|
العرب.. ومعركة «الكرامة» الوطنية!
|
العرب.. ومعركة «الكرامة» الوطنية! أحمد الربعي
قرار مجلس الأمن بشأن محاكمة مجرمي دارفور في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لا بد أن ينفذ. وهي حقيقة يجب أن تتعامل معها الحكومة السودانية بعيدا عن العناد، وسواء كان القرار ظالما أو عادلا، فإنه قرار نافذ، وكل ردود الفعل السلبية التي أبدتها الحكومة السودانية لن تغير من هذه الحقيقة. كلما صدر قرار دولي بشأن دولة عربية اشتعلت اسطوانة الحديث عن «الكرامة الوطنية» ورفض «انتهاك السيادة» ويخرج من يقول إننا على استعداد للتضحية بالغالي والنفيس فداءً للوطن، وغير ذلك من الكلام الانفعالي الذي لم يثبت جدواه في حالة واحدة. الحكومات السودانية المتعاقبة وخاصة حكومة الإنقاذ التي قادها حسن الترابي تتحمل المسؤولية بشأن تردي الأوضاع الإنسانية في دارفور، والصمت السوداني ومعه العربي على أطول حرب في العالم طيلة عشرات السنين والتعامل باللامبالاة مع المأساة الإنسانية والجوع والقتل في دارفور هما السبب المباشر لوصول الحال إلى ما هي عليه. في السودان تفرجوا على حريق يشتعل بل وشاركوا فيه، حتى إذا تحرك الضمير الإنساني وتم تدويل القضية بدأت حكاية الكرامة وحكاية انتهاك السيادة، والحديث عن الموت حتى آخر مواطن. الأمر فعله صدام حسين حين استهان بكرامة الإنسان وشن الحروب يمينا وشمالا، ثم عندما صدرت القرارات الدولية استهان بها، وكانت النتائج المعروفة. في لبنان تمت إدارة معركة رئاسة الجمهورية اللبنانية بشكل خاطئ وكانت ممارسة بعيدة عن العمل السياسي الذكي والرفيع وتم ترك الأمر يتدهور، وتم التغاضي عن نصيحة الناصحين ودعاوى التعامل بمسؤولية مع الوضع اللبناني حتى إذا صدر قرار مجلس الأمن وتم تدويل القضية اللبنانية بدأ الحديث عن مؤامرات صهيونية امبريالية وحديث عن كرامة وطنية. القرار بشأن السودان ليس الأول في تاريخ المنظمة الدولية، وكل قرارات محاكمة مجرمي الحرب تم تنفيذها. محاكمات ما بعد الحرب العالمية، محاكمات البوسنة والهرسك وروندا والعراق، والسودان لن يكون استثناءً. مطلوب الخروج من عقلية التحدي التي لا تسندها القوة، والكلام الكبير الذي لا يسنده منطق، ومطلوب التعاون والتعامل مع قرار مجلس الأمن بكثير من الهدوء وبأقل خسائر ممكنة وهذا هو الطريق الوحيد الممكن مهما كان تقيمنا للقرار
|
|
|
|
|
|