مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 00:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-24-2021, 06:36 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� (Re: عبد الحميد البرنس)

    ما بدا أول الأمر شاذاً غريباً مستهجناً وعلى وجه الخصوص من قبل ما قد أطلق عليهم "المحافظ" في إحدى خطب عيد الاستقلال اسم "بُقع الرجعية في ثوب المدينة الحضاري الناصع البياض"، سرعان ما قد أخذ يتحول إلى حمَّى اجتاحت على فترات متقاربة "شبيبة المستقبل المشرق على مدارج العالِم وتقدم الحضاري، والعبارة الأخيرة هذه بالذات قد ذكرت "وكالة رويتر المحلية" أن أمّي قد تقالتها لأول مرة عند بدء سلسلة حفلات "الديسكو"، التي ظلّت تقيمها عادة في نهايات الأسبوع، على إيقاع أغنيات مثل "القدوم الصعب" و"الجلوس في عالم النسيان" و"يمكنك الحصول عليه إذا كنت تريده حقاً" للمغني جيمي كليف، فضلاً عن "دادي كول" و"ريفرس أوف بابيلون" لفرقة بوني إم وروائع الإخوان مايلز تلك المنحدرة من الثلاثينيات وغيرها من "أغاني زمان".

    كانت أمي ماضية قدماً في تنفيذ خططها، غير عابئة بتحذيرات أولئك "البُقع" المتكررة من عواقب الاستمرار في "أعمال الفجور جالبة البلايا والأهوال". باختصار، بدت أمّي منصرفة عن مكائد أعداء النجاح هؤلاء إلى جهود الصفوة لإشاعة أشياء "هامة" كما لُعبتي "الكريكت" و"الغولف" في مدينة لا تعرف "للأسف" على حد قولها سوى مباريات "كرة القدم وسباق الحمير". على أي حال، "يا ولدي"، هكذا وجهت لي مرة الحديث، مناصحة: "ستدرك حين تكبر قليلاً أن النّاس صنفان: مَن قد يصنع فعلاً للتعليق، ومَن يقوم بالتعليق على ذلك الفعل".

    كان العالم يقوم في وعي أمّي دائماً على ركيزتين!

    حين بدأ، جمع التبرعات لبناء "مسرح يليق بسمعة المدينة الحضارية الواعدة على سلّم هذا المجد الخرافيّ" على حد تعبير أمين حزب التقدم النشط، قالت أمّي وهي ترجع بظهرها إلى مسند الكرسي وقد ظهرت عليها إمارات التعب جلياً إنها بدأت تشعر "في صميم روحها وقرارة عقلها وركيزة جسمها" كمن يحلق في الفضاء بجناح قوي وحيد.

    ما لبثت أمّب أن أوضحت مدى صعوبة المهمة الملقاة على عاتقها من قبل "السادة المستنيرين أصحاب التقدميّة تاج المدنيّة"، قائلة: "نهر التخلّف بدأ من قطرة. ما صيّره بحراً عباباً هو التراكم وتقادم العهد وما تركه المترددون كي يصلحه الزمن وما أدركوا في إيثارهم الأغلب للسلامة أن ما قد ينقص الأجيال المتلاحقة ليس سوى فداحة عبء ما تركه الأوائل دون حلّ فتعقّدت عقدةُ عقدةِ عقدةِ العقدة واختلط الأمر وصار أكثر شبهاً بالمتاهة". وما قالته أمّي هنا، ليس سوى ما قد حفظت عن ظهر قلب من "منفستو حزب التقدّم" مع تعديل طفيف حتى يبدو الكلام كما لو أنّه قد صدر عنها بالفعل. مع أن الحمّالين في الميناء كانوا يرددون جوهر تلك الفقرة من المنفستو نفسها لكن بكلماتهم الخاصّة: "إذا تركتَ التمساح يسبح في الجوار فسيلتهمك". ولم يكن اأّاً من ذلك مما شغل أبي الذي أدرك مغزى رسالة أمّي بشأن ذلك التحليق في سماء شديدة العلو بجناح قوي وحيد. فتقمَّصت روحه رغبة صادقة في تقوية الجناح الآخر ذاك طواعية تماماً مثلما قد يفعل في الموقف نفسه "أي رجل حضاري آخر متفهم إلى درجة الإعجاب تفانياً في النصف الآخر الحلو من هذا الكائن المدعو الإنسان".

    هكذا، كمن يهب للقيام بإحدى تلك المهام التي قد تتطلب استعداداً خاصّاً، قال أبي: "لا بدّ أن تحتفظ أسرتنا (التي وضع القدر في يدها شعلة الضوء الخالد في ليل التخلف الحالك البهيم) بموقع الصدارة الحضاري بأي وسيلة. علينا بذل الطاقات لتحسين وجه العالم ما ظللنا أحياء. أما الراحة والكسل فأمران مكانهما هناك، في القبر". ثم اندفع أبي هذا بحماس "منقطع النظير" مشاركاً في "الأعمال المنزلية"، كأن يقوم بتنظيف الحمامات والمراحيض ليلاً. كان يفعل ذلك "إسهاماً شخصياً" كما كان يحلو له أن يقول لحظة الانتهاء من تقطيع حزم البصل إلى حلقات صغيرة في "دعم مجهود مامتكم". "وكالة رويتر المحلية" التي تكاد تشرف حتى على "تلاقح الضفادع في الخريف" وفق ما جاء في أكثر من مناسبة على لسان ناظر المدرسة الأميرية "الذي غدا عصبياً على نحو واضح بعد كبيرة مُسيلمة ابنه" أشاعت أن أبي كان يفعل ذلك "مخافة" أن يُدرج اسمه في "القائمة السوداء"، التي ظلّت تنشرها من وقت لآخر مجلة "نهضة المرأة" بدعم شخصيّ من المحافظ نفسه كما يُردد في الخفاء، وهي قائمة تضم "أسماء الأزواج الذين ظلوا يمارسون التمييز ضد المرأة داخل المنازل سراً"، على الرغم من مظهرهم "الحضاري المُخادع"، حسبما ورد في إحدى افتتاحيات رئيسة التحرير، فيما هي تقدم لأولئك "السيدات القارئات/السادة القراء" باباً جديداً حمل عنوان: "نحو تعليم الرجال فنون المطبخ العصري"، وترد في الوقت نفسه على رسالة موقّعة بالأحرف الأولى فقط"، كانت قد بعثت بها "إحدى الثائرات"، معربة عن أملها في أن تتحرر المرأة وأن تشهد هي بنفسها اليوم الذي تُفرغ فيه المرأة مثانتها على قارعة الطريق "مثل محضِ رجل".

    على خلاف صلاح "زوج فاطمة بتاع الدكان الرجعي" الذي ظلّ يتأرجح طويلاً ما بين المواقف، أدرك أبي أن المسئولين "أصحاب الحلّ والعقد" في المدينة هم "بمباركة الله العليم" وراء "نماء شجرة المحصول الحضاري الوفير". فشرع أبي أي ربما لذلك في إخماد نار "تلك التقاليد البالية" التي بدأت تشتعل في الحال وعلى فترات متقاربة تحت مظهره ذاك كمفتش زراعي من الدرجة الثالثة، متغاضياً حتى عن انتهاك أشياء كان يراها من "الثوابت"، كأن يبارك رغبة أختي الكبرى أن تعمل "موديلاً" لطالب "موهوب إلى درجة قف" كان يدرس في "كلية الفنون الجميلة" أثناء دراستها الجامعية، "إسهاماً مني" كما ظلّت تردد متأثرة هنا بآراء خالي الفنان التشكيلي "غريب الأطوار ذاك" في "استكشاف جوهر جماليات الجسد الأنثوي الذي أخفاه ثوب التخلف لقرون خلت ".

    أختي هذه، تعيش الآن في منفاها الأوروبي بلا أسرة على أعتاب شيخوختها، وحيدة مع أحداثها الماضية، وبالكاد ترسم على وجهها ابتسامة لذكرى الأيام الآفلة، بينما تتمعن لما يهمد الحديث وينهض الصمت في أشياء لا وجود لها، ظلّت بدورها تهمي لكن بتثاقل وتناغم مع خيوط الجليد المتتابعة بخفّة وراء تلك النافذة الزجاجية.

    بدا أن وجودي جانبها ذلك المساء على هامش مؤتمر كنت أحد المشاركين فيه كوجود شيء لا تريد هي أن تراه. الذي حدث أن جملة الأنشطة المحمومة لأحزابنا خلال السبعين عاماً الماضية قادت أخيراً إلى حروب قضت ليس فقط على جهود أمّي الحضارية وما أسماه المحافظ يومها "بقع الرجعيّة" بل تقريباً على الوطن ككل. فتفرّق مَن له القدرة على الزحف خارج الحدود في أنحاء الأرض كما هدف سهل للأسى والضياع والحنين.

    ودعتُ أخيراً أختي هذه عند الباب. فأشارت إلى الدرجات المنحدرة نحو الطريق الغارق في بياض جليد بروكسل الطازج قائلة: "كن حذراً. فهناك قطع ثلجية ملتصقة على جانبي الدرجات منذ بداية الشتاء". لم يتبقَ من أسرتنا هناك سوانا أنا وهي. هي لم تتزوج قطّ. أنا لم أرزق أبداً بذرية على الرغم من مرور أكثر من العقدين على زواجي!

    ربما، أو لهذا "الوفاء الحضاري تحديداً"، حسبما أوضحت "وكالة رويتر المحلية" مخففة من شواظ ظهيرة ألمت بمدير البنك في إحدى لحظات انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، مُنح أبي ترقية استثنائية "داخل الهرم الوظيفي" مهدت له الطريق مباشرة إلى العمل في المقر الإداري للمؤسسة الزراعية بعيداً عن الريف بمياه شربه "الراكدة" وهيئة سكانه التي كانت تذكره دائماً بحظه "العاثر" في "هذه" الحياة. "أيها السادة زارعو بذرة الحضارة والتقدم مَن قال من قبل وجودي أنا شخصياً إن حقول السعادة اللطيفة من المستحيل أن توجد من غير وجود أعشاب ضارة"؟

    كذلك شرع أبي يتفلسف في عمله الجديد، مستشعراً وطأة الفراغ بين جدران مكتب فخم به ثلاجة صغيرة "فاضت قنواتها عن آخرها بعُلب المياه الغازية" تدخله على فترات متباعدة وجوه حليقة "معنوياتها لا تشبه "بأي حال" نضرة الأزهار الطبيعية الساحرة على حافة جدول صغير". وعلى ذلك المنوال، أخذ أبي يبحث عن حياته الضائعة على ما بدا في فردوس المدينة، حتى أن أفكاراً غامضة حول الحياة والموت بدأت كما الجراد "تُداهم تلك الحديقة المُبهجة في الربيع"، الأمر الذي لم ينقذه منه شيء سوى زيارة الأسرة إلى بيت مدير عام المؤسسة الزراعية في "عيد الحبّ". كانت سانحة طيبة أهداه خلالها المدير مجموعة أعداد "نادرة" من مجلة "مودة" اللبنانية، حيث بدأت تتكشف لديه تدريجياً تلك "الموهبة"، التي ظلت مطمورة مثل كنز "تحت تربة بستاني" لسنوات قضاها "يا لضياع حصاد شبابي... بين ضراط بهائم أولئك الفلاحين الهزيلة". لقد بدأت بالفعل تتكون لدى أبي كما قالت أختي الأصغر التي كانت بدورها تستعد لدخول الجامعة "ثقافة حضارية رهيبة" انصبت بدرجة أساسية على معرفة مختلف "أنواع وخصائص وأسماء عطور العالم المتقدّم". كان ينتهز في مجالسه أدنى بادرة، أدنى أدنى بادرة، كأن تقول أنت لا قدر الله "إن الهواء منعش ولطيف هذا المساء"، حتى يمطر آذانك بأسماء عطور وروائح زكيّة لا يعلم إلاّ الله ما هي؟ ثم لا يهم بعد ذلك وهو يشرع أمامك في بيان مميزات عطره هو المفضل نظرياً إن كانت لديك وقتها الرغبة الأكيدة الملحة تلك، في الدخول إلى المرحاض بأسرع قدم.


    يتبع:






                  

العنوان الكاتب Date
مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الوَضَّاح! عبد الحميد البرنس09-09-21, 09:27 PM
  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 06:28 AM
    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� النذير بيرو09-10-21, 11:13 AM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-10-21, 12:34 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� osama elkhawad09-10-21, 04:08 PM
      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-10-21, 10:44 PM
        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 08:42 AM
          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-12-21, 10:48 PM
            Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-12-21, 10:53 PM
              Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-14-21, 10:56 PM
                Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-15-21, 10:54 PM
                  Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-21-21, 10:27 PM
                    Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-24-21, 06:36 AM
                      Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-26-21, 10:27 PM
                        Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� ابو جهينة09-27-21, 01:06 PM
                          Re: مثل نجم أسود في رابعة النهار التقدميّ الو� عبد الحميد البرنس09-28-21, 09:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de