الكلية الحربية: مصنع الرجال وعرين الأبطال .. بقلم: فيصل بسمة

الكلية الحربية: مصنع الرجال وعرين الأبطال .. بقلم: فيصل بسمة


06-05-2022, 10:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1654420392&rn=1


Post: #1
Title: الكلية الحربية: مصنع الرجال وعرين الأبطال .. بقلم: فيصل بسمة
Author: Hassan Farah
Date: 06-05-2022, 10:13 AM
Parent: #0

09:13 AM June, 05 2022

سودانيز اون لاين
Hassan Farah-جمهورية استونيا
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

مقدمة:

و كانت خلاصةُ مقالٍ سابقٍ عن الجيش و العسكريين هي أن:
– للقوات المسلحة المهنية المحترفة التي تقودها قيادات حسنة التدريب و التأهيل و تلم جيداً بدورها و مهامها الدفاعية دورٌ محوري في حماية أمن و مصالح الشعوب السودانية ، و لكن بعيداً عن التدخل في السياسة…
– هنالك إعتقاد راسخ لدى الكثير من العسكريين و قطاعات من البسطآء و بعض من النخب بأن العسكريين هم ”الأوصيآء“ على مصالح جميع الشعوب السودانية ، و الأجدر بالقيادة و الإدارة و الحكم…
– قرآئن الأحوال ترجح أن تلك الإعتقادات نابعة من مناهج التعليم و برامج التدريب في المعاهد العسكرية التي ترسخ في أذهان العسكريين أنهم أفضل من المَلَكِيَة (المدنيين) ، و أنهم يتفوقون عليهم بدرجات عديدة في الإنضباط و المقدرة على العمل و الفعل و الإنجاز…
– الأطماع و التحالفات السياسية الغير راشدة و تدخلات العسكر المتسرعة تنتج الحكم غير الرشيد و الفساد…
الموضوع:
هذه الإعتقادات و سلوك بعض من العسكريين تزيد من الرغبة في معرفة سيرة العسكري من لحظة إختياره و إنضمامه إلى الكليات و المعاهد العسكرية مروراً بتخرجه ثم ممارسته للعسكرية كمهنة ثم متابعة مراحل تدريبه و تعليمه اللاحقة و تأهيله مقاتلاً محترفاً حتى مرحلة (تجنيده وصياً) يمتلك المقدرة على الإستيلآء على السلطة بقوة السلاح و التدخل في أمور السياسة و الحكم…
الرغبات العسكرية:
الشآئع هو أن الرغبات في الإنضمام إلى السلك العسكري تنشأ في الأشخاص عند مرحلة الطفولة:
دَاير أبقىَٰ ضابط…
و لهذه الرغبات و التعلق بالعسكرية علاقة بما يشاهده و يلمسه الفرد في المجتمع من مكانة العسكريين العالية و الإمتيازات الإستثنآئية التي تمنحها لهم الدولة و الهيبة و الإحترام التي يوفرها لهم المجتمع خصوصاً لأولئك الضباط من أصحاب الرتب الرفيعة…
و الحقيقة هي أن الدولة توفر الكثير من الإمتيازات للعسكريين و ذلك إعترافاً منها بالمخاطر الحقيقية التي تحيط بالعمل العسكري و تقديراً للدور المهم الذي تقوم به القوات النظامية في حفظ الأمن و الدفاع عن الوطن…
و يرى صاحبنا و كثيرون أن هذه الإمتيازات مشروعة و مستحقة ، و هكذا هو الحال مع الكثير من المهن و الوظآئف الأخرى المهمة التي تتطلب الجهد و التضحيات الأجسام ، و يعتقد صاحبنا و كثيرون أن جميع المهن ، و دون إستثنآء ، مهمة و لا تخلو من الجهد و التضحيات العظام ، فمثلاً عامل الأَلطَة (المراحيض) يضحي و يجازف كثيراً بتعامله اللصيق مع ما تخرجه المؤخرات و العورات من الإفرازات السامة و الروآئح النتنة…
و من مظاهر تطور تلك الرغبات العسكرية الطفولية عملية الإنضمام إلى فرق الكَدِيت Cadets في المرحلة الثانوية ، و هي جماعات يشرف عليها تَعلَمجِيَة (معلمون) من معاشي القوات المسلحة يقومون بتدريب و تعليم الطلاب الإنضباط و مباديء الفنون العسكرية القتالية و فن الرماية…
الإلتحاق بالكليات و المعاهد العسكرية:
تلتحق شرآئح مختلفة من الطلاب من خريجي المدارس الثانوية في بلاد السودان بالكلية العسكرية السودانية (مصنع الرجال/عرين الأبطال) بينما تنضم شرآئح أخرى إلى كليات القوات النظامية الأخرى ، و يكون الإلتحاق لعدة الأسباب:
١- شريحة إختارت الإنضمام إلى القوات النظامية بمحض إرادتها عشقاً لمهنة العسكرية و عن رغبة أكيدة في الإنتمآء إليها ، و هذه الشريحة قيل عنها أنها صادقة و مهنية و محترفة و مقاتلة ، تعشق الفدآء و لا تهاب الأعدآء ، و على إستعداد للتضحية بالأرواح و بكل غالي و نفيس دفاعاً عن الوطن…
٢- شريحة محبة للعسكرية بصورة عظيمة و تحب العنف و القتال و المصادمة ، هذه الشريحة تضم شخصيات هوايتها الأسلحة بأنواعها المختلفة و الرماية ، و تعشق أجوآء المعارك و المطاردة و الإشتباك و القتال ، و لها ميول و نزعات غير عادية إلى القتال و القيادة و الزعامة ، و هنالك من يعتقد أن هذه الشريحة تضم شخصيات تكاد في طبيعتها و ممارستها تفارق السلوك العادي و الخلق السوي ، و أنها شخصيات تجد في العسكرية و الإنضمام إلى القوات المسلحة و الأجهزة النظامية الأخرى بغيتها التي تتيح لها تحقيق المآرب الخآصة و تغطية العيوب عن طريق تحويل الهواية ”الغير طبيعية“ إلى وظيفة محترمة معترف بها ، و إلى مهنة إحترافية تحت حماية القانون…
٣- شريحة إنضمت إلى القوات المسلحة (الجيش) و قوات الشرطة و جهاز الأمن بتوصيات من: زعيم الطآئفة و المرشد و اللجان المركزية و المكاتب القيادية في الأحزاب السياسية حتى تكون الأفراد (من الأعضآء) عيناً و عوناً و سنداً للزعيم و المرشد و الأحزاب في مقبل الأيام:
– عندنا أولادنا…
و ما في زول يضمن بكرة يكون كيف…
– و فيهو شنو لما يكون عندك ناس في الجيش… ما كل زول عندو زول في الجيش!!!…
– و كمان الحرص واجب… و لا مش كده؟…
٤- شريحة إنسدت أمامها فرص القبول في المجال الأكاديمي في الجامعات و المعاهد في داخل و خارج السودان فحدثت أنفسها:
– و أَهُو بالمرة نَخُش حاجة نظامية: جيش… شرطة… أمن… حرس حدود… أو… مطافيء… دفاع مدني… الغابات و الحياة البرية…
– و أهو كلو خدمة نظامي… و قوات… و لبس ظباط… و الكَاكِي قيافات… يجذب البنات…
– و أهو برضك أحسن من العطالة… و تَبرِيم الشعر… و من بناطلين الجينز المَشَرَّطَة… و قُعَاد الضَّلَلَة… و مشاغلة البنات… و لَمَّات الكوتشينة… و كل يوم فطور و عشا فول…
– و كمان وظيفة ثابتة… و دخل محترم… كَنَاجِيل تناطح كَنَاجِيلَ… و إمتيازات… و ميز… و دبابير… و تعظيم سلام… و معاش تمام… و آخر إحترام…
٥- شريحة (فلان الأبوهو اللوآء علان و قريبو الفريق فلتكان) ، و هي شريحة (صِحَيت/لِقَيت) وجدت نفسها في الدِّيش (الجيش):
– صِحِيت ليك كده و لِقِيت ليك نفسي دَيَاشِي في الكلية…
– و تسألني كيف؟…
– أقول ليك ما عارف… لكن الوالد عاوز كده و الوَاسطَة قوية…
كما أن:
مع الكَاكِي ما في كلام…
قروش أكوام…
و بِسُوق قِدَّام…
و تعظيم سلام…
كما أن الكَاكِي غرام…
و تعشقه البلوم و جميع أنواع الحمام…
و هنالك شرآئح إستثنآئية غير الشرآئح أعلاه مثل:
١- شريحة (الكوادر) الخآصة التي أوصى ”التنظيم“ بضمها إلى القوات النظامية عقب نجاح الإنقلاب العسكري…
٢- شريحة غير المقاتلين من المهنيين التي إختارت السلك العسكري بعد التأهيل الأكاديمي ، و التي إستقطبها الجيش و القوات النظامية الأخرى بإغرآءات الرتب الرفيعة و الإمتيازات حتى تسد حوجتها في مجالات مثل: الهندسة و الطب و القانون و المحاسبة و الموسيقى و غيرها من الإحتياجات…
٣- شريحة الدمج و الإندماجات فيما بعد الحوارات الوطنية و إتفاقيات السلام المتعددة التي تحمل أسمآء عواصم و مدن العالم المختلفة ، و تشمل هذه الشريحة: الساقطة و الأرزقية و الطفيلية المسلحة القادمة من الخلآء مع جيوش التمرد و الحركات الشعبية و مليشيات المرتزقة و ناس (رتبة لله يا محسنين) و (زولنا لازم يتم إستيعابو)…
و هكذا هي القوات النظامية بجميع مسمياتها تضم إلى صفوفها أطياف متنوعة من الشخصيات تعكس جميع تقلبات الشخصية الإنسانية و كذلك أمزجة كل/أغلب الشعوب السودانية…
العسكر و الإمتيازات:
و كما تقدم و نسبة لما يحيط بالخدمة العسكرية و حمل السلاح و القتال في ميادين المعارك و حماية الثغور و حفظ الأمن من مخاطر عظيمة تهدد الأنفس فإن الدولة و تقديراً منها لهذه التضحيات الجسام تقدمُ في المقابل الكَنَاجِيلَ التي (ما خَمَج) و الإمتيازاتِ العديدة السخية و الحصرية و كل (الذي منو) حتى تضمن للعسكر (الرَّاحات) التي تتضمن الإستثنآءات في السفر و العلاج و تعليم الأبنآء و الترفيه و العديد من الخدمات و (المناشط المدنية) الأخرى…
و يبدوا أن الإنتمآء إلى القوات النظامية شرف عظيم يتباهىَٰ به المنتسبون إليها:
قوات نظامية…
و هي عبارةٌ حين ينطق بها النظامي في كبريآء و في مختلف المواقع المَلَكِيَة (المدنية) تخرس الألسن و يكون الخضوع و الإنصياع و تُنَفَذُ الأوامر و الطلبات ، و معلوم أن هذه العبارة هي بطاقة الإمتياز التي تتيح (لجنابو/سعادتو) تخطي الرقاب و الصعاب و القوانين الملكية و جميع أنواع الصفوف:
رغيف… بنزين… غاز… تموين… مطارات… جوازات… مكاتب حكومية… بنوك… سينما… إستاد… و خلافو…
و إذا ما حدث تزمر أو إعتراض من قبل الجمهور يأتيك الرد الحاسم السريع:
– قوات نظامية… ثابت مكانك… و ما تغلط فينا… و أعمل حسابك يا زول…
– و إنت الكلام ده ما قدرو… و بكون في كلام تاني لو رفعناك و سُقنَاك…
هذه إلى جانب ميزة (قوة السلاح الناري) و القوة التابعة من الأفراد التي تطيع الأوامر و (ترفع) و تمارس الترويع و الإرهاب و الإعتدآء على الناس و الإغارة على أقسام الحوادث في المستشفيات و أقسام الشرطة و الأحيآء و كذلك ضرب و أحياناً قتل الشعوب السودانية بحجة ”نجدة الزميل“ و نصرته ظالماً أو مظلوماً و دعاوى أخرى مثل حفظ الأمن و منع الفوضى ، و (كلو) تحت حماية القانون و الحصانة العسكرية…
و الشاهد أن الطلبة الحربيين و النظاميين الآخرين يتم تعليمهم و تدريبهم في الكليات و المعاهد العسكرية أن إختيارهم سلك العسكرية يعني بالضرورة أنهم متفردون و متميزون ، و أن الولوج في المجال العسكري يعني القوة و البأس و العزيمة و القدرة على القيادة ، و أن الطلبة الحربيين و بإختيارهم العسكرية قد نبذوا الحياة الملكية الهَوَان إلى الأبد:
– عسكري!!!… أجمع….
– و أول حاجة يا نفر… لازم تسمع كلام السِّينَير Senior… و تحيهو… و تضرب ليهو تعظيم سلام… و تقول فندم و حاضر سعادتك/جنابك…
– و يا طالب حربي… يجب أن تنسى الحياة الملكية… و كل الوسخ و الكلام الغلط اللي إتعلمتوا في الملكية… و تطلق كل ذلك طلاق تلاتة الما فيهو رجعة…
– و تقطع الذي بينك و بين الملكية… و ترميهو ورآء ظهرك أو تَدِيهُو للكلب…
– إنت جيت هنا عشان تبقى راجل… و إخترت بَرَاك (وحدك) مصنع الرجال… و نحنا يا هو ديل البِنعَلِّمَك الرجالة… و العسكرية هي الرجالة…
– و الما داير الشغل ده… و ما بقدر عليهو أحسن يعمل خلف دور… و يا هو داك درب الملكية… و ما عندنا خانة لعيال عَوِين…
و العوين هو جنس الإناث…
و هكذا يتم إحتقار جميع سابق الحياة الملكية (الهَوَان) و إزدرآءها في عملية مدروسة و ممنهجة لغسل و إعادة برمجة الأدمغة الغضة التي إختارت سلك العسكرية و التي يتم إبلاغها أنها حتى و لو عادت إلى الملكية (الحياة المدنية) تكون أوزانهم قد تغيرت:
لو رَجَّعُو الملكية…
دياشي يوزن مية…
و هكذا تسير الحياة العسكرية النظامية ، و هكذا يتم غرس مباديء الخضوع و الإنصياع للأوامر العليا في ذهن العسكري و كذلك ترسيخ العديد من المفاهيم الإستعلآئية التي تتدرج حتى تبلغ مرحلة تعميق مبدأ القيادة و (الوصاية) و كذلك المقدرة على القيام بالإنقلاب إذا أسأ الملكية إستخدام السلطة و إدارة الدولة و كثيراً ما يفعلون…
يتم كل ذلك مع التأكيد على أن العسكري المقاتل شخص قيادي منضبط و إستثنآئي و خآص و لديه إمتيازات و قوانين و حصانة غير تلك التي تحكم الحياة الملكية الرخوة و الغير منضبطة…
ثم بعد التخرج يتم عزل العسكريين عن الملكية في ثكناتهم و أحيآءهم المميزة المحروسة بالسلاح و التي يصعب الدخول إليها أو الإقتراب منها أو التصوير!!!…
و يستمر التدريب و التأهيل و الترقيات حيث يتم الإبتعاث المدفوع الأجر إلى المعاهد و الكليات و الدورات ، داخل و خارج السودان ، بغرض إعادة صياغة (الأفراد) بما يتناسب مع عقيدة و إحتياجات القوات النظامية…
و مع التأهيل و الترقي تزداد الإمتيازات و الإستثنآءات و كذلك الإبتعاد عن التواصل مع (الملكية) طبعاً مع إستثنآء التواصل مع الوسطآء من الكوادر الحزبية الملكية المختصة بتجنيد العناصر العسكرية ، ثم عند بلوغ مرحلة (الوصاية) على الشأن العام يتقدم العسكري (الحريص) لإذاعة البيان الأول ثم إصدار المراسيم الجمهورية المؤقتة من ذات الأرقام و ذلك حتى تحين أوقات الإستفتآء و التتويج رئيساً للبلاد تعلو رأسه القبعة العسكرية ذات الزراكش ، و ترصع كتفيه السيوف و النجوم الذهبية ، و تزين صدره النياشين ذات الألوان ، و يتقدم موكبه الحرس على الدراجات النارية و السيارات السريعة من ذات الدفع الرباعي ، و حينها تصبح ملحوظات (الريس) و نظراته أوامر تسوق الخصوم و المعارضين إلى الزنازين أو المشانق أو الدفن أحيآء بالقرب من الدَّروَات ، و المفرد دَروَة و هي مكان ضرب النار (الرماية)…
ختاماً:
و بعد هذا المرور السريع على سيرة العسكري ثقيل الوزن فيبدوا أنه على كل من لم يسعفه الحظ في الإلتحاق بالكلية الحربية (مصنع الرجال/عرين الأبطال) أو بأحد من المصانع و العرآئن الأخرى الإختيار ما بين أمرين: ندب الحظ العاثر على ضياع هذه الإمتيازات السخية أو حمد الله حمداً كثيراً على النجاة من هذا الإبتلآء العظيم…
ملحوظة:
تعريف العسكري لا يشمل المتمردين و مليشيات الجنجويد و المرتزقة…
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة
[email protected]
https://sudanile.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8/https://sudanile.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D...7%D9%84%D8%A3%D8%A8/