خطاب مفتوح إلى وزير الخارجية: من الأكرم لك أن تستقيل فوراً!
—————————
عزيزي السفير علي الصادق، وزير الخارجية المكلف
أرجو أن تكون والأسرة الكريمة في أمن وأمان، في ظرفنا هذا العصيب. وأرجو أن تكونوا أبعد ما تكونون من مناطق ضرب النار. سمعت بما حدث في حيكم، فأشفقت عليك وعلى أسرتك الكريمة.
أكتب إليك لكي أترجاك أن تستقيل. فأنت لا تشبه قوى الهوس، التي أحالت الخارجية إلى ذراع من أذرعها الباطشة. ولأنك لا تشبههم أقنعت السفير محمد شريف، وكيل الوزارة حينها، بجهد جهيد، أن يعينك في منصب المدير العام للشؤون المالية والإدارية. وكثيرون يعرفون أن هذا المنصب هو الذي أهلك لكي تصبح وكيلاً للوزارة، ثم وزيراً مكلفاً. وقد كان لدى السفير محمد شريف تحفظات كبيرة على شخصكم الكريم. وذلك لأسباب أراد أن يفصلها لي. ولكنني أشرت إليه بعدم رغبتي في سماعها، حتى لا نقع في إثم الاغتياب.
لقد أديت الأمانة كأحسن ما تكونن يا عزيزي، في وقت حرج، وفي ظروف ضاغطة، لا يدري كثيرون معنى ما أنجزته فيها. وقد حانت لحظة حماية إنسانيتك بموقف شريف يشبهك.
أعرف تماماً تبعات الاستقالة. ولكن، ما أرخص هذه التبعات مقارنة بتضحيات من ماتوا في سبيل ما نؤمن به من تنزيل للحرية والسلام والعدالة على أرض واقعنا المأزوم!!!
قدم استقالتك! ولا تجعل نفسك حليفاً للقوى التي تهرق دماء شعبنا الغالية. وحين تقدم استقالتك من منصبك الرفيع -برجاء أن يتبعك آخرون من الوزراء والسفراء- تكون قد فزت بثوابي الدنيا والآخرة.
قدم استقالتك، يا أخي الكريم! ولا تخيب ظني الثابت فيك -حتى الآن- وفي نبل مقاصدك حين قبلت العمل في منصبك الرفيع. ولا تنسى أنك، بفضل الله عليك، لم تعد بحاجة لهذا المنصب الذي أهلك له ذكاؤك ومهنيتك العالية. وقد شهدت ذلك رأي العين حين عملت معك في إدارة واحدة في الوزارة.
قدم استقالتك! فقد حققت من حياتك المهنية كل ما تريد. فقد عملت سفيراً في أكثر من بلد، ثم مديراً عاماً لأهم إدارات الخارجية، ثم وكيلاً، ثم وزيراً. وقد استفدت من الميزات ما حقق لك الاستقرار المالي، والنفسي، والاجتماعي. وقد اشتريت بيتاً في واحدة من أرقى أحياء العاصمة (التي كادت قوى الهوس وعناصر الجنجويد أن تدمرها).ملكت من قبل منزلاً كذلك في واحدة من أرقى أحياء مدينة أوروبية جميلة. ما ذا اريد أكثر ذلك؟!
قدم استقالتك! ولا تأبه، فكل ما قد يصيبك أهون، بكثير، مما أصاب شهداءنا وأسرهم المكلومة!
أكرر، قدم استقالتك! لتفوز بخيري الدنيا والآخرة! فما عرض الدنيا إلا متاع الغرور! ولتعلم إني سأنشر هذه الرسالة، إن لم تستقل. ذلك لأنك ستكون قد خيبت ظني فيك أعظم خيبة!!
د.حيدر بدوي صادق سفير درجة أولى ١٤ مايو ٢٠٢٣
العنوان
الكاتب
Date
خطاب مفتوح إلى وزير الخارجية: من الأكرم لك أن تستقيل فوراً!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة