Quote: الأستاذ محمود محمد طه مقامات النبي 187 Aufrufe •02.03.2021 8 0 Teilen Speichern Alfikra 8950 Abonnenten الأستاذ محمود محمد طه
مقامات النبي
نبينا مثلث المقامات، هو نبي؛ وهو رسول؛ وهو ولي.. ولايتُه أكبر من نبوتُه.. نبوتُه عندما استحصدت وقويت أرسل، بالمقدرة التي اكتسبها من النبوة، ليكون رسول ليستطيع أن يخاطب الناس على قدر عقولهم.. والحقيقة، دي ما حقها يكون فيها إشكال، لأنُّ في الحياة المعاشة نحن بنمارسها وبنشوفها.. نحن بنضرب مثل، مثلًا، بالموضوع دا لتوضيحُه.. أننا نحن نُعد المعلم في كلية التربية في جامعة الخرطوم، مثلاً.. بعد المرحلة الثانوية يدخل في مرحلة جامعية ينفق فيها أربع سنين من التحصيل.. بعدما يخرج بدرجتُه البيخرج بها من كلية التربية، بيصير معلم ثانوي عالي.. بيعلم الأولاد، الجائين من الثانوي العام، لسنة أولى ثانوي عالي، المقررات المفروضة عليهن.. لا يمكن أن ننتظر نحن من المعلم الذي أعديناه نحن في المرحلة الجامعية في كلية التربية، أربع سنين بعد الثانوي العالي، أن يحدث التلميذ بتاع الثانوي العالي، في سنة أولى، بكل ما علم.. فإذا فعل دا، مؤكد، بيكون معلم فاشل.. فنحن يمكن أن نشوف الشبه بين إعداد النبوة ووظيفة الرسالة، زي إعدادنا للمعلم ووظيفة أنُّه يشتغل معلم للطلبة في الثانوي العالي، في سنة أولى ثانوي عالي.. المفروض فيهُ أنُّه بإعدادنا لِهُ هذا الإعداد العالي أن تكون عندُه المقدرة على تفهيم هذا الطالب الناشئ الصغير.. فالأنبياء أُعدوا في مدارس النبوة ليكونوا رسل، ليبسّطوا للناس الحقائق وليكلموهن على قدر عقولهم.. ودا الحديث، اللي أوردناه قبل كدا: «نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم».. فالمثل دا يمكن أن يوضح للناس أنُّ في فرق كبير جدًا بين تكليف النبي – بين سنة النبي – وبين شريعة الرسول.. شريعتُه هي تنزُّل من نبوتُه.. «نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم»، معناها أن نشرِّع لِهُم فيما يطيقون.. والسنة وارد تعريفها عند الفقهاء – عند من يُسمون الآن علماء الدين – وارد تعريفها بأنها هي «عمل النبي؛ وقولُه؛ وإقرارُه».. ودا تعريف خطأ، وآن الأوان لأن يتصحح.. وفي الحقيقة، أساس دعوتنا هي تصحيح المفاهيم الكانت مفهومة خطأ، قديم.. أها، دا من التعاريف للسنة البتحتاج لتصحيح.. بتحتاج لدقة فهم.. كون السنة هي عمل النبي؛ وهي قوله؛ وهي إقراره، دا خطأ.. الصحيح أنُّ «السنة هي عمل النبي في خاصة نفسُه».. هي حالة قلب النبي من ربُّه.. ودي بتنعكس في عملُه؛ في سيرته؛ في أخلاقه، ودا ما قالت عنُه السيدة عائشة: «كانت أخلاقُه القرآن».. بتنعكس في بعض أقوالُه، مش كل أقوالُه.. بعض أقوالُه، البتنم على حالة قلبُه من المعرفة بالله، بتلحق بالسنة، مِثل: «إن الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار، وإن الملأ الأعلى ليطلبونه كما تطلبونه».. هذا حديث نبوة – هذا حديث سنة.. هذا حديث ينم عن حالة قلب النبي من المعرفة بالله.. في حديث آخر، واضح جدًا أنُّه ماهو في المستوى دا، ويمكن أن يصنَّف بأنُّه حديث رسالة.. مثلًا، حديث المقابر المشهور: «كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها»، أو حديث آخر، مثلاً: «كنت قد نهيتكم عن الأضاحي، ألا فادخروا».. يعني، كنت قد نهيتكم أن تدخروا لحم الأضاحي، وإنما تنفقونه لوقته.. فلما زالت الضرورة، اللي أوجبت أنُّه يوصي بأنُّ لحم الأضاحي يُفرّق على الناس في وكته ويقسم، قال: «ألا فادخروا».. الحديثين ديل – حديث المقابر، وحديث الأضاحي – يمكن أن يكونن نموذج للأحاديث التي هي ليست من السنة وإنما هي من الشريعة.. فبعض أحاديث النبي شريعة، وبعض أحاديثُه سنة.. السنة، في الأصل، هي حالة قلبُه من الله – حالة معرفتُه – هي حالُه.. السنة هي حال النبي.. وبعض أقوالُه، البتنم على حالُه، تُدرج هذا المدرج.. بعض أقوالُه البتنم على أنُّه بيعلم الأمة ويدرّجها ويشرّع لِها في مستواها، دي شريعة.. أما إقرارُه، فجميعه شريعة.. إقرارُه كأن رأى أحد أصحابُه عمل عملاً فلم ينهه عنه، هذا يعتبر شريعة، ولا يمكن أن يكون سنة.. الأمر دا أنا طولت فيهُ الحديث، ليكون واضح عندنا أنُّ، السنة شيء غير الشريعة.. السنة أعلى من الشريعة.. السنة شريعة وزيادة.. السنة هي تكليف النبي؛ والشريعة تكليف الأمة.. وبين السنة والشريعة، ما بين النبي وعامة الرجل من أمتُه..
من سلسلة محاضرات بمدينة أمدرمان، تحت عنوان «تبسيط الدعوة الإسلامية الجديدة» - أغسطس 1977
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة