/حصارُ أوكرانيا وحصانُ طروادةَ/

سقوط النظام العالمي(6)
بين بوتين وهتلر ومصير العالم
الأسئلة المهمة:
هل نجح بوتين أم فشل في مغامرته العسكرية في أوكرانيا حتى الآن؟
ما هي الحصيلة العسكرية على الأرض؟ وما هي دلالاتها السياسية؟
الحصيلة العسكرية للمعارك:
لقد نجح الجيش الروسي في ضرب الأهداف العسكرية الأولى:
مراكز القيادة ومراكز الاتصالات والمقرات الحكومية والبنية التحتية للدولة.
ثم انتقل الجيش الروسي بنجاح لضرب التجمعات العسكرية الهامة: منصات الصواريخ
والدفاعات الجوية ومجمعات المدفعية والدروع والدبابات وفرض سيطرة جوية كاملة فوق أوكرانيا.
+ ثم بدأ الآن الجيش الروسي في ضرب المؤسسات الاستراتيجية الحيوية مثل محطات
الاذاعة والتلفزيون و محطات الكهرباء والمياه وبرغم ذلك لم يتمكن الجيش الروسي من
الاستيلاء على العاصمة كييف أو أي مدينة أوكرانية كبيرة. لماذا؟
+ لأن خطة الدفاع الأوكرانية بنيت على جر الجيش الروسي لحرب
المدن والشوارع،وهي أصعب وأعقد أنماط الحروب الخمسة المعروفة:
المناطق الصحراوية والجبلية والزراعية والغابات والمدن.

+لقد برهن الأوكرانييون جيشا وشعبا على درجة عالية من المقاومة الشعبية
ما أحدث خسائرا فادحة في الجيش الروسي أرواحا ومعدات وهذه استراتيجية قد
تجعل الحرب تستمر لأشهر أو سنوات. ووجد الجيش الروسي نفسه أمام خيارات صعبة
للغاية، فليس أمامه سوى حل واحد للاستيلاء على العاصمة وهو سياسة الأرض المحروقة:
وهي ضرب وتفجير وحرق وهدم المباني والبيوت والمدارس والمستشفيات والكنائس والمتاجر
والأسواق بمن فيها وتسويتها بالأرض على يمين ويسار طريق محدد وبعدها تتقدم الوحدات
العسكرية خلاله إلى قلب المدينة. لكن هذا الخيار مكلف جدا للطرفين ويضع روسيا
في وضع أخلاقي وسياسي في غاية الحرج حتى لشعبها ولحلفائها.
+ لقد أخطأ بوتين في حساباته في ثلاث مسائل هامة:
1. أخطأ في الحساب العسكري، فقد كان في تصوره أن
غزو أوكرانيا سينتهي في ساعات أو في يومين على الأكثر.
2. أخطأ في تقدير رد فعل أميركا، فقد تصور الأمر انه سيكون مثل أيام اوباما
حين غزا جزيرة القرم، فهي مجرد عقوبات اقتصادية يمتص أثرها عبر الزمن.
3. أخطأ في تقدير الموقف الدولي من وحدة أوروبية شاملة
تساندها مئات الدول ضد روسيا.الدلالات السياسية:
+ رغم الوضع العسكري المتفوق لروسيا على الأرض فإن النتائج السياسية
هي خسارة كبيرة لروسيا. لقد حشر الرئيس بوتين نفسه في مأزق حرج: فشل
في تحقيق وعده لشعبه بنصر عسكري سريع، وصار الأمر هو حرب متطاولة لا
تعرف متى نهايتها. ثم واجه عقوبات غير مسبوقة في التاريخ من حصار جوي و
بحري واقتصادي ومالي يصل تأثيرها إلى المواطن الروسي العادي. ثم وهو الأهم،
أنه خسر كل المكاسب السياسية التي حققها بمجرد التهديد بالحرب قبل شنها وهي:
استبعاد طلب انضمام اوكرانيا للناتو، واحترام المخاوف الأمنية الروسية والعمل على
تحقيقها. بل دفعت تصرفاته إلى تخلي دول محايدة بسبب الخوف مثل ألمانيا وفنلندا
عن حياديتها والعمل على تسليح أوكرانيا وربما تبعتهما السويد وسويسرا والنرويج.
بوتين في مأزق حقيقي ورط نفسه فيه ووضع العالم كله على كف عفريت، ولكن
هنالك حل في غاية البساطة إذا كانت أهدافه المعلنة هي فعلا أهدافه وليست
لديه أهداف خفية، وهو التفاوض والاتفاق على حل يحفظ لبوتين ماء وجهه
بإعلان اوكرانيا دولة محايدة، ولن تسعى لامتلاك أسلحة نووية، مقابل
الانسحاب الروسي الكامل لخطوط ما قبل 24 فيراير. وباقي
التفاصيل مقدور عليها.السيناريوهات المرعبة (7)