حول مسألة التعريب في السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 11:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-12-2005, 06:44 AM

أنور أدم
<aأنور أدم
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 2825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حول مسألة التعريب في السودان

    أبّكر آدم إسماعيل ....

    حول مسألة التعريب في السودان
    About Arabization in Sudan
    April 1992






    1 ـ مقدمة

    1 ـ 1 ـ الخلفية التاريخية والتشكل الأيدلوجي :

    إن قضية التعريب، في بلد كالسودان لا يمكن مناقشتها بعلمية إلا داخل سياقها الموضوعي وهو عملية الصراع الثقافي في السودان وتجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقة ذلك كله بالإطار العالمي العام.

    لقد دخلت الثقافة العربية الإسلامية إلي السودان، وظلت تكتسب لها مواقع فيه ضمن ثقافات أخرى خلال قرون عديدة، وهي في ذلك مسنودة بخلفيتها الإمبراطورية من الناحية المادية، ومن الناحية المعنوية بما يعرف بالمد (الحضاري) العربي الإسلامي، الذي من أهدافه بالطبع إعادة إنتاج الآخر داخل السياق الحضاري العربي الإسلامي. هذا النهج الإستتباعي قد يبدو عادياً أيام (المد الحضاري)، ولكنه تحول إلي إشكالية في السودان لأسباب كثيرة منها:

    أ/ أيديولوجيا الأصالة : حيث أدى تفكك وانهيار الحضارة العربية الإسلامية إلي ظهور أيديولوجيات الأصالة، إذ تم خلق زمن قياسي مقدس للثقافة العربية الإسلامية، حيزه الجاهلية وبواكير الإسلام ويمتد عند البعض إلي أيام الدولة العباسية، تعيد الثقافة العربية الإسلامية إنتاج نفسها داخله، وبالتالي أصبحت عملية الإستتباع ليس فقط لواقع حضاري مشكوك في تحضره فحسب، و إنما الإستتباع للماضي أيضاً.

    ب/ عقدة أنصار الثقافة العربية الإسلامية في السودان: هي عقدة النقص[1] تجاه الثقافة العربية الأصل. ذلك لأن أنصار الثقافة العربية الإسلامية في السودان قد ظلوا يتعرضون للتشكيك في عروبتهم، أو علي الأقل يعتبرون عرباً من الدرجة الثالثة، حيث العرب الأصلاء في الجزيرة العربية والشام، والعرب من الدرجة الثانية في مصر والمغرب العربي، والبقية في السودان وموريتانيا والصومال كأتباع للعرب أو عرباً من الدرجة الثالثة فما بعد.

    كان النهج الإستتباعي في بواكير أيام الثقافة العربية الإسلامية في السودان ناعماً Benign لأنه لا يمتلك أدوات التنفيذ – سلطة الدولة تحديداً – ولكنه بدأ يتشدد في أيام ما عرف بالدويلات أو الممالك أو السلطنات (الإسلامية) في أواسط وشمال السودان، وبدأ الصراع الثقافي يأخذ طابعاً جدلياً في شكل مركز وهامش، مركز يمثله ثقافياً واجتماعياً المتبوع = العرب في مقابل هامش يمثله ثقافياً واجتماعيا التابع = السكان الأصليين. هنا برزت إشكالية المركزية المركبة للثقافة العربية الإسلامية في السودان، حيث الواقع الراهن في الوقت المعين للثقافة العربية الإسلامية هو المعيار الذي يعاد علي أساسه إنتاج الثقافات والكيانات الاجتماعية الأخرى داخله إستتباعاً والناتج يعاد إنتاجه مرةً أخرى داخل (الأصل) = المركز المقدس أي الزمن القياسي للثقافة العربية الإسلامية. والنتيجة هي السير إلي الوراء، وعدم الاعتراف بمحصول الواقع الأمر الذي دعانا لوصف الثقافة العربية الإسلامية بالتشدد المركزي في كتابات أخرى[2]. كان ذلك محدود بحدود تلك الدويلات كل علي حده. ولكن بعد تأسيس الدولة الحديثة في السودان مع الحكم التركي المصري عام 1821م، تم تعميم النموذج علي بقية أنحاء السودان. ولأن الدولة الحديثة تمتلك أدوات تنفيذ عالية الكفاءة، فقد برز النهج الإستتباعي للثقافة العربية الإسلامية بشكله السافر. وللظروف التاريخية التي صاحبت تكوين الدولة الحديثة في السودان، فقد صاحب تلك الظروف تكوين قومية عربية في السودان من شتات القبائل العربية والمستعربين، احتلت نخبتها المواقع المتقدمة في كافة المستويات داخل الدولة الحديثة لتشكل المركز الثقافي والاجتماعي المتبوع في مقابل الهامش الثقافي الاجتماعي المستتبع من الكيانات الأخرى في السودان، وورثت الحكم بعد الاستقلال [لتكمل الناقصة] = ما كان يمنعها الاستعمار من فعله وما ينافسها فيه. وبدأت مباشرة في عملية فرض هويتها علي جميع أهل السودان مضاعفةً بعقدة نقصها تجاه العروبة وقد تم خلق خطاب رسمي يعبر عن أيديولوجيا القومية العربية في السودان مؤمّناً لمصالحها المادية وسنداً لسيادتها المعنوية وقمعاً للكيانات الأخرى المستتبعة والمهمشة. هذا الخطاب الرسمي يقوم علي جدلية الاختزال/التعميم، حيث يعبر عن نفسه من خلال إكليشيهات[3] تعبر في الواقع عن مصالح ورغبات وأحلام وتوجهات القومية العربية في السودان وتصور المسألة وكأنها مصالح ورغبات وأحلام (الشعب السوداني) المتعدد الثقافات والأديان والقوميات، فيتم اختزال هذا الشعب في القومية العربية، وتعميم ما هو عربي علي بقية ألوان الطيف الأخرى في مجافاة صريحة للواقع.

    لقد مارس هذا الخطاب وظيفته في مجال التعليم، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية وسيلةً لفرض الهيمنة الثقافية وأيدلوجيا القومية العربية، حيث المحصلة النهائية للتعليم في السودان هي محو وأحياناً إدانة كل ما هو غير عربي وفي أقل الحالات سوءً تهميشه. وفي المقابل جعل كل ما هو عربي مثلاً أعلى. وفي سياق نفس الممارسات تم فرض اللغة العربية لتدريس المناهج ما قبل الجامعية، وجعل النجاح فيها شرطاً لمنح الشهادة، وبالتالي الدخول إلي الجامعة أو التوظف، مما قلل من فرص أبناء الهامش = السودانيين غير العرب وزاد من فرص أبناء القومية العربية، والمسألة الآن واضحة للعيان فزيارة واحدة إلي أي جامعة وخاصة الكليات المفضلة مثل الطب والهندسة تكفي ويمكن الرجوع إلي سجلات امتحانات السودان للمقارنة والتأكد.



    1-2-تعريب المناهج الدراسية الجامعية

    بعد إنجاز الخطوة الأولى، ومواصلة للتوجهات المذكورة سابقا‌ً، بدأت تثار أحاديث كثيرة حول مسألة تعريب المناهج الدراسية الجامعية. والملاحظ هو أن أغلب الذين تناولوا هذا الموضوع كانوا من أنصار التعريب، ومن فصيلة [لا شك في كذا ولا شك في كذا]، وفي تناغم تام وتكرار للمبررات التي تساق مع الغياب الكامل للآراء المعارضة لدعوة التعريب بشكل يدعو للإسترابة. ولكن السبب في تقديرنا، هو أن الذين يملكون زمام أجهزة الإعلام في السودان هم أنصار دعوة التعريب وتكنوقراط الأيدلوجيا الرسمية، مما أدى إلي بروز الخطاب المؤيد = الخطاب الرسمي، وغياب الخطاب الآخر المعارض.

    أمامنا الآن ثلاث أطروحات حول هذا الموضوع وهي :

    أ/ قضية التعريب في الجامعات السودانية للدكتور خالد المبارك[4] .

    ب/ اللغة العربية وإشكالات التحديث للدكتور يوسف الياس[5] .

    ج/ مشكلات تعريب العلوم الطبية للدكتور حسين أبوصالح[6].



    ملاحظات عامة حول هذه الأطروحات :
    · دراسة د. يوسف الياس اتخذت منحىً يبدو حيادياً، وإذا ما انحصر توجهها في قضية الترجمة وضروراتها دون أن تتعداها إلي مسألة التعريب، فأنها بذلك لا تجد منا إلا القبول. مع الانتباه لكونها موضوعة في سياق الخطاب الرسمي الداعي للتعريب كجزء من أساليب المكر الأيديولوجي. وهذا هو السبب الذي دعانا لتناولها بهذا الشكل العرضي.

    يقول د.الياس ، ((…اقتصر الجدل في ميدان التعريب علي (ماذا نعرب ؟ وكيف نعرب ) ولم يشمل السؤال الأساسي لمن نعرب وهو سؤال جوهري ))[7] ونحن نثبت السؤال الأكثر جوهرية لماذا نعرب ؟ ونعتبره السؤال الأهم لأننا نختلف مع دعاة التعريب في السودان من حيث المبدأ. وبذلك تصبح الأسئلة من شاكلة ماذا ؟ وكيف؟ ومن ؟ أسئلة ثانوية.

    · هناك بعض المسلمات التي ينطلق منها د. أبوصالح ود.خالد المبارك وبالرغم من أنهما لم يصرحا بها إلا أن القارئ يجدها تجوس داخل أطروحاتهما وتنبني عليها فرضياتهما وتحليلاتهما بالرغم من أنها محل شك واختلاف، وهي:

    أ‌- أن السودانيين عرب.

    ب- أن اللغة العربية المراد سيادتها هي لغة الأم Mother Tongue بالنسبة للسودانيين.

    في البدء، وتفكيكاً لبنية الخطاب الرسمي نقول، أن إضفاء الألقاب علي الأفعال والأشياء لا يغير من حقيقتها شيئاً. فإذا سمي السودان دولة عربية، ونُعت السودانيون بأنهم عرب والعربية لغتهم، فهذا لا ينهض كحقيقة واقعية وعلمية لمجرد هذه الألقاب والنعوت. والسودانيون هم هؤلاء القاطنون علي امتداد المليون ميل مربع ولنحل المسألة إلي الخريطة الإثنية اللغوية في السودان التي تفيدنا بأن أغلب أهله لهم لغاتهم الخاصة التي تسمي استخفافاً [الرطانات] فعلي سبيل المثال نجد النوبيين في الشمال والبجا في الشرق والفونج والبرتا في جنوب النيل الأزرق، والنوبه في كردفان والفور والزغاوة والمساليت في غرب السودان والدينكا والنوير والشلك في جنوبه، وعدداً كبيراً من مجموعات الفلاته المتوزعين ككتل اجتماعية ثقافية في أنحاء السودان. هذه الأغلبية الساحقة من الناس في السودان لهم لغاتهم الأم الخاصة بهم مع وجود قدر متفاوت من العربية العامية كلغة تخاطب مشتركة Lingua Franca. أما القبائل العربية والمستعربة في وسط وشمال السودان وقبائل البقارة في غربه، فهي تتحدث العامية باختلاف ظاهر من منطقة لأخرى ومن قبيلة لأخرى.

    خلاصة ذلك أن اللغة العربية الرسمية التي يتم الحديث عنها وتقوم دعوات التعريب لأجلها، هي بمعيار الـMother Tongue لغة أخرى يتعلمها غالبية الناس في المدارس، فيجيدها من يجيدها وتستعصي علي من تستعصي مع ملاحظة سهولة تعلمها بالنسبة لأبناء القبائل العربية، في مقابل صعوبتها علي غيرهم.



    2 ـ المنهـج
    هناك سؤال هو:- لماذا لا ندرس أبناء الدينكا بلغة الدينكا و أبناء النوبيين بالغة النوبية؟ وبناء علي المنهج الذي تقوم عليه الإجابة يجب أن نناقش مسألة التعريب.

    الإجابة علي هذا السؤال تفضي في الواقع إلي منهجين متعارضين:

    · المنهج العلمي : هو منهج تحليلي ويبني فرضياته وتحليلاته علي المقدمات الموضوعية والعلل المحققة، ثم الوصول إلي النتائج إستدلالاً دونما تناقض بين السبب والنتيجة.

    · منهج التقرير الأيدلوجي : وهو منهج يضرب بالواقع عرض الحائط ويبني فرضياته علي مسلمات إعتقادية لا يخضعها صاحب هذا المنهج لمبدأ السبب والنتيجة أو لمعيار التحقق. وأهم سمات هذا المنهج في الحوار هو الكيل بمكيالين، حيث يقبل النتيجة إذا تماشت مع أيدلوجية صاحب المنهج ويرفضها إذا لم تتماش معها، حتى لو كانت الأسباب واحدة.

    وقبل أن نسوق الحديث إلي الأمام، نشير إلي أنه من أكبر مشكلات الفكر في السودان ازدواجية المفكرين والخلط المنهجي في الطرح. ولما كان ليس بإمكاننا أن نعزو هذه الازدواجية لقصور معرفي خاصة وسط (الدكاترة)، فإننا نرى أن هناك أسباباً أخرى أهمها:-

    · الالتزام أو التواطؤ الأيدولوجي الذي يلقي بظلاله علي زوايا حيوية في عملية النظر وإعمال الفكر وبالتالي الاتكاء علي مقدمات وفرضيات غير سليمة ومن ثم الاصطدام بالموضوعية.

    · عدم توفر الشجاعة الكافية للإفصاح من قبل البعض، ومحاولات التوفيق وذلك بسبب وجود سلطة مهيمنة موجهة ـ سياسية، دينية، أو اجتماعية.

    نحن نتبنى المنهج الأول. وننطلق من حقيقة أن السودان دولة متعددة الثقافات والأديان والأعراق والأقاليم واللغات وأنه من الأفضل ومن حق أبناء الدينكا أن يدرسوا بلغة الدينكا وأبناء النوبيين باللغة النوبية وأبناء العرب باللغة العربية. وكذلك الجماعات الأخرى. وأنه لا يجوز لأي جهة فرض لغتها أو هويتها علي الآخرين. التزاما بمبدأ التعايش السلمي. وإذا ما اقتضت ظروف معينة كأن يكون فرعاً من فروع العلم يتم إنتاجه بلغة من اللغات أو أن يكون هناك تفضيل مثل أن يقرأ القرآن باللغة العربية (التزاماً بمتنه الأصلي) فلا مانع من أن توفر الدولة وسائل لتعلم اللغة المعينة اختياريا مع التزامنا بمبدأ دعوة أبناء السودان للتعلم الاختياري للغات الكبرى في العالم من أجل التحصيل المباشر للمعرفة التي لا نملكها وللتواصل الإنساني مع الشعوب الأخرى بمن فيهم العرب.


    3- مناقشة خطاب التعريب


    3-1 – أطروحة د.أبوصالح:

    نناقش هنا مقدمات ومنطلقات د.أبوصالح، وهي مثال للالتزام الأيدلوجي. وبالرغم من أنها تنحى منحى العمومية ـ أي حقلها العالم العربي كله ـ إلا أن ما يهمنا هنا هو واقع السودان باعتباره جزءًا تنطبق عليه الأطروحة قصداً. والتي يبدأ الدكتور فيها بمقدمة تاريخية قائلاً: ((…هل هناك طب عربي؟ وهل هناك كتاب طب عربي؟ نعم، عندما أخذ الإسلام مشعل الحضارة، كانت العربية هي لغة الحضارة، ارتقت العلوم ومن بينها العلوم الطبية. إن الطب الذي ارتقى في عهد الإغريق قد ارتقي وتتطور أيضاً علي أيدي العرب والمسلمين الذين حملوا الراية إلي عهد ليس بالبعيد، بل علي مشارف الطب الحديث …وإن أسماء الأطباء في ذلك العهد البعيد تملأ مجلداً .))[8]

    أولاً:- هذا الكلام يكشف بوضوح الأيدلوجية التي ينطلق منها د. ابوصالح وهي أيديولوجيا الأصالة ذات الخطاب الإنشائي الذي يشيد نفسه علي التغني بأمجاد الماضي ـ ماضي العرب والمسلمين ـ ويتخذ من هذا التمجيد برهاناً نظرياً لدعوته ومن ثم القفز فوق الحاضر وتصور المستقبل في شاكلة الماضي.

    ثانياً:- إن كلمة المسلمين التي أضافها د.أبوصالح لكلمة العرب بواو العطف، لا علاقة لها بموضوع التعريب لان العطف وفق قوانين اللغة يعني أن هؤلاء المسلمين غير العرب. وبالتالي حتى لو طوروا الطب أو لم يطوروه فإن ذلك لا علاقة له باللغة العربية المراد تسييدها الآن.

    ثالثاً :- لاحظ الخطاب الدعائي في عبارة (إن أسماء الأطباء في ذلك العهد البعيد تملأ مجلداً). هذا نوع من أنواع المبالغة التي تجافي الموضوعية. فما الفائدة العلمية من هذا القول؟

    ثم يقول د. أبوصالح ((… لقد طور العرب علم التشريح والصيدلة، والتراث الطبي يملأ مجلدات كثيرة، ولعل من أول واجبات العاملين علي نهضة العالم العربي هو نشر ذلك التراث حتى يكون في متناول الجميع ))[9] ونحن نسأل: ماذا سنفعل بهذا التراث ؟ وماذا سيفعل العرب أنفسهم به؟ ود.ابوصالح نفسه يعترف بان هذا التراث قد توقف فعله علي مشارف الطب الحديث وبذلك قرر أمرين هامين:

    أ/ أن هناك طب قديم وآخر حديث.

    ب/ أن القطيعة قد تمت بين القديم والحديث في الطب.

    لذلك لا نظن أن دعوة أبو صالح ستجد الاستجابة من أنصار نهضة العالم العربي، لأن النهضة تقوم علي العلم وليس تاريخ العلم.

    وفي مدخل موضوعه يقول: ((…أما الدول التي تدرّس بغير لغاتها فهي تلك التي كانت تحت سيطرة الدول الاستعمارية، إذ أن الاستعمار لم يكن استعمارا سياسياً واقتصادياً فحسب، بل كان استعماراً ثقافياً وفكرياً . لهذا حاول جاهدا تغيير اللغات القومية واستبدالها بلغة المستعمر.))[10]

    مسألة الاستعمار هذه، لابد من وضعها في الإطار الصحيح كما هي في الواقع وليس كما يثيرها البعض بغرض إلهاب المشاعر وتهيئة الجو لمنطق (جملةً وتفصيلاً) الذي سيكون أول الخاسرين فيه مثيرو المسألة.

    الاستعمار –جوهرياً – ظاهرة متكررة في التاريخ البشري، وبالرغم من أنه مصطلح حديث إلا أن دلالته في الواقع تماثل أحداثاً أخري في القرون الماضية، مثل الفتوحات العربية الإسلامية وحملات الاسكندر الأكبر. فعندما بدأت جيوش الغرب في الزحف نحو أجزاء العالم الأخرى كانت ترفع راية نقل الحضارة إلي أولئك (البدائيين) وكان ذلك ستاراً لأهداف أخرى هي:

    1- السيطرة علي موارد المواد الخام.

    2- فتح أسواق جديدة لمنتجات النهضة الصناعية، وهذا يماثل بدرجة كبيرة الفتوحات الإسلامية في القرون السابقة، حيث بدأت الجيوش زحفها تحت راية لا إله إلا الله، ولكن ذلك كان ستاراً للبعض للاستيلاء علي ارض الشعوب التي تحولت إلي غنائم والشعوب إلي عبيد وسبايا. وإذا أصر د.أبو صالح وأنصار التعريب في السودان علي هذه الحجة، فأننا بنفس المعيار نقول أن التعريب في السودان هو استعمار فكري وثقافي وسياسي لغالبية أهل السودان.

    ولكن زمن الفتوحات قد ولى، والدول الآن في مرحلة البناء الوطني تحتاج إلي كل ما هو إيجابي والتخلص من كل ما هو سلبي. و هذا يحتاج إلي وضوح الرؤية والمعيار الصحيح. وبنفس المعيار الذي قبلنا به لغة الدكتور أبوصالح وحضارته وقبل به د.أبو صالح بقاء السكة الحديد والسيارة والطائرة بدلاً من (سفينة الصحراء)، والكلوروكوين بدلاً من (القرض) واستعمال البدلة والكرفتة بدلاً من الجلباب، وكل ذلك من إنتاج الاستعمار، فلماذا لا يستعمل اللغة للتواصل الإنساني والوصول المباشر إلي معرفة لا يملكها بدلاً من تعريج الطريق بغير ضرورة موضوعية؟

    هناك مقولات مثل ((…اعتقد الكثير من الأطباء العرب أنه لا يمكن دراسة الطب إلا باللغات الأجنبية ..))[11] هذا الخبر لا يكون صحيحاً إلا إذا أضيفت إليه عبارة مثل (في الوقت الراهن)، ونحسب أن د.أبو صالح كان مغرضاً عندما صاغ الخبر بهذه الطريقة، ليظهر اعتقاد الأطباء المذكورين بغير مبرر، صحيح كان أم خطأ، ليحرم هذا الاعتقاد من أبجدية الدفاع عن النفس. والحقيقة هي أن أي اعتقاد يقوم علي مبرر حتى لو كان من شاكلة (في الوقت الراهن) ونحسب أن الدكتور يريد الوصول إلي نتيجة في قمة المنطق و لكنها مبنية علي مقدمات غير صحيحة، إذ يقول (( …إذا كان بإمكان الطالب العربي أن يدرس الطب بأي لغة، فما باله لا يستطيع الدراسة بالعربية!!))[12] فالتساؤل بهذه الصيغة في حد ذاته خطأ لأن أحدا لم يقل شيئاً مطابقاً لذلك المعني. وخلاصة النقاش في هذه النقطة هي أن هذا نوع من أنواع الفساد الفكري والتدليس، حيث يتم خلق مقدمات غير صحيحة – والكاتب يعلم أنها غير صحيحة – للوصول إلي نتيجة موضوعة مسبقاً. هذه حيلة كثيراً ما تنطلي علي غير المدققين.

    ثم يصل د.أبو صالح إلي ((…أنه من المنطقي أن الفهم والاستيعاب والتفكير والكتابة والمناقشة تكون سهلة إذا تحدث المرء بلغته ))[13] هذا الكلام صحيح، ولكننا إذا أردنا تطبيق هذا القول ليكون مبرراً للتعريب في السودان فلابد من تحقق شرطين:-

    أ/ أن يكون الغرض هو سهولة الاستيعاب و التفكير ..إلخ.

    ب/ أن تكون اللغة المراد سيادتها هي لغة السودانيين بنسب حقيقي، وهذا يعني أنه من المنطق أن ندرس الفور بلغة الفور والدينكا بلغة الدينكا والنوبيين باللغة النوبية وهكذا ما دامت المسألة ترجمة المعارف بأي ثمن فلنفوّر ولننوّب المعارف مثل ما هي تعرّب.



    3-2-أطروحة د.خالد المبارك

    هذه الأطروحة ستكون محوراً لنقاشنا، وقد تم هذا الاختيار للأسباب التالية:-

    أ/ أن د.خالد المبارك يقف في مكان ما أقرب إلى الموضوعية من أنصار دعوة التعريب الآخرين، بالتالي فإن نقدنا لحججه يعني تلقائياً سد الطريق أمام المتطرفين.

    ب/ أنه قد طرح أفكاره في محاورة صحفية وهذا الشكل يعطي فرصة لشرح وتوضيح الحجج بصورة كافية بحيث لا يكون هناك مجال للتأويل والمغالطة، ولجمهرة عريضة من الناس يتشكل وعيهم من خلال هذه الأفكار.

    يبدأ الدكتور خالد المبارك من النقطة التي انتهينا عندها مع د.أبو صالح ويشرح وجهة نظره حول أسباب الاتجاه للتعريب قائلاً: ((… أولها موضوع المستويات إذ أنه من الثابت علمياً أن الطلاب يستوعبون افضل إذا درسوا بلغتهم أما الطلاب الذين يدرسون بغير لغتهم فانهم يبذلون مجهوداً للتغلب علي مصاعب اللغة ثم يلي ذلك استيعاب المعرفة نفسها بصورة جيدة في المرحلة التالية..))[14] هذا تقريباً ما قاله د.أبو صالح و بالتالي ينطبق الرد. ومن الملاحظ أن د.خالد المبارك يتبنى المنهج العلمي علنياً بقوله (من الثابت علمياً)، ولكنه مع الأسف يبدأ بعد ذلك مباشرة في عملية الإطاحة بذلك المنهج وترك الموضوعية جانباً إذ يقو: ((…هناك عامل آخر هو تعريب المناهج دون الجامعية، الملاحظ أن مستوى اللغة الإنجليزية قد انخفض انخفاضا كبيراً مما جعل الجامعة تقف أمام خيارين لا ثالث لهما للمحافظة علي المستوى، أولهما إما تعريب المناهج أو ثانيهما أن يظل التدريس باللغة الإنجليزية وبالتالي يظل مستوى الطلاب في هبوط ..))[15] . وهذا تهافت ظاهر فالخيارات ليست اثنين لا ثالث لهما كما ذكر انطلاقا من مبدأ السبب والنتيجة، فهناك :

    أ/ إعادة النظر في تعريب المناهج دون الجامعية.

    ب/تحسين مستوى الإنجليزية في الثانوية.

    ج/ تحسين مستوى الإنجليزية في الجامعة.

    ود.خالد المبارك يعلم أن كل تلك الخيارات ممكنة علمياً وبتكاليف أقل من التعريب، لتجاوز انخفاض مستوى الإنجليزية وبالتالي مسألة هبوط المستويات، ولكنه يستبعدها لا لأسباب موضوعية علمية، وإنما لشيء في نفسه.

    ويمضي د.خالد شارحاً الموقف –حسب رأيه – قائلاً : ((…التفاعل في الأسئلة والأجوبة ضعيف للغاية ويعزي هذا الأمر إلي الضعف في مقدرتهم الإنجليزية ، وبالتالي العجز عن استعمال المراجع وهم يلجأون إلي الحفظ … -ويخلص إلي القول – فالخسارة في التدريس باللغة الإنجليزية لا تنحصر في عدم المقدرة علي الاستيعاب إنما تتعدي ذلك إلي أنها تسلب الطلاب المقدرة علي الابتكار ومعالجة المواضيع وهذا لب التعليم الجامعي ))[16]

    أولاً :- لا نحسب أن مستوى الطلاب قد وصل إلي عدم المقدرة علي الاستيعاب كما ذكر، وكان يمكن أن يكون موضوعياً ويقول صعوبة الاستيعاب.

    ثانياً:- أن مشكلة الحفظ فهي بالدرجة الأولي ترجع إلي منهج يتعلمه الطالب في مراحل التعليم دون الجامعي، وذلك بسبب حرص الكثير من الطلاب واعتقادهم بأن الحفظ يضمن لهم الدرجات الكاملة لإجابات أسئلة الامتحان وكما هو معروف فإن بعض الطلاب في الثانوية يقومون بحفظ مقرر التاريخ والأحياء مثلاً، وبذلك يصبح الحفظ عادة يواصلها الطالب في الجامعة. لذلك فإن مشكلة الحفظ المذكورة لا ترجع إلي اللغة عربية كانت أم إنجليزية في المقام الأول.

    ويواصل د.خالد المبارك قائلاً ((… التعريب يعتبر قضية حضارية لكوننا نمر بمرحلة صحوة حضارة عربية إسلامية، فإن لغتنا لابد أن تسترد كرامتها وثقة أبنائها ))[17]

    أولاً : يكشف د.خالد المبارك هنا عن أيدولوجيته بوضوح. ولكن، ما هو مفهوم الحضارة عند د.خالد المبارك حتى تكون لجملة (صحوة حضارية) دلالتها وبالتالي الضرورة للتعريب انطلاقاً من مفهوم الحضارة ؟

    ثانياً :- من هم المقصودين بالضمير (نا) في لغتنا؟ د.خالد المبارك ومن ؟ وما دام المقام هو مقام التعريب في السودان، فإنه قبل معالجة الشكوك في علاقة النسب بين اللغة العربية المراد سيادتها والسودانيين، فإن دعوة التعريب تجد نفسها هكذا مضطرة للتقرير الأيدلوجي والاستناد علي إلهاب المشاعر بألفاظ مثل (تسترد كرامتها).

    بعد ذلك يضيف أن التعريب ((…نادت به هيئات الأساتذة واتحادات الطلاب ومختلف المنظمات السياسية ))[18] كمطلب سابق للاستقلال. ونحن نسأل: ما الذي يجعل المناداة مبرراً ؟ أليست هي نفسها تحتاج إلي تبرير؟ وعندما يتحدث عن العقبات التي واجهت تلك المناداة يقول: ((… أما بالنسبة للاخوة الجنوبيين فإن معرفتهم الآن باللغة العربية تختلف عن معرفتهم عام 1956م ، كما أن جامعة الخرطوم لم تعد الجامعة الوحيدة في السودان فهناك خيار، ففي جامعة جوبا متسع للطالب الذي لا يجيد اللغة العربية إطلاقاً.))[19].

    إن المتأمل لهذا الكلام لا يصاب بالدهشة فحسب، إنما بالحزن العميق لما يمكن أن يسببه مثل هذا النوع من الأفكار من مشكلات في بلد كالسودان أهم حقيقة فيه هي التعدد والتنوع. نحن نسأل د.خالد المبارك وأنصار فكرته: لماذا لا يذهب الطلاب الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية إلي جامعة القاهرة الفرع أو جامعة أمد رمان الإسلامية؟ أليس هناك متسع أم أن المسألة فيها خيار وفقوس؟؟

    ثم يناقش بعد ذلك المسائل الفنية مثل وحدات الترجمة والمدى الزمني. وليس ذلك من اهتمامنا في هذه المناقشة لأننا إذا لم نتفق علي (لماذا؟) فلن تكون الإجابة علي (كيف ؟) و(متى؟) مبررا.

    ويتصدى د.خالد المبارك للدفاع عن اللغة العربية قائلاً: (( .. إن اللغة العربية كانت لغة حضارة مزدهرة تمكنت من تغطية كل أوجه تلك الحضارة، وأثرت نفسها بالاستعارة من اللغات الأخرى ولم تمت إطلاقا، بل أن لغة القرآن غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها.))[20].

    وهذا نموذج لازدواجية الفكر والخلط المنهجي. ففي صدر المقولة يتعامل مع اللغة ويفسر مقدرتها وتطورها انطلاقا من المنهج العلمي الذي يسلم بأن اللغة ظاهرة اجتماعية تؤثر وتتأثر وتتغير لتساير حركة المجتمع كانعكاس لهذه الحركة وضمن تلك العملية تتم عمليات الاستعارة والاغتناء. هذا هو التفسير العلمي الصحيح ولكن الدكتور يقع في التناقض مباشرة باتباعه القول : ((.. إن لغة القرآن، غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها)) !! فإذا كانت هذه اللغة غنية وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي (إذا صح هذا فإنه يكفي علميا ) ولكنه يحاول إلباس اللغة ثوب القداسة لتصبح العملية كالآتي: ( بما أنها لغة القرآن: إذن هي قادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها) و بذلك يتم التخلي عن المنهج الأول، واللجوء إلي التقرير الأيديولوجي، فيقع الخلط المنهجي والتناقض في دلالات الكلام. بعد أن أكمل الدكتور حججه، استدرك قائلا ((… إن الدعوة للانحياز للغة العربية لا تعني معاداة المعرفة الوافدة من خارج الحدود.))[21] .ولكننا قبل أن نصدقه فإننا نطالب دعاة التعريب في السودان بمراعاة الحقائق التالية:

    أ/ أن المعرفة يجب أن لا تخضع لمعيار الحدود حتى لا تتم عملية الإيسار لغث المحلي، والإعسار علي سمين القادم من الخارج.

    ب/ أن أغلب المعارف يفد من الخارج.

    ج/ أن المعرفة لا يمكن أن تفد إلا من خلال تلك اللغات التي يتم الانحياز للعربية ضدها.

    د/ أن دعوة الانحياز للغة العربية المبنية علي المبررات الأيدلوجية لا يمكنها تجاوز عدائها المتضمن في إيديولوجيا الأصالة لما هو وافد.

    وبناء علي هذه الحقائق، وحتى يكون كلام د.خالد المبارك صحيحا، فلابد من استبعاد المبررات المبنية علي أيدلوجيا الأصالة في حديثه السابق، ولكن ذلك سيطيح بآخر متكأ لدعوته.

    ثم يطالب د.خالد المبارك بعد ذلك ((…بإيجاد الوسائل لتحسين تدريس اللغة الإنجليزية والانفتاح علي اللغات الأخرى ))[22] . هذه الدعوة نؤيدها، والتي لو تمت ستؤدي إلي ارتفاع مستوى الإنجليزية واللغات الأخرى ،وبالتالي انتفاء أهم الأسباب التي ظل يسوقها لتبرير دعوته للتعريب، مثل صعوبة الاستيعاب وهبوط المستوى و.. و…إلخ.

    ولكن إذا تم التعريب، فكيف سيتم تنفيذ هذه المطالبة ولماذا؟ علماً بأن الدكتور – في فقرة سابقة – يعزو ضعف الإنجليزية لتعريب المناهج دون الجامعية. ثم إذا عربت المناهج الجامعية فماذا سنفعل بهذه اللغات؟ فهل هناك لغة مجردة أي خارج عملية الممارسة ؟؟

    ويختتم الدكتور حديثه قائلا ((…بهذا المفهوم فالدعوة للتعريب ليست دعوة للتعصب والتقوقع بقدر ما أنها دعوة لسيادة اللغة في دارها مع احترامنا للغات الأخرى ومنجزاتها ))[23]. السؤال هو ما الذي دعا الدكتور لإيراد هذا النفي ؟ الإجابة أن هناك شبهة تعصب أحسها الدكتور في حديثه، وإلا فلا تكون هناك حاجة لمثل هذا النفي. أما الركض وراء هدف مثل (سيادة لغة) بالمجان هكذا دونما إنتاج مصاحب من العلم والمعرفة، فهذا هو التعصب بالتأكيد، مع التأكيد مرة أخرى علي شبهة الدار الكبيرة بالنسبة للغة العربية في السودان.

    خلاصة مناقشتنا لأطروحتي الدكتورين، أن دعوة التعريب في السودان لا تستند علي مبررات موضوعية أو علمية ولكنها تتكئ علي تقريرات أيديولوجية. وهذا يقودنا لمناقشة الأيديولوجيا التي ينطلق منها دعاة التعريب في السودان لما لها من آثار في حياتنا.



    4 ـ أيديولوجيا الأصالة

    تعريف الأيديولوجيا:- هي كما يعرفها د.نعمان الخطيب ((مجموعة من الأفكار الأساسية التي تنبثق من العقائد والقيم المتصلة بتراث حضاري معين، لتصور بصفة شاملة ما هو كائن وما سيكون ، وترسم بذلك حركة الجماعة السياسية وتحدد ملامح أهدافها ))[24] أما بولانتزاس فيقول ((..لا تتكون الأيديولوجيا من منظومة من الأفكار والتصورات فحسب ، بل تنصب علي سلسلة من الممارسات المادية والأعراف والعادات وأسلوب الحياة ، وتختلط كالأسمنت مع بنية مجموع الممارسات الاجتماعية بما فيها الممارسات السياسية والاقتصادية. وتلعب الروابط الأيدلوجية دوراً جوهرياً في تأسيس روابط الملكية الاقتصادية والتملك، وفي تقسيم العمل الاجتماعي داخل علاقات الإنتاج. كما لا تستطيع الدولة إعادة إنتاج وتوطيد السيطرة السياسية بالقمع والعنف العاري لوحدهما، و إنما تستعين بالأيدلوجيا لإضفاء الشرعية علي العنف …))[25] . ويمكننا أن نعرفها بأنها مجموعة من الأفكار المشتركة لجماعة ما وظيفتها تبرير ممارسات ومصالح هذه الجماعة المادية أو المعنوية أو الاثنين معاً في حلبة الصراع الاجتماعي.

    وما يعنينا في هذا المقام هو منهج التقرير الأيدلوجي في الخطاب وفي الحوار حول القضايا، حيث تطرح مجموعة من الأفكار والتصورات لتبرير ممارسات بالاستناد علي (مسلمات) اعتقادية مشكوك في صحتها أو هي علي الأقل محل اختلاف ويتم صنع (المنطق) من خلال ألعوبة القفز فوق عناصر الشكوك والاختلاف، وبالإجراء المعكوس بتقرير الإجابة أولاً ثم يتم البحث عن مبررات منتقاة، والمبررات الأيديولوجية غالباً ما تعطي الأولوية للمشاعر علي الموضوع.

    وما دمنا بصدد التعريب في السودان، فإن دعاته يمكن تصنيفهم من منطلق آرائهم تحت لواء أيديولوجيا الأصالة و هي أيديولوجية نشطة هذه الأيام وتصوغ مبرراتها انطلاقا من الدين والقومية العربية مثال لذلك مقدمات د.أبو صالح وقول د.خالد المبارك ((إن لغة القرآن غنية بالمفردات وقادرة علي استيعاب كل تطور يأتي باتجاهها )).



    اللغة والدين

    ما هي حقيقة اللغة ؟ يقول د.طه حسين (( … نفهم انه لا يبدل وحي السماء، ولكننا نعلم أن اللغة ليست من وحي السماء إنما هي ظاهرة من ظواهر الاجتماع الإنساني ))[26] بهذا الفهم فإن اللغة ـ أية لغة ـ تستمد قوة بقائها وتطورها ومقدرتها من الإجتماع الإنساني، وليس من وحي السماء، لذلك فإن نسب اللغة إلي وحي السماء لا يضيف إليها قيمة علمية.



    اللغة والقومية

    ما دمنا بصدد التعريب ، فإن النقاش يحيل نفسه إلي حيز القومية العربية ، حيث الدعوة تستند بقدر كبير علي أيدلوجيا الأصالة . ونحن نسلم بأنه لا يجوز لأحد أن يفرض قوميته أو لغته أو هويته علي الآخرين. و من حق العرب أن يدافعوا عن قوميتهم ولغتهم وهويتهم، ولكن ذلك لا يعطيهم الحق في فرضها علي الآخرين في السودان. ولكن ما هو مصدر هذه الأيديولوجيا ـ الأصالة؟ ولماذا أصبح أصحابها القوميين والدينيين في العالم العربي والسودان هم الأكثر إثارة لهذا الموضوع، و ما هو تفسير نمو أيديولوجيا الأصالة ؟

    يقول د.طه حسين : (( .. إن الأمم إذا اضطرتها صروف الحياة أن تنزل عن مجدها وتنحط عن مكانتها العالية ، فتخضع لخطوب الدهر حيناً وتنام عن العزة والسلطان ، ثم استفاقت من هذا النوم ، وتنبهت بعد الغفلة ، فأول شعور تجده في نفسها إنما هو الشعور بهذا المجد القديم، والحاجة إلي إجلال أصحابه وإكبارهم واتخاذهم مثلاً عليا ،الشيء الذي يقف عائقا أمام البحث العلمي الصحيح .. ))[27] .

    هذا التفسير ينطبق كلياً علي أيدلوجيا الأصالة ودعواتها الدينية والقومية التي تبتي نفسها بالتغني بأمجاد الماضي. وبهذا الفهم فإننا نرى أنصار دعوة التعريب التي هي إحدى إفرازات أيدلوجيا الأصالة، نراهم يسيرون إلي الوراء ولكنهم يخفون حالتهم وراء الألفاظ مثل صحوة حضارية ونهضة..إلخ . هذا بالإضافة لما ذكرناه عن عقدة النقص لدى (الأصالويين ) في السودان.

    ملاحظات تاريخية

    أ/ الملاحظ في تاريخ البشرية أن قيادة زمام الحضارة ظلت تنتقل من شعب إلي آخر فمثلا كانت للإغريق ، فلما بدأت الثقافة الإغريقية في الاضمحلال والركود نشطت الثقافة الرومانية واستوعبت الإغريق وطورت ما أنجزوه، ثم جاء العرب والمسلمون بعد ركود الرومان وطوروا وأنجزوا وقادوا الحضارة وعندما بدأت الثقافة العربية الإسلامية في الاضمحلال والركود تزامن ذلك مع نشاط الثقافة الأوروبية أو ما عرف لاحقاً بالغرب، وفي عصر النهضة ترجم الغرب من ضمن ما ترجم، ما أنجزه العرب والمسلمون ، وقاد الحضارة وما زال. الملاحظ أن الترجمة في أغلب ذلك كان الهدف الأول منها هو المعرفة وليس سيادة لغة. والملاحظ أيضاً تزامن عهود الترجمة الكبرى مع التغيرات الحضارية في العلم، حيث سقوط حضارات و صعود أخرى. والنتيجة، أن الترجمة من ثقافات الشعوب القائدة للحضارة وهي في قمة نشاطها، لا يجنب التبعية بل يكرسها عندما لا يكون هناك إنتاجا موازيا للعلوم والمعارف من قبل الشعوب الناقلة. لذلك فالذين يعتقدون أن التعريب يجنب التبعية واهمون. فالتعريب حسب رأينا يكرس التبعية لسببين:

    الأول بسبب إضاعة وقت ثمين في مسألة تقنيات الترجمة التي تكون غايتها الإخلاص للغة وليس للمعرفة. خاصة إذا وضعنا في الاعتبار إشكالات اللغة العربية نفسها فيما ذكره عنها د.محمد عابد الجابري[28] في تكوين العقل العربي ود.محمد أركون في مقدمة كتابه الفكر العربي[29] .

    والسبب الثاني هو خلق وساطات = المترجمين الذين يصبحون طبقة جديدة تتحكم معرفياً في مصير الشعوب التي تحتاج إلي المعرفة في إطار تجددها ونتائجها وبذلك تصبح التبعية مركبة:

    أ/ تبعية داخلية، حيث يخضع المترجمون المعرفة لمزاجهم وظروفهم وأيديولوجياتهم.

    ب/ تبعية خارجية لأن الترجمة تأتي دائما متأخرة عن حركة المعرفة ولا تنتهي هذه التبعية إلا بالإنتاج أو توقف حركة المعرفة في الخارج وهذا ليس متصوراً في الأفق المنظور.



    5- رؤيتنا للمسألة

    الحضارة : Every physical point tends to reach its minimum state of energy. أي أن الأشياء دائمة النزوع نحو مستوى طاقتها الأدنى وهو القانون الطبيعي الأول الذي يتم الانطلاق منه لتفسير الحركة (الانتقال ، التغير ، التطور). والمعرفة التي تشكل الفعل الذي يحور الأشياء لتكون النتيجة حصول الإنسان علي حاجته في أقرب وقت وبأقل جهد ممكن ضمن حقل

    ثقافي /اجتماعي/تاريخي هذا أبسط تعريف للحضارة وهي بهذا المعنى حركة في الزمان والمكان تنمو وتتطور باستمرار وتأخذ وتعطي بمقدار الاقتراب منها. والفكر أو الفعل أو الشيء الحضاري هو للإنسانية جمعاء والخصوصيات لا تغير من حقيقته شيئا.

    ولما كانت الثقافة هي الكل المركب الذي يشمل الأفكار والعقائد والعادات والتقاليد وأنماط السلوك والمؤسسات = جدلية المعرفة / الواقع، فإن الحضارة هي شئ داخل هذه الثقافة مؤسس علي العلم وخاضع لمعيار الإيجابية = جدلية العلم / الواقع.

    البعد الحضاري

    نقصد به علاقة الأخذ والعطاء المؤسسة علي العلم وإيجابية القصد وهو المعيار الذي نقيس به الفكر أو الفعل أو الشيء لنضعه في مفكرة المستقبل استعارة أو تسليفاً.

    الواقع هو أن منجزات العلم قد شيدت حضارة عظيمة واصبح كم المعارف كبيرا . هذا الكم هو الصانع لحركة الحياة. و بالرغم من ما يشوب العالم من صراعات إلا أن هناك نزوع نحو السلم والتعارف والتعاون بين الشعوب ومع نمو وتطور وسائل الاتصال أصبح العالم قرية. وفي مثل هذا الواقع لابد من إعادة النظر في التصورات المغلقة ونبذ التعصب القومي والديني والتعامل بمعيار البعد الحضاري. لان حركة الحياة لا تنظر لإرضاء غرور أحد.



    نموذج تطبيقي لما أسميناه بمعيار البعد الحضاري

    نبدأ بالإجابة علي سؤال طرحناه سابقاً وهو : لماذا لا ندرس أبناء الدينكا بلغة الدينكا وأبناء النوبيين باللغة النوبية من الابتدائية وإلي الجامعة ؟ . طبعا هذا هو الطبيعي وهو ممكن وبأسباب أقوي وحجج من تلك التي يسوقها دعاة التعريب . ولكن لاسباب تاريخية دخلت اللغة العربية إلي السودان كما دخلت الإنجليزية وتم استيعابها بشكل ما ، ونحن الآن عندما نعلن قبولنا لها ( دون التخلي عن لغتي الدينكا والنوبيين فإن ذلك يكون بمعيار البعد الحضاري لسببين:

    الأول / لأنها تحمل بعض المعارف الجديدة لأهل السودان.

    والثاني / لأنها تشكل جسراً للتواصل الإنساني مع أناس آخرين في العالم أسمهم العرب ، طول ما كانت تقدم إلينا اختياراً، وفي حدود هذين السببين المذكورين.

    نفس هذا المعيار نطبقه علي اللغات الأجنبية الأخرى ومادام يطالبنا دعاة التعريب بأن نترك ـ ونحن غالبية السودانيين ـ لغاتنا = (رطاناتنا كما يسمونها استخفافاً) ونتعلم اللغة العربية، فلماذا يطالبوننا بأن نتعصب معهم ضد اللغات الأخرى مثل الإنجليزية ونحن في حاجة إليها أكثر من اللغة العربية ؟ هنا لابد من الإشارة إلي الآتي:

    أ/ إذا كان هناك صراع بين دعاة العروبة كخصوصية والغرب كخصوصية، فنحن غالبية السودانيين لسنا طرفاً في هذا الصراع؛

    ب/ أننا نتعامل مع اللغات الأجنبية بما فيها اللغة العربية ـ بالنسبة لغالبية السودانيين ـ بحياد تام ولا يكون انحيازنا للغة ما إلا بمعيار البعد الحضاري.



    التعريب والترجمة

    نرى أنه لابد من التفريق بين مصطلحي الترجمة والتعريب.

    الترجمة: هي عملية لا علاقة لها بمناهج التدريس، بل هي عملية أزلية تحدث في جميع اللغات لضرورات يمليها واقع معين هو محدودية إمكانية تعلم اللغات. أي أن الفرد حتى الوقت الراهن لا يمكنه إجادة كل اللغات الموجودة في العالم اليوم، وهناك الكثيرين لا تمكنهم ظروفهم من تعلم وإجادة اكثر من لغة واحدة، وهم لذلك محتاجون لمن يترجم لهم إلي اللغة إالتي لا يجيدون غيرها.

    التعريب: أما التعريب ـ حسب ما هو مطروح ومنمذج ـ فهو يتجاوز مسألة ضرورات الترجمة وتداول المعرفة إلي مسالة تسييد اللغة العربية وتعظيمها ورد كرامتها، بل ومحاولة إضفاء صفات القومية علي المعرفة والعلم. أما إذا ما عشعش وهم بأن ترجمة المعرفة يكسبها صفة العروبة في أذهان الناس فإن ذلك يكون بسبب حذلقة دعاة التعريب.







    6 ـ الخلاصة

    دعوة لمشروع تعليم حضاري في السودان :

    لما كانت أهم أهداف التعليم هي توصيل المعرفة في المقام الأول وتعزيز التفاهم والتواصل بين الناس في العالم ونبذ التعصب والعنصرية ، فلنتصور حال طالب سوداني يدرس من الابتدائية وإلي أن يتخرج من الجامعة باللغة العربية ليصبح محكوما عليه بالانحصار في زاوية ضيقة من العالم إسمها العالم العربي، والخضوع لمزاجات المترجمين وظروفهم وأيديولوجياتهم ، وكل ذلك لا لشيء إلا الإخلاص الصوفي للغة العربية، أليس هذا هو التقوقع والتعصب؟ وإذا وضعنا في الاعتبار واقع العالم اليوم، أليس هذا نوع جديد من أنواع العنصرية؟؟

    سيقول أنصار هذه الحالة أنه يمكن تدريس اللغات الأخرى. ولكن هذه مراوغة ، لأنه ليس هناك لغة مجردة ـ أي خارج عملية الممارسة التي تتم بالتحدث speaking والتدريس teaching and studying . فإذا تم إقصاء اللغات الأخرى بسبب التعريب من مناهج التدريس فمع من يتم التحدث في هذا الجو العربي الصافي؟ وانطلاقا من مفهوم البعد الحضاري للتعليم الذي يستند علي

    إمكانية الوصول إلي المعرفة في إطار تجددها بامتلاك أكبر قدر ممكن من أدوات التواصل = اللغات، فإن التعليم يجب أن يقوم علي مبدأ ديمقراطية التعليم أي تمليك الطلاب أدوات الصيد في بحر المعرفة، وترك الخيار لهم بعد ذلك للإبداع وهذا يتطلب:

    أ ـ صرف النظر نهائياً عن دعوة التعريب في التعليم العالي، وإعادة النظر في تعريب المناهج دون الجامعية وذلك لإعطاء فرصة اكبر للغات الأخرى المحلية والأجنبية.

    ب ـ الإقرار بمبدأ التعددية اللغوية والتدريس في المؤسسات التعليمية العامة بأكثر من لغة.

    ج ـ إنشاء معاهد خاصة ودعمها لتقوم بتدريس اللغات بما فيها اللغة العربية وذلك لإعطاء الفرصة لمن يريد أن يطور معرفته بلغة ما أو للذين لا تسمح لهم ظروفهم بالتقدم في سلم التعليم العام.

    د ـ التوجه نحو العلم في العملية التعليمية وترك التوجهات الأيدلوجية السائدة.



    اعتذار

    نعتذر لقرائنا الكرام لغياب بعض [التفاصيل] في عناوين المراجع حيث أن بعضها لم يكتب كاملا حسب الطريقة العلمية المتعارف عليها ، السبب مرتبط بظروف التنقل وعدم الاستقرار، وتوقيت طباعة الورقة.







    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] ما أسميناه بعقدة النقص تجاه العروبة في السودان مرتبط بظروف تاريخية معينة، حيث أن الأغلبية الساحقة للناقلين للثقافة العربية الإسلامية عبر تلك القرون الطويلة هم من[الأعراب] الذين يمثلون القبائل الهامشية في الجزيرة العربية والمناطق العربية الأخرى. وهم ليسوا ذوي جاه ولا علم بالإسلام وما نتج عنه من فكر، فكان من الطبيعي أن ينقلوا معهم واقعهم مؤسطراً وبالتالي اختلاط الحقيقة بالإدعاء علي مستوى الفكر والأنساب. بيد أن تطور العلوم في العصر الحديث كشف الحقائق المتعلقة بهم وأدى ذلك في تقديرنا إلي خلق عقدة النقص تجاه العروبة لدى هؤلاء، وهذا ما يفسر بعضا من ظواهر التشدد في التأكيد علي عروبة السودان بمناسبة وبدونها وتبني القضايا العربية بتشدد أكثر من العرب أنفسهم.

    [2] ـ مخطوطة كتاب للكاتب بعنوان جدلية المركز والهامش؛ قراءة جديدة في دفاتر الصراع في السودان.

    [3] ـ هذه الاكلشيهات مثل : الشخصية السودانية ، الثقافة السودانية ، الأخلاق السودانية ، الزي القومي ، الشعر القومي…إلخ .

    [4] حوار مطول مع د.خالد المبارك جريدة الصحافة 9/7/1983م مثبت في كتابه التعليم العالي بالسودان .

    [5] د.يوسف الياس؛ اللغة العربية وإشكالات التحديث ، مجلة حروف ، العدد الأول ، دار النشر جامعة الخرطوم ، ـ ، ص 44

    [6] المرجع السابق ص47.

    [7] نفسه، ص45.

    [8] المرجع السابق ص47 ـ 49

    [9] المرجع السابق ص47 ـ 49

    [10] المرجع السابق ص 47ـ49

    [11] المرجع السابق ص 47ـ49

    [12] المرجع السابق ص 47ـ49

    [13] المرجع السابق ص 47ـ49

    [14] د.خالد المبارك؛ التعليم العالي بالسودان ، دار البحار ، بيروت، 1985م ، ضمن نص الحوار ص 105-110

    [15] نفس المرجع

    [16] نفس المرجع

    [17] نفس المرجع

    [18] نفس المرجع

    [19] نفس المرجع

    [20] نفس المرجع

    [21] نفس المرجع

    [22] نفس المرجع

    [23] نفس المرجع

    [24] الدكتور نعمان الخطيب ؛ الأحزاب السياسية ودورها في أنظمة الحكم المعاصرة ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ،2 شارع سيف الدين المهراني ، 1983 م ، ص167.

    [25] نيكولاس بولانتزاس ؛ نظرية الدولة، ترجمة ميشيل كيلو ،دار التنوير للطباعة والنشر ،بيروت، 1987م ص25.

    [26] د.طه حسين ؛ حديث الأربعاء ، الجزء الثالث ،ـ ، ص33.

    [27] طه حسين ، المرجع السابق .

    [28] في ص79 من كتابه تكوين العقل العربي يقول الجابري : ((…لاحظنا أن اللغة العربية ربما اللغة الحية الوحيدة في العالم التي ظلت هي هي في كلماتها ونحوها وتراكيبها منذ أربعة عشر قرناً علي الأقل … لقد جمدت اللغة العربية بعد ما حنطت ..ولكن الحياة الاجتماعية لا تجمد ولا تتحنط ، لقد انتقمت لنفسها بفرض لهجات ((عربية )) عامية كانت وما تزال ((أغني)) كثيراً من اللغة الفصحى …هنا تكمن المفارقة الخطيرة بل التمزق الرهيب الذي عاني ويعاني منه الإنسان العربي اليوم : ذلك أنه من جهة ،يتوفر علي لغة للكتابة والتفكير علي درجة عالية من الرقي من حيث آلياتها الداخلية ، ولكن هذه اللغة ذاتها لا تسعفه بالكلمات الضرورية عندما يريد التعبير عن أشياء العالم المعاصر .))

    [29] الدكتور محمد أركون يشرح رأيه حول اشكالات اللغة العربية في مقدمة كتابه والذي يتلخص في نقطتين أساسيتين الأولي هي تعذر ملاحقة المعرفة في إطار تجددها بواسطة اللغة العربية . والنقطة الثانية هي : جمود الأطر الاجتماعية للغة العربية . د.محمد أركون؛ الفكر العربي ،منشورات عويدات، بيروت ـ باريس ، الطبعة الثالثة 1985.

    (عدل بواسطة أنور أدم on 01-12-2005, 06:46 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de