أولاً دعونى نقدم رؤية عن صلاحية أو عدم صلاحية الخرطوم كعاصمة .. في تجاربنا الأفريقية رأينا تجارب أفريقية كثيرة في تحويل العواصم، ومن تلك التجارب تجربة تحويل العاصمة في الجارة تشاد من مدينة أبشي إلي مدينة أنجمينا؛ وكذلك تحويل العاصمة في نيجريا من مدينة لاغوس إلي مدينة أبوجا
لو أخذنا هذين المثالين، نجد أن الأسباب التي علل بها الذين نقلوا العاصمة من مدينة لاغوس إلي مدينا أبوجا هي أن هناك أسباب عدة ومنها: الازدحام، بيئة العاصمة غير الصحية، الوضع الأمني للاغوس فهى مدينة تقع علي الشاطئ وبالقرب من دولة بنين وهذان العاملان يعرضان العاصمة لاغوس للأختراق سواء عن طريق البحر أو عن طريق الجارة بنين لا قدر الله وربما العامل الأهم هو وجود أثنيات تسكن منطقة لاغوس وتعتبرها ملك تأريخى وهى غير متجاوبة مع التوسع الذي يطرأ علي العاصمة.
أما في حالة تحويل مدينة أبشي، فإن المدينة لها مخاوف أمنية فهى تقع بالقرب من الكامورون كما أن المدينة تسكنها أغلبية مسيحية وهذا لا يمثل التنوع الدينى أو بالأحري الغلبة الأسلامية في البلاد. هذه بعض الأسباب.
دعونا نجد الأسباب المنطقة لعدم صلاح العاصمة المثلثة الخرطوم لكي تكون عاصمة للبلاد: أولاً من النواحي الأقتصادية، أمتصت الخرطوم كل موارد البلاد وهذه أبدأ من البصل والتوم والفواكه التي صارت كل مصانع تعليبها في العاصمة إلي اللحوم والمدابغ وحتى البترول الذي تركزت حتى مصافيه حول العاصمة.
من النواحي البيئية، مدينة الخرطوم ليها شبكة صرف صحي ومع تزايد مسألة "النز"، أرتفاع منسوب الماء الأرضي بسبب الفيضانات مثل فيضان 1988م أرتفعت مناسيب المياه الأرضية في الخرطوم لتختلط مع مياه الأبار الجوفية التي تستمل في الصرف الصحي (الأدبخانات .. أدب خانة بالتركية)، ونتيجة لعدم وجود شبكة مياه صالحة للشرب تغطي كل أحياء العاصمة صارت الأبار الجوفية هي وسيلة لمياه الشرب وهى ذات الماء الذي يختلط بمياه الصرف الصحي .. وهذه من أكثر أسباب التلوث في العاصمة وأسباب الأمراض الوبائية.
بالنسبة للأزدحام، تعتبر مشكلة الخرطوم ليس في شبكة المواصلات أو الكباري التي تؤدي إلي سنتر العاصمة (السوق الأفرنجي والعربي وميدان أبو جنزير) أنما المشكلة هي أن سنتر الخرطوم مع كل أسواقه يمثل سنتر واحد لكل شيئ من التسوق إلي مؤسسات الدولة العسكرية والمدينة والمؤسسات الدبلوماسية والتعليمية مثلاً جامعة الخرطوم العريقة بكل كلياتها ما عدا كليات الزراعة والبيطرة (توجد بشمبات) بقية الكليات كلها داخل العاصمة.
ثم نأتي إلي المسألة الأمنية: التشابك العويص ما بين مؤسسات الجيش (كلها داخل الخرطوم ما عدا البنيات الحديثة مثل التصنيع الحربي واليرموك) ومؤسسات الخدمة المدنية جعل المدينة برمتها عرضة للخراب، كما شهدنا في هذه الحرب كدليل قاطع علي أن المدينة تحتاج لإعادة تخطيط من الأول و للأخر.
مدينة مثل أم درمان وهى أكثر المناطق المأهولة بالسكان إلا أنها في أحسن الأحوال يمكن وصفها بقرية كبيرة .. بل في حقيقة الأمر يمكن وصفها بالعشوائيات البرازيلية "فافيلا Favela لاحظوا الفيديو التالي ممكن أمبدات أسوأ من ذلك وكذلك أم درمان القديمة مما يجعلها أوكار للجريمة مثل المخدرات و9طويلة وغيرها.
وهنا من كبري العشوائيات في أفريقيا .. عشوائية كيبيرا .. وفي الحقيقة هى يسكنها سودانيون كانوا مشاركون في الجيش البريطانى في شرق أفريقيا ضد الطليان في القرن الأفريقي:
وهناك أسباب أثنية وسوسيو-أقتصادية وهى أن المدينة نشأت في أراضي قبائل سودانية دون أن تعوضهم الدولة في أراضيهم التأريخية وكل ذلك تم بقوانين نزع الأراضي لصالح الدولة مما جعل أي تمدد للمدينة يعنى مزيد من التعدي علي الأراضي والحيازات الفردية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة