|
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
وصف بابكر بدري للمواجهة بينه وبين الزبير باشا صمّمت على الوصول إلى القاهرة، وقد عالجتُ نفسي في الطريق مما ألاقي في نفسي من وجد، مستحضراً تربية الإمام المهدي، الآية من سورة الحديد:
(لِكيْ لا تأْسوْا على ما فاتكُمْ ولا تفْرحُوا بِما آتاكُمْ واللّهُ لا يُحِبُّ كُلّ مُخْتالٍ فخُورٍ (23)). وقررتُ أن أنزل ضيفاً عند الزبير باشا، حتى لا يبدو علىّ الحزن وشماتة الشامتين، مردداً البيت: وتجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع. رحب بنا الباشا، وقد أولاني بعض العناية الخاصة. وكنت أصلي الأوقات كلها في جامع السيدة زينب. وفي مرة خرجت من صلاة الصبح في رفقته. فأمسك
بيدي وترافقنا حتى دخول البيت. ثم طلبني إلى غرفة جلوسه، حيث كان يتخذ كرسياً على عجلات يتأرجح عليه. وأشار عليّ بالجلوس في كرسي مقابل، ليدور بيننا الحوار: لماذا جئت إلى مصر؟ أفدته: أنت يا سعادة الباشا يخاطر الناس في السودان لرؤيتك ، ولما كُتب علينا أن نسكن مصر لمدة لا نعلمها، جئت لأراك ، وتعرفني بشخصي وإسمي، وإذا دهمني ما احتاج لمساعدتك فيه كتبتُ إلى سعادتك كتاب من تعرفه. سألني: ثم ما السبب؟: كذلك أولاد خالي عثمان واخواني توفيت والدتهم، جئت لأعزيهم. ثم ماذا؟ وبعد عدد من الأسئلة والأجوبة لم يجد فيها ما يريد، اعتدل في جلسته قائلاً لي إن المرأة التي تزوجتها قيل أنها امرأتك. أجبته بل مطلقتي. رد عليّ: بل إمرأتك. رددتُ عليه: بل مطلقتي. لا إمرأتك. لأجيب: سبحان الله يا سعادة الباشا، أنا الزوج الأول أعترف بالطلاق، وأنت الزوج الثاني تدعي ضده، فهذا أمر مقلوب (معكوس). ليقول لي: أسمع يا بابكر، أنت تقول جئت لكل من ذكرتهم، لكن الحقيقة أنت جئت لرجوع امراتك أو لرجوع مطلقتك. لأرد عليه سؤالاً، من أين أخذت هذا يا سعادة الباشا؟ ليجيب أنا رأيت كتابتك التي جاءت منك بالرغبة، ورأيت الجوابات التي أرسلت لك بالإجابة. لأفاجئه بسؤالي: لمّا رأيت كل هذا، فلماذا تزوجتها؟ هيجته الإجابة، فنادى على بعض من كان في البيت. تعالوا اسمعوا كلام هذا الولد الذي قلتُم إنه صغير لا يُعبأ به. والله منذ أن كنت الزبير، لم اسمع بمثل هذا الكلام؟ أشهد على نفسي، ما هذه البلادة؟!. ليقول لي: انظر يا بابكر، أنا صرفت على هذه المرأة بما يليق بمقامي، من لباس ومصاغ وفرش. وعزمت الآن أن أطقلها، حتى تكمل عدتها وأرجعها لك بما وفرته لها، وأنا الزبير أعمل لك هذا كله. أجبته: هذا لعمري ليس بفخرٍ. نعم ليس لدي مال كهذا، انظر أيهما أصعب التضحية بالزوجة أم بالمال. ليطلب منّي بعدها أن أجبر بخاطره، واعتبره كوالدي، ليطلقها، ومن ثم ترجع لي ، ليتدارك غلطته.
لأجيب مرة أخرى: يا سعادة الباشا، كانت هذه البنت ترى بيتنا أفضل من بيت أبوها، والآن أصبحت في بيت الباشا، الذي هو أكبر بيت سوداني. فإنها لن ترضى بي. أجاب: عليّ الطلاق راضية بك. لأنّي حينما أخبرتها بوجودك جرت مدامعها وبدا عليها الحزن. لأقول له: يا سعادة الباشا، نحن الآن في أسر، ولا غرض لنا في النساء، فإذا رغبنا في الزواج بعد حين فالسودانيات موجودات. وهذه المرأة التي تراودني عليها لا أتحمل من شأنها هذه المنّة منك، ولا من أخوانها. وليس لها في قلبي ما يضطرني لتحمل هذا. وأقول لسعادتك: إن كانت هي كحواء وكنتُ أنا كآدم، يتوقف على اجتماعنا كزوجين حفظ النسل البشري، فأنا محرمها مهما حلّت لي. وضع الباشا يديه على رأسه قائلاً: أعوذ بالله من هذه الجرأة. ثم نادى أحمد عثمان أخاها، قائلاً له: بابكر قال جاء يراني ويعرفني وهو كذّاب. جاء لامراته يرجعها، فأنا الآن عزمت ان أطلقها. فتكمل عدتها ونرجعها له بما معها من أمتعة. أجاب أحمد: يا سعادة الباشا، حينما طلبت زواجها، لم نتجاهل بابكر. وقد عرضنا عليك الكتابات التي دارت بيننا. وسعادتك سمعت كلام غيرنا. ورغم ذلك طلبت زواجها. فنفذنا إرادتك. فالآن وقد حضر بابكر للغرض الذي ذكرته. وعزمك الذي عزمته، لا نوافق عليه. إذا كان بابكر بحاله السابق الذي نعرفه عنه، فمحال يتزوجها إذا طلقتها له. وإذا تغير عن حاله فنحن لا نبالي به، يغضب أو يرضى. فإذا أنت رغبت عنها فطلقها تعيش في بيتك مثل اخواتها الأخريات. ليرد عليه الزبير: علّي الطلاق كلام بابكر أحسن من كلامك، وهو أرجل منك وأعقل منك. تدخلتُ قائلاً يا سعادة الباشا، آباؤنا وآباؤهم جيران في بلدنا. نحن تزوجنا منهم ثمان نسوان، ولم يتزوجوا منّا امراة واحدة. فلهم الفضل علينا في سابقتهم. فاتركنا يا سعادة الباشا لئلا نجفوا بعضنا. أما أنا وسعادتك فعلى قرارنا. سكت لمّا رأي وعزيمتي.
صممتُ على السفر للرمادي بعد العيد مباشرة. ودعت سعادة الباشا الزبير وسافرت بمركب، ثم رغبت في مواصلة سيري بالذهاب لأسوان.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير باشا وبابكر بدري | محمد عبد الله الحسين | 01-03-23, 06:00 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-03-23, 06:07 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-03-23, 06:14 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-03-23, 09:15 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-04-23, 06:09 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | Ali Alkanzi | 01-04-23, 02:07 PM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-04-23, 02:32 PM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | Ali Alkanzi | 01-04-23, 04:18 PM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | Ali Alkanzi | 01-04-23, 06:07 PM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | صديق مهدى على | 01-04-23, 07:33 PM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | osama elkhawad | 01-05-23, 02:02 AM |
Re: البقيع: والمواجهة التاريخية بين الزبير با | محمد عبد الله الحسين | 01-05-23, 10:39 AM |
|
|
|