|
Re: عتبات المسالك (Re: ابو جهينة)
|
. عندما تمتليء صفحة السماء بالغيوم الداكنة ،، و يتلبد وجهها بالسحب الكثيفة ،، و يكركر الرعد و يتبسم البرق وهاجا ينشر لوحاته السريالية من بين فرجات السحاب و الغمام فتنطبع على أديم الأرض نورا يبهر الأبصار،، و الليل البهيم يلف المكان بظلام دامس تكاد لا ترى بياض ظفرك و لا تميز وقع خطواتك ،، هي نفس لوحة الحياة أحيانا ،، بل تكون لوحة الحياة أشد قتامة و ضيقا في بعض الأحايين ،، و في غمرة تململ الروح الوجلة المرتجفة من كل هذا و ذاك ،، يطل أمل كجذوة نار في أتون خامد ،، تلمع ثم تختفي ،، كطفلة خجلى ترنو بطرفها مترددة خلف باب موارب ،، يطل أمل كزنبقة مبللة بقطرات الماء تطفو على مقربة من غريق وسط أمواج متلاطمة ، فيفرح بها أيما فرح ، و يتشبث بها و هو موقن في قرارة نفسه أنها لن تنجو به متعلقا بها ،، و لا هو ناجٍ بها ،، و لكن الأمل يفعل في النفوس الأعاجيب. و كأن الزنبقة تقدم نفسها و تخاطر بحياتها و تضحي بها من أجل هذا الغريق ،، و بمعجزة إلهية تصل به إلى بر الأمان سالما في رحلة قصيرة تقطعها مبهورة الأنفاس بين خضم البحر و أطراف اليابسة ،، و لكن ما أن تصل إلى بر الأمان ،، حتى تلفظ أنفاسها و كأنها قد كرستْ حياتها و نذرتْ نفسها فداءا لهذا الغريق الحبيب ،، فيستفيق من غفوته فيجدها ذابلة دون حياة و لكنها ترقد بجانبه مطمأنة لأنها أدَتْ رسالتها تجاهه. لم يعرف الحزن طريقا إلى نفسه ،، فقد تيقن أن الدنيا لا زالت تقدم من يؤمن بتقديم نفسه قربانا ( للإخلاص و الوفاء ) و أن الدنيا لا تزال ذاخرة بمن يؤمن إيمانا حد اليقين بما يعتقد و أن الموت في سبيل ما يؤمن به هو قمة الحياة الدنيا و رفيقه في البرزخ و في الآخرة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|