تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 01:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2005, 05:09 AM

peace builder
<apeace builder
تاريخ التسجيل: 10-17-2002
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام (Re: peace builder)


    136- ولم تتحصّل اللجنة إلا على النزر اليسير من المعلومات عن حجم حركة العدل والمساواة وموقعها الجغرافي في دارفور. ويبدو أن معظم أفراد الحركة ينتمون إلى قبيلة الزغاوة، وتقول التقارير إن معظم نشاط الحركة يقع في الأجزاء الشمالية من غرب دارفور. وتحصّلت اللجنة على معلومات عن عدد من الأحداث شاركت فيها الحركة بشن هجمات على المدنيين. (انظر أدناه).
    137- وفي أوائل أيار/مايو 2004، انقسمت حركة العدل والمساواة إلى فصيلين: أحدهما يقوده خليل إبراهيم والآخر يضم قادة الميدان العسكريين بزعامة العقيد جبريل. ويقال إن الانقسام حدث بعد أن دعا القادة العسكريون الميدانيون إلى عقد مؤتمر في كارو قرب الحدود التشادية في شمال دارفور، يوم 23 أيار/مايو 2004. وكان القادة العسكريون قد نظموا المؤتمر لكي يناقشوا القادة السياسيين مباشرة في موضوع مستقبل الحركة والاختلافات الأيديولوجية بين القادة.

    3 - جماعات المتمردين الأخرى
    138- ظهر عام 2004 عدد من جماعات التمرد الأخرى. ولم تتمكن اللجنة من الحصول على معلومات مفصلة عن أي من هذه الجماعات كما أنها لم تلتق بأي أشخاص ينتمون علنا إليها.
    139- ومن بين هذه الجماعات الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية. وفي 6 حزيران/يونيه، أصدرت هذه الحركة بيانا تقول فيه إنها ليست طرفا في اتفاق وقف إطلاق النار المعقود في نيسان/أبريل بين الحكومة وحركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وإنها ستحارب ضد الحكومة. ويأتي قادة وجنود هذه الحركة في معظمهم من قبيلة الزغاوة كوبيرا وهي قبيلة متميزة متفرعة من الزغاوة واجي، ولهؤلاء مكانهم البارز في صفوف حركة/جيش تحرير السودان. وتنشط الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية بشكل خاص في مدينة طينة على الحدود التشادية وفي منطقة جبل مون بولاية غرب دارفور.
    140- وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2004، بدأت في نجامينا، بوساطة تشادية، محادثات بين حكومة السودان ووفد من الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية. وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر، وقّع الطرفان بروتوكولين، أحدهما عن الوصول الإنساني والآخر عن قضايا الأمن


    في المنطقة الحربية. وأكد البروتوكولان اتفاق نجامينا لوقف إطلاق النار المعقود في 8 نيسان/ أبريل واتفاق أديس أبابا المعقود في 28 أيار/مايو بشأن لجنة وقف إطلاق النار وبروتوكولات أبوجا المعقودة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر. وبموجب البروتوكولين، يتعهد الطرفان بالالتـزام بالوقف الشامل لإطلاق النار في دارفور، وإطلاق سراح أسرى الحرب وتنظيم العودة الطوعية للأشخاص المشردين داخليا وللاجئين.
    141- وبالإضافة إلى الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، ظهر عدد صغير من الجماعات المسلحة الجديدة ولا يتوافر إلا النـزر اليسير جدا عن نهجها السياسي وعن تكوينها وأنشطتها. ومن بين هذه الجماعات جماعة ”الكرباج“ بالمعنى العربي للكلمة، ومن المفترض أنها تتألف من أفراد من القبائل العربية. وهناك جماعة أخرى اسمها ”الشهامة“ بالمعني العربي للكلمة وقد سُمع بها أول مرة في نهاية أيلول/سبتمبر 2004، ومن المفترض أنها توجد في ولاية غربي كردفان، المتاخمة لدارفور من جهة الشرق. وتطالب الجماعة بإتاحة فرص عادلة للتنمية في المنطقة، وإعادة النظر في اتفاق تقاسم السلطة والثروة الذي وقّعته الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، وتنقيح اتفاق الترتيبات الإدارية لجبال النوبة ومناطق النيل الأزرق الجنوبية. وظهرت جماعة ثالثة في كانون الأول/ديسمبر 2004 اسمها الحركة الوطنية السودانية للقضاء على التهميش، وذلك عندما أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على غبيش غربي كردفان. وهذه جماعة غير معروفة، ولكن بعض التقارير تقول إنها جماعة منشقة عن حركة تحرير السودان/جيش تحرير السودان. ولم يكن أي من هذه الجماعات الثلاث طرفا في أي من الاتفاقات التي وقّعتها جماعات التمرد الأخرى مع الحكومة.

    رابعا - الالتـزامات القانونيــة الدوليــة التــي تقـــع علــى حكومـــة السودان وعلى المتمردين
    142- لتوصيف الوقائع من الوجهة القانونية، يتعين على اللجنة في البداية تحديد قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي على ضوئها يمكن تقييم هذه الوقائع. ومن ثم، فمن المهم عرض الالتـزامات الدولية ذات الصلة التي تقع على الحكومة وعلى المتمردين مسؤولية التقيد بها.

    ألف - قواعد القانون الدولي ذات الصلة الملزمة لحكومة السودان
    143 - ينطبق على السودان في الصراع في دارفور مجموعتان رئيسيتان من القوانين: القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وهذان القانونان متكاملان. فمثلا، كلاهما يهدف إلى حماية حياة الإنسان وكرامته، ويحظران التمييز بمختلف أشكاله، ويحميان ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وكلاهما يسعى إلى كفالة سبل الوقاية للأشخاص الذين يخضعون لإجراءات العدالة الجنائية، وإلى ضمان الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحقوق المتعلقة بالصحة والغذاء والسكن. وكلاهما يشتمل على أحكام لحماية المرأة والفئات الضعيفة، كالأطفال والمشردين. ويكمن الفرق في أنه بينما يتولى قانون حقوق الإنسان حماية الفرد في جميع الأوقات، فإن القانون الإنساني الدولي هو القانون الخاص الذي ينطبق فقط في حالات الصراع المسلح.
    144 - إن الدول مسؤولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان عن كفالة حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحفظها في جميع الأوقات، في زمن الحرب وزمن السلم على السواء. والتزام الدولة بالامتناع عن أي سلوك ينتهك حقوق الإنسان، وكذلك واجبها في توفير الحماية لأولئك الذين يعيشون في نطاق سلطانها القضائي، متأصل في هذا المبدأ. أما البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف، فيدعو إلى حماية قانون حقوق الإنسان من أجل الفرد. وهذا في حد ذاته ينطبق أيضا على حالات الصراع المسلح من حيث أن من واجب الدولة توفير الحماية. لذلك، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي يعزز أحدهما الآخر ويتلاقيان في حالات الصراع المسلح.
    145 - أما المساءلة بالنسبة للانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي فيرد نص بشأنها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وقد وقَّع السودان النظام الأساسي لكنه لم يصدق عليه بعد، لذلك فهو ملزم بالامتناع عن إتيان ”أعمال من شأنها تعطيل موضوع وهدف“النظام الأساسي( ).
    146 - وستتناول الفروع التالية الأحكام الخاصة التي تتجلى في هاتين المجموعتين من القوانين التي تنطبق على الصراع في دارفور.
    1 - القانون الدولي لحقوق الإنسان
    147 - يرتبط السودان بعدد من المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. ومن هذه المعاهدات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل. وقد وقع السودان، لكنه لم يصدق بعد، على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في الصراعات المسلحة. وفي مقابل ذلك، لم يصدق السودان على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، أو اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وعلى المستوى الإقليمي، صدق السودان على ميثاق أفريقيا لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب. وبوصف السودان دولة طرفا في هذه المعاهدات المختلفة، فهو ملتزم قانونا باحترام حقوق الإنسان لمن يعيش في نطاق ولايته القضائية وحمايتها والوفاء بها.
    148 - وهناك عدد من الأحكام في هذه المعاهدات ذو أهمية خاصة بالنسبة للصراع المسلح الجاري حاليا في دارفور. ومن هذه الأحكام ما يلي: (أ) الحق في الحياة وعدم ”حرمان أحد من حياته تعسفا“( )؛ (ب) الحق في عدم التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة( )؛ (ج) الحق في عدم التعرض للتوقيف أو الاعتقال التعسفي( )؛ (د) حق الأشخاص المحرومين من حريتهم في أن يُعاملوا معاملة إنسانية وفي أن تحترم كرامتهم الأصيلة ( )؛ (هـ) الحق في حرية التنقل، واختيار الشخص لمكان إقامته وبالتالي عدم تشريده تعسفا( )؛ (و) الحق في الملكية( )، وفي السكن المناسب وعدم التعرض للإجلاء القسري( )؛ (ز) الحق في الصحة( )؛ (ح) الحق في الغذاء الكافي( ) وفي الماء( )؛ (ط) الحق في المحاكمة العادلة( )؛ (ي) الحق في التظلم الفعال بالنسبة لأي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان( )؛ (ك) الحق في الحصول على تعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان( )؛ و (ل) الالتزام بتقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة( ).
    149 - وعندما يكون هنالك حالة طوارئ، يتضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان أحكاما خاصة تقضي بأن تتخذ الدول إجراءات. وعلى وجه الخصوص، تحدد المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الظروف التي قد تخل الدولة الطرف مؤقتا في ظلها بجزء من التزاماتها بموجب العهد. ويجب أن يتوافر شرطان للتذرع بهذه المادة: أولا، يجب أن توجد حالة تصل إلى حد الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة، وثانيا، يجب أن تعلن حالة الطوارئ رسميا وفقا للأحكام الدستورية والقانونية التي يخضع لها إعلانها وممارسة سلطات الطوارئ( ). كذلك يجب على الدولة أن تقوم فورا بإبلاغ الدول الأطراف الأخرى، عن طريق الأمين العام، بالأحكام التي خالفتها وأسباب تلك التدابير( ). وحتى خلال الصراع المسلح، لا يسمح بالتدابير التي تُعفي من العهد ”إلا إذا شكلت الحالة خطرا على حياة الأمة“( ) وعلى أية حال، عليها أن تلتزم بالشروط المحددة بالعهد نفسه، ومنها أن تكون هذه التدابير مقصورة على المدى الذي تفرضه بشدة مقتضيات الحالة. وفضلا عن ذلك، يجب أن تكون منسجمة مع الالتزامات الأخرى في إطار القانون الدولي، وخصوصا قواعد القانون الإنساني الدولي وقواعد القانون الدولي الآمرة( ).
    150 - والمادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحدد بوضوح الأحكام التي لا يمكن تجاوزها والتي يجب احترامها في جميع الأوقات. ومن هذه الحقوق الحق في الحياة؛ وتحريم التعذيب أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة؛ ومنع العبودية، وتجارة الرقيق والاستعباد؛ وحرية الفكر والضمير والدين. وفوق ذلك، يجب ألا تنطوي التدابير التي تعفي من العهد على تمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو المنشأ الاجتماعي.
    151 - ومن بين ”العناصر“ الأخرى التي لا يمكن المساس بها وفقا للعهد، على النحو المعرف من قبل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، حق جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بأن يعاملوا بإنسانية واحترام للكرامة الأصيلة في الإنسان؛ ومنع أخذ الرهائن، أو الاختطاف، أو الاحتجاز غير المعترف به؛ وعناصر معينة من حقوق الأقليات في الحماية؛ ومنع التهجير أو النقل القسري للسكان؛ ومنع الدعاية للحرب وترويج الكراهية الوطنية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف( ). أما الالتزام بتوفير سبل الانتصاف الفعالة لأي انتهاك لأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد فيجب أن يتم الالتزام بها على الدوام( ).
    152 - وإضافة إلى ذلك، فإن حماية الحقوق التي يعترف بأنها غير قابلة للتجاهل تتطلب بعض التدابير الوقائية الإجرائية، ومنها الضمانات القضائية. فالحق في رفع دعوى أمام محكمة لتمكين المحكمة من اتخاذ قرار بشأن مشروعية الاحتجاز، وسبل الانتصاف كأمر الإحضار أو تدبير الحماية المؤقتة، مثلا، يجب ألا تحدها حالات عدم التقيد بموجب المادة 4. وبعبارة أخرى، فإن ”أحكام العهد التي تتعلق بتدابير الوقاية الإجرائية لا يجوز أبدا أن تخضع للتدابير التي تتهرب من حماية الحقوق التي لا يمكن إهمالها“( ).
    153 - وكان السودان يخضع لحالة طوارئ مستمرة منذ عام 1999، وفي كانون الأول/ديسمبر 2004 أعلنت الحكومة تجديد حالة الطوارئ لسنة أخرى. ووفقا للمعلومات المتاحة للجنة، لم تتخذ الحكومة خطوات قانونية للتخلي عن التزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعلى أية حال، فإن السودان، سواء استوفت الشروط اللازمة للتذرع بالمادة 4 أو لم تستوف، ملزمة كحد أدنى باحترام الأحكام التي لا يمكن المساس بها و ”عناصر“ العهد في جميع الأوقات.
    2 - القانون الإنساني الدولي
    154 - فيما يتعلق بالقانون الإنساني الدولي، فإن السودان ملزم باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وكذلك معاهدة أوتاوا بشأن حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المؤرخة 18 أيلول/سبتمبر 1994( )، في حين أنه غير ملتزم بالبروتوكولين الإضافيين لعام 1977، على الأقل بوصفهما معاهدتين. وكما ذكر أعلاه، وقع السودان، ولكنه لم يصدق بعد، على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وعلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في المنازعات المسلحة، فهو لذلك ملتزم بالإقلاع عن ”الأعمال التي تخل بهدف ومقصد“ ذلك النظام الأساسي والبروتوكول الاختياري.
    155 - ووقع السودان كذلك على عدد من الاتفاقات الدولية الملزمة قانونا بصدد الصراع المسلح في دارفور، وكل هذه الاتفاقات أصبحت نافذة عند توقيعها. وقد أبرم ستة من هذه الاتفاقات مع جماعتي المتمردين، ودخل السودان في اتفاق واحد فقط مع الاتحاد الأفريقي، ودخل في اتفاقين فقط مع الأمم المتحدة( ). ومعظم هذه الاتفاقات تشتمل على أحكام بشأن القانون الإنساني الدولي، وخصوصا بشأن حماية المدنيين، على النحو المذكور أدناه.
    156 - وبالإضافة إلى المعاهدات الدولية، فإن السودان ملزم بالقواعد العرفية للقانون الإنساني الدولي. ومن تلك القواعد تلك التي تتعلق بالصراعات المسلحة الداخلية، التي نشأ كثير منها نتيجة لممارسة الدولة ومجموعة قرارات المحاكم الدولية والإقليمية والوطنية، وكذلك بيانات الدول، والمنظمات الدولية والجماعات المسلحة.
    157 - والجزء الأساسي من هذه القواعد العرفية يرد في المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف. فهي تنطوي على معظم المبادئ الأساسية المتعلقة باحترام كرامة الإنسان التي لا بد من التقيد بها في الصراعات المسلحة الداخلية. وهكذا فإن هذه المبادئ والقواعد ملزمة لأي دولة، ولأي جماعات متمردة حققت شيئا من الهيكل المنظم والسيطرة الفعالة على جزء من الأرض. ووفقا لمحكمة العدل الدولية، فإن أحكام المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف ”تشكل قياس الحد الأدنى“ المطبق على أي صراع مسلح ”وتعكس ما دعته المحكمة في عام 1949 [في قضية كورفو تشانيل] ’الاعتبارات الأولية للإنسانية‘“( ).
    158 - وتبلورت قواعد عرفية أخرى في أثناء المفاوضات الدبلوماسية لاعتماد البروتوكولين الإضافيين لعام 1977، لأن الأطراف المتفاوضة أصبحت مقتنعة بضرورة احترام بعض القواعد الأساسية، بغض النظر عما إذا كانت ستصدق فيما بعد على البروتوكول الثاني. ومع ذلك اعتمدت قواعد أخرى في المؤتمر الدبلوماسي للفترة 1974-1977 بوصفها أحكاما تعبر عن المبادئ العامة التي تقبل بها جميع الدول. واعتبرت الدول أن هذه الأحكام تقنن في جزء منها، وتشرح في جزء آخر، المبادئ العامة، وأنها لذلك ملزمة لجميع الدول أو للمتمردين بغض النظر عما إذا كانت الدول قد صدقت على البروتوكولين أو لم تصدق. والممارسة أو المواقف اللاحقة التي اتخذتها الأغلبية العظمى من الدول تدل على أنه بمرور الزمن اكتسبت أحكام أخرى من البروتوكول الإضافي الثاني المعنى والتطبيق عموما. ولذلك يمكن اعتبار هذه القواعد أيضا ملزمة للدول غير الأطراف وللمتمردين.
    159 - وهذه المجموعة من القواعد العرفية التي تنظم الصراعات المسلحة الداخلية ظهرت في المجتمع الدولي وأيدتها عناصر مختلفة. فمثلا، أوردت بعض الدول في أدلتها العسكرية المخصصة لقواتها المسلحة بوضوح أن مجمل القانون الإنساني الدولي ينطبق أيضا على الصراعات الداخلية( ). واتخذت دول أخرى موقفا مماثلا فيما يتعلق بكثير من قواعد القانون الإنساني الدولي( ).
    160 - وفضلا عن ذلك، ففي عام 1995، اتخذ الأمين العام، عندما اقترح على مجلس الأمن اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، ما عرفه بأنه ”نهج موسع“ إزاء البروتوكول الإضافي الثاني، واقترح أن تقوم المحكمة الجديدة أيضا بالحكم على انتهاكات البروتوكول الإضافي الثاني الذي في مجمله ”لم يلق حتى الآن اعترافا عالميا بوصفه جزءا من القانون الدولي العرفي“، وإضافة إلى ذلك، لأول مرة يعتبر بموجبه جريمة أي انتهاك للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع ٍS/1995/139)، المؤرخ 13 شباط/ فبراير 1975، الفقرة 12). ومن الجدير بالذكر أنه لم يعترض أي عضو من أعضاء مجلس الأمن على مقترح الأمين العام، مما يدل على وجود توافق في الآراء بشأن الحاجة إلى المضي في التنظيم القانوني للصراع الداخلي وتجريم حالات الخروج عن القانون المطبق. وهكذا فإن النظام الأساسي للمحكمة، في المادة 4، يمنح المحكمة سلطة بشأن انتهاكات المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني، فيعترف بذلك أن هذه الانتهاكات تشكل جرائم دولية.
    161 - وفضلا عن ذلك، ففي عام 1995، رأت دائرة الاستئناف للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، في حكمها في قضية تاديتش (الطعن التمهيدي) أن المجموعة الرئيسية للقانون الإنساني الدولي تنطبق أيضا على الصراعات الداخلية بوصفها مسألة قانون عرفي، وفوق ذلك، تشكل الانتهاكات الجسيمة لهذه القواعد جرائم حرب( ).
    162 - ومما له أهمية مماثلة، أنه عندما وضع مشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في روما في عام 1998، أصرت بعض الدول صراحة على اعتبار انتهاكات القانون الإنساني الدولي أيضا بمثابة جرائم حرب( ). وأهم من ذلك، لم تعترض أي دولة اشتركت في المؤتمر الدبلوماسي على أن تدرج في النظام الأساسي مجموعة أحكام تمنح المحكمة سلطة قضائية بصدد انتهاكات القانون الإنساني في الصراع المسلح الداخلي التي اعتبر أنها تشكل جرائم حرب( ). وفي هذا ما يدل على موقف الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء في المجتمع الدولي إزاء التنظيم القانوني الدولي للصراع المسلح الداخلي. كذلك فإن مما له مغزى أن النظام الأساسي وقعته 120 دولة، ومنها السودان. ورغم أن هذا التوقيع من وجهة نظر قانون المعاهدات له أثر محدود تم تأكيده، فإن له أهمية أيضا من وجهة نظر القانون الدولي العرفي( ): فهو يبرهن على أن الرأي القانوني العام الذي ظهر لدى الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي (بما فيها السودان) يعني ما يلي: (أ) أن الصراعات المسلحة الداخلية تحكمها مجموعة واسعة من قواعد القانون الإنساني الدولي العامة، و (ب) أن الانتهاكات الجسيمة لهذه القواعد قد تنطوي على مسؤولية جنائية فردية( ).
    163 - إن اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي جاء بعده النظام الأساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون، يمكن اعتباره ذروة عملية لوضع القوانين أدت خلال سنوات قليلة إلى بلورة مجموعة من القواعد العرفية التي تحكم الصراع المسلح الداخلي وإلى تجريم الانتهاكات الجسيمة لهذه القواعد (بمعنى أنه قد تترتب على الانتهاكات الجسيمة لهذه القواعد مسؤولية جنائية فردية).
    164 - إن عملية سن القوانين هذه فيما يتعلق بالصراع المسلح الداخلي مبررة تماما. فنتيجة لكل من التوسع المتزايد لمبادئ حقوق الإنسان وتفاقم الحروب الأهلية، باتت الدول تقبل بفكرة أن من غير المقبول توفير الحماية فقط في الحروب الدولية للمدنيين وغيرهم من الأشخاص الذين لا يشاركون في أعمال القتال المسلح: فالمدنيون يعانون من العنف المسلح في أثناء الصراعات الداخلية بما لا يقل عن معاناتهم في الحروب الدولية. لذلك فمن غير المنطقي أن يترك المدنيون دون حماية في الحروب الأهلية في حين يحصلون على الحماية في الصراعات المسلحة الدولية. وبالمثل، ارتُئي أن اليسير من التنظيم القانوني لإدارة أعمال القتال، وخصوصا لاستعمال وسائــل الحـــرب وطرائقها، يلزم أيضا عندما تحدث المصادمات المسلحة لا بين دولتين بل بين دولة ومتمردين( ).
    165 - وهكذا، فإن القواعد الدولية العرفية المتعلقة بالصراع المسلح الداخلي تهدف في آن معا إلى حماية المدنيين والجرحى والمرضى من ويلات العنف المسلح وتنظيم سير أعمال القتال بين أطراف الصراع. وتقوم بالأساس بوضع وتحديد مبادئ حقوق الإنسان الأساسية المتعلقة بالصراعات المسلحة الداخلية، كما أشير إلى ذلك آنفا.
    166 - ولأغراض هذا التقرير، تكفي الإشارة هنا فقط إلى القواعد العرفية المتعلقة بالصراع المسلح الداخلي التي لها صلة بالصراع المسلح الدائر حاليا في دارفور والتي تنطبق عليه. وتشمل هذه القواعد العرفية ما يلي:
    (أ) التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وحماية المدنيين من أعمال العنف، لا سيما الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل( ) (وقد أعيد تأكيد هذه القاعدة في بعض الاتفاقات التي أبرمتها حكومة السودان مع المتمردين( )؛
    (ب) حظر الهجمات المتعمدة على المدنيين( )؛
    (ج) حظر الهجمات العشوائية على المدنيين( )،ولو كان من الممكن وجود عناصر مسلحة قليلة بينهم( )؛
    (د) حظر الهجمات الهادفة إلى إرهاب المدنيين( )؛
    (هـ) حظر شن الهجمات عمدا على موظفين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات تستخدم في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام وفقا لميثاق الأمم المتحدة، ما دامت تخضع للحماية الممنوحة للمدنيين أو الممتلكات المدنية بموجب القانون الدولي للصراع المسلح( )؛
    (و) حظر شن الهجمات على ممتلكات مدنية( )؛
    (ز) وجوب اتخاذ الاحتياطات للتقليل إلى أدنى حد من الخسائر والأضرار التي تطرأ نتيجة الهجمات( )، ومن ذلك ضرورة قيام كل طرف بما بوسعه من أجل كفالة كون الأهداف أهدافا عسكرية( ) واختيار وسائل أو أساليب قتالية تقلل إلى أدنى حد الخسائر في أرواح المدنيين( )؛

    (ح) وجوب تلافي عدم التناسب بين الخسائر المدنية والمكاسب العسكرية المتوقعة لدى شن هجمات على أهداف عسكرية( )؛
    (ط) حظر أعمال التدمير والإتلاف التي لا تبررهما ضرورات عسكرية( )؛
    (ي) حظر تدمير أشياء ضرورية لبقاء السكان المدنيين( )؛
    (ك) حظر شن هجمات على أعمال ومنشآت تحتوي على قوى خطرة( )؛
    (ل) حماية الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة( )؛
    (م) حظر النقل القسري للمدنيين( )؛
    (ن) حظر التعذيب وأي ضرب من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية( )؛
    (س) حظر الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالقدر، ومن ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي( )؛
    (ع) حظر إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة( )؛
    (ف) حظر إساءة معاملة المقاتلين الأعداء خارج نطاق القتال ووجوب معاملة المقاتلين الأعداء المحتجزين معاملة إنسانية( )؛
    (ص) حظر إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا وتكفل جميع الضمانات القضائية التي تعتبر لازمة في نظر المجتمع الدولي( )؛
    (ق) حظر العقوبات الجماعية( )؛

    (ر) حظر أخذ الرهائن( )؛
    (ش) حظر أعمال الإرهاب( )؛
    (ت) حظر النهــب( )؛
    (ث) وجوب حماية الجرحى والمرضى( )؛
    (خ) حظر استخدام الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما في أعمال القتال المسلح( ).
    167 - وينبغي التشديد على أن الاجتهادات والممارسات الدولية المذكورة أعلاه تشير إلى تجريم الانتهاكات الجسيمة لأي من تلك القواعد لما تنطوي عليه تلك الانتهاكات من مسؤولية جنائية فردية بموجب القانون الدولي.
    168 - وبعد دراسة القواعد ذات الصلة التي تنطبق على الصراع في دارفور، ينبغي التشديد على أن حكومة السودان مستعدة إلى حد كبير لاعتبار المبادئ والقواعد العامة المنصوص عليها في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 ملزمة وللالتزام بها رغم أنها ليست من الناحية الرسمية طرفا في البروتوكولين. ويتجلى هذا على سبيل المثال في البروتوكول المتعلق بإنشاء آلية للمساعدة الإنسانية في دارفور الذي وقعته حكومة السودان مع جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في 8 نيسان/أبريل 2004 والذي ينص في المادة 10 (2) على أن الأطراف الثلاثة تتعهد باحترام مجموعة المبادئ التالية:
    ”يكون تصور آلية المساعدة الإنسانية وتنفيذها في دارفور مطابقين ]هكذا[ للمبادئ الدولية بغية كفالة مصداقيتها وشفافيتها وشمولها، لا سيما: اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها لعام 1977؛ والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والاتفاقية الدولية ]هكذا[ للحقوق ]هكذا[ المدنية والعامة لعام 1966، واتفاقية جنيف بشأن اللاجئين لعام 1952]هكذا[، والمبادئ التوجيهية بشأن التشرد الداخلي (مبادئ دينغ) وأحكام قرار الجمعية العامة 46/182“. (تأكيد مضاف)
    169 - وتلمح الإشارة إلى البروتوكولين بوضوح إلى أن أطراف الاتفاق لديهم النية في القبول على الأقل بالمبادئ العامة التي ينص عليها الصكان. ويمكن أن يستنتج إقرار ضمني مماثل بتلك المبادئ من الفقرة الثالثة من ديباجة البروتوكول المتعلق بتحسين الحالة الأمنية في دارفور وفقا لاتفاق نجامينا المؤرخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 الذي تدين بموجبه الأطراف الثلاثة ”كافة أعمال العنف ضد المدنيين وجميع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي“. وثمة فقرة مماثلة ترد في ديباجة البروتوكول المتعلق بتحسين الحالة الإنسانية في دارفور المؤرخ أيضا 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2004، حيث تنص أيضا الفقرة العاشرة من الديباجة على أن الأطراف ”تدرك الحاجة إلى الالتزام بالمبادئ الإنسانية المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة وغيره من الصكوك الدولية ذات الصلة“.
    170 - ومما يتسم بالأهمية أن المادة 8 (أ) من اتفاق مركز البعثة بشأن إنشاء وإدارة لجنة وقف إطلاق النار في منطقة دارفور بالسودان المؤرخ 4 حزيران/يونيه 2004 والمبرم بين السودان والاتحاد الأفريقي تنص على أن ”على الاتحاد الأفريقي أن يكفل اضطلاع اللجنة بعملياتها في السودان في احترام تام لمبادئ وقواعد الاتفاقيات الدولية التي تنطبق على سلوك الأفراد العسكريين والدبلوماسيين. وتشمل هذه الاتفاقيات الدولية اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949 والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها المؤرخين 8 حزيران/يونيه 1977 واتفاقية اليونسكو المتعلقة بحماية الملكية الثقافية في حالة نشوب صراع مسلح والمؤرخة 14 أيار/مايو 1954 واتفاقية فيينا المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية والمؤرخة 18 نيسان/أبريل 1961“. (تأكيــد مضاف) وتـمـضـي المادة 9 لتـنـص على أن ”على اللجنة والسودان أن يكفلا بناء عليه إلمام الأفراد العسكريين والمدنيين التابعين لكل منهما إلماما كاملا بمبادئ وقواعد الصكوك الدولية المشار إليها أعلاه“. (تأكيد مضاف)
    171 - ويكشف النصان المذكوران أعلاه بوضوح، وإن يكن بطريقة ضمنية، رغبة الطرفين المتعاقدين في الالتزام بمختلف المعاهدات المتعلقة بالقانون الإنساني، بما في ذلك البروتوكولان الإضافيان، على الرغم من أن هذين البروتوكولين ليسا في حد ذاتهما معاهدتين ملزمتين للسودان.

    باء - القواعد الملزمة للمتمردين
    172 - تمتلك حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، شأنهما شأن كافة المتمردين الذين بلغوا درجة معينة من التنظيم والاستقرار والسيطرة الفعلية على الأرض، شخصية قانونية دولية، وبناء عليه، فهما ملزمتان بقواعد القانون الدولي العرفي ذات الصلة بالصراعات المسلحة الداخلية التي وردت الإشارة إليها أعلاه. وقد ينطبق هذا أيضا على الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية.
    173 - وعلاوة على ذلك، فمثلما استشف قبول حكومة السودان الضمنية بالمبادئ والقواعد الدولية العامة المتعلقة بالقانون الإنساني، يمكن أن يستنتج قبول جماعتي المتمردين بأحكام بعض من الاتفاقات المذكورة أعلاه.
    174 - وإضافة إلى ذلك، تحظى حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بموجب القانون الدولي العرفي بصلاحية إبرام اتفاقات دولية ملزمة (حق التعاقد) وأبرمت مع الحكومة عدة اتفاقات ملزمة دوليا. وتعهد المتمردون في هذه الاتفاقات، في جملة أمور، بالامتثال للقانون الإنساني. وأبرمت الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية مع حكومة السودان في 17 كانون الأول/ديسمبر 2004 اتفاقين أحدهما بشأن إيصال المساعدات الإنسانية وثانيهما بشأن مسائل الأمن في منطقة الحرب. وتعهد الطرفان في هذين الاتفاقين بالإفراج عن أسرى الحرب وتنظيم عملية الإعادة الطوعية للاجئين والمشردين داخليا.

    خامسا - فئات الجرائم الدولية
    175 - قد تندرج الانتهاكات الجسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني ضمن الجرائم الدولية رهنا بالمقتضيات التي حددتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية تاديتش (الطعن التمهيدي) والتي دونت على نطاق واسع في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وبعبارة أخرى، قد تستتبع هذه الانتهاكات مسؤولية جنائية فردية يتحملها مرتكبها أو مرتكبوها. وقد تنطوي أيضا على مسؤولية دولية بالنسبة للدولة أو الكيان الدولي من غير الدول الذي يعتبر مرتكبو تلك الجرائم من موظفيه (أو الذي تصرفوا لصالحه باعتبارهم أجهزة بحكم الواقع) مع ما ينتج عن ذلك من أن الدولة أو الكيان من غير الدول قد يلزم عليه أن يدفع تعويضا لضحايا تلك الانتهاكات.
    176 - ومن الضروري الآن أن نشير بإيجاز إلى مختلف فئات الجرائم التي قد تندرج ضمن عملية التصنيف القانونية هذه.
    177 - جرائم الحرب - يندرج ضمن هذه الفئة من الجرائم الدولية أي انتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي يرتكب خلال صراع مسلح دولي أو داخلي (سواء ضد مدنيين أو مقاتلين أعداء) ويستتبع مسؤولية جنائية فردية يتحملها الشخص الذي انتهك ذلك القانون (انظر قضية تاديتش (الطعن التمهيدي)، الفقرة 94). وتشمل جرائم الحرب على سبيل المثال الهجمات العشوائية على المدنيين، وإساءة معاملة أسرى الحرب أو المعتقلين من المقاتلين الأعداء أو تعذيبهم، واغتصاب المدنيين، واستخدام الأساليب أو الوسائل الحربية غير المشروعة ... إلخ.
    178 - الجرائم ضد الإنسانية - هي جرائم شنيعة بوجه خاص، تشكل اعتداء جسيما على كرامة الإنسان أو إهانة جسيمة لإنسان أو أكثر من إنسان أو حطا من قدره أو من قدرهم (من قبيل القتل، والإبادة، والاسترقاق، والترحيل أو النقل القسري، والتعذيب، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاضطهاد، والاختفاء القسري). وما يميز هذه الفئة من الجرائم عن جرائم الحرب أنها لا تعنى بانتهاكات منعزلة أو متــفـرقة بل تعنــى بانتهاكات (أ) قد تحدث وقت السلام أو وقــت الصــراع المسلــح و (ب) تندرج ضمن ممارسة فظائع (أو اعتداءات) على نطاق واسع أو بصورة منهجية ضد سكان مدنيين.
    179 - وفيما يتعلق بالعنصر الموضوعي أو المادي للجرائم التي هي ضـد الإنسانية، يجدر أولا الإشارة إلى أن ”الاعتداء يجب أن يكون إما واسع النطاق أو منهجيا في طبيعته“( ). كما أن ”الاعتداء وحده، وليس الأفعال الفردية للمتهمين، هو الذي يجب أن يكون ”واسعا في نطاقه أو منهجيا في طبيعته“( ). أما فيما يتعلق بمدلول عبارة ”واسع النطاق“، فقد اعتبرت دائرة ابتدائية تابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في معرض نظرها في قضية كورديتش وسركيز أن ”الجريمة تكون واسعة النطاق أو مرتكبة على نطاق واسع نتيجة أثر تراكمي لسلسلة من الأعمال اللاإنسانية أو أثر واحد ناجم عن عمل لا إنساني يتسم بخطورة غير عادية“( ). ويمكن أن يؤخذ في الاعتبار أيضا عدد الضحايا( ). أما فيما يتعلق بالشرط الذي يقتضي أن يكون الاعتداء ”منهجيا“، فإنه ”يتطلب اتسام الأعمال بطابع منظم وعدم احتمال وقوع تلك الأعمال بصورة عشوائية“( ). أما فيما يتصل بالأعمال التي ينبغي النظر فيها لدى تقييم مدى ”سعة أو منهجية“ العمل، فإن دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة تقول بأن على أي دائرة ابتدائية أن تحدد أولا السكان الذين هم محل الاعتداء وأن تقرر، في ضوء الوسائل والأساليب والموارد وعواقب الاعتداء على السكان، ما إذا كان الاعتداء واسعا في نطاقه أو منهجيا في طبيعته. ويمكن أن تؤخذ في الاعتبار عواقب الاعتداء على السكان المستهدفين، وعدد الضحايا، وطبيعة الأعمال، وإمكانية مشاركة موظفين أو سلطات، أو أي أنماط جرمية قابلة للتحديد، لتبيان ما إذا كان الاعتداء يستوفي أحد أو كلا الشرطين اللازمين ليكون الاعتداء ”واسع النطاق“ أو ”منهجيا“( ). وليس من الضروري لكنه من المهـم ربما إثبات كون الاعتداء نتيجة وجود سياسة أو خطة( ).
    180 - يتكون الركن غير الموضوعي أو القصد الجنائي الذي يُشترط توافره في هذه الفئة من الجرائم من شقين هما: (أ) وجود نية إجرامية أو لا مبالاة لثبوت الجريمة الأصلية (القتل، الإبادة، الاغتصاب، التعذيب وغيرها من الجرائم)؛ و (ب) العلم بأن الجريمة هي جزء من ممارسة منهجية أو واسعة النطاق. وثمة فئة فرعية من الجرائم ضد الإنسانية هي جريمة الاضطهاد على وجه التحديد، وهذه يُشترط لثبوتها كجريمة توفر شرط إضافي آخر هو الركن المعنوي: القصد أو النية على ممارسة الاضطهاد أو التمييز، وبخاصة إخضاع شخص أو جماعة للتمييز وإساءة المعاملة أو المضايقة لأسباب دينية أو عرقية أو سياسية أو إثنية أو قومية أو غير ذلك من الأفعال التي تتسبب في معاناة بالغة أو في أذى شديد لذلك الشخص أو المجموعة (انظر على وجه الخصوص الحكم الذي أصدرته الدائرة الابتدائية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضية زوران كوبريكيتش وآخرون، الصفحات 616-627).
    181 - الإبادة الجماعية: نظرا إلى أن مجلس الأمن في قراره 1564 (2004) قد خص هذه الفئة من الجرائم كي تجري اللجنة تحقيقا خاصا فيما إذا كان يمكن تصنيف الجرائم التي ارتُكبت في دارفور باعتبارها إبادة جماعية، فمن المناسب تكريس فرع خاص أدناه لهذه الجريمة. وفي هذه المرحلة، يكفي القول أن جريمة الإبادة الجماعية، سواء بمقتضى اتفاقية عام 1948 أو قواعد القانون العرفي المناظرة لها تشمل أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا؛ قتل أفراد الجماعة؛ إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛ إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا؛ فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة؛ نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
                  

العنوان الكاتب Date
تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 04:41 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:03 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:09 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:22 AM
        Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:43 AM
          Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:46 AM
            Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:48 AM
              Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:50 AM
                Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:55 AM
                  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 05:57 AM
                    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-15-05, 07:26 AM
  Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام مصدق مصطفى حسين02-16-05, 06:21 AM
    Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-16-05, 06:43 AM
      Re: تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور المقدم إلى الأمين العام peace builder02-19-05, 07:58 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de