
    وجدت اللجنة الوطنية دليلا على أن جماعات المعارضة المسلحة قد ارتكبت أفعالا مماثلة إذ قتلت مدنيين عزل وجرحت أفرادا عسكريين في مستشفى برام وحرقت بعضهم أحياء.
    كما وجدت اللجنة الوطنية دليلا على أن العديد من حوادث القتل قد ارتكبتها قبائل مختلفة ضد بعضها البعض في سياق الصراع الدائر في بعض المناطق، مثل سانيا دليبا, وشطايا وغيرهما.
    ويمثل قتل المواطنين في جميع الحالات المذكورة آنفا انتهاكا للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949 ...
    هذا، مع العلم بأن حوادث القتل التي ارتكبتها جميع أطراف الصراع المسلحة، والتي يمكن اعتبارها، في ظل مختلف الظروف التي ارتكبت فيها، انتهاكا للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949، لا تشكل، في رأي اللجنة الوطنية، جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، نظرا إلى عدم توافر أركان هذه الجريمة، ولا سيما عدم وجود أي دليل على استهداف أي جماعة محمية، ولعدم وجود قصد جنائي.
    وقد وردت من جميع الأطراف مزاعم بوقوع حالات إعدام بلا محاكمة. بيد أن بعض هذه المزاعم لم تثبت ثبوتا قطعيا. لذلك، فقد أوصت اللجنة الوطنية بإجراء تحقيق قضائي مستقل ... والمبرر لذلك هو أن أي شهادة تُقدم إلى اللجنة الوطنية لا ينبغي قبولها كدليل أمام أي محكمة تنفيذا للمادة 12 من قانون عام 1954 الخاص بلجنة التحقيق والتي تنص على أن أي شهادة تُقدم أثناء أي تحقيق يجري بمقتضى هذا القانون لن تُقبل كدليل أمام أي محكمة مدنية أو جنائية.
    وفيما يتعلق بجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي التي حظيت بكثير من الاهتمام في وسائط الإعلام الدولية، فقد حققت اللجنة الوطنية فيها في جميع ولايات دارفور على مختلف المستويات، واستمعت إلى عدد من الشهود حلفوا اليمين، بمن فيهم الضحايا الذين أحالتهم اللجنة الوطنية إلى المرافق الطبية المعنية لفحصهم طبيا. وكان لدى اللجنة الوطنية التقارير المفصلة للجان القضائية التي زارت مختلف مناطق دارفور، بما فيها مخيمات المشردين.
    وقد أثبتت جميع هذه التدابير للجنة الوطنية أن جرائم اغتصاب وعنف جنسي قد وقعت في ولايات دارفور. كما أثبتت أن تلك الجرائم لم تكن تقع بانتظام ولم تكن منتشرة ومن ثم فهي لا تمثل جريمة ضد الإنسانية على نحو ما ذكر في المزاعم المشار إليها. كما ثبت للجنة الوطنية أن معظم جرائم الاغتصاب اتُهم فيها مجهولون، بيد أن التحقيقات أسفرت عن اتهام عدد من الأشخاص، منهم 10 من أفراد القوات النظامية. وقد رفعت وزارة العدل الحصانة عنهم وتجري حاليا محاكمتهم. وقد ارتكبت معظم هذه الجرائم بشكل فردي في سياق الفوضى الأمنية السائدة. وقد لاحظت اللجنة الوطنية أن كلمة ”اغتصاب“، بمعنييها القانوني واللغوي، غير معروفة لنساء دارفور عموما. فهن يعتقدن أن كلمة ”اغتصاب“ تعني استخدام العنف لإرغام شخص ما على فعل شيء ضد إرادته، لا الاغتصاب بمعناه المقصود على وجه التحديد ... ومن أسف أنه قد التقطت صور لمشاهد اغتصاب جماعي وعُرضت خارج السودان. وقد اتضح فيما بعد أن هذه الصور مزورة. وقد اعترف بعض المتورطين في هذا العمل بأنهم تلقوا مبالغ من المال لإغرائهم على أداء الأدوار التي ظهرت في تلك المشاهد المصورة ...
    ولا يخفي أن التشريد القسري، باعتباره أحد عناصر التطهير العرقي، والذي يعني الترحيل القسري أو العنيف لفئة عرقية أو فئة تتكلم لغة معينة أو لها ثقافة مهيمنة، من أرض استوطنتها استيطانا شرعيا إلى منطقة أخرى، وهو الأمر الذي يُربط على مدى التاريخ بينه وبين فكرة تكوين ”الدولة القومية“، يعد جريمة ضد الإنسانية.
    وفي ضوء ما تقدم، قامت اللجنة الوطنية بزيارة العديد من المناطق في ولايات دارفور، حيث وقع، وفقا لبعض المزاعم، ترحيل قسري أو تطهير عرقي. وقد استجوبت اللجنة سكان تلك المناطق وتأكد لها أن بعض الجماعات القبلية العربية قد هاجمت منطقة أبرام، وبخاصة، قريتي ميرايا وأم شوكة، مشردة بعض الطوائف غير العربية واستوطنت المنطقة بيد أن السلطات، على حسب ما ذكره مفوض منطقة كاس، قد شرعت في اتخاذ تدابير لتصحيح الوضع وإعادة الممتلكات إلى أصحابها. وقد أدت أفعال بعض الجماعات العربية إلى الترحيل القسري لتلك الطوائف غير العربية. وعليه، تعتقد اللجنة الوطنية أنه ينبغي إجراء تحقيق قضائي لمعرفة الظروف والملابسات التي أدت إلى هذا الوضع. وإذا ثبتت جريمة الترحيل القسري، فينبغي اتخاذ تدابير قانونية ضد تلك الجماعات، إذ أن هذا الحدث يشكل سابقة خطيرة منافية للأعراف، وقد تؤدي إلى نشوب أفعال مماثلة تزيد المشكلة سوءا.
    وقد زارت اللجنة العديد من القرى التي أُحرقت في مناطق كلبص، والجنينة، ووادي صالح، وكاس. ووجدت اللجنة أن معظم هذه المناطق غير مأهول، مما استحال معه على اللجنة استجواب سكانها. ووجدت اللجنة الوطنية هنالك بعض قوات الشرطة التي تم نشرها بعد الأحداث التي وقعت، وذلك تمهيدا للعودة الطوعية للمشردين. بيد أن المعلومات التي أدلى بها رجال الشرطة والعُمد الذين رافقوا اللجنة الوطنية، والأدلة القائمة، تشير إلى أن جميع الأطراف مسؤولة، في ظل ظروف الصراع المتأجج، عن إحراق القرى. وتأكد لدى اللجنة الوطنية أن أعمال الحرق كانت هي السبب المباشر لترحيل سكان القرى الذين ينتمون لقبائل مختلفة، معظمهم من قبيلة الفور، إلى مخيمات، مثل دليج وكلما بالقرب من مناطق آمنة حيث تتوافر مختلف الخدمات. وعليه، تعتقد اللجنة أن جريمة الترحيل القسري لم تثبت، باستثناء الحادث المذكور آنفا والذي أوصت اللجنة بإجراء تحقيق بشأنه.
    وقد أدت الأحداث التي وقعت إلى تشريد أعداد كبيرة من المواطنين. فقد جرى ترهيب وتخويف المواطنين. وقد تسبب هذا الوضع في ترك العديد من المواطنين لقراهم واللجوء إلى المخيمات. وقد تأكد للجنة الوطنية أن قبائل دارفور، بغض النظر عن أصلها العرقي، قد استضافت المشردين الذين التمسوا المأوى، وأنه لم يحدث أن استوطنت قبيلة بالقوة مكان قبيلة أخرى. وقد أكد ذلك ناظر ألباني حلبة وناظر الحبانية ...“
    460 - وقد اقترحت اللجنة الوطنية في توصياتها اتخاذ تدابير إدارية وقضائية، ولا سيما أن أسباب الصراع ينبغي دراستها، وأن العجز الإداري، الذي كان أحد العوامل التي أدت إلى تفاقم الصراع، ينبغي تصحيحه. كما أوصت بإنشاء لجان تحقيق تُعنى بالبنود التالية:
    (أ) الادعاءات المتعلقة بعمليات الإعدام بدون محاكمة في دليج وتنكو، إذ تعتقد اللجنة الوطنية أن هنالك قرائن ينبغي إجراء تحقيق قضائي تفصيلي بشأنها بما يؤدي إلى محاكمة الأشخاص الذين يثبت ارتكابهم الأفعال التي هم متهمون بارتكابها، ولا سيما أن هنالك اتهامات موجهة إلى أشخاص معينين.
