What makes a Sudanese a Sudanese !.. What makes someone truly Sudanese؟
خلال شغلي النظري في مشروع دولة المواطنة (ينشر بشكله النهائي خلال إسبوع من تاريخه) أحياناً أواجه بأسئلة صعبه لم أجد لها إجابات مسبقة مثل سؤال: كيف نعرف الزول السوداني ليس قانونياً فحسب بل وثقافياً ومفهومياً ونفسيا؟!
منو السوداني فينا؟ شنو البخلي الزول السوداني يكون زول سوداني؟!♥️
وبعد بعض التأمل هذه إجابتي (هل وجدت نفسك فيها بعد قرائتها، رأيك يهمني)!
الهوية السودانية، في نظري، تتكون من عدة مستويات مترابطة:
البُعد القانوني (المواطنة) 1- تعرف الدولة السودانية "الشخص السوداني" بأنه من يحمل جنسيتها، سواءً بالميلاد على الأرض أو التجنس، ويحق له بالتالي أن يحمل جواز سفرها. ذلك هو التعريف الرسمي ببساطة، وهو ضروري في التعاملات المصيرية: الحقوق المدنية (التملك، الميراث، الزواج وإلخ).. الحقوق السياسية (الانتخاب، الترشح وإلخ).. العلاقات الدولية (السفر، العمل، الحماية القانونية وإلخ).
لكن ذلك وحده لا أظنه يكفي لتشكيل الإحساس الحقيقي بـكونك سودانيا. لا بد أن تتواصل رؤية الأبعاد الأخرى.
2- البُعد الثقافي والتاريخي اللغة واللهجة: العامية السودانية بلهجاتها المختلفة بالذات الوسطسودانية، إلى جانب لغات محلية كثيرة (كالنوبية، البجاوية، البرتا، الفور وإلخ). والعادات والتقاليد من التحايا زي: سلامتك، كيفنك.. إلى المناسبات الدينية والوطنية: المولد النبوي، الأعياد، الاعراس، الختان، وغيرها. مرورا بفنون الضيافة: الضبيحة، الشربات، الشاي بالنعناع، الجبنة وإلخ. التراث المشترك: القصص الشعبية زي (فاطمة أم حجل وود النمير)، الشعر الشفاهي (الدوبيت)، الغناء السوداني (الحقيبة، الطنبور، وغنا البنات).
3-البعد الجغرافي نهر النيل يربط الشمال بالجنوب، والصحراء، السافانا، الجبال، والأرياف كلها محفورة في الذاكرة الجمعية للشعب. كما ذاكرة القرى والمدن وريحة التراب والجروف والطين .
4- البعد الاجتماعي والنفسي الانتماء الجمعي: إحساس بالوحدة رغم كل التنوع. والاستعداد الدائم للتضامن وقت الشدة زي الفيضان، الحرب، أو الغربة. القيم المشتركة: الكرم، الاحترام للكبار، التماسك الأسري، وقوة التحمل. الروابط التقليدية متمظهرة في الولاء للعشيرة، القبيلة، ووشائج الدم والنسب على وجه العموم.
5- البعد الميتافيزيقي (الروح) السوداني بطبعه ميالاً للتدين البسيط، المتصوف، يحب الاتكال على الله ويعيش بقدر من الزهد والرضا، حتى في وسط المعاناة.
6- السلوك النفسي السوداني الزول السوداني يتميز بقدر واضح من المرونة وروح الدعابة حتى في أصعب اللحظات.. والفخر بهويته الذاتية رغم الأزمات مع قدرة كبيرة على التكيف مع الظروف المحيطة.
7- المظهر الجلابية، العمة، المركوب، الشال.. والتوب السوداني للنساء. وهذا المظهر ليس مجرد ثياب للسترة أو التجمل فحسب بل علامة هوية، وانتماء، وذوق.. وبه يتعرف السوداني عند الشعوب الأخر بالجوار ك(زول).
ومع كل هذه الأبعاد ممزوجة ببعضها البعض يبقى الزول، زول سوداني.
ولكن ليس بعد.. القصة لا تنتهي هنا.. توقف للحظة.. هناك شي آخر مهم!
إن كانت تلك المستويات التي تُعرِّف الزول السوداني إيجابية في مجملها، فهناك أيضا مشتركات سلبية لا يمكن تجاهلها:
سلبيات علينا مواجهتها في سايكلوجية الزول السوداني في طريق سعينا الى دولة المواطنة الحقة والحضارة:
الانقسام العرقي والجهوي 1- رغم غنى السودان بالتنوع الظاهر وباشكاله المختلفة، إلا أن التمييز الجهوي والعنصري ما زال حاضرا، سواء في شكل نكات متداولة أو ممارسات ممنهجة ومؤثرة، خاصة في ظل الحروب المستمرة منذ أمد بعيد. مثلًا: عرب وزنوج، أولاد الغرب أولاد البحر"الجلابة"و"الغرابة" والدنقلاوي حلاب التيس والحَلَب وعرب الزوط وأهل العوض وإلخ. تلك المسميات ليست بريئة دائما، وتُستخدم أحيانًا كثيرة لتكريس الفجوة بدلا من ردمها.
في كثير من مناطق السودان، لا يشعر الناس بانتماء حقيقي للدولة، بل يرتبط ولاؤهم الأساسي بالقبيلة/ الجهة، خاصة في الأقاليم الطرفية والبعيدة عن المركز. هذا التشرذم في الولاءات يُضعف الهوية الوطنية الجامعة، ويُبقي مشروع "السودان الواحد" على وجه العموم في حالة تنازع دائم بين الانتماءات الأولية: القبيلة، الجهة، الطائفة كما ايضا الحزب أو التيار الديني المذهبي (سلفي أو إخواني مثلا) او حتى الايديولوجي.
ومن نتائج هذا الضعف البنيوي للدولة أمام الولاءات ما قبل الوطنية، شيوع ممارسات مثل: نهب المال العام دون إحساس بالذنب.. تدمير المرافق العامة بلا وعي بقيمتها المشتركة.. التظلم الذاتي دون مراعاة لظلم الآخرين .. والمطالبة بالحقوق دون أداء الواجبات. إن غياب الشعور بالانتماء للدولة كمؤسسة جامعة يفتح المجال لفكرة (الدولة الغنيمة) بدلاً من الدولة الوطنية، وذلك يكرس للأنانية الجمعية بدل المسؤولية المشتركة.
2- الازدواج الثقافي والتردد الهوياتي كثير من السودانيين يشعرون بالحاجة إلى تعريف أنفسهم من خارج أنفسهم: هل نحن عرب؟ أم أفارقة؟ أم مزيج؟.. أم ماذا؟.. هذا التردد ترك أثرًا واضحًا في المخيال الشعبي، وأنتج حالة من الحيرة وعدم التصالح مع الذات الجماعية.
3- التطبيع مع المعاناة تربى السوداني على التحمل والصبر، إلى درجة أن الظلم، الفقر، والأهمال الرسمي أصبحو جزءً من الحياة العادية. حتى روح النكتة (رغم إيجابيتها) تُستخدم أحيانًا كآلية للهروب من مواجهة الواقع، بدلًا من تغييره.
4- ضعف الذاكرة الجمعية السودانيون لا يوثقون تاريخهم بوضوح وصرامة.. جرائم كبرى، ثورات، مجازر، وانتفاضات تمرّ دون أرشفة جادة أو محاسبة واضحة. وهكذا، تذهب كثير من اللحظات المفصلية في التاريخ السوداني سدى دون أن تصبح عبرة، أو ركيزة لبناء جديد.
وبالتالي يمكن القول إن: الوعي بتلك الميزات الإيجابية التي تميز الزول السوداني (وردت مفصلة اعلاه) مصحوباً بفهم هذه العيوب هو أول خطوة نحو بناء هوية سودانية وطنية وشعبية أكثر تماسكا، قوة، وعدلا .. سواءا توحدت الرقعة الجغرافية أو أنقسمت.. في كل الأحوال هو الطريق إلى صدق أعمق مع الذات، وتاريخ يُروى كما ينبغي.
أنت لم تسأل السؤال إذا ولد الأنسان في السودان ولكنه لم يستخرج أي أوراق ثبوتية نهائياً، لا شهادة ميلاد (أغلب السودانيين تأريخ ميلادهم هو الأول من يناير) أو حتى حينما تزوج لم يكتب قسيمة زواج وأكتفي بفاتحة الكتاب والشهود العدول، هل مثل هذا ليس سودانياً؟ بالطبع سودانى لكن يظل عبء الأثبات عليه هو وليس الجهات الرسمية فقط.
وهناك ثقافات غير مدونة مثلاً شخص مولود عند قبائل الأدوك أو البرتا أو المابان في جنوب النيل الأزرق هؤلاء أغلبهم ليس مسلمون ولا مسيحيون يعبدون الديانات الروحية ولديهم كريم المعقدات ولا يلبسون الجلابية ولا الطاقية السودانية ولا الثوب السودانى، مع كل هذا يظلوا سودانيون أصيلين.
ما يشمل ويحقق من السودانى أن يكون مولده في داخل السودان مع إمكانية أثبات ذلك .. لا شيئ غير ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد جمال الدين
Biraima M Adam
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست