الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
رسالة إليه
|
كيف لك أن تتلبس حنايا الروح والجسد.. وتخترق الشرايين... كيف لك أن تطرد الدم الذي يسيل .. كيف تعاند الجاذبيه الأرضية.. وتحلّق في فضاءات الروح... كيف لك أن تزيد بين كل دقّة ودقّة... دقّة... فتتصاعد أنفاسي لأتنشق الهواء.. هذا الهواء! اهو نفس الهواء؟ أم هو شيء آخر... ألم يكن كريهاً نتناً منذ أيام؟ ألم يكن بائساً مؤلماً ؟ ألم يسجنّي في دنياي الواسعه؟ بلى هو...
ولدت وانا احلم بك... ولم أكن ابحث عنك.. كنت أبحث عن ذاتي ... ووجدت بعضاً منها قد استقر عندك... لم أعلم بأني ناقصه كل هذا النقص إلا حين وجدتك.. لم أعلم أن الحروف والكلام، هُراء.. وأن الصمت هو أجمل تعبير يمكن أن يكون...
وجدتك بعد حين.. لم تكن تمتطي جوادك.. ولم تحمل سيفاً حاداً... يفلق خصل الشعر ... كنت هادئاً.. رغم ثورتك.. صابراً رغم طيشك... بعيداً رغم قربك... وسيماً رغم رجولتك.. شجاعاً رغم حدودك.. كنت واقفاً رغم جرحك... ساجداً راكعاً رغم معصيتك... ضاحكاً رغم حزنك.. وكنت أنا أنظر عبرك إلى ما هو وراءك...
وجدتني في تلك الغابة القاتمة السواد .. في نهار أبلج.. ذو شمس حارقه... وجدتني وراء شجرة سنديان ضخمة.. عاشت من العمر عتيّاً... كنت أحفر فيها حروفي وحروفهم... أحضرت لي المداد والقلم لأسطّر المزيد... ووقفت تتفرّج... لم يعجبك خطّي.. ورحت تُعلمني فن الكتابة... تعلمت أن أكتب لهم ببراعه، وكنت تكتب لي في طرف ورقة.. في جيبك الخفي، داخل جاكيته مقلّمه بجانب قلبك....
الصحراء احتضنتني أيضاً.. كنت أعاندها وحدي.. رأسي الحجري الذي لا يفلقه الحجر يظل يعاند كل شيء.. حتى نفسه... كنت أراك سراباً حين يفتك بي العطش... فتنجدني برشفة ماء.. أستعيد بها قوتي ونشاطي وسعادتي.... وتحجّر رأسي... وأعاند الصحراء مرّة أخرى وحدي...
على شاطيء البحر وقفت كثيراً.. لطالما أسرني البحر ... وتراقص موجه أمامي مستفزاً .. ضربته كثيراً بالأحجار حولي... كنت أمنعه من الرقص.. متسلطه جبّاره... مدلله.. وأظن أني سأروّض البحر... في مرّه .. تحديته.. ووقفت أرمقه بنظرات مستفزه... واتخذت وضعية الاستعداد لأقاتله... هم أن يبتلعني.. اقترب منّي...فأتيت أنت كما عودتني.. شراع نجاة في كل الأمكنه والأزمنه...
كنت تطل من بين أوراق الشجر... ورمال الصحراء.. وقطرات ماء تناثرت بعد موج عاتي... كنت تُطل كأب يتفقد ابنته ليلاً قبل النوم.. يتأكد أنها تغطت... ويضع دميتها بجانبها.. ويطبع قبلة على جبينها... ويحدق في وجهها النائم بهدوء... يتراجع ويقفل الباب.. وهو يعاند شق الباب الذي يصغر... علّه يظفر بباقي الوجه الطفولي.. لأنه يعرف أن عليه أن يُغلق الباب ويخرج... وفي الصباح تستيقظ الطفلة لتسير في الصحراء عناداً.. وفي الغابة تيهاً.. وفي المحيط غرقاً...
كيف لك أن تكون كاملاً هكذا مع أنك انسان؟ كيف لك أن يكون جمالك جمالاً.. وقُبحك جمالاً...! كيف يكون السيء عندك رائعاً... والمُنفّر عندك جاذباً.. والبؤس عندك أمل.. والشقاء عندك جنّة.. والفقر لديك غِنى... من أنت؟ من أين أتيت؟ هل يوجد مِثلك آخرون؟ هل تدلني على مدينتكم الفاضلة؟ هل تأخذني معك إليها؟ كانت أسئلتي الحيرى دوماً... وكنت مشغولة بحربي "الدونكيشوتيه" مع الغابة والصحراء والبحر........
سأعود
بنت الحسين
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رسالة إليه | مريم بنت الحسين | 01-16-05, 02:25 PM |
Re: رسالة إليه | ايهاب | 01-17-05, 02:40 AM |
Re: رسالة إليه | Ali Alhalawi | 01-17-05, 08:04 AM |
Re: افئ اليها | shak | 01-17-05, 02:29 PM |
Re: افئ اليها | wadabdean | 01-17-05, 02:42 PM |
Re: رسالة إليه | Yasir Elsharif | 01-17-05, 09:51 PM |
Re: رسالة إليه | مريم بنت الحسين | 01-25-05, 10:28 AM |
Re: رسالة إليه | Mohammed Elhaj | 01-25-05, 10:39 AM |
Re: رسالة إليه | omer almahi | 01-25-05, 12:52 PM |
Re: رسالة إليه | waleed500 | 01-25-05, 01:40 PM |
Re: رسالة إليه | مريم بنت الحسين | 01-26-05, 00:18 AM |
Re: رسالة إليه | نادر | 01-26-05, 02:01 PM |
Re: رسالة إليه | خضر عطا المنان | 01-26-05, 02:29 PM |
Re: رسالة إليه | مريم بنت الحسين | 01-27-05, 02:54 PM |
|
|
|