# الصحفية المتمردة

# الصحفية المتمردة


12-01-2025, 08:07 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=515&msg=1764576443&rn=0


Post: #1
Title: # الصحفية المتمردة
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-01-2025, 08:07 AM

08:07 AM December, 01 2025

سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصر



‏" الزواج ليس نهاية المطاف للمرأة".‏

Post: #2
Title: Re: # الصحفية المتمردة
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 12-01-2025, 08:15 AM
Parent: #1



‏" تحولات" ‏
بالأمس ليلا حاولت أن تواصل قراءة رواية زوربا اليوناني حتى النهاية، ولكن النوم أخذها على ‏حين غِرّة.
استيقظت وهي تشعر بالارتياح والتفاؤل كأن الرواية بثت فيها روح زوربا الواثقة ‏المتفائلة. منذ أيام وهي تحاول ألا تعطي الأشياء
حجما أكبر مما تستحق، وهي تعلم بذلك أنها ‏تسبح عكس تيار طبيعتها. كانت بطبيعتها لا تعرف أنصاف الحلول ولا المساومة التي
تعتبرها ‏تنازلا مهينا..هل هي أقرب لمبادي نيتشة؟ حيث كان زوجها السابق يصفها بذلك؟ حتى هي لا ‏تستطيع الإجابة، ولكنها ترى
أنها متصالحة مع نفسها. كانت دائما تدير نفسها عن الجانب ‏الهاديء من الحياة.‏
أخذت نفسا عميقا فقد حان وقت الذهاب للمكتب. وقفت وهي تضع لمساتها الأخير أمام المرآة ‏لتستفتيها، اعتادت أن تقف أمامها
للتأكد من أن منسوب الثقة بصورتها لم يتأثر. حتى المرآة ‏ليست على حال واحد دائما، فأحيانا تبدي أشياء وأحيانا تخفي أشياء.
بالإضافة إلى ثقتها بنفسها ‏فقد اتخذت المرآة مستشارها النفسي والمعنوي المعتمد. دقائق قليلة كانت كافية لترضى عن ‏مظهرها،
فهي تحاول أن تكون واقعية في كل شيء. ظاهريا لا يهمها رأي الآخرين ولا دبيب ‏العمر في السحنات. فهي تعرف نقاط قوتها،
ورصيدها من الجاذبية والأناقة اللتان توظفهما في ‏حدودهما المنطقية بعيدا عن الابتذال.‏
‏ كانت مقتنعة بأنه لا يزال أمامها عدة سنوات، لذلك فلتؤجل أجندتها الخاصة وأهدافها الشخصية، ‏ليس فقط كأنثى، ولكن حتى
كإنسانة تشعر بأن لها دور يتعدى نفسها. كانت هي تدرك بأنها ‏بذلك استبدلت شيئا بشيء، آخر، فلا مجال للندم. بالرغم من كل
ذلك لم يخذلها تماسكها ولا ‏ذكاؤها يوما في أن تكون متوازنة في علاقاتها وفي أمنياتها وطموحاتها، وفي كل شيء. ‏
لاحظت أنها في الفترة الأخيرة صارت تشعر بشيء من التوتر الداخلي والقلق. هو شعور لم تكن ‏تشعر به بهما من قبل حتى
بعد أن انفصلت عن زوجها السابق. عندما تزوجته لم تكن تبحث ‏عن زوج بوسامة فائقة أو غني يفيض عن الحاجة، بل رجل ذو
مواصفات معقولة في كل ‏شيء. كانت وظيفتها كصحفية تحتم عليها وجود زوج متفاهم، يقدر أفكارها ويحترم تطلعاتها ‏وطموحاتها
في أن تكون صحفية ناجحة. حينما ظهر هو في حياتها رأت في البداية أنه أكثر ‏مما كانت تحلم به، فتزوجته دون كثير تردد. ككثير
من الأشياء في الحياة لا تسير الأمور كما ‏كانت تشير البدايات عاشت معه لمدة عامين ونصف، حياة معقولة، ثم انتهى كل شيء.
‏اكتشفت لاحقا نرجسيته، وتمحوره حول ذاته، وبأنه غير قابل للتضحية أو التنازل.‏
كان ذلك اختبارا لثباتها العاطفي والنفسي، حاولت معه لتعديل الوضع، لكنها فشلت، فاختارت ‏الانفصال.‏
الساعة الآن السابعة والنصف صباحا. خلال دقائق كانت قد لبست، وتعطرت وتأنقت بما يكفي، ‏ثم خطفت حقيبتها، وخرجت.
القت بنفسها في زخم الحياة في الشارع، وخلال نصف ساعة كانت ‏داخل مبنى الصحيفة.‏
حيّت زميلاتها، بود مرِح بعد أن دخلت المكتب. تبادلت معن الابتسام عندما أغدقنا عليها ‏التعليقات المازحة لأناقتها. جلست
بعد أن أطلقت تنهيدة ارتياح وهي تتلقى جرعة ثقة كبيرة من ‏تعليقات زميلاتها، وكذلك من نظرات زملائها.‏
فحصت كوم الأوراق فوق مكتبها، ثم فتحت جهاز الحاسوب ودخلت إلى حسابها البريدي. لم ‏يكن فيه جديد يستحق سوى
تعليقات عادية ورسالة إشادة ورد من زميلة سابقة تزوجت من ‏صحفي وتبدو حياتهما ناجحة:‏
‏- لا أشجع الزواج المهني. خاصة إذا كان الزوجين في مكان عمل واحد. قالتها في نفسها.‏
بعد دقائق كانت هناك رسالتين إحداهما رسالة غاضبة، ومليئة بالسخرية والتهكم، أزعجتها الرسالة ‏قليلا وهي تصف
أسلوبها بالأسلوب الفيمنستي المسترجل.‏
سرحت قليلا. ثم قالت في نفسها أنها تود أن ترتاح قليلا من مواصلة الكتابة في نفس الموضوع. ‏اليوم موضوع قديم تنوي
تقديمه للطباعة. كانت دوما معتدة برأيها، لكنها بدأت في الفترة الأخيرة ‏سلسلة من المراجعات. هذه التراجعات، لم تعجب
الكثيرين عدها البعض نوع من التنازلات مدفوعة ‏الثمن.‏
كانت دائما تحاول إشراك القراء في كتاباتها وتجربتها، من خلال تلقي رسائلهم وتعليقاتهم لتقييم ‏تجربتها. كانت صريحة
في طرح آرائها على الدوام. ضمن إطار مراجعاتها الذاتية نحت في ‏مقالاتها الأخيرة منحىً جديد بعيدا عن السياسة، التي
كانت قد تخصصت في كتابة مقالاتها. ‏بدأت تكتب عن موضوعات ذات طابع اجتماعي يعكس قناعاتها الذاتية. ‏
خلال الأيام الماضية تسلل شيء من القلق إلى روحها وإلى تفكيرها. أحيانا يجد الإنسان نفسه ‏حائرا حينما تطفو على السطح
فجأة موضوعات تتعلق بالقناعات الشخصية وبالاصطدام بواقع ‏الحياة. هي أشياء تفك كل أسباب القلق من عقالها. بدأت
تتساءل عن وضعها وعن مدى ‏نجاحها أو إخفاقاتها في مسيرتها المهنية والعاطفية والشخصية. وضعت تجاربها السابقة
أمامها ‏بكل إخفاقاتها وتساءلت في أي خانة نضع إخفاقاتنا ونجاحاتنا وكيف نقيِّمها. هل نحسبها ‏حسابيا باعتبارها محض أرباح
وخسائر، أم كرصيد مكتسب من الدروس والعبر، ونحن نحاول ‏فهم أنفسنا وفهم الآخرين. ‏
طرحت هذه السلسلة من التساؤلات على القراء، فزادت الأعداد المباعة من الصحيفة. وكان ذلك ‏بالطبع مصدر إشادة من
رئيس التحرير. في المقابل كانت هي تكتب وفق ما تراه صحيحا بغض ‏النظر عن رأي القراء، أو عن زيادة المبيعات. هذه الأيام
يحركها قلق من نوع خاص. صارت ‏كتاباتها ذات أسلوب صارخ، وبدت أسئلتها حادة كشفرة الموس. في المقابل رأى البعض
في ذلك ‏نوع من النشاز والخروج عن الخط.‏
كانت ضمن ما كتبته هجوم على ما تراه هيمنة المجتمع وفرض آرائه علينا كأفراد، وكإناث كتبت ‏عدة مقالات كانت عناوينها كالتالي:
" العزف منفردا" و"عندما نحني للتقاليد"، " الصمود في وجه العاصفة" وأخيرا كتبت " ‏الزواج ليس نهاية المطاف للمرأة".‏

‏ (للقصة بقية)‏