Quote: نقل الصحفي السوداني لقمان أحمد شهادة إنسانية بالغة القسوة من داخل مخيم كرياندنقو للاجئين السودانيين بمدينة بيالي شمالي أوغندا، واصفًا التحوّل العميق الذي يعيشه الزائر فور دخوله المعسكر، حيث لا يعود مجرد مراسل أو شاهد، بل يصبح لاجئًا يعيش التجربة بكاملها.
وقال لقمان أحمد، المدير الأسبق لمكتب الـBBC في واشنطن، في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك، إن الدخول إلى معسكر كرياندنقو ينقل الإنسان مباشرة من موقع المراقبة والقراءة إلى المعايشة الكاملة، وسط أناس «هم أهلك القادمون من كل بقاع السودان».
وأوضح أن اللقاء بأي أسرة أو مجموعة من اللاجئين يحوّل المعسكر بأكمله إلى أسرة واحدة، تتردد على ألسنة أفرادها عبارة واحدة: «أرجو أن تتحمّل وتتحلّى برباطة جأش»، غير أن الواقع لا يترك مجالًا إلا للدموع.
ويعيش في المعسكر نحو 90 ألف لاجئ سوداني في مساكن بدائية تشبه الأكواخ، بعضها مشيّد من الحصير، وأخرى قائمة على أعواد خشبية متهالكة تغطيها مشمعات لا تصمد سوى أشهر قليلة. وأشار لقمان إلى أن قلة فقط تتمكن من استبدال هذه المساكن، بينما يعجز الغالبية عن ذلك، في انتظار مستقبل مجهول.
وأضاف أن استمرار الحرب في السودان يجعل مصير هؤلاء اللاجئين معلقًا بين قسوة المنفى، أو انتظار يوم قد يُجبر فيه من تبقى على الاختيار بين العودة إلى وطن لم ينجح أبناؤه بعد في تحقيق الاستقرار، أو البقاء في واقع يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة.
ووصف لقمان مشهد المعسكر بأنه مساحات زراعية تنتشر فيها الخيام البالية، وسط الأعشاب والأحراش، حيث يتعايش اللاجئون قسرًا مع الثعابين والحشرات والبعوض وسائر كائنات البر، في ظروف «يتساوى فيها الإنسان والحيوان والحشرة في قسوتها».
وأشار في تدوينته إلى أن الحياة في المخيم تفرض على سكانه الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم، من الطعام المحلي، لافتًا إلى أن كثيرين أخبروه بأنهم لم يتناولوا اللحم منذ أكثر من ثلاثة أشهر. كما أكد أن أعدادًا كبيرة من الأطفال يعانون سوء التغذية، وتبدو عليهم علامات الوهن والإجهاد.
وروى لقمان مشهد جلوسه مع مجموعة من الأطفال لتناول وجبة من اللحم والأرز والفاكهة، قائلاً إن ذلك أعاد إلى ذهنه التحذير الأول: «تحمّل وتحلَّ برباطة جأش»، مضيفًا: «لم أستطع… وسألت نفسي: ما الذي يمنع توفير ثلاث وجبات يوميًا لهؤلاء الأطفال؟ لم أجد إجابة».
وختم الصحفي السوداني شهادته بالقول إن اللاجئين في معسكر كرياندنقو يمثلون مادة لا تنضب للروايات الإنسانية الموجعة، موضحًا أنه قضى يومه الأول بينهم يصارع الصدمة، محاولًا نقل مآسيهم وتقديم ما أمكن من عون، على أمل أن يكون هذا الجهد مستمرًا، لا مجرد زيارة عابرة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة