|
حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!!
|
إذا كان الرسول [ص] قد أمرنا أن نحبب حبيبنا هوناً ما فذلك أدعى ما يكون عندما يغدو ذلك الحبيب إتجاها ً فكريا ً أًو سياسياً لئلا تعوز الإنسان الموضوعية و قليلاً من التجرد عند الكتابة عن هذا الحبيب الذي يحيل عملية الموضوعية هذه إلى عسر و مشقة جراء ذلك الحب.. تلك كانت مقدمة شديدة الصغر و لا بد منها عند استهلالي لهذا البوست الذي أعترف فيه بهذا الحب كما أعترف بملاواة الموضوعية حتى لا يصبح بوستاً انطباعياً أو اقله عاطفياً و سأحاول هنا الإجابة عن أسئلة تبادرت أو ستتبادر لأذهان و أفكار كثيرين : لم أصبح حزب الأمة حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية ؟ و ما الذي يميزه عن بقية الأحزاب ؟؟وما هي إسهامات الحزب على المستويين السياسي و الفكري في الساحة السياسية ؟ و هل أفرغ الحزب كل ما بجعبته كما يقول كثيرون من منافسيه أم لا زال جرابه غنياً ليقدمه للمواطن السوداني الذي ترجم أمله في ذلك الحزب قبل اقل من عقدين بإعطائه ثقته ليحرز أعلى الأصوات في الانتخابات التي تلت انتفاضة رجب - ابريل الأغر؟؟؟ وهل تؤثر الأحزاب و التشكيلات السياسية المبشرة بالسودان الجديد و التي تطرح نفسها لا كمنافس بل كبديل عن حزب الأمة و غيره من أحزاب السودان القديم كما يسمونها ،هل تؤثر على صلادة الحزب و وجوده في الساحة السياسية؟؟ وما تأثير المجموعات التي خرجت منه سواء في كرد فان أو الشرق على حيويته و ديناميكيته..هل هي نواقيس خطر حقيقية تقرع في وجه الحزب أم فقاعات ذهبت و لم تترك أي أثر؟؟ لنبدأ بتاريخ الحزب مستعينين بالإعلام الرقمي الخاص بحزب الأمة و بالوثائق المثبتة بصفحة حزب الأمة الرسمية في شبكة الانترنت و ذلك لعموم الفائدة.. محبتي لنا
. . [qb]
تاريخ الحزب:
المرحلة الأولى: 1945- 1958م
نشأة الحزب
وقعت معركة كرري الشهيرة في 2 سبتمبر 1898م معلنة نهاية دولة المهدية المستقلة وبداية العهد الاستعماري الثنائي الذي واجه انتفاضات مهدوية عديدة فقمعها بوحشية وعمل على تشتيت الأنصار وكسر شوكتهم. كما واجه لاحقا انتفاضة 1924 وقمعها بفظاظة. أدت تلك المواجهات ونمو الوعي القومي عالميا إُثر إصدار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ودورد ويلسون لمبادئه الأربعة عشر وإنشاء عصبة الأمم، والخلاف حول مركز السودان ومستقبله خلال المفاوضات بين الحكومتين المصرية والبريطانية، إلى إيقاد جذوة الحركة السياسية السودانية بين الخريجين السودانيين، وتطوير فكرة نادي الخريجين الذي كان يلعب أدوارا اجتماعية وثقافية وأدبية في عشرينيات القرن العشرين، نحو إنشاء مؤتمر الخريجين بأهدافه السياسية الواضحة في 1937م. قاد المؤتمر النشاط الوطني وسط الخريجين وأثمر أهم محطات الاجماع السوداني حينها بتقديم مذكرة الخريجين في 3 أبريل 1942م.
كان الأنصار قد تم لم شملهم من جديد وبناء تنظيماتهم الاجتماعية وإشراكهم في المناشط الاقتصادية بمجهودات السيد عبد الرحمن المهدي الذي سعى للتنسيق مع قادة مؤتمر الخريجين ورعاية نضالهم الوطني نحو الاستقلال، ولكن المؤتمر وبعد انتخاباته التي جرت في نوفمبر 1944م سيطرت عليه جماعة الأشقاء التي كانت تتأهب لإصدار قرار من المؤتمر يفسر مذكرة الخريجين بأن مطلب السودانيين القومي هو الاتحاد مع مصر تحت التاج المصري. كما برز حينها اتجاه مصري رسمي قوي بتسوية مسألة السودان بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر السلام أو في مفاوضات مصرية-بريطانية. كل ذلك أدى للتعجيل بإنشاء كيان يعبر عن الرأي السوداني الاستقلالي.. وهو حزب الأمة.
نشأ حزب الأمة كتحالف بين ثلاثة عناصر هي: الأنصار، وزعماء العشائر، ونفر من الخريجين المنادين باستقلال السودان تحت شعار: السودان للسودانيين.
بدأت الاجتماعات التأسيسية للحزب في ديسمبر 1944، وتمت صياغة لوائح الحزب ودستوره وبرامجه، وانتخب عبدالله خليل سكرتيرا عاما للحزب، فقام برفع دستور الحزب للسكرتير الإداري في 18 فبراير 1945م طالبا التصديق عليه والذي تم باعتباره ناد لعدم وجود قانون بشأن الأحزاب حينها.
يعتبر الحزب أول حزب سوداني لأن الجماعت الأربع (الاتحاديين، جماعة الأحرار، جماعة الأشقاء، وجماعة القوميين) التي نشأت في اكتوبر 1944م لم تنشأ كأحزاب ولم تسم نفسها كذلك كما يرد في معظم كتب التاريخ المعاصر وإنما نشأت كجماعات في إطار مؤتمر الخريجين، ولذلك لم تفتح عضويتها لكل السودانيين ولم تخاطب غير الخريجين، كما لم تطلب تصديقا لتكوينها من الجهات الرسمية.
موقف السيد عبد الرحمن المهدي من الحزب
سأل سرور رملي السيد عبد الرحمن المهدي عن موقعه من الحزب وعما إذا كان هو رئيسه فأجاب: "إنني جندي في الصف، ولكن الله سبحانه وتعالى وهبني من الإمكانيات ما لم يتيسر لكثير منكم، وسأهب هذه الإمكانيات وسأهب صحتي وولدي وكل ما أملك لقضية السودان". وحري بالذكر أن حزب الأمة لم ينتخب رئيسا له حتى فبراير عام 1949 حيث تم انتخاب الصديق المهدي رئيسا للحزب.
دستور الحزب لعام 1945م
نص دستور حزب الأمة الذي أقر في الاجتماعات التأسيسية على أن مبدأ الحزب هو "السودان للسودانيين"، وأن غرضه هو الحصول على استقلال السودان بكامل حدوده الجغرافية مع المحافظة على الصلات الودية مع مصر وبريطانيا.
إن الطبيعة الموجزة لدستور حزب الأمة يجب ألا تخفي حقيقة مهمة ربما تكون غائبة عن الكثيرين، وهي أن الحزب وصولا إلى هدفه الأسمى وهو الاستقلال قد اتخذ المطالب الاثني عشر المنصوص عليها في في مذكرة مؤتمر الخريجين في 1942 برنامجا له وسعى لتنفيذها من خلال مؤسسات التطور الدستوري التي أنشأتها الإدارة البريطانية وشارك فيها وهي: المجلس الاستشاري، و مؤتمر إدارة السودان ، والمجلس التنفيذي، والجمعية التشريعية ، ولجنة تعديل الدستور.
معركة الاستقلال
سعى الحزب منذ قيامه لإسماع الصوت السوداني الاستقلالي في المنابر الدولية ولحكومتي الحكم الثنائي، ثم قاد حزب الأمة في ديسمبر 1950 معركة داخل الجمعية التشريعية لنيل الاستقلال حيث تقدم محمد حاج الأمين ممثلا للاستقلاليين باقتراح يطالب فيه بالحكم الذاتي الفوري للسودان، وقد تدخلت حكومة السودان وسط مناصريها من الأعضاء للتشكيك في نية حزب الأمة بتكوين ملكية يرأسها السيد عبد الرحمن المهدي، وحشدت تكتلا واسعا ضد الاقتراح، وبالرغم من ذلك فقد فاز الاقتراح بصوت واحد (39 صوتا ضد 3. وتأكدت السياسة البريطانية بجلاء اخفاق وسائلها في احتواء الحزب وقيادته، ودخلت معه بعدها في صراع سياسي مكشوف بتكوين حزب سياسي مضاد له اسمه الحزب الجمهوري الاشتراكي في عام 1951م.
وعلى الصعيد المصري، قاد الحزب حملة محمومة لتحقيق الاستقلال في مقابل الحملة التي قادتها مصر الرسمية، والأحزاب السودانية الاتحادية المناصرة لها لتحقيق اتحاد السودان تحت التاج المصري. ولكن قيام ثورة 23 يوليو 1952 بشر بقدوم عهد جديد اتخذت فيه مصر الرسمية مواقف أكثر تفهما لمسألة السودان، ونحت نحو التفاهم مع القوى السياسية السودانية الاستقلالية، ومع الحكومة البريطانية، ما أدى لتوقيع اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير مصير السودان في 12 فبراير 1953، ثم إجراء انتخابات عامة في نوفمبر وديسمبر 1953، والتي هزم فيها حزب الأمة لعدة أسباب أهما اثنان:
التدخل السافر للحكومة المصرية لتمويل الحزب الوطني الاتحادي بأشكال مباشرة وغير مباشرة. القوة النسبية لحزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي في مجلس النواب لم تعكس جملة الأصوات التي حصل عليها الحزبان في دوائر الانتخاب المباشر. فقد صوت حوالي 229.221 ناخب لمرشحي الاتحادي وحصل على 43 مقعدا. وصوت حوالي 190.822 ناخب لمرشحي الأمة ونال 22 مقعدا فقط. ذلك لأن متوسط عدد الناخبين في مناطق الختمية –المساندون للاتحادي- كان أقل من متوسط عدد الناخبين في الدوائر الأخرى. وكانت لجنة الانتخابات قد لفتت النظر في تقريرها الختامي إلى الاختلافات الشاسعة في حجم الدوائر وأوصت بإعادة توزيعها، وهو ما لم يحدث. ما بعد الانتخابات :
اعتبر الاتحاديون فوزهم هذا تأكيدا لتأييد الشعب السوداني الاتحاد مع مصر، ورفض الاستقلاليون ذلك، ودخل الجانبان في صراع مرير. وكان بعض الاستقلاليين يرون عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات ولكن بعد مداولة الرأي قررت الحركة الاستقلالية قبول نتيجة الانتخابات والعمل بالوسائل الدستورية والسياسية لنقضها فقرروا تنظيم المعارضة للاتجاه الاتحادي داخل البرلمان وخارجه واستقطاب كل القوى السياسية غير الاتحادية الشعبية والفئوية وتعبئة الرأي العام السوداني للتمسك بالاستقلال في القرى والمدن والبوادي، وفي مدة وجيزة بعد الهزيمة في الانتخابات استعادوا روحهم ا لمعنوية. وصار الرئيس إسماعيل الأزهري يسافر إلى مدن السودان وأقاليمه فيستقبل استقبالات شعبية كبيرة يحمل الناس فيها الأعلام ويهتفون: عاش السودان حرا مستقلا.
حوادث مارس 1954
تقرر افتتاح البرلمان السوداني رسميا في أول مارس 1954م وقررت الحركة الاستقلالية مقابلة المدعويين للافتتاح وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب باستقبالات شعبية كبيرة لاسماعهم صوت الاستقلال فلا تكون المناسبة مجالا لدعاية منفردة للاتجاه الاتحادي. عندما وصل اللواء محمد نجيب قرر المشرفون على خط سير موكبه تعديل خط السير، فقرر المشرفون على الاستقبال بقيادة الأمير عبدالله عبدالرحمن نقد الله أن يتحول الموكب لحيث إقامة اللواء في القصر الجمهوري لاسماعه صوت الاستقلاليين، ولكن سلطات الأمن منعت الموكب بالقوة فوقع صدام مؤسف راح ضحيته العديد من الأرواح من الجانبين. وأقيمت محاكمة لقادة الموكب برأتهم من تدبير الأحداث وأدانت بعضهم بالشغب ومخالفة الأوامر.
لقد أدت تلك الحوادث للعديد من الاتهامات لحزب الأمة بممارسة العنف والهمجية، بينما وقف قادة الحزب يؤكدون براءة الحزب وأفراده من التخطيط للعنف أو التربص للموكب وعدت الحوادث دليلا على البطولة والفدائية في مواجهة الذخيرة النارية بالصدور العارية.. ولعل شهادة اللواء محمد نجيب التي دونها في مذكراته تساند أقوال حزب الأمة إذ كتب أنه يعتقد أن الاستقلاليين كانوا على حق وأنهم لم يطلبون سوى مروره بمكان الاستقبال الشعبي والذي كان سيكون كافيا لإرضائهم، واتهم الانجليز بتدبير الحوادث لإحداث انهيار دستوري فتعود السلطات للحاكم العام.. ومهما كان من نوايا المشرفين على الموكب، فإن حوادث مارس على مرارتها وعنفها لم تحرف الصراع من خطه السياسي والدستوري.
الطريق نحو الاستقلال:
استمرت الحركة الاستقلالية في خطتها التعبوية واتسعت قواعدها اتساعا هائلا، ففي أكتوبر 1954م انضمت الجبهة المعادية للاستعمار للجبهة الاستقلالية، كذلك انضمت إليها الجماعة الإسلامية وانضم إليها اتحاد عمال السودان واتحاد مزارعي الجزيرة. ثم أرسل اتحاد الطلبة السودانيين بالمملكة المتحدة برقية لحكومة الرئيس الأزهري يطالب باستقلال السودان. وفي يناير 1955م قرر اتحاد طلبة كلية الخرطوم الجامعية تأييد الاستقلال.
هكذا أطل عام 1955 ليجد الحركة الاستقلالية قد صارت التيار الأقوى في الشارع السوداني. وقد ساهم ذلك ضمن عوامل أخرى منها انشقاق الحركة الاتحادية حول تفسير الاتحاد، وتعاظم تدخل الساسة المصريون خاصة الرائد صلاح سالم في تسيير أمور السودان، إلى إعلان الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري رأيا حول مصير السودان وهو قيام جمهورية مستقلة ذات سيادة ثم وضع تفصيلات تتعلق بالرباط مع مصر لإرضاء الأقلية التي ما زالت تتمسك بالاتحاد.. بهذا الموقف اتحدت الحركة السياسية حول مطلب الاستقلال، وعضد من ذلك الاجماع وقوع حوادث التمرد في الجنوب في أغسطس 1955م، والتي أدت إلى مزيد من التأكيد أن السودان عليه أن يتحد شمالا وجنوبا ويحل إشكالات التنافر القومي قبل الحديث عن اتحاد مع دولة أخرى...
هكذا أعلن الاستقلال باجماع الآراء في البرلمان في 23 ديسمبر 1955. وتم إعلان استقلال السودان بتاريخ 1 يناير 1956م.
هكذا حقق حزب الأمة بالتضافر مع جهود الوطنيين المخلصين شعاره الأول لفترة التحرير : السودان للسودانيين. وابتدأ بذلك عهدا جديدا.. ولكل مقام كان للحزب مقال.
حكومة الاستقلال: 1956- 1958:
جرت انتخابات 1953م والقوى الكبيرة فيها هما حزبي الوطني الاتحادي والأمة، وقد نال الأول أغلبية مريحة في الأصوات لتشكيل حكومته. ولكن سرعانما تتالت الانقسامات داخل الحزب الوطني الاتحادي بعد دخول الأزهري في مواجهة مع السيد علي الميرغني زعيم الختمية. وبذلك ابتدأ عهد المناحرات والتحالفات السياسية المتلاحقة بين الأطراف المختلفة في الساحة السياسية السودانية. في نهاية يونيو 1956 سقطت حكومة الأزهري وتم تشكيل حكومة ائتلاف من حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي الموالي للختمية.
انتخابات عام 1958
خاضت أحزاب الوطني الاتحادي –متحالفا مع قوى اليسار في الغالب- وحزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي انتخابات عام 1958م فنالت : 62 مقعدا للأمة، 40 مقعدا للحزب الوطني الاتحادي، و26 مقعدا لحزب الشعب الديمقراطي.
تكونت إثر تلك الانتخابات حكومة ائتلاف الأمة- الشعب مرة أخرى، والتي واجهت العديد من المشاكل سببها الرئيسي عدم الانسجام بين طرفي الائتلاف وعدم المقدرة على تسيير دفة الحكم في ظل ائتلاف هش وعاجز. وبدأ التململ الشعبي باديا في المظاهرات وفي التذمر من الجميع بما في ذلك الحزبين الحاكمين.
داخل حزب الأمة تبنى رئيس الحزب حينها- الصديق المهدي رأيا مفاده أن الائتلاف الذي يناسب الحزب هو التحالف مع الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري، وقد عارض ذلك الاتجاه السكرتير العام عبد الله خليل- والذي كان حينها رئيسا للوزراء. وأثناء مناقشة أزمة البلاد وموقف الحزب عرض السكرتير العام على أجهزة الحزب القيادية اقتراح تسليم السلطة لقيادة القوات المسلحة لتنقذ البلاد مما هي فيه من قلاقل، ولحماية سيادة البلاد ومنع أي اتجاه اتحادي محتمل مع مصر. رفضت أجهزة الحزب الاقتراح. ولكن رئيس الوزراء قدر أن المخاوف التي يراها ماثلة لا تحتمل التأخير، فاتصل باللواء إبراهيم عبود في قيادة القوات المسلحة وعرض عليه الأمر ثم سلم له السلطة في 17 نوفمبر 1958م، على وعد إعادة الحكم للمدنيين بعد إعادة الاستقرار للبلاد.
حصل الانقلاب على مباركة السيد عبد الرحمن المهدي الفورية، وعلى تأييد السيد علي الميرغني. بينما وقف الصديق المهدي رئيس الحزب آنذاك والذي كان في رحلة خارج البلاد في وجه السلطة الانقلابية الجديدة حال عودته، ومن خلفه العديد من قيادات حزب الأمة الذين أسقطوا اقتراح تسليم السلطة للجيش في أجهزتهم.
إن مسئولية حزب الأمة أو بعض تياراته عن الانقلاب لا يمكن نكرانها، ولكن الدروس المستفادة لحزب حديث الممارسة في الحكم بقيت:
ضرورة نزول القيادات على الإرادة الديمقراطية. المؤسسة العسكرية فاشلة في إدارة البلاد، وهي أكثر فشلا في الحفاظ على عهودها. الضيق بالنظام الديمقراطي بسبب عجزه أو انقسام صفوفه أو فقدانه للاستقرار السياسي وغيرها من المآخذ على الديمقراطيات الحديثة العهد، والسعي لنظم أوتقراطية بديلة لن يؤدي إلى نظم متفوقة في أدائها الاقتصادي أو السياسي أو العسكري، علاوة على انتهاك حقوق الإنسان وحجر الحريات الأساسية وإيقاف عجلة التطور الدستوري.. صحيح: إن الديمقراطية نظام سيئ سوى أنه أفضل من كل الأنظمة الأخرى! كان نظام عبود فاتحة النظم العسكرية في البلاد، وإن كان لحزب الأمة أكبر المسئولية في ولادته، فقد كفر عن ذلك بأنه كان له القدح المعلى في قيادة معارضته وإسقاطه.
وإن كان لا بد من كلمة ختامية عن هذه الفترة من تاريخ الحزب- وهي الفترة التي أعقبت الاستقلال، فهي انعدام الرؤية لمشاكل البلاد وطرق حلها فقد كان غاية الاستقلاليين هي تحقيق الاستقلال. كما أن انعدام التجربة الحقيقية في الحكم، أدى لسرعة انهيار النظام الديمقراطي وتقويضه لنفسه، لأنه أيضا لم تكن للأحزاب حينها تجربة في حكم عسكري سوداني من قبل، وجاز للبعض بذلك أن يتوسم فيه الخلاص.
مراجع:
فيصل عبد الرحمن علي طه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني 1936-1953م- دار الأمين- القاهرة- 1998م. الصادق المهدي: رسالة الاستقلال- 1982م الصادق المهدي: السودان وحقوق الإنسان.- دار الأمين-القاهرة- 1998م. قراءات في مكتبة الحزب:
عبد الرحمن علي طه: السودان للسودانيين: طمع ونزاع ووثبة فجهاد- تحقيق فدوى عبد الرحمن علي طه- دار جامعة الخرطوم للنشر- 1992م. أمين التوم: ذكريات ومواقف. الصادق المهدي: عبد الرحمن الصادق إمام الدين- الندوة المئوية للحتفال المئوي بمولد السيد عبد الرحمن المهدي- 1996م. قراءات نابهة:
حسن أحمد إبراهيم: الإمام عبد الرحمن المهدي- 1995م الإمام عبد الرحمن المهدي: مداولات الندوة العملية للاحتفال بالعيد المئوي- تحرير يوسف فضل حسن- محمد إبراهيم أبو سليم- الطيب ميرغني شكاك. قراءات أخرى:
محمد عمر بشير: تاريخ الحركة الوطنية في السودان 1900-1969- المطبوعات العربية- 1987م. تيم نبلوك: صراع السلطة والثروة في السودان- ترجمة الفاتح التيجاني ومحمد علي جادين- دار الخرطوم للطباعة والنشر والتوزيع- الطبعة الثانية 1994. زكي البحيري: الحركة الديمقراطية في السودان 1943- 1985- دار نهضة الشرق- جامعة القاهرة – بدون تاريخ.
الموقف السياسي تاريخ الحزب مبادئ الحزب الأدبيات مؤتمرات- ورش عمل الهيكل الحزبي العمل الجماعي الحل السياسي الشامل مقررات أسمرا ثقافة مواقع على الانترنت البحث
--------------------------------------------------------------------------------
© كل حقوق الطبع محفوظة لـ حزب الامة (السودان) [/qb]
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
لنا بت مهدي
تحياتي ..
بوست من العيار الثقيل ، لنفتح الصفحات قديمها وجديدها ، ولنخرج بكشف حساب
لهذا الحزب العتيد ، هل رصيده دائن ام مدين ؟ لعمري هذه خطوة جرئية لوضع
هذا الحزب العريق تحت المجهر ، لقراءة تاريخه وتشخيص علاته وايضا ذكر نجاحاته
التي حققها والي اي مدي نجح في ذلك ، ليسع صدرك لتقبل مايأتي من المتداخلون
ومايقدمونه من نقد وقراءات قد تختلف عن قراءاتك وقراءاتنا ...
حتما سأعود ...
محبتي ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: محمد عبدالرحمن)
|
Quote: بوست من العيار الثقيل ، لنفتح الصفحات قديمها وجديدها ، ولنخرج بكشف حساب
لهذا الحزب العتيد ، هل رصيده دائن ام مدين ؟ لعمري هذه خطوة جرئية لوضع
هذا الحزب العريق تحت المجهر ، لقراءة تاريخه وتشخيص علاته وايضا ذكر نجاحاته
التي حققها والي اي مدي نجح في ذلك ، ليسع صدرك لتقبل مايأتي من المتداخلون
ومايقدمونه من نقد وقراءات قد تختلف عن قراءاتك وقراءاتنا ...
حتما سأعود ... |
الحبيب محمد عبدالرحمن يسعدنى دائما تواجدك النقد الذاتى صمام الأمان لكل الاحزاب السياسية السودانية خاصة فى ظل العالم – القرية ولئن نشدنا خلاصنا فيجب أن نؤسس لقيمة النقد الذاتى و نقف وراءها بصلابة فنجرد "كشف حسابنا"كما قلت و نعرف ما لنا و ما علينا سيتسع صدرى حتماً للنقد الموضوعى الذى يتعرض له الحزب و سأعمل على أن يتسع صدرى أيضاً للنقد اللا موضوعي محبتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
الاخت الكريمة لنا مهدي
قد أكون من أكثر السودانيين حباً لحزب الأمة وقياداته وتجمعني بهم علاقات وأواصر متجذرة وقوية
ولكني أفضل أن يحب الناشطون أحزابهم كحب الأبوة السوداني قوي وغير معلن لأن الرضا عن التنظيم لا يقودنا بالضرورة إلى إصلاحه وتقويم مسيرته.
أعتقد أن هناك أخلالاً كبيرة في تركيبات القوى السودانية التقليدية, رغم أني أعتقد أن حزب الأمة أحسـن حالاً,
هناك مشاكل كبيرة في ديناميكية العمل داخل هذه المؤسسات وأعتقد أنها ولهذا السبب ولغيره لا تجد الفرصة الكافية لتستفيد من إمكانيات منسوبيها ولذا فهي (محــرومــة) من مقدرات هائلة كامنة في أرصدتها.
خلاصة قولي هي أنه وإذا نظرنا لظاهرة (مبارك الفاضل) وتأثيراته منذ فترة الديمقراطية الثالثة وأدواره المكررة في زعزعة استقرار الحكومات واختلاق المشكلات لوجدنا بالفعل أن هناك خللا ما سمـح لمثل هذا الشخص بأن يفعل أفاعيله دون أن تتمكن الاجهزة من ردعــه أو إبعاده.
(حزب الامة القومي - حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية)
أوافــق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: أحمد الشايقي)
|
الحبيب أحمد الشايقي تحية طيبة المحبة لا تعنى كامل الرضا حتى لو كانت محبة معلنة بل تدفع إلى التقويم و التمحيص و التدقيق ليتطور الحزب وفق منظومة النقد الذاتي إلى الأفضل ليس ثمة مؤسسة بشرية مبرأة من العيوب و النواقص و لا أستثنى حزب الأمة فلقد اعتورت مسيرته ثلاثة عقبات أساسية هي التمويل و التنظيم و الإعلام و لعمري لو انتظمت مفاصلها و تكاملت مع ما يملكه الحزب من جماهير عريضة و قاعدة شعبية متماسكة وقيادة منتخبة تتفهم المرحلة و العصر و تتسق و تنسق مع سواها بحدب و بلا كلل لتغير وجه الحزب تماماً محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
الشقيقة ... لنا
التنظيم الطلابي للأنصار وحزب الأمة في باكستان هو (وكالمعتاد) في صراع مع الجبهة الديمقراطية، وحين اشتداد وتيرة النقاش كان الأحباب يتهمون الشيوعيين بأنهم من سنوا سنة الانقلابات في البلاد... وطبعا كان الزملاء يغنون لهم (أقرا تاريخك وأقيف) ... الشعور العام الذي نتج هو أن القوى السياسية تزور التاريخ لمصلحتها ....
قراءة التاريخ هنا اتسمت بالشفافية ...
Quote: إن مسئولية حزب الأمة أو بعض تياراته عن الانقلاب لا يمكن نكرانها، |
دا ما النقد الذاتي بتاع الشيوعيين زااااتو
رؤية الاحزاب الاتحادية نفسها كانت مختلفة حول شكل الاتحاد مع مصر، ولكن في ظني حسم هذا الأمر مع توحد تلك الأحزاب في 1953م .. ولوحظ توجه الحزب الموحد (الوطني الاتحادي) من خلال فترة توليه الحكم فقد أنجز مهمة سودنة الوظائف في فترة قياسية ..
Quote: وصار الرئيس إسماعيل الأزهري يسافر إلى مدن السودان وأقاليمه فيستقبل استقبالات شعبية كبيرة يحمل الناس فيها الأعلام ويهتفون: عاش السودان حرا مستقلا |
التحية للزعيم الأزهري أبوالاستقلال زي ما قرونا في المدرسة
والتحية ليك يا شقيقة وننتظر المزيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
الحبيب هانى يسعدنى مرورك دائماً الإتجاه التبريري في العمل العام لا يقود إلا إلى التهلكة لو أخطاً حزب ما في مرحلة من مراحل تاريخه و اكتشف أن عليه أن يعتذر فيجب أن يعتذر عن هذا الخطأ و بهذا يواصل مسيرته النضالية بضمير مرتاح مهما استغلت القوى السياسية الأخرى هذا الاعتذار لتجريمه أو لإثبات خطأه في مرحلة ما.. أكيد كان لتوحد القوى المطالبة بالاتحاد مع مصر دوراً في تغيير نظرتها لكثير من المستجدات التى ما كانت لتتبينها و هى متفرقة محبتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: Abdelrahman Elegeil)
|
الحبيبة لنا .. لا فض فوكِ فاليحفظ التاريخ أبطالا لنا ومن جاءوا بعدهم من أبطال حملوا لواء الإستقلال الكثير من الجيل المعاصر يجهل الخلفية التاريخية للأحزاب السودانية ومن بينها حزب الأمة وما كتبتيه اليوم في تاريخ حزب الأمة يجلي الحقيقة ويعكس مسيرة الحزب المضيئة عبر نصف قرن من الزمان لدي ملاحظة أو إضافة بسيطة في حقيقة تسليم عبدالله خليل السلطة لإبراهيم عبود أنا أوجه السؤال للذين يلصقون التهمة للحزب من غير علم!! هل يعقل لحزب أو اي حكومة قائمة ومنتخبة من الشعب تسليم السلطة للجيش؟؟؟ الا إذا كانت هنالك أسباب خطيرة وجوهرية تمس السيادة الوطنية أو تمس أمن المواطنين؟؟؟ يقول محمد احمد محجوب في مذكراته. ان الحكومة الائتلافية القائمة برئاسة عبدالله خليل كانت مضطرة ومجبرة للتنازل عن السلطة للجيش وذلك حفاظا على وحدة السودان وحفاظا على وحدة ترابه، والسبب الاول ما تطرقتي له والسبب الثاني والاهم مشكلة حلايب.. حلايب التي فرط فيها الانقاذيون بكل سهولة. حلايب من اجلها تنازل حزب الامة عن السلطة طائعة مختارة لأنهم أحسوا بأن البرلمان بتركيبته الائتلافية الهشة مع حزب الشعب المناصر للوحدة والاندماج مع مصر ليس في مقدوره حسم مشكلة حلايب مع المصريين وهذا هو السبب الرئيسي والجوهري الذي أدى لتسليم السلطة للفريق إبراهيم عبود وليتهم ما فعلوا وما دار بخلدهم ان الاخير سيفرط في منطقة اعز من حلايب وهي حلفا وكل شبر في الوطن عزيز
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: Habib_bldo)
|
Quote: لدي ملاحظة أو إضافة بسيطة في حقيقة تسليم عبدالله خليل السلطة لإبراهيم عبود أنا أوجه السؤال للذين يلصقون التهمة للحزب من غير علم!! هل يعقل لحزب أو اي حكومة قائمة ومنتخبة من الشعب تسليم السلطة للجيش؟؟؟ الا إذا كانت هنالك أسباب خطيرة وجوهرية تمس السيادة الوطنية أو تمس أمن المواطنين؟؟؟ يقول محمد احمد محجوب في مذكراته. ان الحكومة الائتلافية القائمة برئاسة عبدالله خليل كانت مضطرة ومجبرة للتنازل عن السلطة للجيش وذلك حفاظا على وحدة السودان وحفاظا على وحدة ترابه، والسبب الاول ما تطرقتي له والسبب الثاني والاهم مشكلة حلايب.. حلايب التي فرط فيها الانقاذيون بكل سهولة. حلايب من اجلها تنازل حزب الامة عن السلطة طائعة مختارة لأنهم أحسوا بأن البرلمان بتركيبته الائتلافية الهشة مع حزب الشعب المناصر للوحدة والاندماج مع مصر ليس في مقدوره حسم مشكلة حلايب مع المصريين وهذا هو السبب الرئيسي والجوهري الذي أدى لتسليم السلطة للفريق إبراهيم عبود وليتهم ما فعلوا وما دار بخلدهم ان الاخير سيفرط في منطقة اعز من حلايب وهي حلفا وكل شبر في الوطن عزيز
-------------------------------------------------------------------------------- |
الحبيب حبيب بلدو شكرا لمداخلتك القيمة حقاً إذن كان الأمر مصلحة عليا للوطن فرضت تلكم الأحداث مع ضرورة التعامل على أساس ان السياسة هى فن الممكن؟؟؟ محبتي لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
Quote: لنا بت مهدي
تحياتي ..
بوست من العيار الثقيل ، لنفتح الصفحات قديمها وجديدها ، ولنخرج بكشف حساب
لهذا الحزب العتيد ، هل رصيده دائن ام مدين ؟ لعمري هذه خطوة جرئية لوضع
هذا الحزب العريق تحت المجهر ، لقراءة تاريخه وتشخيص علاته وايضا ذكر نجاحاته
التي حققها والي اي مدي نجح في ذلك ، ليسع صدرك لتقبل مايأتي من المتداخلون
ومايقدمونه من نقد وقراءات قد تختلف عن قراءاتك وقراءاتنا ...
حتما سأعود ...
محبتي |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
حول تأسيس الحزب و ما تداعى من قضايا ترتبت عليه يقول الحبيب خالد عويس في بوست Re: نحو نقاش هاديء وموضوعي حول حزب الأمـة مميطاً اللثام عن إحدى أزمات الحزب:
Quote: من الواجب اذن التعرض الى جوهر الأزمة التاريخية فى حزب الأمة ، فمن خطل القول اطلاق مزاعم مموهة عن عافية الحزب . فى تقديري ، فان جزء من الاشكال يبرز حين يتم التعامل مع حزب الأمة بوصفه امتدادا للثورة المهدية . نظريا يتقاطع هذا الفهم مع ما طرحه الحزب من رؤية لتأسيس مجتمع مدني ، فالمهدية تجد امتدادا طبيعيا _ فى اطار الدعوة _ فى كيان الأنصار ، وعمليا يجافي هذا الفهم المنطق فى أن تأسيس الحزب لم يرتهن الى الأنصار وحدهم ، بل ان المشاورات الأولي للتأسيس جرت بين نخب سودانية كانت على خلاف بين رؤيتين حيال الوحدة مع مصر . واذا دعم كيان الأنصار حزب الأمة لاحقا ، وشارك قادة الكيان فى محاضر التأسيس ، فان المكاتب القيادية الأولي كانت أقرب الى النخبوية المنتقاة من شرائح المثقفين وبعض وجهاء القبائل فيما يمكن تسميته تحالف بين قطاع نخبوي وبين كيان الأنصار _ ولهم أيضا نخب بالطبع _ ، والواضح أن التأثير الأكبر من خلال الممارسة السياسية وتقلّد المناصب الرسمية كان راجع الى نخبة حزب الأمة . بيد أن النخب التى تولت قيادة الحزب ، لم يكن لها انتاجا فكريا واضحا فى المناحي السياسية والاقتصادية والفكرية ، ما جعل الحزب _ كجسم سياسي _ يتكيء على الارث المهدوي ، ويتغذي على فكر الأنصار . هذا الأمر باعد ما بين الحزب وبين الرؤية السياسية الجامعة التى لا تنطلق من مقررات فكرية لكيان محدد . وكان التطور الفكري ، والحال هذي ، محكوما بقدرة الكيان ، لا الحزب ، على رفد الحراك الفكري بنظريات سياسية . بطبيعة الحال لا يمكننا أن نقفز على دور السيد الصادق المهدي فى هذه الناحية ، اذ يجوز ردّ المساهمات الفكرية الأساسية اليه وحده . فمنذ منتصف الستينات بدأت مدوناته الفكرية تتخذ شكلا أقرب للمانفيستات الفكرية للحزب ، وهى المعبّر الفكري الرئيس عنه ، غير أنه لا يمكن التغاضي عن حتمية التطور التدرجي فى الأفكار ، فالأفكار المطروحة من قبله فى الستينات والسبعينات ، وهى التى عبرت عن حزب الأمة بالضرورة ، كانت مستمزجة الرأي السياسي والفكري ، بالميتافيزيقيا بعض الشيء . هذا ما يصفه بعض المثقفين بالكهانة . وان اعتبرنا أن فكر السيد الصادق المهدي قد شهد تطورا لفتا خلال عقدين من الزمن ، اذ انتقل من طروحات القيادة الملهمة ، والسطوة الروحية ، الى نوع من العقد الاجتماعي والنظر الى اشكالات سياسية وثقافية ومجتمعية من خلال منظور التنمية والديمقراطية المستدامة ، وطرح الدولة المدنية ، فانه لا يمكن اعتبار أن الحالة الفكرية فى داخل الحزب كانت تعيش عافية . الواقع يدلل الى أن نخب حزب الأمة كانت الى حد كبير "مفتونة" بفكر السيد الصادق ، وغير معنية بطرح نظريات موازية لادامة الحوار الفكري الداخلي ، ولم تشتغل أبدا على الدراسة المتأنية لفكره بغية تكوين منهج نقدي ومعدّل _ بكسر الدال _ لمنهجه . والواقع أن نخب الحزب بشكل عام ، ما فتئت تنتقل من مسرح فكري الى آخر من دون اعتراضات تذكر ، مع ملاحظة مهمة ، هى أنه لم ينشأ اى خلاف معتبر فى داخل الحزب حيال الفكر المطروح ، الذى كان يصوغه مفكر أوحد بالضرورة : السيد الصادق المهدي !! هذا الوضع أربك المشهد الثقافي داخل حزب الأمة وأوهن دور مثقفيه ، اذ أدي بروز السيد الصادق المهدي كمثقف بارز فى قيادة الحزب الى ترسيم صورة جعلت من رئيس الحزب يبدو وكأنه المثقف الأوحد ، بالرغم من أن د. فضل الله علي فضل الله عليه رحمة الله ، والروفسير ابراهيم خليل وصلاح ابراهيم أحمد ومحمد علي حامد فضلا عن آخرين كثر كانت لهم اضافات بل و جدليات ومراجعات تحث على مطالعة أفكارهم واختلافاتهم مع الفكر الذى أضحي بالضرورة معبرا أوحدا عن الحزب ، غير أن منتديات النقاش الداخلي نفسها يمكن وصفها بالكساح ، فعلاوة على عدم اشتغالها بغير فكر رئيس الحزب ، واعراضها عن القراءة النقدية ، كرّست مبدأ نمطيا فى جعل المثاقفة الفكرية عملية مكرورة وأقرب ما تكون للتلقين والاجتهاد فى شروح فكر رئيس الحزب عدا عن كونها لم تمارس دورا ثقافيا طليعيا فى مضمار العرض والمناقشة والاختلاف ، على العكس مالت الى تدجين نفسها الى حد كبير ، ما أفقد الحزب طابع الحيوية الفكرية والثقافية ، وانصرف الصراع الداخلي الى تكريس حالات الجهوية والقبائلية والمناطقية ، فضلا عن تكريس كاريزمات كثيرة ، ومساومات سياسية لم تتأسس على أسس ناضجة للصراع السياسي عوضا عن تخليق صراع فكري ومحاور عدة يتاح من خلالها التعبير عن آراء منوّعة تخدم التيار الفكري العام وتسنده . فى هذه الناحية ، يصح القول بأن الالتباس الحاصل بين قيادة السيد الصادق المهدي ( سياسيا وفكريا وثقافيا ودينيا ) فى حزب الأمة وكيان الانصار ، أنشأ جملة من المفاهيم التى يمكن تسميتها بأنها خاطئة . فاجتهاده فى الحقل الدعوي بوصفه قائدا لكيان الأنصار أضحي ينسحب على المشافهات الثقافية وحالة التثاقف فى داخل الحزب من دون التنبه الى أن الاجتهاد فى هذا الحقل قد يصار الى أن يكون "أمميا" وليس بالضرورة أبدا أن يعبّر عن جسم سياسي سوداني كحزب الأمة . والواقع أن هذه النقطة تحديدا تحتاج تفكيكا منهجيا ومثابرة فى فصل المدونات النظرية لحزب الأمة فى اطار سعيه مع القوي السياسية الأخري لخلق مناخات جديدة ، وفى اطار التدافع السياسي ايضا ، عن المدونات الفكرية المنتجة لكيان الأنصار ومنتسبيه من المسلمين السودانيين المنتميين اليه . وعلى الرغم من أن كيان الأنصار قد يكون فى نظر الكثيرين _ وأنا منهم _ كيانا دعويا معتدلا ومنفتحا ، الا ان خطابه الفكري يتعارض مع الخطاب الفكري لحزب الأمة ، لكون هذا الأخير يتجه بخطابه لجميع السودانيين ، بأديانهم كافة وأعراقهم وثقافاتهم ، ولا يمكن اختزال خطابه فى تفريعات فكرية مستلفة من كيان الأنصار .كما لا يمكن فى المقابل اختزال الحقل الدعوي الانصاري فى مرئيات حزب الأمة فحسب . الحق ، لا يمكن الزعم بأن الفكر السياسي المنتج من قبل الصادق المهدي وخاصة فى عقد التسعينات ، محض هراء نظري ، فالمتأمل لهذا الانتاج ، من دون قرنه بتطبيق عملي او ممارسة سياسية _ فالمراد دراسته بعناية فى اطاره الفكري فحسب _ لابد أن يتنبه وبشكل جلي لنقاط وافرة تم تحقيقها تصبّ لجهة التطور والاصلاح والتجديد الفكري ، ففى الميادين الاقتصادية ، والمجتمعية والتنموية والسياسية ، فضلا عن الثقافية ، والدستور كان الانتاج مدللا الى انفتاح وأخذ بعناصر الحداثة ومستمدا من التجربة الانسانية وناقدا لها فى آن . لكن الحاصل فى داخل حزب الأمة ، هو أن هذا الانتاج الغزير فى عقد التسعينات لم ينل حظه من الدراسات المعمقة والمباحث النقدية حتي يتبين مدي مطابقته أو مخالفته لكثيرين داخل الحزب وخارجه يملكون أدوات المعرفة ومتاح لهم انتاج فكر مواز او تعضيد الفكر المنتج او على الاقل الاختلاف معه فى بعض النقاط . لئن كانت مسألة الانتاج الفكري لرجل واحد قضية مربكة فى حزب الأمة كونها تخلق نوعا من الهيمنة الفكرية ، فان ذلك ينسحب على معظم مدارسنا السياسية فى السودان ، لكن المطلوب بالفعل فى حزب الأمة طرد حالة الخمول الذهني عن نخب الحزب ، لتشتغل بواجباتها الفكرية والثقافية على الوجه الصحيح بدلا من تلقف الفكر المنتج وحفظه فحسب من اجل المحاججة السياسية أو تسليما بالواقع القائل : طالما أن رئيس الحزب ينتج ، فقد كفانا !! من ناحية أخري ، فان ندرة الاختلافات الفكرية ، وشح المدارس داخل الحزب ، أدي لاستشعار ما بأن رئيس الحزب طالما أنه يجمع الرئاسة السياسية الى جانب القيادة الدعوية وينظّر لهما معا ، فان التطابق قائم لا محالة بين الكيان والحزب . ليس هذا فحسب ، وانما كذلك نشأ عجز ذاتي عن تأسيس منهج نقدي فكري وسياسي فى داخل الحزب ، فما لم ينقده رئيس الحزب ، وما لم يراجعه هو بنفسه ، لا يمكن الخوض فيه ، كونه المرجعية الفكرية الوحيدة . والواقع أن محاولات جيدة بذلت فى اتجاه النقد الذاتي والمراجعات الفكرية غير انها لم تستمر بذاات القوة والاندفاع لتخلق واقعا جديدا يقوم على تعدد الخطابات فى اطار وحدة فكرية عريضة . طرحت مسألة "الامامة" اذن اشكالا جديدا ، معقدا ، ومربكا ، ومتقاطعا فى آن . اذا كان الدمج الظاهر بين الكيان والحزب لا زال قائما ، كيف يمكن فكّه وقد أصبحت الرئاسة الدينية والسياسية فى يد السيد الصادق المهدي ؟! لا شك أن ظروف محددة أملت على القائمين فى هيئة شؤون الأنصار وعلى السيد الصادق نفسه ، ما يمكن وصفه بنوع من التراجع عن مقترح الدولة المدنية والتأسيس المدني . اذ لا يمكن الزعم أبدا بأن هذه الخطوة تصبّ لجهة حداثة الحزب ، هذه الظروف يمكن رصدها اجمالا فى محاولات الحكومة لشق الحزب والكيان ، وأتاح لها مبارك الفاضل ذلك بشق الحزب ، وتبقت خطوة انتزاع الكيان من معاقل معارضة النظام الى حظيرته ، وهى خطوة يدرك المرء أن الاعداد يتم لها منذ منتصف التسعينات عبر رموز من آل المهدي فى مقدمتهم احمد المهدي ، وبلا جدال ، فان التقارب الذى نشأ بين احمد المهدي ومبارك الفاضل ، بتنسيق حكومي _ كما أقرأ بين السطور _ كان القصد منه تنصيب احمد المهدي كامام للأنصار ، وبذا يسحب البساط ليس من الصادق المهدي ، وانما من المعارضة بأكملها ، بتصوير الأنصار كلهم مع النظام _ طالما أن امامهم راض عن النظام _ وقد شكّل تسليم مسجد الخليفة عبدالله الى جماعة احمد المهدي منتصف التسعينات توجسا كبيرا بأن الانقاذ تسعي فعلا _ وبسلاح الترغيب _ الى تدجين الكيان ، وتضعيف دور هيئة شؤون الانصار التى كانت تضطلع آنذاك بمجهود كبير فى تعرية الانقاذ بخطاب اسلامي معتدل _ ولا زالت _ . الا ان الاتكاء على هذا وحده ، لا ينزع التوجس من مخاطر هذا الدمج على حزب الأمة من عقولنا . فالصحيح أيضا _ الى جانب هذه القراءة _ أن ارباكات شتي ستنشب فى داخل حزب الأمة ليس أقلها ما يمكن أن يطرأ من قدسية على أفكار وطروحات السيد الصادق "رئيس الحزب" بوصفه اماما للأنصار ، وبوصف خطاباته الفكرية لم تدرس بعناية لغاية الآن ، بقصد فصل خطاب الكيان عن خطاب الحزب ، ولأن تشكّل تيارات فكرية تخلق شيئا من التوازن _ والحال هذي _ لا زال فى علم الغيب ، ولأن عملية تثقيف جماهير الحزب ، وفصل الخطابين فى اطار توضيحهما ، لا زالت فى غاية البطء . اذن فان المنتظر هو اشكال فكري مرهق ، يتطلب مجهودا ضخما على مستويين ، المستوي الأول هو النخبة الموجودة فى هيئة شؤون الأنصار ، والمستوي الثاني هو نخب حزب الأمة . فالنخب الأولي مسؤولة عن دراسة الاجتهادات الفكرية فى سياقها الدعوي ، وعزلها ما أمكن عن خطاب حزب الأمة السياسي ، فضلا عن تأكيد حضور الشخوص الأنصارية فى قيادة الحزب بوصفها شخوص سودانية ، وليس من باب أن كيان الأنصار كان مدخلا لها ، والواجب ايضا الاكتفاء بالألقاب"امام" " أمير" و" شيخ" فى داخل الكيان ، والبعد ما أمكن عن ترسيمها فى فضاء الحزب . أما المستوي المتعلق بنخب الحزب ، فهو مسؤولية أكثر جسامة ، اذ لا تنحصر فقط فى فرز الخطابين ، وانما ايضا بترسيخ مفاهيم محددة تفكّ الارتباط نهائيا بين "الامامة" والعمل السياسي ، أى بعزل الدور الدعوي والديني عن اهاب الحزب والتعاطي مع الشؤون السياسية بهذا الفهم المتيح للاختلاف والنقد والتقويم من دون قداسة ومن دون اعتبارات "غير سياسية" فضلا عن دور كبير محتوم ، باعادة صياغة وبلورة أشكال الصراعات ، وتخليق التيارات ، وتكريس الحوارات الداخلية فى اتجاه حداثي يأخذ بالحسبان أول ما يأخذ ، عمل نقلة نوعية فى اوساط الجماهير ، وتحويل قطاعاتها من حالة "الكم" المراهن عليها بقوة الى حالة "الكيف" المراهن عليها بقوة أكبر !! ففى ذلك تكمن جملة مباديء فى مقدمتها تبديل "الولاء " الى قناعة بالبرنامج السياسي ، وتفجير طاقات قطاعات مقدرة فى اتجاه بناء حزبي حديث ، وجعل جماهير الحزب مشاركة فعلا فى صناعة القرار السياسي ، والمصادقة على البرامج السياسية ، والمداولة بشأن القضايا الفكرية . هذا جزء من "تأملات " فكرية ، يفترض الا تنطبق عليها أى مقاييس أكاديمية ، وهى نوع من التواصل الفكري مع الجميع بغرض الاسهام والتداول . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
الشقيقة ... لنا
التنظيم الطلابي للأنصار وحزب الأمة في باكستان هو (وكالمعتاد) في صراع مع الجبهة الديمقراطية، وحين اشتداد وتيرة النقاش كان الأحباب يتهمون الشيوعيين بأنهم من سنوا سنة الانقلابات في البلاد... وطبعا كان الزملاء يغنون لهم (أقرا تاريخك وأقيف) ... الشعور العام الذي نتج هو أن القوى السياسية تزور التاريخ لمصلحتها ....
قراءة التاريخ هنا اتسمت بالشفافية ...
Quote: إن مسئولية حزب الأمة أو بعض تياراته عن الانقلاب لا يمكن نكرانها، |
دا ما النقد الذاتي بتاع الشيوعيين زااااتو
رؤية الاحزاب الاتحادية نفسها كانت مختلفة حول شكل الاتحاد مع مصر، ولكن في ظني حسم هذا الأمر مع توحد تلك الأحزاب في 1953م .. ولوحظ توجه الحزب الموحد (الوطني الاتحادي) من خلال فترة توليه الحكم فقد أنجز مهمة سودنة الوظائف في فترة قياسية ..
Quote: وصار الرئيس إسماعيل الأزهري يسافر إلى مدن السودان وأقاليمه فيستقبل استقبالات شعبية كبيرة يحمل الناس فيها الأعلام ويهتفون: عاش السودان حرا مستقلا |
التحية للزعيم الأزهري أبوالاستقلال زي ما قرونا في المدرسة
والتحية ليك يا شقيقة وننتظر المزيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: Hani Abuelgasim)
|
الحبيب هانى يسعدنى مرورك دائماً الإتجاه التبريري في العمل العام لا يقود إلا إلى التهلكة لو أخطاً حزب ما في مرحلة من مراحل تاريخه و اكتشف أن عليه أن يعتذر فيجب أن يعتذر عن هذا الخطأ و بهذا يواصل مسيرته النضالية بضمير مرتاح مهما استغلت القوى السياسية الأخرى هذا الاعتذار لتجريمه أو لإثبات خطأه في مرحلة ما.. أكيد كان لتوحد القوى المطالبة بالاتحاد مع مصر دوراً في تغيير نظرتها لكثير من المستجدات التى ما كانت لتتبينها و هى متفرقة محبتى تخريمة/نقلا عن ردى الاول على مداخلتك الاولى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
الأخت الحبيبة لنا سلامات وشكرا على التزكية الحديث عن حزب الأمة يحتاج بالفعل للرجوع الى الوراء قليلا لنفض ما علق من غبار سياسي ان صح التعبير على جسم هذا الحزب الذي يزداد المنتمين له قوة به كلما اشتدت الأزمات ومثل هذا الطرح يتطلب بالطبع التجرد والنظر بموضوعية لما كتب عن تاريخ السودان الاجتماعي الحديث فيما يتعلق بالهوية والوطنية وعلاقة ذلك بالعمل السياس لفترة ما قبل وبعد الاستقلال. سأعود قريبا
عبدالله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: Abdalla Gasmelseed)
|
Quote: الأخت الحبيبة لنا سلامات وشكرا على التزكية الحديث عن حزب الأمة يحتاج بالفعل للرجوع الى الوراء قليلا لنفض ما علق من غبار سياسي ان صح التعبير على جسم هذا الحزب الذي يزداد المنتمين له قوة به كلما اشتدت الأزمات ومثل هذا الطرح يتطلب بالطبع التجرد والنظر بموضوعية لما كتب عن تاريخ السودان الاجتماعي الحديث فيما يتعلق بالهوية والوطنية وعلاقة ذلك بالعمل السياس لفترة ما قبل وبعد الاستقلال. سأعود قريبا
عبدالله |
الحبيب دكتور عبد الله قسم السيد ألف مرحبا بك هنا وشرف مرورك بهذا البوست أثمن ما كتبت هنا عالياً و أؤكد أن فيه المخرج لكل أزماتنا الراهنة على الصعد السياسية و الاجتماعية و الفكرية محبتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حزب الأمة القومي..حصان السباق الرابح في الحركة السياسية السودانية!!!! (Re: lana mahdi)
|
ام درمان : احمد سر الختم
دعا السيد الصادق المهدي امام الانصار ورئىس حزب الامة القومي الحكومة الي القيام بمراجعة جذرية للحكم الشمولي واحتكار السلطة والمال مشيرا الي ضرورة إزالة الظلم وبسط العدالة وعودة الديمقراطية .
وقال الامام الصادق في خطبته التي القاها امام عشرات الآلاف من المصلين بمسجد الهجرة بودنوباوي امس ان فشل تجربة الحكم التي طبقت لا تعني فشل الاسلام مبينا ان الاسلام بريء من الظلم والفساد وناشد الامام الصادق من وصفهم بالاسلامويين بالشروع في مراجعات فكرية للانتقال من الفكر الانكفائي الي الفكر المستنير .
وفيما يلي تنشر «اخبار اليوم» تلخيصا للخطبة التي قدمها الامام الصادق المهدي امس :
احبابي في الله واخواني في الوطن العزيز
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته
غبت عنكم بالجسد لكنني كنت وانتم معي متصلين بالقلوب والعقول وفي هذه الفترة التي غبت فيها حضرت مؤتمرا في عمان تناول العلاقات العربية الاوروبية واكد علي اهميتها ولكي تقوم تلك العلاقات بنجاح لا بد من انسجام الموقف العربي الرسمي مع الموقف العربي الشعبي وتوحيد ارادة القوة العربية وهنالك شروط مستوفاه من الجانب الاوروبي وهي ان يستقل عن الموقف الامريكي ويسعي لحل ازمات المنطقة المشتعلة والملتهبة ويهتم بالضلع الشعبي ولا يقتصر المفاوضات علي الجانب الرسمي ،
ويوالي الامام الصادق حديثه في الخطبة قائلا : وفي مدريد شاركت في مؤتمر عن الديمقراطية والارهاب والامن أكد المؤتمر علي ان الديمقراطية من وسائل ايجاد الحلول السلمية للنزاعات وان الارهاب مرفوض ومدان ولكنه لا يشمل المقاومة المشروعة للاحتلال واشار المؤتمر الي ضرورة ازالة الارهاب وازالة المظالم وان المحاكمات يجب ان تتم دون اسقاط للحقوق الانسانية .
واوضح الامام الصادق انه سيشارك في ابريل القادم في مؤتمر بالدوحة ويلبي دعوة قدمها له الرئيس الايراني بغية حضور خطابه لليونسكو ويتوجه لجنوب افريقيا للمشاركة في مؤتمر .
عندما نتأمل موضوع الحكم يجب ان نتذكر ما تضمنه الكتاب الذي تضمن حديث اجهزة الاعلام الامريكية والغربية والاسئلة التي طرحت عن كيفية مواجهة الخطر الاسلامي الزاحف حيث اوضحت اجهزة الامن ان افضل الوسائل لمواجهة الخطر الاسلامي هي رفع شعارات باسم الاسلام وتطبيقها فتخفق تجربته وينفض الناس من حوله .
ويواصل الامام الصادق حديثه مبينا : نتذكر هذا الكتاب ونتحدث عن نموذج الحكم الحالي بالسودان وكيف انه عبر اخفاقه يخدم هذه الخطة العامة التي طرحها الكتاب واضاف الامام الصادق ان اخوتنا الاسلامويين ونقول ذلك لان كلمة الاسلاميين تشملنا جميعا وهم اسلامويون لانهم نقلوا الطرح الي( فكروية السلطة) ولقد حقق الاسلامويون امرين ايجابيين :
1/ نقلوا الفكر الاسلامي من كونه يعني بالمحافظة علي الاوضاع الي مشروع نهضوي .
2/ استطاعوا ان ينافسوا تيارات اخري باسم الاسلام مثل الشيوعية ولكنهم نكبوا في امرين هما :
اولا : استعجال السلطة السياسية بوسائل الانقلاب العسكري وهو وسيلة غير مشروعة لان امر المسلمين شوري وان خطوة الاستيلاء علي السلطة بالانقلاب خطأ جسيم .
ثانيا : الخطأ الثاني الذي ارتكبوه انهم وبعد الاستيلاء علي السلطة بوسيلة غير مشروعة استغرقوا في امور متعلقة بالجاه والمال وقديما قيل كل من تعلق بشيء اكبر من طاقته حقق نقيض ما يريد .
وتطرق الامام الصادق لنتائج تجربة اطروحة الحكومة الحالية وموقفها الان قائلا نتيجة هذه التجربة كالاتي :
اولا الاهتمام بالسلطة كاولوية قصوي جعلهم يتقاتلون حولها وكان الانقسام في صفوفهم ، كذلك دفعهم الاهتمام بالسلطة الي تفريق الكلمة الوطنية والعمل علي تمزيق الكيانات الوطنية وخلق كيانات كيدية وضارة .
ثانيا خلقوا بتعاملهم بالفعل ورد الفعل منظومات اثنية مسيسة ومسلحة وادت سياسات الحكومة الي تمزيق البلاد وخلق المآسي الانسانية وتدويل الشأن السوداني واضحت كل دول العالم ومن لها يشرعون لتقديم الاقتراحات لمعالجة قضايا السودان فكانت الوصايا الدولية واصبحت بلادنا مضربا للمثل في الاعتماد علي الغير .
ويواصل الامام الصادق حديثه عن اصحاب تجربة الحكم الحالية قائلا : ادرك بعضهم من العقلاء ضرورة مراجعة ذلك الامر ولكن ان اعادة الهيكلة ليست كافية لانه لا يمكن معالجة مرض السل بحبات الاسبرين ولهذا لابد ان يتجهوا اتجاها كليا لنظرة مغايرة فعلي الصعيد الفكري عليهم الانتقال من الفكر الانكفائي الي الفكر المستنير كذلك انهم قاموا عبر حزبهم باحتكار السلطة والمال ظلما وفرضوا حكما استبداديا لا بد من مراجعته لا مراجعة تكتيكية فوقية بل مراجعة جذرية لكي يتمكنوا من بناء مستقبل لانفسهم واذا لم يفعلوا ذلك سيفتح الطريق للاتي :
1/ خيار النقيض ويكون رده فعل فكرية نتاجا للنهج الضيق والانكفائي .
ويقول الامام الصادق ان الخيار الذي نقوله ان فشل التجربة لا يعني فشل الاسلام بل فشل مشروعهم الذي طبقوه لان الاسلام بريء من الظلم والفساد والتعصب والاسلام مؤهل لاستيعاب الاخرين في ديمقراطية عادلة وان العروبة لها دورها في السودان ومؤهلة للتعايش مع الاخرين في ظل التعددية ليأخذ الجميع حقوقهم في وطن متعدد الثقافات والاديان . والثقافة العربية كانت وما زالت ثقافة انسانية قادرة علي الافادة والاستفادة من الآخرين وهي ليست ثقافة استعلاء .
وقال الامام الصادق اننا سنساهم في هذا الاطار بالطرح الاسلامي الذي يؤكد علي استيعاب الاخرين والعروبة وذلك لاخراجهما من الضيق الذي حشرا فيه بفعل اصحاب الفكر الانكفائي الضيق .
واضاف ما نحن بصدده الان في السودان يتزامن مع عمل الغلاة الذين يريدون نظاما اسلاميا انكفائيا وكذلك هنالك الغزاة الذين احسوا بالغلاة فجاءوا بخطط الهيمنة العالمية ويوالي الامام الصادق حديثه قائلا لا بد من انقاذ الاسلام من الغلاة والغزاة حتي نحقق له دوره التاريخي .
الخطبة الثانية
وتناول في خطبته الثانية اتفاقيات السلام ما بها وما عليها وكيفية تحقيق السلام العادل ومؤتمر القمة العربية .
وقال الامام الصادق اننا رحبنا باتفاقيات السلام لانها حققت امرين :
1/ وقف القتال في الجبهات الجنوبية
2/ بشرت بنهاية الشمولية
ويواصل الامام حديثه ولكن الاتفاقيات قامت علي درجة عالية من الفوقية وانطوت علي درجة عالية من الراقع الاجنبي ومن اهم آثاره السلبية الاتي :
1/ كلما اختلف المفاوضون يأتي الوسطاء الاجانب للتوفيق بين وجهتي النظر عبر صيغة حمالة اوجه يفسرها كل طرف وفق ما يريد وهذا ادي الي بروز النقاط الرمادية لا هي بيضاء ولا سوداء وليختلف طرفا التفاوض في تفسير النصوص
2/ تضمنت الاتفاقيات تحديد جداول زمنية وتواريخ محددة لتنفيذ بعض ما اتفق عليه ولقد وضعت تلك التواريخ بصورة غير مناسبة للواقع ولذلك فان الدستور الذي قرر ان تضعه لجنة خلال اسبوعين لم ينجز حتي الان علي الرغم من مرور اكثر من شهرين .
ويقول الامام الصادق ان الاتفاقيات قامت علي افتراضات غير صحيحة ويجب ان يعترفوا بانها خاطئة وهي
1/ان افتراض ان مشاكل السودان شمالية جنوبية غير صحيح لان هنالك مشاكل شمالية شمالية وجنوبية جنوبية .
2/ افتراض ان الحكومة تمثل الشمال والحركة تمثل الجنوب خطأ .
3/ افتراض ان القوي المغيبة من التفاوض ستقبل بحكم الامر الواقع افتراض غير صحيح .
وقال الامام الصادق ان ما طرحه الوسطاء من دستور بثلاث صيغ الاول للفترة الانتقالية وآخر لفترة ما بعد الانتخابات ومشروع الدستور المطروح حاليا مبينا ان الدستور الذي يفصل علي اتفاقيات نيفاشا يعيد انتاج العيوب واوضح الامام الصادق ان المسرح السياسي السوداني الان امام الاتي :
1/ حكم ائتلافي ثنائي اقصائي للآخرين تقزمه ثلاث تاءات تاء التباغض ، تاء التناقض ، تاء التحالف مع الضد مشيرا لتحالفات الحركة الشعبية مع بعض القوي مثل المؤتمر الشعبي وبعض الدول التي هي علي خلاف مع الحكومة وغيرها .
2/ توجد جبهات توتر واقتتال في غرب السودان وتوتر في الشرق
3 المسرح السياسي الدولي له دوره فمجلس الامن الدولي شارك بموجب الفصل السادس بشأن اتفاقيات السلام ويتدخل بموجب الفصل السابع في الشأن السوداني ففي الفصل الاول يشارك بصفة الوسيط والرقيب والمحايد وفي الفصل السابع يتدخل بدور الشرطي ويلاحق النظام علي الاتهامات الخاصة بانتهاك حقوق الانسان . وبالتالي يوجد تناقض في دور الاسرة الدولية بشأن السودان .
4/ توجد جبهة عريضة ترحب بالسلام وترفض الحكم الاقصائي وسينمو التحدي المدني بصورة شعبية واسعة وان كل شعوب في العالم الان تحركت للتعبير عن رأيها وحدث ذلك في اوكرانيا وجورجيا وغيرها وهذه مرحلة انتفاضة الشعوب التي سنها السودانيون . ويواصل الامام الصادق حديثه قائلا ان البعد الشعبي المدني سيكون له دوره ولن يتحقق السلام العادل الشامل والاستقرار والديمقراطية الا بعر عقد الملتقي القومي الجامع بدون مناورات والاعيب .
ويواصل الامام الصادق حديثه في خطبته الثانية قائلا اكدنا من قبل لكل العالم وجهة نظرنا ونعلن ترحيبنا بوفد الحركة الشعبية القادم للخرطوم وسنخاطبه ونؤكد ان الوضع السليم ان ارادوا الدور المطلوب هو نقل الاتفاقية من الثنائية الي القومية . والتأكيد علي ضرورة الحوار الجنوبي الجنوبي والشمالي الشمالي ودون ذلك لن تجد الامور علاجها الكافي .
مؤتمر القمة العربية
وتحدث الامام الصادق في خطبته الثانية عن مؤتمر القمة العربية وقال ان ما خلصت له القمة لم يرتق للمستوي الذي تتطلع له الشعوب والمقاييس الدولية التي تتطلب الاهتمام بالحكم الراشد والشفافية وسيادة حكم القانون مبينا ان مساندة الحكومات دون مناصحتها يعني تكريس الازمات واضاف الامام الصادق ان القمة العربية شجبت التدخلات الدولية ولكنها لم تتطرق لحل المشكلات التي جاءت عبرها التدخلات موضحا ان التدخلات الدولية تأتي نتاجا للعجز الوطني والاقليمي في حل القضايا الداخلية .
قائلا : للاسف الشديد كان مؤتمر القمة العربية كثير الاماني قليل المزايا .
من جهة اخري اعلن حزب الامة القومي عن احتفال حاشد سيقيمه في يوم الاربعاء السادس من ابريل القادم بحوش الخليفة بام درمان وذلك احتفالا بذكري انتفاضة ابريل المجيدة وناشد الحزب جماهيره حضور الاحتفال الذي يخاطبه السيد الصادق المهدي امام الانصار ورئىس حزب الامة القومي .
مـن غيرنا درعك ياوطن ....السايقة واصلة...صنعاء وإن طال السفر
إن موعدنا صندوق الإقتراع
| |
|
|
|
|
|
|
|