سَلاماتْ، بروفْ حَسَّاسْ مُحَمَّدْ حَسَّاسْ

  
في انتظار الحرامي:::
∆صديقي في حيرة من أمره . . فهو يسكن امتداد
الصحافة وسط مجموعة من الجيران المحترمين ..و في
المدة الأخيرة تسور اللص حائط جاره من ناحية الشرق و قد
استولى على ما أمكن حمله من سفط المتاع و جاء لبوليس و قفء
الأثر و كانت موضوعا من الموضوعات المفضلة عند الجار من ناحية الشرق
ثم قفز الحرامي مرة أخرى على الجار من ناحية الغرب و تكرر نفس المنظر
.ثم قفز الحرامي على الجار ذي القربى و الجار الجنب . . و الصاحب بالجنب
و الخلا و الرفيق الفسل وهكذا استمر الحرامي يسري ليلا إلى تلك المنطقة و
تلك الربوع الى سابع جار و لكنه لم يحاول مرة واحدة ان يقفز حائط صديقي .
ربما يكون الحرامي عالماً بالاشياء الموجودة داخل منزل صديقي و هو مقتنع انها
كراكيب لا تساوي تعب (نط الحيطة) .. و لكن بالنسبة لصديقي فالامر يختلف .ففي
جحاكل ليلة يتوقع صديقي أن يكون هو الشخص الذي سيزوره الحرامي هذه الليلة
و يظل ساهرا و قافزاً اثر أقل كشكشة . . و لكن دون جدوى . . و يصاب صديقي
بخيبة أمل . . كما أن السهر المتصل في انتظار الحرامي اخذ يرهق أعصابه .
و كان يسمع الناس يعلقون على ذلك بقولهم:
- و الله حكاية عجيبة .. الحلة كلها اتسرقت .. الا الزول دا اصلو يوم واحد
الحرامية ما زاروهو .. الحكاية شنو ..
- يا أخوانا يمكن ما عنده حاجة بتسرق ؟
- ما عنده حاجة كيف؟ و هو اصلو الحرامي
بيعلم الغيب ما لازم بالأول يزوره عشان
يعرف في شنو في البيت بيستاه السرقة . .
- و كان أحسنهم تعليقاً يقول:
- يا أخوانا الراجل يمكن محوط البيت بتاعه .
و كان أسوأهم تعليقا يقول:
- لازم عامل معاهدة عدم اعتداء مع الحرامية؟ . . مش جايز متفق معاهم
و بيديهم عشان ما يزعجوه في الليل ؟
و صديقي يستمع الى هذه التعليقات و كأن أصحابها قد قصدو أن يسمعوه
هذه التعليقات ميدانيا فكانو يعقدون مجالسهم أمام بابه و هم يتكلمون بصوت
عال ..و القلق الذي يأتي ليساور من ناحية الشارع ليس مهما كالقلق الداخلي
الذي ينبع من المنزل .
ففي داخل المنزل كانت ابنته الصغيرة تقول له:
- يا بابا ناس حنان امبارح جاهم الحرامي . . و نحنا ليه ما جانا ؟
فكان يطمئنها بأن ذلك الحرامي قد قصد أن يزور ناس حنان. و كل
حرامي عنده ناسو الذين سيزورهم . . فكانت الصغيرة تصر على السؤال :
- و طيب يا بابا نحنا بجينا متين؟
- يمكن بعد مدة . . .
- بعد مدة يعني كم؟ .. يعني بعد ننوم كم مرة ؟
- بعد ما ننوم ثلاث مرات ...
∆ و بعد أن ينام الجميع ثلاث مرات . . تظل الصغيرة صاحية و هي
تتوقع حضور الحرامي حتى تستطيع أن تحكي لزميلاتها في اليوم التالي عن هذه المغامرة اللذيذة و ذلك عندما زارهم الحرامي . . و تستطيع ان تشد انتباه الصغاة الآخرين و هي تحكي لهم عن تفاصيل العملية . . كما كانت حنان تفعل .
و لكن الحرامي لا يحضر . . .
∆ و في الصباح تمد الصغيرة بوزها و هي تسأل والدها:
- يا بابا . . مش قلت الحرامي بجي بعدما ننوم ثلاث؟ و ليه ما جا؟
و يحار الوالد في ايجاد تفسير لتلك الحالة . . فهو نفسه قد بات ساهراً
في انتظار مجئ الحرامي حتى يثبت لجميع المعلقين و المعلقات بأنه لم
يعقد معاهدة عدم اعتداء مع الحرامي كما كانوا يتصورون . . و انو دي
مسألة كلها كانت سهوا من جانب الحرامي و الذي تخيل أنه قد زار المنزل
ليلاً . . في حين أنه قد(فطاهو) . .و لم يبقى الا أن يعلق صديقي يافطة
تقول ((هذا المنزل لم يزره الحرامي)) .. و ملحوظة صغيرة تقول: توجد
بالداخل . . ريكوردرات و ملابس نسائية و بعض النقود تنام داخل
الجيوب على الشماعة .. و لا يوجد بالبيت أي كلاب .
و لكني أقنعته أن يترك مسألة اليافطة هذه
فربما كانت السبب في حضور أكثر من حرامي......
و كان صديقي يصيح::
- يا ريت لو يجي اكثر من حرامي على الاقل كنت أقول للبت
انو الحرامية قرروا زيارتنا كلهم في يوم واحد مش زي ناس حنان
.. و كنت وريتها واحد منهم شكلو كيف لانها كانت باستمرار تسأل:
- يا بابا .. الحرامي شكله كيف؟ . . أنا عايزه اشوف واحد منهم .
و لكن الحرامي لا يأتي . .
و أخيراً علمت أن صديقي قد رحل من امتداد الصحافة الى
مكان آخر و كان يبرر سبب رحيله بقوله:
- يا أخي دي حتة حرامية ما فيها
الواحد يقعد فيها يعمل شنو؟

__________________
واجعنى فى البحر... السكات
وسكتنى فى الوجع....البحر