/حصارُ أوكرانيا وحصانُ طروادةَ/

…………..
سقوط النظام العالمي
(2)
بين بوتين وهتلر ومصير العالم
+ تعود جذور الأزمة والحرب الراهنة بين روسيا وأوكرانيا إلى
سلسلة من الأخطاء المتراكمة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام
1991 وحتى الآن ارتكبتها الدول الغربية وروسيا مشتركين.

+ حين بدأ الاتحاد السوفييتي بالتفكك إلى الجمهوريات المكونة له طار الغرب
فرحاً لإعلان الهاية الحرب الباردة وقامت اوروبا والولايات المتحدة بجهد كبير
لتأمين استقلال الجمهوريات الجديدة سياسيا بتقديم وعود وضمانات لروسيا لتسهيل
استقلال هذه الجمهوريات، وشجعت الشركات الرأسمالية الغربية لدخول الأسواق
الجديدة ومساعدة الاقتصاديات الناشئة في توليد وتحويل الانظمة شبه الاشتراكية
إلى اقتصاديات راسمالية. ولكن تعاملت الولايات المتحدة واوربا باستسهال وعدم
جدية مع وعودهما والتزاماتهما الأمنية الاستراتيجية تجاه روسيا.
لنبدأ بوعود رؤساء الولايات المتحدة ومذكرة بودابست:
1. الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا عام 1991 على أن تتنازل اوكرانيا عن الترسانة
النووية لروسيا وهي ثلث الترسانة النووية للاتحاد السوفييتي السابق وأن يتم نقلها
لروسيا مقابل اعتراف روسيا باستقلالها. ثم حصل الآتي:

أولا: عند استقلال أوكرانيا تعهد رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبين: بوش الاب
وبيل كلنتون وبوش الإبن للرئيس بوريس يلتسين وبعده بوتين، أن الناتو لن يقترب
عسكريا من الجوار الاستراتيجي لروسيا والتوسع فيه، وبالتحديد أوكرانيا وجورجيا.

ثانيا: سعت جورجيا وأوكرانيا، وبخلاف التعهدات الأمريكية للإنضمام للاتحاد
الأوربي ولحلف الناتو وتجاوب الاتحاد الأوربي مع هذه التطلعات وسعى لتحقيقها
ولم تتخذ اميركا موقفا حيال تلك التحركات، بل أعلن الرئيس جورج بوش أن الناتو
سوف يمنح العضوية لجورجيا وأكرانيا.
ثالثا: تم توقيع مذكرة بودابست عام 1994 بين اربع
دول: اميركا، روسيا، بريطانيا واوكرانيا من أربعة بنود:
أ. حماية أوكرانيا من العدوان الخارجي
ب. عدم توجيه عدوان عليها.
ج. عدم وضع ضغوط اقتصادية على أوكرانيا للتأثير على سياساتها.
د. عدم استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا
فما الذي حدث؟ ما في شئ من البنود الاربعة تحقق عدا عدم ضرب اوكرانيا بالنووي؟

2. ضاعت على العالم عشرون سنة من ادارة بوش الاب إلى ترمب
كان يمكن فيها تدارك الأخطاء واحتواء روسيا واستيعابها في المنظومة
الاوروبية وقيمها ونظمها الديمقراطية وتوضيعها في النظام العالمي
لاحترام مؤسساته كالأمم المتحدة ومجلس الامن والقانون
الدولي وتجنب الموقف الحالي وتداعياته.
+ ومنذ بداية فترة ادارة الرئيس دونالد ترمب، الذي وضعت روسيا
كل امكانياتها المخابراتية والمالية لفوزه في الانتخابات، شرعت روسيا
في استغلال ضعف الأدارة الامريكية بوضع قدرات بوتين وتحالفات بلاده
الدولية لأجل هدف وحيد ونهائي وهو: إضعاف المكانة الدولية للولايات
المتحدة كدولة عظمى قائدة للعالم، وبالنتيجة تعديل موازين القوى التي
شكلت النظام العالمي بعد الحرب العالمية التانية منذ عام 1945.
فليست أوكرانيا هي الهدف الآن ولكنها مجرد ذريعة لطموحات
جنونية لاستعادة امبراطورية على أنقاض النظام العالمي.
ما هو النظام العالمي الذي يريد بوتين تغييره،
وما هو البديل الذي يريده؟ في الحلقة(3)