|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي (Re: عبدالله عثمان)
|
جزء من مقال للدكتور النور حمد ويحوي صورة قلمية لجوديث ميلر عن حضورها للجريمة النكراء
صفونا صفا صفاً الأجهر صوتا، والأطول، وضعوه في الصف الأول ذو الصوت الخافت والمتواني، وضعوه في الصف الثاني، أعطوا كلا منا دينارا من ذهبٍ قاني براقاً لم تمسسه كفْ قالوا صيحوا: زنديقٌ كافرْ صحنا: زنديقٌ كافرْ قالوا صيحوا: فليقتل، إنا نحمل دمه في رقبتنا صحنا: فليقتل، إنا نحمل دمه في رقبتنا نفس هذا المشهد، وأعني مشهد هتاف العامة، في وجه مفكر محكوم عليه بالإعدام، تكرر بعد قرابة الألف، ومائة عام، تقريبا، في سجن كوبر بالخرطوم، في يوم 18 يناير 1985! وقد وثقت بالقلم، لمشهد تنفيذ الحكم على الأستاذ محمود محمد طه، الصحفية الأمريكية، جوديث ميللر، وأشارت إلى صدمتها عند سماع من هتفوا (تحيا العدالة)، أو (أخذت العدالة مجراها)، في ذلك اليوم الأسود، من تاريخ السودان المعاصر. كانت ميللر، وقتها، مسؤولة عن مكتب صحيفة نيويورك تايمز بالقاهرة. وقد جاءت إلى الخرطوم بقصد تغطية الحدث. وبالفعل، فقد أرسلت ميللر، تقريرها الذي أعدته عن حادثة التفيذ، إلى صحيفتها في نيويورك، وتم نشره في صبيحة يوم 19 يناير، 1985. وفي عام 1996 أخرجت جوديث ميللر كتابا، أسمته (لله تسعة وتسعون إسما) God has Ninety Nine Names ناقشت فيه الحركات الإسلامية، في العالم العربي، والإسلامي. وقد كرست الجزء الأول من الكتاب، لحادثة التنفيذ التي جرت في حق الأستاذ محمود محمد طه، في سجن كوبر، في العاشرة من صبيحة يوم الجمعة، 1985، والتي كانت أحد شهود العيان لها. جاء في وصف ميللر، للحادثة، في كتابها (لله تسعة وتسعون إسماً)، ما نصه: (كان صباحا مثاليا. بعد سويعات، تصبح الخرطوم خانقة. ولكن عند السادسة من صباح 18 يناير من عام 1985 كان الهواء صافيا. وكانت السماء قد لبست بالفعل زرقة حمام السباحة. في غرفتي بفندق الهيلتون، كان الصوت الوحيد، هو صوت مكيف الهواء، ذي العشرين سنة، وهو يضخ هواء محتمل السخونة. شربت قهوتي، وقرأت جريدة الصباح، محاولة ألا أفكر فيما سيحدث. لقد رأيت وقمت بأشياء كثيرة، بوصفي رئيسة مكتب صحيفة نيويورك "تايمز" بالقاهرة. كما شهدت أحداثا مروعة عديدة منذ رحلتي الأولى إلى الإقليم في عام 1971، وأنا لم أزل طالبة حديثة السن. غير أني، لم أغطي حادثة تنفيذ حكم بالإعدام. بعد ساعة خرجت في طريقي إلى سجن كوبر. ساحة سجن كوبر مستطيلة الشكل، وبحجم ميدان لكرة القدم. عندما وصلت برفقة جمال محي الدين، مدير مكتب مجلة "تايمز" بمصر، كانت ثلاثة أرباع تلك الساحة ممتلئة بالناس. كنت ألبس جلبابا أبيضا فضفاضا، وغطاء للرأس، لئلا يكتشف حراس السجن أنني شخص أجنبي. لوح لنا الشرطي بيده إيذانا لنا بدخول موقف السيارات. فعل ذلك، من غير أن يلقي حتى بنظرة ثانية نحوي في المقعد الخلفي. علما بأن المقعد الخلفي هو المكان الطبيعي، لوجود امرأة في سيارة، في الشرق الأوسط. خفضت رأسي بينما سرنا أنا وجمال ببطء، وسط الحشد، نحو قلب ساحة السجن، لنجد مكانا للجلوس على الأرض الرملية. كانت المشنقة في الجانب البعيد من الساحة. مرتفعة نوعا ما، غير أنها أقل في الارتفاع من حوائط السجن المبنية من الحجر الرملي. كان المشهد في كوبر مرحا. لا شئ هناك يشبه الصور المتجهمة التي رأيتها للسجون الأمريكية حيث يحتشد أصدقاء وأقارب المحكوم عليهم بالإعدام، خارج الأسوار، وسط المتظاهرين المعترضين الذين يحملون الشموع في الليل. يبدو أنني كنت المرأة الوحيدة في الساحة. وبدا أن كثيرا من الحاضرين، الذين يقدرون ببضع مئات، يعرفون بعضهم البعض. ظلوا يحيون بعضهم البعض، بتحية الإسلام التقليدية " السلام عليكم" ويجيء الرد مرات ومرات "وعليكم السلام". الرجال ذوو البشرات الداكنة، في عمائمهم التي يبلغ ارتفاعها القدم، وجلابيبهم البيضاء الفضفاضة، يتضاحكون ويتجاذبون أطراف الحديث، حول حالة الطقس، بشائر محصول تلك السنة، والحرب التي لا تنتهي في جنوب السودان. ورويدا رويدا، جلس كل واحد على الرمل، تحت وهج الشمس، التي بدأت حرارتها تزداد قسوة مع كل دقيقة تمر. كان الموعد المعلن لتنفيذ الحكم هو الساعة العاشرة. قبل الزمن المحدد بقليل، قيد محمود محمد طه إلى الساحة. الرجل المحكوم عليه والذي كانت يداه مربوطتان خلف ظهره، بدأ لي أقل حجما مما كنت أتوقع. ومن المكان الذي كنت أجلس فيه، وبينما كان الحراس يسرعون به إلى الساحة، بدا لي أصغر من عمره البالغ ستة وسبعين عاما. سار مرفوع الرأس، وألقى نظرة سريعة على الحشد. عندما رآه الحاضرون، انتصب كثيرون منهم واقفين على أقدامهم، وطفقوا يومئون ويلوحون بقبضات أيديهم نحوه. ولوح قليلون منهم بالمصاحف في الهواء. تمكنت فقط من التقاط لمحة خاطفة من وجه طه، قبل أن يضع الحارس الذي قام بالتنفيذ، كيسا ملونا على رأسه وجسده. ولن أنسي ما حييت، التعبير المرتسم على وجهه. كانت عيونه متحدية، وفمه صارما، ولم تبد عليه مطلقا، أية علامة من علامات الخوف. بدأ الحشد في الهتاف، بينما كان مجندان سودانيان يلبسان زيا رملي اللون، يضعان عقدة الحبل على المكان المفترض أن تكون فيه رقبة محمود طه. ورغم أن ضجيج الحشد قد ابتلع أصوات الجنديين، إلا أنه بدا وكأنهما كانا يصيحان ضده. فجأة تراجع الحراس للوراء، ثم سُحبت أرضية المنصة. فاشتد الحبل، واهتز الغطاء الموضوع على جسد طه في الهواء. اشتعل الهدير في الساحة "الله أكبر". وتكثف الهتاف عندما بدأ الحشد في تكرار الهتاف بشكل جماعي، "الإسلام هو الحل". الرجال الذين امتلأوا حماسة، عانقوا وقبَّلوا بعضهم البعض. أحد الرجال الذين كانوا بجانبي صرخ، "أخذت العدالة مجراها"، ثم جثا على ركبتيه، ووضع جبهته على الرمل وتمتم بصلاة إسلامية. الحالة الاحتفالية التي جرت من حولي، صعقتني، وأصابتني بالغثيان. جذبت جمال من كم قميصه، محاولة أن أشعره بأنه يتعين علينا مغادرة المكان، فقد كنت بالفعل، عاجزة عن النطق. في حالة التوتر العصبي التي اعترتني لابد أنني قد قمت لا شعوريا بسحب الغطاء الذي كان يغطي رأسي، فانحرف عن موضعه. استشعر جمال الخطر، وجذب الغطاء على ناصيتيْ شعري اللتين انكشفتا، ودفعني بحزم صوب المخرج. وبينما كنا نشق طريقنا صوب البوابة الحديدية الثقيلة، بدأت الرمال في الثوران والارتفاع في شكل سحابة برتقالية نتيجة لجرجرة الحشد لأقدامهم على الأرض الترابية. عند وصولي للمدخل، لويت عنقي لألقي نظرة أخيرة على المشنقة. كان الكيس، وجسد طه لا يزالان متدليان على الحبل. فتساءلت في نفسي، متى سينزلونه؟. لدى كثير من السودانيين الذين هللوا لإعدامه في ذلك اليوم، فإن طه قد اقترف أسوأ جريمة يمكن أن ترتكب. لقد أدين بتهمة الردة عن الإسلام. وهي تهمة نفاها طه، الذي أصر حتى النهاية، أنه ليس مهرطقا، أو مرتدا عن الإسلام، وإنما مصلح ديني، ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الإسلامية، "قانون المسلمين المقدس" والطريقة التي فهمها ونفذها بها الرئيس جعفر نميري. من وحي الموقف، أحسست، أنا أيضا، أن طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية، وإنما بسبب من نقصهم هم)) .. إنتهى نص ميللر. (ص. ص.11 –12).
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي والكذب الصراح | عبدالله عثمان | 12-27-21, 09:56 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-27-21, 09:57 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-27-21, 09:59 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-28-21, 03:32 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-28-21, 03:43 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-28-21, 03:44 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-28-21, 03:45 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 05:49 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 06:02 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 06:04 AM |
العويل المتجدد لأتباع (الإله أب عراقي) | عماد حسين | 12-28-21, 06:55 AM |
Re: العويل المتجدد لأتباع (الإله أب عراقي) | عبدالله عثمان | 12-28-21, 07:04 AM |
Re: العويل المتجدد لأتباع (الإله أب عراقي) | عماد حسين | 12-28-21, 07:15 AM |
Re: العويل المتجدد لأتباع (الإله أب عراقي) | عبدالله عثمان | 12-28-21, 07:28 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبد المنعم شيخ ادريس | 12-29-21, 01:00 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | الزبير بشير | 12-28-21, 09:16 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 11:11 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 11:14 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | الزبير بشير | 12-28-21, 12:13 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-28-21, 12:28 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد محمد قاضي | 12-28-21, 03:42 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | Yasir Elsharif | 12-28-21, 04:25 PM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | ABUHUSSEIN | 12-28-21, 08:25 PM |
عبد الله عثمان الجمهوري يكذب على الشيخ ابوزيد كذبا صريحا | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 05:59 AM |
Re: عبد الله عثمان الجمهوري يكذب على الشيخ اب� | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 06:05 AM |
Re: عبد الله عثمان الجمهوري يكذب على الشيخ اب� | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 06:28 AM |
Re: عبد الله عثمان الجمهوري يكذب على الشيخ اب� | عماد حسين | 12-29-21, 07:04 AM |
Re: منزوع الحياء، المهووس عبد الله عثمان يكذب على الشيخ أبو زيد محمد حمزة | عماد حسين | 12-29-21, 07:43 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عماد حسين | 12-29-21, 07:53 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عماد حسين | 12-29-21, 07:48 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | Yasir Elsharif | 12-29-21, 09:02 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | الزبير بشير | 12-29-21, 07:59 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 08:13 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عماد حسين | 12-29-21, 08:17 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | الزبير بشير | 12-29-21, 09:07 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | Yasir Elsharif | 12-29-21, 09:40 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عماد حسين | 12-29-21, 10:59 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 09:44 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 09:46 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-29-21, 09:55 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | عبدالله عثمان | 12-29-21, 10:49 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-30-21, 05:38 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-30-21, 06:08 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | Yasir Elsharif | 12-30-21, 10:37 AM |
Re: الأستاذ محمود محمد طه: شيخ ابوزيد الوهابي | محمد الزبير محمود | 12-30-21, 11:32 AM |
|
|
|