    (ب) الادعاءات بأن بعض الجماعات العربية استولت على قريتين لقبيلة الفور في منطقة كاس. وقد علمت اللجنة أنه يُجرى تحقيق إداري تقوم به لجنة أنشأها والي ولاية جنوب دارفور بالنظر إلى جسامة الاتهام وعواقبه مما يستلزم التعجيل بالتدابير المطلوبة.
    (ج) التحقيق في أحداث بورام، ومليط، وكلبص، أي الإجهاز على الجرحى في المستشفيات وحرق بعضهم وهم أحياء، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبي تلك الأحداث، ولا سيما أنه ذُكرت في شهادات الشهود أسماء معينة معروفة للمواطنين.
    461 - وباختصار، فإن الموجز التنفيذي يقرر أنه ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ولايات دارفور الثلاث، كانت جميع الأطراف ضالعة فيها. غير أن ما حدث لا يشكل عملا من أعمال الإبادة الجماعية. وقد بولغ في أعداد القتلى، إذ لم تتجاوز الخسائر في الأرواح التي تكبدتها جميع الأطراف، بما فيها القوات المسلحة والشرطة، بضعة آلاف. وقد وقعت أعمال اغتصاب وجرائم أخرى من جرائم العنف الجنسي، ولكنها لم تكن واسعة الانتشار ولم تحدث بانتظام بما يصل إلى اعتبارها جريمة ضد الإنسانية. وتوصي اللجنة الوطنية بإجراء تحقيقات قضائية في أحداث معينة، وبإنشاء لجنة قضائية للتحقيق في الخسائر من الممتلكات.
    462 - وترى اللجنة أنه في حين أن من المهم للجنة الوطنية الاعتراف ببعض التجاوزات، إلا أن النتائج التي توصلت إليها والتوصيات التي قدمتها ليست بما يكفي ويلائم للتصدي لخطورة الوضع. وببساطة، فإن هذه النتائج والتوصيات لا تقدم إلا القليل جدا متأخرا جدا. ثم إن الحجم الهائل للجرائم المزعومة التي ارتُكبت في دارفور لا يكاد يستوعبه تقرير اللجنة الوطنية. وعلى ذلك، يحاول التقرير تبرير الانتهاكات بدلا من البحث عن تدابير فعالة للتصدي لها. وفي حين أن ذلك مخيب للآمال، ولا سيما لضحايا الانتهاكات، فإن اللجنة لم تفاجأ بلهجة التقرير ومحتواه. وتدرك اللجنة أن اللجنة الوطنية كانت تخضع لضغط هائل من أجل تقديم وجهة نظر قريبة من منظور الحكومة للأحداث. ويقدم تقرير اللجنة الوطنية مثالا صارخا على سبب استحالة قيام أي هيئة وطنية، في ظل الظروف الراهنة في السودان، بتقديم تقرير محايد عن الوضع في دارفور، ناهيك بالتوصية بتدابير فعالة.
                  

العنوان الكاتب Date
تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 04:41 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:03 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:09 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:22 AM
        Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:43 AM
          Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:46 AM
            Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:48 AM
              Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:50 AM
                Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:55 AM
                  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:57 AM
                    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 07:26 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام مصدق مصطفى حسين02-16-05, 06:21 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-16-05, 06:43 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-19-05, 07:58 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de