لماذا احتلت مصر مثلث حلايب؟ ♻️بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في قمة أديس أبابا عام 1995، اتهمت القاهرة الحكومة السودانية رسميًا بالتورط في التخطيط للعملية. وردًّا على ذلك، أصدر مبارك أوامره للجيش المصري بمحاصرة وطرد القوات السودانية من مثلث حلايب وشلاتين، وهي منطقة حدودية استراتيجية تقع على ساحل البحر الأحمر كان النزاع عليها قائماً منذ اتفاقية 1899. ♻️ما حدث بعد الاتهام • ▪️فرضت مصر إدارة كاملة على المثلث، ونشرت قواتها وأجهزتها المدنية والأمنية، وأجرت انتخابات محلية، وألحقت المنطقة إداريًا بمحافظة البحر الأحمر. • ▪️تراجعت حكومة الخرطوم بقيادة عمر البشير عن أي رد عسكري أو سياسي جاد لاستعادة المنطقة، رغم ما يمثله ذلك من تفريط في السيادة السودانية. السبب الحقيقي للتقاعس ♻️كان تورط عناصر عليا من نظام الإنقاذ في محاولة اغتيال مبارك هو العامل الحاسم. فقد خشي قادة الكيزان من التصعيد المصري والدولي، ما جعلهم عاجزين عن مواجهة القاهرة عسكريًا أو حتى دبلوماسيًا. وبذلك تحول الاتهام إلى ورقة ضغط مكّنت مصر من فرض أمر واقع، بينما اكتفى نظام البشير بالاحتجاجات الشكلية. لكن ما هي قصة محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك ♻️في 26 يونيو 1995، وقعت واحدة من أخطر المحاولات لاغتيال زعيم عربي في العصر الحديث، عندما استهدفت موكب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ♻️كان مبارك في طريقه من مطار أديس أبابا إلى مقر انعقاد قمة منظمة الوحدة الأفريقية عندما اعترضت سيارته مجموعة مسلحة مدججة بالسلاح. ♻️كانت الخيوط كلها تعود إلى الحركة الإسلامية السودانية، وإلى أجنحتها السرّية، مثل الأمن الشعبي. بداية القصة: الترابي يعترف ويعلم ♻️سجل حسن الترابي، زعيم الحركة الإسلامية، اعترافاته لقناة الجزيرة، قائلاً انه كان لا يدري على محاولة عملية الاغتيال هذه، وان بعض من أفراد تنظيمه نفّذوا عمليات قذرة، يقودها قادة كتائب العمليات القذرة وهم: • ▪️علي عثمان محمد طه. • ▪️د. نافع علي نافع. • ▪️د. عوض أحمد الجاز. • ▪️عبد الغفار الشريف. التنفيذ والمشاركون ♻️قادت العملية لجنة سرية برئاسة علي عثمان محمد طه وزير الخارجية، وعضوية د. نافع علي نافع (مدير الأمن الخارجي)، د. مطرف صديق، المقدم صلاح قوش (مدير عمليات الأمن الداخلي)، العقيد نصر الدين محمد أحمد، ود. عوض أحمد الجاز (الجناح العسكري). ♻️خطط صلاح قوش لتنفيذ الاغتيال في شارع بولي بأديس أبابا بواسطة عناصر من الجماعة الإسلامية المصرية جُلبوا من بيشاور بتذاكر وفرتها رابطة العالم الإسلامي. ♻️استُخدمت أسلحة مهربة عبر الوكالة الإسلامية للإغاثة، وأُسكن المنفذون في منزل علي عثمان بالخرطوم ثم نُقلوا لمزرعة أسامة بن لادن في سوبا لتجربة الخطة، ومنحوا جوازات سودانية بأسماء مزيفة. قائمة بأسماء المشاركين في عملية الاغتيال: ♻️أولاً – العناصر المصرية (الجماعة الإسلامية): 1. مصطفى أحمد حسن حمزة – (أبو حازم) – مصري – رئيس الجماعة الإسلامية في مصر، وقائد العملية. 2. صفوت حسن عبد الغني – (الاسم الحركي: رابح) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية، استُخرج له جواز سفر سوداني باسم فيصل محمد إدريس. 