|
إتفاقية السلام - و العربة التى تجر الاحصنة !!
|
تم توقيع اتفاقية السلام بين الحكومة و الحركة الشعبية لتحرير السودان قبيل اشهر معدودة. و بدأت في البروز بعد التغييرات في اوجه الحياة السياسية و الاجتماعية علاوة على الاقتصادية بالسودان نتيجة لتلك الاتفاقية و التي ظل ينظر لها الشارع السياسي السوداني بقدرتها على ارساء مفاهيم جديدة و فتحها للباب بكل مصراعيه للتغير السياسي و الاجتماعي خصوصا بعد التغيير الحاد في خطاب الحكومة السياسي. بدأ الكل في الإعداد للمرحلة القادمة و التي عول عليها كثيرا في احداث التغيير الشامل سيما بعد دخول الحركة الشعبية بأيدوليجيتها كشريك في الحكم الشيء الذي يحتم تغيير خارطة التفكير و العمل السياسي و مفهوم الدولة. السودان و منذ وجوده على خارطة الحياة السياسية و التي تشكلت حدودها بفعل إرادة الدول الاستعمارية آنذاك و لم تكن هناك اي إرادة شعبية سودانية ذاتية في رسم تلك الحدود و تحديد الشكل الحالي لخارطة الدولة السودانية، و أعتقد ان في ذلك سبب رئيس للمشاكل و النزاعات الاتى تصاعدت وتيرتها في الفترة الاخيرة كما في دارفور و شرق السودان علاوة على النزاع المزمن في الجنوب . مما زاد تلك الحالة غياب اي تفكير مؤسسي او مفاهيمي للدولة و دورها في ادراة هكذا بلاد ، ذلك بغض النظر عن الايدوليجي الذي يحكم او يدير البلاد فلو كان اسلامي او علماني او مزيج بينهما لم يكن هناك مفهوم عميق و متجذر لمفهوم الدولة يعمل من خلال مؤسسات لها ملامح واضحة و رؤية تستوعب المعطيات ( لمعملتها ) و من ثم استهدافها وفق برنامج علمي مدروس يستبعد الارتجال و (السائية) . بعد توقيع اتفاقية السلام استبشر الجميع خيرا افرادا و منظمات و مجموعات بأمل في الخلاص من الازمات المتكررة و التي قد اضفت سمة من اليأس و الخنوع بنفسية كل سوداني يعيش و يعي معطيات الازمة، و ذلك بسب ارساء الاتفاقية لمفاهيم جديدة للدولة هي تعد افضل بأي حال مما هو موجود على الساحة – ارتكزت تلك القراءة على بعض البنود المضمنة في الاتفاقية و روح الاتفاقية نفسها مما حدا بالكثير جدا من المثقفين بالاندفاع و التفاؤل بان ساعة الخلاص قد اقتربت – الخلاص الاقتصادي بعد فك الاتفاقية للعزلة الدولية للسودان و تبني المجتمع الدولى ممثلا في اجهزته و مؤسساته لخطة تنمية شاملة لدعم الاتفاقية – بلا شك هذا هو الغرض الظاهري و الغرض المستبطن على حد اعتقادي هو المصالح للدول الكبيرة في السودان و اقليمه- اورد هنا بعض النماذج من خطة عمل الامم المتحدة للسودان 2005 و من أراد كامل الخطة يمكن ايجادها على الرابط التالي:
www.unsudanig.org
الفرصة كانت مواتية للسودان بتحقيق تنمية و نهضة اقتصادية شاملة بعد توقيع اتفاق السلام لكن و نسبة لقصور الاتفاقية و عدم طرحها لحلول جذرية لمشاكل السودان الاخرى رغم التصريحات و الوعود المختلفة التي كان يسوقها قياديي الحركة بان الاتفاقية لم تهمل القضايا الاخرى بالسودان و التي يجب حلها معا دون تجزيء لان في ذلك ضمان لمسار الامور على منوال جيد بغية تحقيق النتائج المرجوة فيه سيما التنمية ثم التنمية ثم التنمية... كل التنظيمات السياسية العتيقة و الحديثة التكوين (الموتورة) بفعل المس السياسي، قد سعت لتكريس وجودها و لعب دور ما في المرحلة القادمة مستخدمة نفس الادوات و نمط التفكير و العمل مما ينبيء تماماً بما ستؤول اليه التطورات الا وهي مزيدا من الطين و البلل.. اضف الي ذلك و الذي كان دافعا لي لكتابة هذا المقال قرار مجلس الامن الاخير المتعلق بمحاكمة مسؤولين سودانين بمحاكم خارجية و ردة فعل الحكومة المتوقعة بالرفض الصارم لهكذا قرارات وهذا يشير بشكل رئيس لعدم وضوع الرؤية حتى لدي المجتمع الدولي في وجود منهجية مدروسة و متفق عليها دوليا للتعامل مع قضية السلام في السودان ، فلكل هواه فرنسا ذات الاهواء الغربية – امريكا عرابة السلام في السودان متنازعة بين دورها الدولي و مصالحها فيه مقابل دورها الرئيس و مصالحها الجزئية في اقليم السودان – بريطانيا التي تقف في الصف مباشرة خلف امريكا غير راضية عن دورها الضعيف نسبيا بالمقارنة. لعل القرار سيمس و بشكل جوهري انفاذ اتفاقية السلام وقد يلغيها اذا ما سارت الامور على وتيرة متصاعدة. كان من الجائز ان يشترك كل من الحكومة و الاحزاب السياسية و المجتمع بمختلف مؤسساته بالاضافة للمحتمع الدولى ، كان من المفترض بهم قيادةعربة السلام عبر مساراتها المنطقية لبلوغ بر الامان – لكن الصورة قد اضحت ان اتفاقية السلام ممثلة في بنودها هي التي تحرك الاحداث و ترسمها بدلاً عن العكس و الذي يتمثل في استلهام معاني و مباديء جديدة قائمة على اسس الاتفاقية و تعمل على تطويرها.. لاتحلموا بعالم سعيد.. ونواصل
|
|
|
|
|
|