تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 03:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2005, 05:46 AM

peace builder
<apeace builder
تاريخ التسجيل: 10-17-2002
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام (Re: peace builder)

    دراسة حالة إفرادية: الفرار من كالوكيتنغ، جنوب دارفور
    349 - أجرت اللجنة مقابلات مع عدة شهود عيان تتعلق باغتصاب ثلاث نساء أثناء فرارهن من الهجوم على قريتهن المسماة كالوكيتنغ بجنوب دارفور، في حوالي شهر آذار/مارس 2004؛ وقد قتلت إحداهن أثناء ذلك. وتلقت اللجنة المعلومات التالية بشأن هذا الحادث:
    هوجمت القرية في حوالي الرابعة صباحا. ودخل البيوت رجال يحملون الأسلحة ويرتدون ملابس كاكية اللون، ووجوههم مغطاة. وكانت هناك أسلحة كثيرة منها بنادق الكلاشينكوف والرشاشات طراز DSHK والمسدسات طراز GM وكذلك مَركبات خضراء. وكان الجيش هناك، وكان الجميع يرتدي الملابس الكاكية اللون. وكانت هناك طائرتان أو ثلاث طائرات بيضاء وخضراء أتت على ارتفاع منخفض جدا. وهاجمت طائرة بيضاء. وأدلت إحدى الضحايا بما يلي: ”كانت الساعة نحو الرابعة صباحا عندما سمعت دوي إطلاق النار. وهرب ثلاث منا معا. وكنا جارات. ثم أدركنا أننا لم نحمل معنا ما لدينا من ذهب. فلما عدنا رأينا الجنود. فقالوا لنا: قفن! قفن! كان هناك عدة جنود. وأعطى أولهم سلاحه إلى صاحبه وأمرني أن استلقي على الأرض. وجذبني وألقاني على الأرض. ثم خلع سرواله. وشق ثيابي وكان هناك شخص يمسك يداي. وأولج [كناية عن الجماع]. ثم أولج الثاني، ثم أولج الثالث. وعجزت بعد ذلك عن الوقوف. وكانت هناك فتاة أخرى. فلما قال لها: استلقي على الأرض، قالت: لا. اقتلني. كانت شابة. كانت بكرا. كانت مخطوبة. فقتلها“. وذكرت المرأة الثالثة، التي كانت هناك أيضا أنها اغتصبت بنفس الطريقة.

    دراسة حالة إفرادية: خارج مخيم زمزم للمشردين داخليا في شمال دارفور
    350 - أجرت اللجنة أيضا مقابلات مع شاهدات عيان لحادث آخر يتعلق بمجموعات من النساء ذهبن لبيع الحطب في السوق في الفاشر في حوالي شهر تشرين الأول/أكتوبر 2004. وحصلت اللجنة على المعلومات التالية:
    كانت ثلاث مجموعات منفصلة من النساء عائدة في المساء من الفاشر إلى مخيم زمزم شمال دارفور. وكانت إحدى الشاهدات ضمن المجموعة الأولى، التي أمرت بالوقوف عند نقطة تفتيش خارج الفاشر، واحتجزت هناك فترة من الوقت، ثم سمح لها بمواصلة طريقها. فمضت الشاهدة مع مجموعتها التي تتضمن أربع نساء أخريات وطفلين، واتجهت المجموعة نحو مخيم زمزم. وبعد نقطة التفتيش بكيلومترين تقريبا، أقبل ما يناهز 20 جنديا مرتدين زيا مموها وتوجهوا في سياراتهم صوب مجموعة النساء وأمروهن بالتوقف، بينما كانوا يطلقون بعض الطلقات النارية. وأُمرت النساء بأن يترجلن عن حميرهن ويستلقين على الأرض. وكانت الشاهدة تحمل طفلا هو ابن أخت زوجها عمره سنة واحدة، وقد بدأ يبكي. وأمسك أحد الجنود بالطفل ورمى به بعيدا في جانب الطريق. فلما سألت امرأة مسنة في المجموعة الجندي لم فعل ذلك ركلها في رأسها. وأخذ جنود آخرون يضربون النساء الأربع الأخريات، بمن فيهن الشاهدة. وأمسك بعض الجنود امرأة من النساء الأخريات فألقوها أرضا وبدأوا يغتصبونها. وأثناء ذلك، ألقى الجنود الشاهدة على الأرض ونزعوا ثيابها أيضا من ناحية رأسها. ثم جامعها أربعة جنود في فرجها، الواحد تلو الآخر. وبينما كانت تجري هذه الأحداث، قال أحد الجنود: ”أنتن سبايا الحرب“. وخلال هذا الحادث، اغتصبت النساء الثلاث الأخريات أيضا، بمن فيهن المسنة. وكان الجنود على وشك الانتهاء من اغتصاب النساء الخمس عندما وصلت إلى نفس المكان المجموعة الثانية من النساء التي ذهبت إلى الفاشر لبيع الحطب. وسمح للمجموعة الأولى بالانصراف. وسمعت الشاهدة أن نساء المجموعة الثانية قد اغتصبن أيضا.

    دراسة حالة إفرادية: خارج مخيم قرندنق للمشردين داخليا، غرب دارفور
    351 - وأجرت اللجنة مقابلة مع أختين اغتصبتا بينما كانتا تقطعان الحطب في غريري خارج مخيم قرندنق للمشردين داخليا في غرب دارفور، وذلك حوالي شهر أيلول/ سبتمبر 2004. وحصلت اللجنة على المعلومات الموثوقة التالية:
    قبل رمضان بثلاثة أشهر، كانت مجموعة من النساء، منهن ثلاث شابات، يقطعن الحطب في غريري خارج مخيم قرندنق للمشردين داخليا، حيث كن يعشن لمدة 10 أشهر خلت. وحوالي الساعة الحادية عشرة قبيل الظهر، جاء أربعة رجال عرب نحوهن وأمروهن بأن يجلسن. وكان أكبر الرجال سنا يرتدي ملابس كاكية اللون بينما ارتدى الشبان الثلاثة جلابيات. وضرب الرجل الأكبر سنا الشاهدة، البالغة من العمر 17 سنة، ست مرات على ظهرها وثماني مرات على ساقيها. ولا زالت آثار هذا الحادث باديةً عليها [وقد تحققت منها اللجنة]. ثم عزل الرجل الأكبر سنا الشاهدة عن الفتيات الأخريات واغتصبها. ثم قام الشبان الثلاثة باغتصاب الفتيات الأخريات. وأدلت الشاهدة بما يلي: ”خلع ثيابي الداخلية فقط. وأخرج قضيبه من سرواله. ولم يقل شيئا، وإنما ظل يضربني وهو يغتصبني. وبعد ذلك بلغ مني الأذى والتعب حدا لم أستطع معه التحرك، وأخذتني النساء الأخريات إلى الطبيب في مستشفى جنينة الكبير. كنت أنزف دما قليلا. وكتب الطبيب تقريرا يفيد بأنني قد اغتصبت. وقال لي أيضا إن هناك شيئا ما انكسر في داخلي. وكانت معي أيضا في ذلك اليوم أختي البالغة من العمر 8 سنوات وقد اُغتصبت هي الأخرى ولكنها لم تتعرض للضرب. وأصبت بجروح في ظهري وساقي“.
    352 - والخلاصة، أنه وإن كانت اللجنة لم يتأت لها التثبت من العدد الدقيق لحالات الاغتصاب المرتكبة، فإنها قد انتهت إلى نتيجة مؤداها أن عددا كافيا من هذه الجرائم قد اُرتكب خلال الهجمات التي تعرضت لها القرى وفي أعقابها، وأن هذه الهجمات قد أثارت في صفوف النساء والفتيات من الخوف ما أرغمهن على البقاء في المخيمات وعدم العودة إلى قراهن الأصلية، وأن ذلك يمكن أن يعتبر أحد العوامل التي أدت إلى تشريدهن. كما أن حالات الاختطافات والحجز والاغتصاب المتكرر البالغة الفظاعة التي ارتكبت على مدى فترات طويلة، قد ساهمت أيضا في إشاعة الخوف. وبالمثل، وجدت اللجنة أدلة كافية على استمرار ارتكاب الاغتصاب والعنف الجنسي بصورة منهجية ضد النساء خلال تشريدهن، على نحو يديم الشعور بعدم الأمن في صفوفهن والخوف من مغادرة مواقع المشردين داخليا.
    353 - ويبدو أن الأنماط السابقة الذكر تدل على أن الاغتصاب والعنف الجنسي قد استخدما من جانب جنجويد وجنود الحكومة (أو على الأقل بالتواطؤ معهما) كاستراتيجية متعمدة بغرض تحقيق أهداف معينة، بما في ذلك ترويع السكان، وإحكام السيطرة على حركة السكان المشردين داخليا وإطالة أمد تشردهم. وتبرهن حالات مثل حالة كايلك على أن الاغتصاب قد استخدم كوسيلة لكسر معنوية السكان وإذلالهم.

    ’2‘ الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي ارتكبها المتمردون
    354 - كانت حالات الاغتصاب والعنف الجنسي التي ذكرت التقارير أن المتمردين قد ارتكبوها أقل عددا. إذ يدعى أنه في تشرين الثاني/نوفمبر 2004، اختطف جيش تحرير السودان واحتجز لمدة ثلاثة أيام، خمس فتيات من قبيلة غِمير قرب كلبص في غرب دارفور. وتفيد الادعاءات بأنه خلال هذه الأيام الثلاثة اغتصبت أربع فتيات منهن واعتدي على الخامسة اعتداء جنسيا. وعلاوة على ذلك، كانت هناك ادعاءات تفيد أن ما يناهز 60 امرأة وفتاة من قبيلة بني منصور قد تعرضن للاغتصاب أو للاعتداء الجنسي من جانب متمردين في منطقة ملام في ما بين شهري شباط/فبراير وتموز/يوليه 2004.
    355 - ولم تتمكن اللجنة من التحقيق في تلك الإفادات. غير أن اللجنة لم تكتشف خلال تحقيقاتها في الأحداث التي شارك فيها المتمردون أي حالات اغتصاب ارتكبها المتمردون.

    (ب) التقييم القانوني
    356 - إن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (وكذلك التعذيب) أمور محظورة في العديد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي يعد السودان طرفا فيها، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية( ) واتفاقية حقوق الطفل( ) والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب( ). وتطالب اتفاقية حقوق الطفل فضلا عن ذلك بأن تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي( ). وعلاوة على ذلك، يكفل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية( ) حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية.
    357 - كما أن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف ملزمة لجميع الأطراف في الصراع، وتحظر في جملة أمور الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة...المعاملة القاسية والتعذيب( ) والاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة( ). وإذا كان السودان ليس طرفا في البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف، فإن بعض أحكامه تشكل قانونا عرفيا دوليا ملزما لجميع الأطراف في الصراع. ويشمل ذلك حظر الاغتصاب والإكراه على الدعارة وكل ما من شأنه خدش الحياء( ) والرق( ).
    358 - والاغتصاب يمكن أن يكون جريمة حرب، عندما يرتكب إبانَ صراع مسلح دولي أو داخلي، أو جريمة بحق الإنسانية (سواء اقترف في زمن الحرب أو السلم) إذا كان يشكل جزءا من هجوم واسع الانتشار أو منهجي ضد المدنيين؛ ويمكن أيضا أن يشكل إبادة جماعية. وورد تعريف للاغتصاب في أحكام القضاء الدولي (قضية أكايسو، الفقرتان
    597 و 598؛ وقضية ديلاليتش وآخرين، الفقرة 479؛ وقضية فـُـورونجيــا، الفقرة 185، وقضية كوناراك وآخرين (الفقرات 438-60)، وفي الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية إم سي ضد بلغاريا (الحكم المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2003 ، الفقرات 88-108 و 148-187)، وفي ”أركان الجرائم“ التي اعتمدتها المحكمة الجنائية الدولية. والاغتصاب بإيجاز هو أي تعد جسمي ذي طبيعة جنسية يرتكب بدون رضى المجني عليه، أي باستعمال القوة أو الإكراه، مثل الذي يحدث نتيجة الخوف من العنف أو الإرغام أو الحبس أو استغلال ظروف قسرية( ).
    359 - وإضافة إلى الاغتصاب، يحظر القانون الدولي ويجرم أيضا، باعتبار ذلك جريمة بحق حرب أو جريمة بحق الإنسانية، أيَّ عمل خطير من أعمال العنف الجنساني يُقحم الضحية في عمل ذي طبيعة جنسية باستعمال القوة أو التهديد باستعمال القوة ضد الضحية أو شخص آخر أو باستغلال ظروف قسرية. وعلة تجريم العنف الجنساني حتى عندما لا يتخذ شكل الإيلاج القسري في جسم الإنسان هي أن مثل هذه الأعمال تمثل شكلا مفرطا من الإهانة والانتقاص من قَدْر الضحية يتنافى مع أبسط مبادئ احترام الكرامة الإنسانية.
    360 - وواضح من المعلومات التي جمعتها ومحصتها اللجنة أن الاغتصاب أو غيره من أشكال العنف الجنسي التي ارتكبها جنجويد أو جنود الحكومة في دارفور كان واسع الانتشار ومنهجيا، ويمكن من ثم أن يعد بمثابة جريمة بحق الإنسانية. وعلى أساس جملة أمور منها أن مرتكبي هذه الأعمال كانوا يدركون أنهم سينعمون في الواقع بالإفلات من العقاب، يمكن أن يُستنتج أنهم كانوا واعين بأن أعمال العنف التي يرتكبونها تشكل جزءا من هجوم منهجي على مدنيين. واللجنة تستخلص أن جرائم العنف الجنسي المرتكبة في دارفور يمكن أن ترقى إلى جريمة الاغتصاب بوصفه جريمة بحق الإنسانية، كما ترى أن الجرائم المرتكبة في دارفور في بعض الحالات يمكن أن ترقى إلى مستوى جريمة الرق الجنسي بوصفه جريمة بحق الإنسانية. وفضلا عن ذلك، ترى اللجنة أن الإقدام على ممارسة الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي أساسا ضد ثلاث قبائل ”أفريقية“ يشكل دليلا على وجود قصد تمييزي عند الجناة. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن أركان الاضطهاد بوصفه جريمة بحق الإنسانية قد تكون أيضا متوافرة.
    361 - وكما ذكر، لم تقف اللجنة على أي حالة اغتصاب مرتكبة من جانب المتمردين. غير أنه إذا ارتكبت بالفعل أعمال اغتصاب من أطراف فاعلة من المتمردين فإنها ستشكل جرائم حرب.

    8 - التعذيب وامتهان الكرامة الشخصية والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
    (أ) النتائج الوقائعية
    362 - أفادت عدة منظمات بوقوع حالات تعذيب ومعاملة لا إنسانية ومهينة في حق المدنيين في دارفور. فقد وردت تقارير تفيد بأن أفراد قوات الجنجويد وقوات الحكومة كانوا خلال الهجمات يُقبلون بصورة متواترة على الاغتصاب وإحراق النساء وضربهن وتجريدهن من الثياب، وعلى الإيذاء بالقول والإذلال في حق المدنيين. ونُقل عن إحدى المنظمات أنه قد استعملت أساليب قتل قاسية ولا إنسانية، منها مثلا حالتان من القتل عن طريق الصلب. كما وردت تقارير عن وقوع أعمال تعذيب ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة في حق المدنيين الذي زج بهم الجنجويد وأفراد قوات الحكومة في الحجز القسري بعد الهجمات على قراهم. وتحدثت بعض المصادر عن تعذيب الأسرى من المحاربين الأعداء على يد الحكومة والمتمردين على حد سواء.
    363 - وذكرت بعض المنظمات أيضا حالات تفيد أن أفرادا ممن ألقي القبض عليهم في سياق الصراع في دارفور قد عُذبوا على يد ضباط جهاز الأمن الوطني والمخابرات خلال احتجازهم. وورد أن المحتجزين كانوا يتعرضون للمعاناة البدنية والنفسية بصورة منهجية عقابا لهم بسبب الاشتباه في انتسابهم إلى المتمردين أو تقديم الدعم لهم، ورغبةً في الحصول على معلومات أو اعترافات.

    ’1‘ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي ارتكبتها حكومة السودان والجنجويد أو أيهما
    (أ) التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المرتكبة خلال الهجمات
    364 - توصلت اللجنة خلال تحقيقاتها إلى وقائع تثبت أن التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة وأعمالا لا إنسانية قد ارتكبت كجزء من الهجمات المنهجية الواسعة الانتشار التي شنتها الجنجويد وقوات الحكومة ضد السكان المدنيين. ورغم أن قوات الحكومة لم تشارك على وجه العموم مشاركة مباشرة في ارتكاب مثل هذه الأعمال، فإن الجنجويد قد ارتكبوا هذه الأعمال في معظم الأحوال بحضور هذه القوات وتحت حمايتها وبقبول ضمني منها.
    365 - وقد ارتكب الجنجويد خلال عدة هجمات أعمالا لا إنسانية من قبيل رمي الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، في النار. وقد وردت أنباء عن وقوع خمس حوادث من هذا القبيل، من قرى أربتيت وتربيبة وتنكو ومنقرصة وكانجو في غرب دارفور. وفي معظم هذه الحوادث أحرق الضحايا حتى الموت. ومورس تعذيب نفسي بالغ القسوة على كثير من الأمهات حين رأين أطفالهن وهم يحرقون أحياء بعد أن انتزعهم أفراد الجنجويد من بين أذرعهن وألقوا بهم في النار. وأضرمت النيران في منازل وهي مازالت عامرة بأهلها. وكان الأطفال أكثرَ ضحايا هذه الأعمال. وشملت أشكال القتل اللاإنسانية التي استعملها الجنجويد صلب الضحايا أثناء الهجوم على قرية حشاب في شمال دارفور في كانون الثاني/يناير 2004. ووردت حالة واحدة من دلبة في غرب دارفور تفيد أن الضحية ضرب حتى الموت.
    366 - وتعرض الأشخاص المستهدفون بالهجوم عموما، وأغلبهم من القبائل الأفريقية، للضرب والجلد بالسياط على يد الجنجويد. ومن بين هؤلاء الأشخاص نساء وفتيات. وفي كثير من الحوادث تعرض الضحايا للضرب الشديد كشكل من أشكال التعذيب. وقد رأت اللجنة العديد من الضحايا الذين ما زالت تبدو على أجسادهم ندوبٌ من أثر هذا الضرب، ورأت بعضا ممن عانوا من ضرر بدني دائم من جراء ذلك. وشاع أيضا في كثير من الحوادث اللجوء إلى تجريد النساء من ثيابهن واستعمال لغة تحقيرية كوسيلة للإذلال والتعذيب النفسي.
    367 - ومما يُثير الجزعَ الشديد ما وقع من أعمال التعذيب وضروب المعاملة القاسية والمهينة التي صاحبت جرائم خطيرة أخرى ارتكبتها قوات الحكومة والجنجويد في حق السكان المدنيين خلال حادثة كايِلك في جنوب دارفور. وخلال هذا الهجوم وما تلاه من احتجاز حجر قسري للسكان، تعرض العديد من الأشخاص للتعذيب الشديد بهدف انتزاع المعلومات منهم عن المتمردين، أو عقابا أو ترويعا للسكان. وسمعت اللجنة أيضا تقارير موثوقا بها تفيد أن الأشخاص الذين يأسرهم المهاجمون تُربط أنشوطة حول أعناقهم فيُجرون على الأرض بالجياد والجمال. ووصف شهود كيف أن شابا اُقتلعت عينه. فلما فقد بصره، أرغم على أن يركض ثم قُتل رميا بالرصاص. وكان الحراس يراقبون الضحايا وفي أيديهم سياط يستعملونها للسيطرة عليهم وإذلالهم. وأفاد العديد من الشهود أن عبارات سب وشتم استعملت في حق المحتجزين، حيث كانوا يسمونهم ”عبيدا“ في الغالب. وزاد من معاناة هؤلاء قلة الطعام والماء، والظروف غير الصحية حيث كانوا يُحجزون في أماكن صغيرة وخاضعة للمراقبة يُرغمون على قضاء حاجتهم فيها، بسبب القيود المفروضة على حركاتهم. وورد أن عدة مئات من الأطفال ماتوا من تفشي المرض خلال احتجازهم.

    (ب) ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حق محتجزين على يد جهاز الأمن الوطني والمخابرات، والمخابرات العسكرية
    368 - جمعت اللجنة أدلة جوهرية تثبت الاستعمال المنهجي للتعذيب من جانب جهاز الأمن الوطني والمخابرات، والمخابرات العسكرية، في حق المحتجزين تحت سيطرتهم. وإضافة إلى معلومات موثوقة أخرى، سجلت اللجنة شهادة أشخاص قبض عليهم في سياق الصراع في دارفور وهم حاليا محتجزون في الخرطوم، وتتعلق بما تعرضوا له من تعذيب ومعاملة لاإنسانية ومهينة. ويشمل ذلك من يحتجزهم جهاز الأمن الوطني والمخابرات في مكان احتجاز سري في الخرطوم، اكتشفته اللجنة وقامت بتفتيشه.
    369 - وسمعت اللجنة تقارير مفزعة عن التعذيب البدني والنفسي والمعاملة القاسية والمهينة التي تعرض لها هؤلاء المحتجزون، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية التي فرضت عليهم. فأكثرهم تعرضوا مرارا للضرب والجلد بالسياط والصفع، وفي إحدى الحالات حبسوا تحت الشمس اللافحة لمدة أربعة أيام. وعلق ثلاثة أشخاص من السقف وضربوا، واستمر ضرب أحدهم لمدة 10 أيام. وقابلت اللجنة أيضا شخصا آخر تعرض للتعذيب على يد جهاز الأمن الوطني والمخابرات لمدة ثلاثة أيام بعد إلقاء القبض عليه من مخيم المشردين داخليا في غرب دارفور. وذكر أنه عُلِّق من السقف وضُرب بصورة متكررة. وقد رأت اللجنة الندوب التي تُركت على أجسام هؤلاء المحتجزين والسجناء كعلامات على التعذيب الذي مورس عليهم. وفي كثير من هذه الحالات استعمل التعذيب، بما فيه التهديد بالموت والإيذاء البدني، للحصول على المعلومات قسرا أو لانتزاع اعترافات. فكانت عيونهم تعصب وأيديهم تقيد كلما نقلوا من مكان احتجاز إلى آخر، وكانوا يحرمون أحيانا من الطعام لمدد طويلة.
    370 - وكان المحتجزون الذي حبسوا في مكان الاحتجاز السري، السابق الذكر، يُحجزون في زنزانات ذات نوافذ عليها قضبان لمدة 24 ساعة في اليوم، من غير أي تحرك بدني بالخارج (وكان عدد نُزلاء الزنزانات من المحتجزين يتراوح بين واحد و 11). ولم يكن يسمح دائما للمحتجزين باستعمال مرحاض خارجي يوجد في نفس الطابق، ومن ثم كانون يُضطرون في جملة أمور إلى استعمال قنينات للتبول داخل زنزاناتهم. ولم يكن يتاح علاج طبي أو نظام غذائي مناسب لبعض الأشخاص الذين كانوا يعانون من مشاكل صحية خطيرة.
    371 - وتمكنت اللجنة أيضا من زيارة وحدة الاحتجاز التابعة للمخابرات العسكرية التي تقع داخل مقر قيادة الجيش في الخرطوم. ومُنحت اللجنة الإذن بالدخول لزيارة بعض الضباط العسكريين المحتجزين في قسم من مركز الاحتجاز، غير أنها سرعان ما اكتشفت وجود قسم آخر في نفس المركز، حيث كان يُحتجز ما لا يقل عن 40 محتجزا، معظمهم جنود وضباط صف (عريف، ورقيب وما إلى ذلك). كل هؤلاء حُبسوا في سياق الصراع في دارفور (بعضهم كانوا من دارفور وآخرون ألقي عليهم القبض بدعوى أنهم تناولوا بالنقد سياسة الحكومة في دارفور). وكان المحتجزون قد حبسوا في 20 زنزانة (أما الزنزانة الواحدة والعشرون فكانت فارغة)، ويوجد قُبالتها ممر في منطقة مغلقة. وكانت الزنزانات ضيقة (مساحتها تقدر بنحو 1×2 متر أو 1×2.5 متر أو 1×2.3 متر)، ولها سقوف عالية جدا وبعض الفتحات الضيقة في السقف. وكانت ثلاث عشرة زنزانة تؤوي محتجزين اثنين في كل منها، بينما لا تؤوي سبع زنزانات إلا محتجزا واحدا في كل منها. وكان معظم المحتجزين جنودا، غير أن قلة من الزنزانات كان تحوي عسكريين ومدنيين. وليس في الزنزانات ضوء، وتُبقى ”نافذة“ الباب المعدنية مغلقة طيلة اليوم تقريبا، فلا تفتح إلا لفترة تتراوح بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة في أوقات الصلاة (خمس مرات في اليوم). وهكذا يعيش المحتجزون في ظلام مطبق تقريبا خلال معظم النهار والليل، ولمدد تصل إلى شهور. وغالبا ما لا تحتوي الزنزانات، ذات الجدارن والسقوف الأسمنتية، على حشية أو بطانية، بل يوجد فيها حصير فقط. ولا يسمح للمحتجزين بأي تمرين في الهواء الطلق. ولا يكادون يخرجون من زنزانتهم إلا لقضاء الحاجة في أربعة مراحيض توجد في نهاية الممر. وعلى مقبض الباب علقت قنينة للتبول. وقد قدم للمحتجزين صابون و/أو معجون أسنان يومَ زيارة اللجنة، لأول مرة منذ شهور ( ).
    372 - وكشف أحد المحتجزين عن بعض الندوب في ظهره وذراعه، نتيجة الضرب. وذكر شهود آخرون أنهم كثيرا ما سمعوا الصرخات الآتية من القسم السري الآخر في المركز.
    373 - وحبس محتجزون آخرون، أغلبهم ضباط، في زنزانات أكبر، وبدا أنه يمكن لهم الدخول إلى بقعة صغيرة للصلاة. وشبيه بما ذكر أعلاه، لم يتلق أي من المحتجزين الذين قوبلوا في مركز الاحتجاز التابع للمخابرات العسكرية أي علاج طبي مطلوب. ولا تعلم أسرهم مكانهم.

    ’2‘ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي ارتكبها المتمردون
    374 - أفادت بعض المصادر، كما ذكر، أن الأسرى من المحاربين الأعداء قد تعرضوا للتعذيب على يد المتمردين. غير أن اللجنة لم تحصل على معلومات تدل على وقوع ذلك.

    (ب) التقييم القانوني
    375 - يحظر عدد من الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ممارسة التعذيب. فقد وردت أحكام تحظر التعذيب في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب. والسودان طرف في الصكوك الثلاثة الأخيرة، وهو بهذه الصفة فهو ملزم بها قانونا. والحظر الوارد في الصكوك الدولية السالفة الذكر حظرٌ مطلق لا تقييد له في أي ظرف من الظروف. وفضلا عن ذلك، لا يجوز بمقتضى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تقييد حظر اللجوء إلى التعذيب حتى في حالة الطوارئ العامة.
    376 - وإضافة إلى ذلك، يعتبر حظر التعذيب أيضا إحدى القواعد القطعية للقانون الدولي، أو هو بعبارة أخرى قاعدة آمرة. وهو على هذا النحو لا يمكن تقييده باتفاق دولي مناف، ناهيك عن قانون وطني. و هذه الصبغة القانونية التي يتسم بها حظر التعذيب في القانون العرفي الدولي قد أيدتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية فـُـورونجيــا (الفقرات 144 و 153-157)، ومجلس اللوردات في قضية بينوشيه( )، كما أكدها مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب( ).
    377 - ويحظر التعذيب والمعاملة القاسية بموجب المادة العامة 3 من اتفاقيات جنيف. وهذه الاتفاقيات تحظر التعذيب حظرا مطلقا، في الصراعات المسلحة الداخلية والدولية على حد سواء.
    378 - وإضافة إلى التعذيب الذي يمارس، كما ذكر سابقا، في شكل ضرب المحتجزين وإساءة معاملتهم إساءة شديدة ولا إنسانية، ترى اللجنة أن الظروف التي شوهدت في مركز الاحتجاز التابع للمخابرات العسكرية في الخرطوم، والتي ورد وصفها أعلاه، تعد بمثابة تعذيب. فإرغام الأشخاص الموجودين في الحجز العسكري على العيش لمدة 24 ساعة في اليوم في زنزانات صغيرة للغاية شبيهة بالأقفاص وفي ظلام دامس ومن دون تمرين بدني بالخارج على الإطلاق، يعد في حد ذاته بمثابة تعذيب، ومن ثم فهو يشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان الدولية وللقانون الإنساني الدولي.
    379 في سياق الصراع في دارفور، مورس التعذيب على نطاق واسع وبصورة واسعة الانتشار ومنهجية ليس فقط خلال الهجمات على السكان المدنيين، حيث كان يرتبط ارتباطا وثيقا بهذه الهجمات، بل مورس أيضا في مراكز الاحتجاز الخاضعة لسلطة جهاز الأمن الوطني والمخابرات، والمخابرات العسكرية. وترى اللجنة أن حالات التعذيب التي وقعت يمكن بناء على ما تقدم أن تعد بمثابة جريمة بحق الإنسانية، ونظرا لما اتسمت به الهجمات من طابع تمييزي، يمكن أن تنطوي حالات التعذيب هذه أيضا على جريمة الاضطهاد بوصفه جريمة بحق الإنسانية.

    9 - النهب
    (أ) النتائج فيما يتعلق بالوقائع
    380 - لاحظت اللجنة أن معظم التقارير التي درستها تقدم روايات متماثلة جدا عن عمليات منهجية وواسعة قام بها الجنجويد لسلب ونهب ممتلكات المدنيين، ولا سيما في سياق الهجمات على نحو ما وُصف آنفا. وتشير تلك التقارير إلى روايات شهود تتعلق بالهجمات التي يقوم بها العرب أو الجنجويد، بدعم من القوات الحكومية في أحيان كثيرة. ولا تعزى عمليات السلب عموما إلا للجنجويد أو العرب أو ”لرجال يرتدون زيا رسميا“ دون تحديد هويتهم، بينما لم يبلَّغ بوضوح عن وقوع حوادث نهب على أيدي القوات الحكومية وحدها. وتتعلق أغلبية الحوادث المبلغ عنها بسلب الماشية والأغذية وغيرها من الممتلكات الخاصة، وتقع أثناء الهجمات على القرى وتؤدي أحيانا إلى قتل المدنيين وتدمير القرى ذاتها. وجرى أيضا تسجيل نهب ممتلكات المشردين داخليا في الأماكن التي نزحوا إليها، حيث قام الجنجويد بسلب الخيم البلاستيكية والأغذية وغير ذلك من متاع الأسر المعيشية.
    381 - وعلاوة على ذلك، أفادت مصادر أخرى عن وقوع عدد ضئيل من حوادث السلب وحدد الضحايا هوية مرتكبيها بكونهم من حركة تحرير السودان أو حركة العدالة والمساواة أو مجرد متمردين. وقد طالت تلك الحوادث بصورة رئيسية المركبات، سواء فرادى أو في قوافل، وتعلقت غالبية الحالات بسلب الأغذية والإمدادات. وفي عدد قليل جدا من الحالات، أفيد أيضا أن المتمردين ارتكبوا أعمال السلب أثناء هجوم على إحدى القرى، خاصة في غرب دارفور. ووقع عدد من حوادث السلب ضد المركبات الإنسانية وغير ذلك من ضروب اللصوصية التي لم يتعرف فيها الشهود على هوية المعتدين.
    382 - ويبدو أن الحوادث المبلغ عنها لا تنطوي على نمط جغرافي أو زمني محدد يتصل بسلب الممتلكات غيرَ الأنماط المحددة في إطار الفروع التي تتناول جرائم تدمير القرى والهجمات، وهي أن الغالبية العظمى من الضحايا ينتمون لقبائل الفور والمساليت والزغاوة وغيرها من القبائل الأفريقية.
    383 - وخلال البعثات التي قامت بها اللجنة إلى السودان ودارفور، كانت النتائج التي توصلت إليها متطابقة جدا مع التقارير التي درستها. وكان جل الحوادث التي حققت فيها اللجنة تتعلق بسلب الممتلكات الخاصة للمدنيين على أيدي الجنجويد في سياق الهجمات المشتركة التي يشنها الجنجويد والحكومة على القرى.
    384 - وأفيد أيضا عن وقوع عدد من حالات اللصوصية المسلحة التي تمثلت في سرقة عدد من المدنيين في المركبات، فضلا عن أهداف مدنية أخرى. ولم تحدد هوية المعتدين في الأغلب الأعم.
    385 - وثمة نمط خاص سجلته اللجنة ويتمثل في تشديد الأشخاص الذين استُجوِبوا من بين المشردين داخليا واللاجئين تشديدا كبيرا على جريمة السلب، مبينين أن الجنجويد قد سلبوا أولئك الأشخاص كل ما كانوا يملكون، ويشمل ذلك جميع الأمتعة الضرورية للحياة في ظروف دارفور العصيبة، ومنها المقالي والأكواب والملابس، فضلا عن الدواب التي تمثل المصدر الرئيسي للدخل لدى الأشخاص المتضررين. ولقد قام المشردون داخليا واللاجئون في حالات كثيرة بتجميع قوائم مفصلة للأدوات التي سلبت منهم، وعرضت تلك القوائم على اللجنة.
    386 - ومن أمثلة شهادات الشهود التي جمعتها اللجنة الحادثتان النموذجيتان التاليتان:
    في يوم السبت 27 كانون الأول/ديسمبر 2003، بقرية دوماي تاميت في جنوب دارفور:”تعرضنا لهجوم في الصباح الباكر حوالي وقت صلاة الفجر في نحو الساعة 30/5. [أظهر الشاهد جرحا بالرصاص في ساقه]. وكان المهاجمون يمتطون خيولا وجمالا وكان بعضهم يرتدون زيا رسميا. وقد قتلوا 17 شخصا، بينهم امرأتان وصبيان، وجرحوا 18 شخصا، وسلبوا نحو 150 1 رأس من الماشية ونحو 800 من الأغنام والمعز“.
    في آذار/مارس 2004، بقرية دوبو في شمال دارفور: ”جعلوا يضرمون النار في كل شيء ويسرقون أمتعتنا. وقد وقع علينا الهجوم يومَ مجيء الطائرة نفسه، وقصفوا 5 سيارات وقام الجنجويد بنهب القرية. وأخذوا ماشيتنا وأمتعتنا“.
    387 - وحققت اللجنة أيضا في النهب الذي وقع أثناء الهجمات التي شنها الجنجويد خلال آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2003، في محلية مستيري (غرب دارفور)، حيث هوجمت 47 قرية وارتكب الجنجويد أعمال السلب. وفي إحدى الحوادث، قام مئات من العرب الجنجويد في الصباح الباكر من أحد أيام آب/أغسطس 2003 بشن هجوم على كورشا -قرية تورغو. وكانوا يرتدون أزياء عسكرية خضراء ويركبون خيولا وجمالا. فطوقوا القرية وأخذوا في إطلاق النار على الرجال والصبيان. فقتل 6 رجال ودفنوا في مقابر واحدة. وفي اليوم السابق للهجوم، شوهدت طائرة عمودية وطائرة أخرى من طراز Antonov وهما تحلقان في سماء القرية. وسرق المهاجمون الماشية برمتها. وأحرقت القرية ولجأ الناس إلى مدينة مستيري.
    388 - وقد تبين للجنة أيضا وجود حالات سلب على أيدي حركات المتمردين، ولا سيما أثناء الهجمات التي طالت مراكز الشرطة وغيرها من المنشآت الحكومية، حيث قام المتمردون بنهب الأسلحة من الحكومة. وكانت تلك الهجمات تستهدف عادة المنشآت الحكومية على وجه التحديد للحصول على الأسلحة والذخيرة التي يحتاجها المتمردون في قتالهم. وأكد المتمردون أنفسهم هذه الممارسة للجنة. كما تبين للجنة، علاوة على ذلك، حدوث بضع حالات من السلب تعرضت لها الممتلكات الخاصة على أيدي المتمردين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، شنت حركة العدل والمساواة في تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2003، هجوما على كلبص في غرب دارفور على نحو ما وُصف أعلاه، حيث نهبوا الدكاكين في السوق. ولاحظت اللجنة أيضا عددا من حالات النهب التي طالت القوافل الإنسانية، رغم أنه لم يكن من الممكن تأكيد هوية مرتكبيها.
    389 - وفي الختام، فإن اللجنة قد وجدت، وفقا لأغلبية الحوادث التي أفادت عنها سائر المصادر، أن معظم حالات النهب كانت من عمل الجنجويد، فيما كان عدد قليل منها من عمل القوات الحكومية. وطال السلب القبائل الأفريقية بصورة رئيسية، وكان يستهدف الممتلكات الضرورية لبقاء تلك القبائل وكسب رزقها. وشاركت حركات المتمردين أيضا في أعمال النهب، مستهدفة بها مراكز الشرطة أساسا للحصول على الأسلحة؛ واستهدف المتمردون في بعض الحالات الممتلكات الخاصة أيضا.

    (ب) التكييف القانوني
    390 - على نحو ما أشير إليه آنفا، تعد جريمة النهب أو السلب جريمة حرب بموجب القانون الدولي العرفي. وتتمثل تلك الجريمة في حرمان الشخص من ممتلكاته بدون موافقة منه أثناء صراع مسلح داخلي أو دولي، والاستيلاء على تلك الأمتعة أو الأصول للاستخدام الخاص أو الشخصي، بنية إجرامية هي حرمان ذلك الشخص من ممتلكاته.
    391 - ومما لا شك فيه أن نهب القرى والاستيلاء على الماشية والمحاصيل وأمتعة الأسر المعيشية وسوى ذلك من الممتلكات الشخصية للسكان على أيدي القوات الحكومية أو المليشيات الخاضعة لسيطرتها يمثل جريمة حرب.
    392 - واستنادا إلى المعلومات المتاحة للجنة، يبدو أن النهب الذي قام به الجنجويد أساسا في سياق الهجمات على القرى، تم على نطاق واسع وبتغاض من حكومة السودان من خلال نشر ثقافة الإفلات من العقاب والدعم المباشر للجنجويد.
    393 - وإضافة إلى ذلك، تعتبر اللجنة، كما هو الشأن بالنسبة لتدمير القرى، أن السلب قد حصل بطريقة منتظمة وواسعة النطاق ضد القبائل الأفريقية وكان تمييزيا ومدروسا لتدمير مصادر رزق السكان المتضررين وسبل بقائهم. ومن ثم، يمكن جدا أن يمثل شكلا من أشكال الاضطهاد بوصفه جريمة ضد الإنسانية.
    394 - وتعتبر اللجنة أيضا أن من المعقول أن تكون حركات المتمردين مسؤولة عن ارتكاب جريمة النهب التي هي جريمة حرب، ولو أن ذلك حصل على نطاق محدود.

    10 - الحبس غير المشروع وحالات الحبس الانفرادي وحالات الاختفاء القسري
    (أ) النتائج فيما يتعلق بالوقائع
    395 - منت التقارير الواردة من سائر المصادر التي استعرضتها اللجنة معلومات عن حالات الاختطاف والحبس غير المشروع والاحتجاز في حق المدنيين إبان هجمات الجنجويد أو القوات الحكومية، فضلا عن المتمردين، و في أعقاب تلك الهجمات. ويتعلق العديد من التقارير باختطاف النساء. ورغم التبليغ عن الحوادث، فإن عددا قليلا جدا من الروايات كان يتضمن تفاصيل مستفيضة.
    396 - بيد أن اللجنة استطاعت بفضل تحقيقاتها أن تجمع معلومات أكثر أهمية بشأن حالات الاختفاء القسري. وتؤكد تلك المعلومات الاختطاف وحالات الاختفاء القسري التي قام بها الجنجويد في أعقاب الهجمات على القرى. وفي العديد من الحالات، تعرضت النساء والرجال للاختطاف أو الاختفاء، دون أن يعرف مصير عدد كبير منهم. كما أثبتت اللجنة أن القوات المسلحة الحكومية، وجهاز أمن الدولة والاستخبارات العسكرية مسؤولة عن الحبس والاحتجاز غير المشروعين للمدنيين. وعلاوة على ذلك، تلقت اللجنة معلومات موثوق بها تبرهن على نمط الحبس غير المشروع للأشخاص الموجودين داخل مخيمات المشردين داخليا. ولم يكن في مقدور العديد من المشردين داخليا الذين قابلتهم اللجنة أن يبتعدوا ولو بضعة أمتار عن خيمهم خوفا من هجمات الجنجويد، بما في ذلك من الاغتصاب أو القتل. واستمعت اللجنة لشهادات موثوق بها من نساء تعرضن للاعتداء والضرب بل وللاغتصاب في بعض الحالات، وهن يجلبن الحطب أو الماء من خارج المخيم. وفي بعض الحالات، منع المشردون داخليا من الوصول إلى ماشيتهم ومحاصيلهم الواقعة في مكان قريب، بسبب خطر هجمات الجنجويد خارج المخيمات. ويتجسد هذا النمط في شهادة شاهد من فتة برنو بشمال دارفور:
    أصبح جميع سكان القرى المحيطة بفتة برنو يقيمون حاليا في مخيم المشردين داخليا بفتة برنو في حالة من العوز الشديد. إننا نود العودة إلى القرى والإقامة فيها. غير أن الإقامة فيها غير مأمونة. فعمليات الجنجويد ما زالت كثيفة جدا على أطراف مخيمنا. وكثيرا ما يتعرض الأشخاص في مخيمنا لهجوم الجنجويد عندما يغادرون المخيم. وثمة مخيم تابع لشرطة الحكومة على مقربة من مخيمنا، ولكن الشرطة تقاعست عن حماية أهالينا من هجوم الجنجويد. وقبل شهرين، هجم الجنجويد على عمي وأخته عندما غادرا مخيم فتة برنو ناحية قرية كرين. وقتل الجنجويد أخت عمي وأطلقوا الرصاص على عمي فأصابوه في كتفه اليمنى وساقه اليمنى.
    397 - وقد تبين للجنة أن اختطاف النساء على أيدي الجنجويد يشكل أيضا جزءا من بعض حوادث الهجمات التي حققت فيها، بما في ذلك التي وقعت في الطويلة بشمال دارفور، وملقة ومنقرصة والكنجو بغرب دارفور. ولقد كان في مقدور الذين فروا أو أفرج عنهم في نهاية المطاف أن يحكوا ما قاسوه من حالات الحبس القسري والاسترقاق الجنسي والاغتصاب والتعذيب. وكنمط عام، كان يجري إخراج النساء قهرا من قراهن ويُستبقين في معسكرات الجنجويد مدة من الزمن قد تمتد أحيانا إلى ثلاثة أشهر، قبل أن يفرج عنهن أو يتمكن من الفرار من الأَسْر.
    398 - وفي بعض حوادث هجمات الجنجويد، جرى اختطاف رجال وفتيان وما زالوا مفقودين في العديد من الحالات. وتلقت اللجنة أدلة على اختطاف المدنيين على أيدي قادة الجنجويد واحتجازهم في المعسكرات التي تعرفت عليها اللجنة والتي كانوا يتعرضون فيها للتعذيب والتشغيل. وخلال زيارات الرصد المرتبة سلفا لفائدة المراقبين المستقلين، نُقل أولئك المدنيون خارج المعسكر وتم إخفاؤهم. ولدى اللجنة أدلة موثوق بها تدل على أن القوات العسكرية تسيطر على تلك المعسكرات وأن الضباط العسكريين كانوا على علم بالاحتجاز غير الشرعي للمدنيين في المعسكر. وفي إحدى الحالات، احتجز الجنجويد مدنيا في أعقاب هجوم على قريته، وأبقي في الأسر في معسكر الجنجويد، ثم نُقل فيما بعد إلى ثكنة عسكرية في المنطقة.
    399 - وشملت أخطر حالات الاختفاء القسري اختفاء المدنيين على أيدي جهاز الأمن والمخابرات، المدنية منها والعسكرية. وتلقت اللجنة معلومات موثوق بها مؤداها أن عدة أفراد قد نقلوا على أيدي أشخاص يعملون في الاستخبارات العسكرية أو الأمن. وفي حين عاد بعض من هؤلاء الأفراد في وقت لاحق، يظل العديد منهم مفقودين. وقدم الذين عادوا شهادة موثوقا بها حول وجود عدد كبير من المفقودين في أماكن احتجاز غير رسمية وسرية، يرعاها جهاز الأمن في مواقع مختلفة من منطقة دارفور.
    400 - وفي إحدى الحالات التي وقعت خلال هجوم مشترك قام به في آذار/مارس 2004 الجنجويد والقوات المسلحة الحكومية على عدة قرى تقع حول الدليج في منطقة وادي صالح في غرب دارفور، جرى احتجاز 300 شخص ونقلهم على أيدي القوات الحكومية. وما زال نصف هؤلاء الأشخاص تقريبا مفقودا، ويخشى أن يكون العديد منهم قتلوا.
                  

العنوان الكاتب Date
تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 04:41 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:03 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:09 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:22 AM
        Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:43 AM
          Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:46 AM
            Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:48 AM
              Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:50 AM
                Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:55 AM
                  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:57 AM
                    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 07:26 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام مصدق مصطفى حسين02-16-05, 06:21 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-16-05, 06:43 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-19-05, 07:58 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de