3. أحمد سراج – مصري – عضو الجماعة الإسلامية، استُخرج له جواز سفر سوداني باسم فيصل علي لطفي. 4. عبد الكريم عبد الراضي أحمد – (الاسم الحركي: ياسين) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. 5. العربي صديق حافظ – (الاسم الحركي: خليفة) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. 6. عبد القدوس القاضي – (كنيته: محمد) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. 7. مصطفى عبد العزيز محمد – (كنيته: تركي) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. 8. شريف عبد الرحمن – (كنيته: عمر) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. 9. عبد الهادي مكاوي – (كنيته: حمزة) – مصري – عضو الجماعة الإسلامية. ♻️ثانياً – العناصر السودانية (الأمن الشعبي والوكالة الإسلامية للإغاثة): 1. ملازم أمن الطيب محمد عبد الرحيم – جهاز الأمن الداخلي، إدارة العمليات. 2. د. عبد الله الجعلي – سوداني – يعمل في الوكالة الإسلامية للإغاثة – عضو بالأمن الشعبي. 3. محمد الفاتح يوسف – سوداني – يعمل في الوكالة الإسلامية للإغاثة – عضو بالأمن الشعبي. 4. تاج الدين بانقا محمد أحمد – سوداني – عضو بالأمن الشعبي. تفاصيل العملية ♻️قبل دقائق من وصول الموكب إلى موقع الكمين، خرج مسلحون على متن سيارات تحمل أسلحة رشاشة وقاذفات آر.بي.جي، وفتحوا النار بكثافة على موكب الرئيس. إلا أن مهارة سائق سيارة مبارك وحماية الحرس الخاص ساعدت في تفادي الهجوم، إذ تمكّن الموكب من العودة إلى المطار خلال دقائق، وأقلعت الطائرة الرئاسية إلى القاهرة. ♻️قُتل خمسة من المنفذين المصريين في تبادل إطلاق نار مع المخابرات الإثيوبية، وقُبض على ثلاثة آخرين وحُكم عليهم بالإعدام، بينما هُرِّب الباقون إلى السودان. الجهات المتهمة والدور السوداني ♻️أشارت التحقيقات الإثيوبية والمصرية والدولية إلى تورط الجماعة الإسلامية المصرية وتنظيم الجهاد، بدعم وتسهيل من النظام السوداني بقيادة الجبهة الإسلامية القومية التي كان يتزعمها حسن الترابي. ♻️وُجهت أصابع الاتهام إلى أجهزة أمنية سودانية قدمت دعماً لوجستياً، منها تأمين سيارات وأسلحة، وتسهيل دخول وخروج العناصر عبر الحدود. وكان من أبرز المتورطين وفق تقارير التحقيق علي عثمان محمد طه، النائب الأول لعمر البشير آنذاك، إلى جانب قيادات أمنية بارزة. إدانات دولية واسعة ♻️أحدثت محاولة الاغتيال صدمة دولية، وأدت إلى إدانة واسعة من الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية. أهم النتائج كانت: • ▪️قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1044 (1996) الذي أدان السودان وطالبه بتسليم المتهمين. • ▪️لاحقاً صدرت قرارات أخرى (1054 و1070) فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية على السودان شملت تقييد السفر الدبلوماسي وإغلاق مكاتب الطيران. • ▪️تدهورت علاقات السودان مع دول عربية وأفريقية عديدة، وأصبح يُنظر إليه كدولة راعية للإرهاب. لجنة التحقيق المحلية ♻️كوّن حسن الترابي لجنة تحقيق عاجلة برئاسة أحمد علي البشير الذي كان يتبع للتصنيع الحربي. ♻️توصلت اللجنة، بعد مراجعة الأدلة، إلى تورط قيادات عليا في الدولة، فأوصت باتخاذ إجراءات واسعة شملت: • ▪️إبعاد د. نافع علي نافع من