لاشي يعدل الوطن عادل الامين ديستوفيسكي هنا يلمس جرحاً إنسانياً عميقاً، جرح "المأوى". ليس المأوى جدراناً وسقفاً فقط، بل مأوى للروح، حضن تتكئ عليه النفس حين تتعب، زاوية يعترف فيها المرء بضعفه دون أن يحاكم، مكان يذهب إليه ليعود إلى ذاته كما يعود الطائر إلى عشه بعد أن أتعبته الرياح.
حين يقول: "هل تدرك ما معنى ألا يكون للإنسان مكان يذهب إليه؟" فهو لا يتحدث عن الفقر وحده، بل عن الاغتراب الداخلي. إنسان بلا مكان هو إنسان بلا مرآة، بلا ذاكرة، بلا حديقة ينثر فيها ألمه. إنه يتسع في الحياة كما لو كان منفيّاً من كل البيوت، حتى من بيت قلبه.
نفسياً: غياب المكان هو غياب الأمان، وغياب الأمان يعني عيش المرء في توتر دائم، في فراغ يدوّي فيه صدى الوحدة. الروح التي لا تجد مأوى تصبح كمن يسير على جليد رقيق، تخاف السقوط في كل خطوة.
نحن لا نحتاج إلى (مكان) بمعناه الجغرافي فقط، بل إلى "حضن"، إلى إنسان يفتح لنا باب روحه. كثيرون يملكون بيوتاً فاخرة، لكنهم مشرّدون في عاطفتهم، ينامون على أسرة وثيرة لكن قلوبهم بردى.
فالمكان الذي يقصده ديستوفيسكي هو المعنى. أن يكون لك مكان يعني أن يكون لك جذور، غاية، أرض داخلية تقف عليها. وحين يُسلب هذا، يصبح الإنسان غريباً حتى عن نفسه. الاغتراب هنا ليس مجرد غربة عن الآخرين، بل غربة عن الذات، غربة عن الله، عن الحلم، عن "الوطن الداخلي".
ديستوفيسكي، بحسّه العظيم، يخبرنا أن أعمق مآسي الإنسان ليست في الفقر المادي، بل في فقر المأوى النفسي: أن ينظر المرء من نافذة العالم فيجيئه تائهاً في براري الوحدة، يحتقن في الأبواب المغلقة، ويسأل نفسه: "أين مكاني؟ أين سأذهب؟" #الوطن_×قلوبنا
09-26-2025, 12:37 PM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39333
ده يشبه بيت جدي احمد الامين في مورة https://dcars.net في ارض حفيف الاجنحة كوش اكثر ما اتمناه الان العودة.الي ارض حفيف الاجنحة بعد ان تنتهي القردة.التي تلهو في السوق والدنيا ترجع عوافي
09-27-2025, 02:48 PM
هدى ميرغنى هدى ميرغنى
تاريخ التسجيل: 10-27-2021
مجموع المشاركات: 6432
عادل يا عادل ، هذه كتابة جميلة المضمون والتعبير ، لك الشكر على إشراكنا فى قراءتها …انها تعبر عن واقع الكثير من الشعب السودانى فى ترحاله
Quote: لاشي يعدل الوطن عادل الامين ديستوفيسكي هنا يلمس جرحاً إنسانياً عميقاً، جرح "المأوى". ليس المأوى جدراناً وسقفاً فقط، بل مأوى للروح، حضن تتكئ عليه النفس حين تتعب، زاوية يعترف فيها المرء بضعفه دون أن يحاكم، مكان يذهب إليه ليعود إلى ذاته كما يعود الطائر إلى عشه بعد أن أتعبته الرياح.
حين يقول: "هل تدرك ما معنى ألا يكون للإنسان مكان يذهب إليه؟" فهو لا يتحدث عن الفقر وحده، بل عن الاغتراب الداخلي. إنسان بلا مكان هو إنسان بلا مرآة، بلا ذاكرة، بلا حديقة ينثر فيها ألمه. إنه يتسع في الحياة كما لو كان منفيّاً من كل البيوت، حتى من بيت قلبه.
نفسياً: غياب المكان هو غياب الأمان، وغياب الأمان يعني عيش المرء في توتر دائم، في فراغ يدوّي فيه صدى الوحدة. الروح التي لا تجد مأوى تصبح كمن يسير على جليد رقيق، تخاف السقوط في كل خطوة.
نحن لا نحتاج إلى (مكان) بمعناه الجغرافي فقط، بل إلى "حضن"، إلى إنسان يفتح لنا باب روحه. كثيرون يملكون بيوتاً فاخرة، لكنهم مشرّدون في عاطفتهم، ينامون على أسرة وثيرة لكن قلوبهم بردى.
فالمكان الذي يقصده ديستوفيسكي هو المعنى. أن يكون لك مكان يعني أن يكون لك جذور، غاية، أرض داخلية تقف عليها. وحين يُسلب هذا، يصبح الإنسان غريباً حتى عن نفسه. الاغتراب هنا ليس مجرد غربة عن الآخرين، بل غربة عن الذات، غربة عن الله، عن الحلم، عن "الوطن الداخلي".
ديستوفيسكي، بحسّه العظيم، يخبرنا أن أعمق مآسي الإنسان ليست في الفقر المادي، بل في فقر المأوى النفسي: أن ينظر المرء من نافذة العالم فيجيئه تائهاً في براري الوحدة، يحتقن في الأبواب المغلقة، ويسأل نفسه: "أين مكاني؟ أين سأذهب؟" #الوطن_×قلوبنا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة