|
Re: اجمل فى كتاب فى تربيه االاطفال هكذا ربانا (Re: مصطفى نور)
|
فله فيها طريقة خاصة، فهو يبدأ بالكتابة من الزاوية الشمالية الشرقية من الورقة وينتهي في زاويتها الجنوبية الغربية، غير تارك فيها أي بقعة من الفراغ. ويكتب بالحبر أو الرصاص أو أي قلم يكون قريباً منه. * * * إن من أقدم ما أذكره ومن آخر ما بقي في مخيلتي من صورٍ من أيام طفولتي المبكرة صورة جدي جالساً في مجلسه المعتاد الذي لا يتبدل ولا يتغير في زاوية من زوايا غرفة المعيشة الكبيرة في بيته بالشام. كان ذلك مكانه الذي لا يجلس فيه سواه، فإذا غاب عن البيت بقي شاغراً فلا يقربه أحد. ثم انتقل جدي من الشام إلى مكة فنقل معه مجلسه ذاك، فكأني الآن أراه في بيته بقاسيون بالشام ثم في أجياد بمكة من خمس وثلاثين سنة إلى عهد قريب ما بدّل جلسته ولا غيرّ مجلسه، يقعد طاوياً تحته رجلاً وناصباً ركبة الأخرى، ممسكاً بيده شيئاً يقرؤه وقد وضع نظارته على مقدم أنفه، أو جالساً يحدث أهل بيته الذين حفّوا به وملؤوا غرفته. وهو لا يجلس إلاّ وحوله الوسائد من كل حجم وكل قياس: من الصغيرة إلى الوسطى إلى الكبيرة، وبينها أحجام وأحجام. فلا يزال يسحب من خلف ظهره واحدة ويحشو أصغر منها ثم ينزع واحدة ويضع أكبر منها حتى يستقيم له الحال ويحس بالراحة إذ قد سدّ خلف ظهره كل ثغرة وملأ كل فراغ. * * *
|
|
|
|
|
|