|
Re: الأستاذ محمود محمد طه: فتبيَّنوا (Re: Yasir Elsharif)
|
عودة الدين مبشر بيها .. مبشر بيها في القرآن ومبشر بيها في الحديث بما لا يدع مجال للشك إطلاقاً .. الدين عائد .. وعودة الدين وصفت بالغرابة (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، قالوا من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) .. سنته، يمكنك أن تقول، في جملتها هي التوحيد .. سنة نبينا التوحيد .. وحد ذاته .. حتى عندما كان في شهود الذات، من فوق السبعة السماوات، بعد سدرة المنتهى، وصف بأنه في المقام ده، عندما ظهر ليهو التجلي الذاتي الإلهي، استغرقه من جميع أقطاره حتى لم يبق فيه فرصة لأن يتوزع بين الماضي والمستقبل، خرج عن الزمان لأنه الذات لا تشاهد والإنسان داخل الزمان والمكان .. فجاءت العبارة القرآنية اللطيفة (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ) .. ما زاغ البصر وما طغى، يعني الفكر - فكر نبينا - ما اشتغل بي مكة ولا اشتغل بالمستقبل .. بالماضي في مكة يحصل شنو ولا في المستقبل في الدقائق الجاية يحصل شنو .. وإنما كان وحدة زمانية في وحدة مكانية في وحدة ذاتية، بهذه الوحدة المطلقة رأى الذات، ثم عندما رجع قال: (ليلة عرج بي انتسخ بصري في بصيرتي فرأيت الله) .. دي سنته في الحقيقة .. عمله وحالة قلبه وعبادته كلها لتحقيق الغرض ده، وده المقام الفُرضت فيه الصلاة الأصلية .. الصلاة القال فيها: (الصلاة صلة بين العبد وربه) وجبريل كان غائب عن هذا المقام وتحدثنا عنه في ليلتنا في الكلام عن الصلاة في نادي السكة حديد بما لا يوجب إعادته هنا .. لكن يمكنك أن تقول أنه الغرابة أصلها بتجي في التوحيد وأنه سنته التوحيد، وأنه كان اتجاهه كله لي الله، ما موزع في شيء خارجي .. كل ما يوزعه عن الله يزهد فيه وينصرف لي ربه .. حتى قالوا واحد من الأصحاب في وصفه: (كان محمد كأنما نصب له علم، فشمر يطلبه) .. مسابق لي ميس، ما بيلتفت .. دي كانت هيئته - التوحيد - دي حقيقة تتقرر .. سنته التوحيد وأنه الدين ما راح يعود عن بعث الشريعة .. راح يعود عن بعث لا إله إلا الله .. دائماً .. ده معنى يحيون سنتي .. ونحن إتكلمنا عن السنة في درجتها البسيطة في أنها إدخال الفكر في العمل .. وده هو التوحيد .. إدخال الفكر في العمل بيخليك باستمرار تتخلص من شوائب الشرك .. الشرك الغليظ والشرك الخفي وأنت ماشي للتوحيد ..
الأستاذ محمود محمد طه، من محاضرة تعلموا كيف تصلون، الأبيض - نادي الأعمال الحرة، ١١ ابريل ١٩٧٢
|
|
|
|
|
|