# من سيرة فاطنة بت عثمان

# من سيرة فاطنة بت عثمان


12-16-2025, 08:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1765874854&rn=0


Post: #1
Title: # من سيرة فاطنة بت عثمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-16-2025, 08:47 AM

08:47 AM December, 16 2025

سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر



من سيرة فاطنة بت عثمان:‏
‏ (لم تكن فاطنة بت عثمان بالنسبة لأهل قريتنا مجرد امرأة عادية. بل كانت نعمة ساقها الله لهم. كانت كذلك ‏كنخلة سامقة تؤتي أكلها خيرا وبركة في كل المواسم. جاءت إلى قريتنا غريبة عنها لكنها انغرست في جذورها، ‏وأصبحت جزء عزيزا منها. كنا نراها نحن كشجرة تفاح تفوح رحيقا وثمرا في عز موسمها، لكنها ثمارها عصية ‏على القطف). ‏
فاطنة: ‏
لم تكن فاطنة من قريتنا ولكنها جاء بها القدر إليها يوما وأصبحت أصيلا جزأً منها. كانت فاطنة في حوالي ‏نهاية الثلاثينات من العمر، وكنا نحن شبابا ناضجين. كانت ملامحها تطل منها البساطة وتضفي عليها بحة ‏الصوت والابتسامة التلقائية مزيدا من الجاذبية والألق. رغم ذلك لم تكن فاطنة شخصية هشة أو ضعيفة بل ‏كانت لها شخصية قوية وصرامة تظهر عندما تشعر بأن (الحال مايل) كما تقول أو عندما يتعدى أحد حدوده. ‏لم فاطنة تنل سوى تعليما أوليا إلا أن ذكاءها الفطري لم يخذلها يوما في كل المواقف.‏

رغم قصة علاقتها بالجن وزواجه منها لم يمنع ذلك أهل القرية من تقبُّلِها ولم يمنعها هي من الاندماج في ‏الاندماج في الحياة اليومية لبلدتنا. ‏
بمرور الأيام صارت فاطنة تشارك في كل مناسبات القرية، بكل تفاصيلها بدءً من الإعدادات والترتيبات الأولية ‏وحتى مراسم استقبال الضيوف وتقديم الطعام. اعتاد الناس أن يرونها في هذه المناسبات وهي تقف شامخة ‏وسط الجميع بقامتها الفارعة أو وهي منهمكة في الحركة يمنة ويسرة خلال الترتيبات. ولا تكتسب الحفلات ‏ومناسبات الفرح بهجتها إلا في وجودها، ولا يكتمل ألق المناسبات إلا بمشاركة فاطنة فيها بالغناء أو الرقص ‏أحيانا أو القيام بالمساعدة في الترتيبات وواجبات الضيافة. رغم ذلك، كانت النساء يعملن لها ألف حساب. ففي ‏وجودها لا تغيب الغيرة من قلوب الكثيرات. فكثيرا ما كان النساء يلاحظن بريق الإعجاب يسطع في عيون ‏أزواجهن وعيون الرجال الآخرين. في المناسبات كانت فاطنة تثير إعجاب كل من ينظر إليها وتجذب الانتباه. ‏في زخم الاحتفال كانت العيون تلاحقها وهي تمشي في رشاقة، أو وهي ترسم ابتسامتها الخجولة على وجهها ‏الوضيء حتى ولو توارت أحيانا بعيدا خلف الصفوف.‏
‏ كثيرا ما كان الرجال لا يستطيعون وإن حاولوا، كتم إعجابا طلَّ في أعينهم، وكثيرا ما كان يرى لمعَه نساؤهن ‏من بعيد، فتثور في نفوسهن غيرةُ كتوم. بخلاف النظرات العابرة والمعجبة والمتلصصة كان بعضهم يستبيه ‏غرور اللحظة والفتون معا لكي يبدي إعجابا فرض نفسه مُمنَّياً إياها بتجاوبٍ عابرٍ يُرضي غروره. وبالطبع ‏هناك من تدفعه الجرأة لأبعد من ذلك. ولكن لكل من هؤلاء وهؤلاء كانت نظرة واحدة منها كافية ليرتد إليهم ‏إعجابهم وهو حسير.‏
وكانت هي تحس بكل ذلك بحاسة امرأة فطِنة تعرف ما يجب عليها في ظروف وضعها الحساس. فكانت هي ‏تتجاوز مثل تلك الموقف بكل لباقة، دون إحراج للطرف الآخر إلا إذا تجاوز حدود اللياقة. كثيرا ما كان يحاول ‏بعضهم في أول أيام وصولها للقرية بشيء من المكر والدهاء إرسال رسائل إعجاب مبطَّنة، ولكنها سرعان ما ‏تردهم على أعقابهم خائبين. وفي حالات استثنائية أخرى كانت تلجأ لأساليب أكثر صرامة لإيقاف التصرفات ‏المتجاوزة، ليس أقلها تلك النظرة الزاجرة التي عُرِفت بها والملامح الحازمة التي ترتسم على ملامحها حينئذ ‏فيحس هو كأن كل الكون قد وقف ليشاهد انكساره. ‏
لذلك كان معظمهم يكتفي فقط بنظرات الإعجاب دون أن يجرؤ على أن يتعدى الحدود التي فرضتها على ‏الجميع خاصة الرجال منهم. في كل الأحوال كانت قد تعودت أن تتصرف بما يبعد عن أي شك أو ارتياب، ‏فوضعها في القرية حساس، كما أنه لم يكن يشغلها أصلا بالرجال شاغل كما كانت تردد دائما عندما تُسأل. ‏
يتذكر أهل قريتنا جيدا كيف أن عبد الصمد أحد رموز القرية لمجرد أن فاتحها بشكل مباشر وعلني في موضوع ‏الزواج اضطرته لأن يسحب طلبه ويغادر وهو كظيم.‏
بالرغم من كل ذلك كان هناك من يملك جرعة إضافية من الجرأة فيسألها لماذا لا تتزوج أو غير ذلك من تلك ‏الأسئلة التي تعتبرها أسئلة خاصة. وكانت هي تحس بأن مثل الأسئلة حول الزواج تحس بها تخنقها وتثير ‏هدوء أعصابها فيكون ردها عليها بصمت حرون والتفاتة وإشاحة بالوجه بعيدا للجهة المعاكسة. عرف عنها ‏الجميع ذلك فصاروا يتحاشون طرح مثل تلك الأسئلة. ولكن الأدهى من ذلك أن بعضا ممن ذاق حرج ردِّها ‏كان يعزي ذلك، كذبا وبهتانا لأنها لازالت على ذمة ذلك الجني.‏

بالطبع كان ردة فعلها تجاه سؤال النساء لها عن الزواج أقل حدة بكثير من حدة ردها للرجال. فغالبا يكون ردها ‏حينئذ شبح ابتسامة خفيفة أو الرد بعبارة "إن شاء الله ..سأفكِّر" أو "إذا جاء النصيب من الله " وغير ذلك من ‏الردود الدبلوماسية. ‏

أما نحن الذين كنا نصغرها سنا فكنا نجد مساحة من الحرية والأمان في توجيه الأسئلة المازحة ومداعبتها أحيان ‏دون خوف رد فعلها:‏
‏-كم عمرك يا فاطنة؟ ‏
فتبتسم ولا ترد.. فنحاول استدراجها للرد: ‏
‏-نقول لها أربعين؟؟
فترد بحزم مفتعل: ‏
‏-لا لا
‏-طيب كم؟
‏-؟؟
‏-قولي
‏- يمكن عشرين... يمكن ثلاثين. ثم تنفجر ضاحكة. ‏
‏- يعني ما متأكدة؟
‏- لا ما متأكدة ثم تضحك مرة أخرى.‏
كانت تعرف أن السؤال مفخخا، لكنها تتجاوزه بذكائها وخفة دمها.‏

Post: #2
Title: Re: # من سيرة فاطنة بت عثمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-18-2025, 05:07 AM
Parent: #1

مسكينة فاطنة بت عثمان..
جات في زمن الحرب

Post: #3
Title: Re: # من سيرة فاطنة بت عثمان
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-18-2025, 06:02 AM
Parent: #2

للقصة بقية