رئاسة جهاز الأمن الخارجي وتعيين اللواء أحمد مصطفى الدابي بدلاً عنه. • ▪️نقل المقدم صلاح قوش من إدارة العمليات بجهاز الأمن الداخلي إلى هيئة التصنيع الحربي. • ▪️إبعاد د. مطرف صديق من منصبه نائب مدير جهاز الأمن الخارجي وتحويله إلى مستشارية السلام. • ▪️إبعاد العقيد نصر الدين محمد أحمد من إدارة العمليات الخاصة بجهاز الأمن الخارجي وتعيينه ملحقاً أمنياً بسفارة السودان في مصر. ♻️أما علي عثمان محمد طه ود. عوض أحمد الجاز، فقد أنكرا صلتهم الكاملة بالعملية، على الرغم من أن لجنة التحقيق رأت أن الأدلة تميل لإدانتهم. علي عثمان يأمر بالتصفية ♻️أمام هذا الخطر، اتخذ علي عثمان محمد طه خطوة أكثر دموية. أمر بتصفية كل أعضاء تنظيمه الذين شاركوا في محاولة الاغتيال، وكلف كتيبة خاصة من جهاز الأمن بتنفيذ ذلك، حتى يقتل كل الشهود ويمنع أي دليل قد يورطه. كان همه أن يقطع الخيط الذي قد يقوده إلى منصة الاتهام. ♻️وبالفعل، بدأت موجة تصفيات غامضة: • ▪️تاج الدين بانقا محمد أحمد قُتل في الخرطوم بإطلاق نار غامض. • ▪️د. عبد الله الجعلي صُفي في إثيوبيا، وقُيدت التهمة ضد المخابرات الإثيوبية. • ▪️محمد الفاتح يوسف اغتيل أمام زوجته الإثيوبية على يد سودانيين. • ▪️ملازم أمن الطيب محمد عبد الرحيم اعتُقل في قضية قتل ملفقة بأمر من صلاح قوش، ثم أُعدم بعد اعترافه بأن الجهاز يريد التخلص منه لأنه شارك في العملية. .▪️اغتيل رئيس لجنة التحقيق علي أحمد البشير أمام منزله في الدروشاب على يد عناصر من الأمن – هاشم عوض الله حسن، عبد القادر ساتي، وعوض عابدين – رغم صدور حكم بالإعدام عليهم، إلا أنهم ظلوا في مواقعهم. التغطية على المصريين ♻️بأوامر مباشرة من حسن الترابي تقرر إبعاد العناصر المصرية المشاركة في العملية سريعاً حتى لا تُكتشف الخيوط. ♻️كُلِّف د. غازي صلاح الدين – وزير الدولة بوزارة الخارجية وقتها – بمهمة استخراج جوازات سفر دبلوماسية سودانية لهذه العناصر، ليتمكنوا من مغادرة البلاد من دون تفتيش أو مساءلة. ♻️وبمجرد وصولهم إلى إيران، تولى قطبي المهدي – السفير السوداني في طهران حينها – التنسيق مع جهاز السافاك (المخابرات الإيرانية) لتسهيل نقلهم إلى كوالالمبور – ماليزيا. ♻️هناك، استُخرجت لهم جوازات سفر سودانية جديدة بأسماء مختلفة، ممهِّدةً لمرحلتهم الأخيرة، حيث جرى تهريبهم إلى أفغانستان بعيداً عن أي ملاحقة أو مساءلة دولية. اجرام الكيزان العابر للحدود ♻️محاولة اغتيال حسني مبارك في أديس أبابا كشفت عن تورط مباشر للنظام في عمليات إرهابية عابرة للحدود، وأدخلت البلاد في عزلة دولية وعقوبات استمرت لسنوات، وألقت بظلالها على السياسة الداخلية والإقليمية لعقود تالية، فيما بقي المخططون الكبار – علي عثمان محمد طه، د. نافع علي نافع، د. عوض أحمد الجاز – بمنأى عن المساءلة. ♻️كما أن نظام الكيزان الإجرامي فرّط في سيادة السودان؛ فسمح بانفصال الجنوب طمعًا في وعود أمريكية لفك حظر المحكمة الجنائية عن البشير، وترك مثلث حلايب وشلاتين لمصر والفشقة لإثيوبيا بعد محاولة اغتيال حسني مبارك، ولم يرد على كل هذا الانتهاك، لتتضح مشاركته في مؤامرات إقليمية على حساب أرض السودان وسيادته وكرامة دولته. صلاح احمد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة