|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: حسن ادم محمد العالم)
|
Quote: سلااام روعة وحكي طاعم يجسد حياتنا ومآلاتنا في محطات الغياب والرحيل وحقيبة الزكريات الطفولة الصبا الكهولة الموت بالاحري هكذا هي الحياة تحياتي صاحب البوست |
حبيبنا أستاذ حسن آدم العالم ،، سلام وتحيات زاكيات وأشواق عراض
و أنتم الأروع يا صاحبي ، هي دنيا كما قال عملاقنا الفيتوري رحمه الله : لا يملكها من يملكها أغنى ما فيها سادتها الفقراء ،،
يا سيدي والله فقراء إلى الله الغني الحليم الكريم متعنا الله وأياكم بالصحة والعافية .
خالص التحيات
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: زهير عثمان حمد)
|
Quote: البداية عاطر التحية وعودا حميد أني قد لا تصدق كنت أقرأ ماكتبت بدهشة الصغار وتبصر الكبار وغلبي دمعي وانها رقة قلب العجوز لحظة الحقيقة لا عليك أبداعت ايها الصديق كن بخير ولا تغب عنا أنت من الاحباب أيها الاخ الحبيب لك ودي وأجلالي |
أستاذ زهير يا سلااام على نهر دموعك الغالية وخرير مياه روحك البديعة ، وما أجزل إبداعك و إبداعاتك وحضورك المشرف يا صديقي العزيز .
الله بعين الله بعين الله بعين وحنستبشر كل خير
لك محبتي وخالص الشوق
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: مامون أحمد إبراهيم)
|
سلام كبير يا أخ مامون وضيوفه الكرام -// أستأذن في وضع هذا الرد من الأخ الأستاذ د. علي احمد ابراهيم رحمة
=== مأمون أحمد ابراهيم، وتراجيديا الرحيل المر
قرأت للكاتب مأمون أحمد إبراهيم نصاً أدبياً رائعاً، من حيث اللغة والحبكة والأسلوب والصور البلاغية، تحت عنوان: (تراجيديا الرحيل المر وتراتيل التأهب للمغادرة) فرغم إعجابي بالمقال جملة، إلا أنه قد تكون لي وجهة نظر مختلفة في بعض التفاصيل، وبخاصة في خاتمته التى تقرأ (عزائي أن ذرات جسدى وخلاياه وفتافيت عظامي وكرويات دمي الحمراء والبيضاء سوف تختلط بثنايا هذه الأرض فهى أمي الرفيقة الحنون وسوف يمتزج بترابها الحبيب وبجسيمات كنفها الرؤوم). إذا جاز لي أن أتناول هذه الخاتمة من منطلق العرفان و(حسن الظن بالله) لا سيما وهو القائل فى الحديث القدسي: (أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بى عبدي خيرا) وذلك لأن الخاتمة أعلاه قد لا تكون انفتحت على الفضل الإلهي. صحيح أن معظم الناس تتحلل أجسادهم فتصبح هباءاٌ منثوراً إلا الأنبياء والرسل ومن سلك طريقهم واقتفى أثرهم، فأصبحوا (ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة). فهؤلاء مثلهم مثل الأنبياء فالأرض لا تأكل أجسادهم وما ذلك على الله بعزيز. أكثر من ذلك فهم أحياء فى قبورهم قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله إلي روحى فارد عليه السلام) رواه ابوهريرة. وما تجارب السادة المتصوفة فى هذا المجال ببعيدة عن الاذهان!! لقد أكدت تجاربهم ما ذهبت إليه. فالصوفية السودانيون، الذين لسبب أو لآخر، تم نشر ونقل جثامينهم، بعد عشرات السنين من انتقالهم، لأضرحتهم الحالية.. قد وجدت سالمة.،لم تأكلها الأرض.. وكنت قد أشرت لبعضهم فى رسالتي للماجستير تحت عنوان: (مظاهر التوحيد فى العقائد الوثنية بوادى النيل الأدنى والأوسط، مصر والسودان) عندما ناقشت محاولات الملوك الفراعنة لحفظ أجسادهم عن طريق التحنيط!!! من منطلق عقيدتهم فى الحياة بعد الموت!!! لأؤكد قدم رغبة الإنسان فى حفظ جسده.. وإن اختلفت الوسائل!!! فعلى سبيل المثال، قد أشرت للشيخ ود هاشم، فقد تم نشر جثمانه الشريف، عندما تم تشييد خزان سنار فى عشرينيات القرن العشرين!!! وتكونت بحيرة الخزان وغمرت مياهها أراضي واسعة خلف الخزان.. مما اضطر السكان للرحيل عنها، فغرقت القرى، وكذلك غرقت المقابر!! وقد تم نشر جثمان ود هاشم ونقله للضفة الشرقية. وفى أثناء حمله بين الأشجار، طعنت جسده الشريف شوكة، فأدمى؛ حتى ظهر الدم فوق الكفن!!!! أما الشيخ حمد النيل، فقد تم نقل جثمانه الشريف من مقابر امدرمان القديمة، على شاطئ نهر النيل عند مقرن النيلين الأزرق والأبيض، منطقة مبنى مجلس الشعب، إلى المقابر التى سميت باسمه، والتى تقع، شرق حي أمبدة، وشمال حى المهندسين وغرب مستشفى أبي عنجة. وقد وجد جسده سالماً، وقد تم تشييعه إلى حيث يمكث الآن بالذكر والنوبات. وفي مشروع غرب سنار لما شقوا الترع ظهرت لهم فتاة كأنما هي نايمة في ضريحها ولما استسفر الناس عماذا كانت تعمل؟ قيل لهم أنها كانت إمرأة عادية لا كثير صلاة ولا صيام ولكنها اشتهرت بأنه "مافي مرة في القرية عندها عذر جابت ليها عجين إلا عاسته ليها"... أما السيد إبراهيم الميرغني فقد تمّ نقل جسده الشريف من حلفا القديمة فى الولاية الشمالية، إلى سواكن فى شرق السودان. وكذلك تمّ نشر ونقل جثمان البطل المجاهد عثمان دقنة، من ذات المقابر فى حلفا القديمة، إلى اركويت فى شرق السودان.. أما الشيخ عبد الله أب كراعا برًَا فقد زرته فى إحدى قرى المناقل مع الأستاذ محمود محمد طه والأخوان والأخوات الجمهوريين، عقب أحد مؤتمرات ود مدني في سبعينيات القرن العشرين، وقد حكت لنا حفيدته كرامته، فقالت: اخرج الشيخ عبد الله رجله، من ضريحه!!! فقد كان الشيخ عبدالله رجلاً صالحاً كثير العبادة وكثير قيام الليل وكان يخدم الناس وخاصة نساء قريته إذ كان عندما يذهب لسوق المدينة يوصينه أن يشتري لهن حاجياتهن حتى أن زوجته منعته من ذلك فصار يلتقي ذوات الحاجات وراء الترعة ليأخذ وصاياهن. وكانت ابنته موقنة من صلاحه فبعد انتقاله ذهبت إليه في المقابر وما زالت تحثه على إظهار صلاحه حتى نشر عطرا فواحا في المقابر فصرخت وجمعت أهل القرية فاتهموها سرا بنثر العطر فغضبت حين علمت ورجعت لأبيها وما زالت تستحثه على دليل أكبر حتى بدأ القبر يتحرك وهي تواصل في دفعه وانشق القبر وأخرج شيخ عبدالله رجله كاملة خارج ضريحه فاجتمع الناس من كل مكان وضربت النوبات لعدد من الأيام فلم يسحبها إلى داخل قبره إلا بعد ان أثبت له الناس الكرامة إلا هناك من مشايخة التصوف من عاتبوه!! وقد قال له أحد اخوانه فى الطريقة: (يا شيخ عبدالله كرامتك ثبتت والناس اتكسرت وتركت شغلتا دحين رجع كراعك وان عايز تقوم قبال الرسول كمان ده شئ تاني!!!) فسحبها ببطء داخل الضريح.. هؤلاء هم المشايخ!! خلاف الكادحين من عامة الشعب، من الرجال والنساء!!! وما أكثرهم!!! الذين فتحت قبورهم، دون قصد ربما أثناء حفر ساس منشأة ما!!! فوُجِدَت أجسادُهم سالمةً، فتمّ إعادة دفنها!! أما فى محيطنا نحن الجمهوريين، فقد تم نشر جثمان الوالدة، عائشة عثمان العوض، والدة الاخ بروف عبد الله احمد النعيم واخوانه، وقد وُجِدَ جثمانها سالما، واعيد دفنه جوار زوجها، أحمد النعيم، فى مقابر حمد النيل!!! في رواية للأخ محمد عثمان وراق من منطقة أمري أن ابنة خاله فاطمة مجذوب وراق استشهدت غرقا في شهر رمضان وهي صائمة عام ١٩٧٨م ولما طمرت بحيرة سد مروي المنطقة تم نبش الشهيدة في شهر ٩ عام ٢٠٠٦م فوجدوها وكأنها دفنت ذلك اليوم ( حتي حنتها لم تتأثر) وعندي معظم السودانيين كذلك، ناهيك عن الجمهوريين وأحب أن أختم بهذه الرواية للأخ الأستاذ خلف الله عبود : بعدما دفنا الفقيدة خديجة عبد الرحمن، رجعنا بعد أشهر لتثبيت شاهد القبر، وفي اثناء الحفر إنفتح طرف من تجويف القبر فتعمد الأخ الفقيد حسن عبد الكريم أن يأخذ نفسا عميقا من داخل القبر .. فلم يشم أي رائحة.. ولما رجعنا للأستاذ وحكيت له ما حدث قال لي: (أصلو أجساد الجمهوريين بتُحفَظ).
هذا غيض من فيض!!! لذا فقد قيل: (إذا سألتم فأعظِّموا المسألة!!فإن الله لا يتعاظمه شئ!!) حفظ الله أرواحنا وأبداننا فهو (على كل شيء قدير..)..
علي أحمد ابراهيم ، جامعة النيل الازرق، الدمازين.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: مامون أحمد إبراهيم)
|
Quote: وفي مشروع غرب سنار لما شقوا الترع ظهرت لهم فتاة كأنما هي نايمة في ضريحها ولما استسفر الناس عماذا كانت تعمل؟ قيل لهم أنها كانت إمرأة عادية لا كثير صلاة ولا صيام ولكنها اشتهرت بأنه "مافي مرة في القرية عندها عذر جابت ليها عجين إلا عاسته ليها"... |
يا سلاااام عليك أخي دكتور علي أحمد إبراهيم رحمة !!!
ربنا يجعلنا مثلهم !!
خالص الشكر والتقدير أساتذتي د. علي رحمة وعبدالله عثمان
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: مامون أحمد إبراهيم)
|
الاستاذ مامون اليك في دوحة آل ثاني ومن برفقتهم سلام والدوحة استظل بها السودانيون قبل أن يمتد ظلها على الخليج فما بالك والآن فهي كتلة سحاب يغطي سوح الفضاء للدوحة فضل على كثير من اهل السودان ونحن أهل الشوال أخص ففيها الأن الجيل الثالث إن قلنا الاباء الذين هاجروا في منتصف سبعينات القرن الماضي هم الجيل الاول وابناؤهم هم الجيل الثاني واحفادهم هم الجيل الثالث فلاي جيل تنتمي انت أيها الراثي نفسه فإن غادرت الاول فأنك لا تبارح الثاني أراك تصف الرحيل بأنه تراجيدا وصدق وصفك فهو تراجيدا لمن نتركهم خلفنا فهم لا يحتملون ولا يتحملون مغادرتنا لهم خاصة الابناء والبنات والزوجة والام والأخ والاخ والصديق الصدوق ولكن حقيقة الامر أنها أجمل رحلة نعبر بها لعالم الخلود حيث يكون في لقائنا احبة سبقونا للملكوت الاعلى فيا استاذ كنا في رحم الام نعيش عيشة رفاهية وهناء ودعة ولو خيرونا في البقاء او الخروج لقنا دعونا نمكث في ارحام امهاتنا لابد الدهر فرحم الام عالم جميل ولكن بما أن الخيار ليس لنا فتأتي ساعة تراجيدا الرحيل من رحم الام إلى رحم الدنيا يعني نحن ننتقل من رحم إلى رحم ورحم الدنيا اسهبت يا استاذ في وصفه حتى لم تترك لنا القليل لنضيفه لوصفك الذي كأنه هو هو وفي رحم الدنيا نصر على البقاء والمكوث لجهلنا بما نحن قادمون عليه ونظن ان لو خيرنا بالخلود لاخترنا رحم الدنيا كما اخترنا من قبل رحم الام ولكن لأن خلق الانسان بدأ برحلة من السماء إلى الأرض فالحنين والشوق يعاوده لمرفأ خلقه ليعود لتك السماء خالدا مخلدا وعندما يدركه الموت بمقياس رحم الدنيا تبتدئ رحلة العودة للسموات العلا ولعالم فريد متفرد مذاقه يختلف جوهريا عن مذاق رحم الدنيا والام فهناك عطاء الاهي يتمدد تمدد السموات العلى التي لا نهاية لها (وإنا لموسعون) فأبشر بالذي ينتظرك ولا تحزن عليهم فإنهم لاحقون بنا لا محالة تحت ضيافة ورحمة رب كريم عظيم إن سألته اجابك وان أحسنت الظن فيه كان لك احسن مما تظن ويوم رحيلي ورحيلك عن رحم الدنيا ستكون اجمل رحلة في اطوار تَخَلُقٍنا وخَلْقِنا وسنحلق في السموات العلا بدون اجنحة وبدون مركبة وبدون شراع نتأمل خلق الله البديع الذي لا تنتهي عجائبه ولا تنقضي بدائعه لان ربي كل يوم هو في شأن وسنسعى خلف هذا الشأن محلقين حول عرش الرحمن لا نرجو شيئا غير رحمته تعالى الله احسن الخالقين مع مودتي الخالصة والشكر الجزيل لاصطحابنا معك في رحلة امتدت من الطفولة إلى الكهولة ولم يأت الاجل ولكنه حتما سيأتي لأن الله لا يخلف الميعاد
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: Ali Alkanzi)
|
أخونا العزيز مامون ود إبراهيم .. لك معزتي وتقديري .. لقد تجليت وأبدعت في هذا الضرب من الكتابة .. فخيالك الواسع خصب بما فيه الكفاية ، وهذا يظهر جلياً في سطورك الدامعة وأنت تنعي نفسك مقدماً .. ؟! مما جعل حزنك على نفسك ورثائك لها من الروعة ما يجعله يمشي على رجلين ، وكأنه كائن حي .. ومؤكد فإن الحزن على فقد أحد الاعزاء يمزق نياط القلب حقيقة .. ومما تعارف عليه الناس ودرجوا عليه ، لا بل هو الأمر الشائع بينهم .. هو الرثاء للراحلين أيا كان تصنيفهم ،رجالا كانوا أم نساءا .. فالكاتب أو الشاعر يرثي أحد أقاربه أو أصدقائه أو أحبابه أو أي فرد من أفراد المجتمع ..
أما أن يرثي الانسان نفسه بالكتابة .. فأحسبها قليلة أو نادرة .. وإن قرأنا كثيرا لشعراء يرثون أنفسهم شعرا فهذه نوعا ما متوافرة منذ العصر الجاهلي وما تلاه من عصور ، خاصة العصر العباسي .. أما في العصر الحديث فقد كتب بعض الشعراء قصائد تدخل في باب الرثاء للذات .
ولعل أشهر من رثى نفسه وذاع صيته في ذاك ، هو مالك بن الريب ، صاحب البائية المعروفة والشهيرة ، والقصيدة طويلة .. ونذكر منها الأبيات التي يقول فيها : ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا دعاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا
كما أن أحد أشهر شعراء العصر العباسي وهو الشاعر المعروف أبو فراس الحمداني ، شاعر الروميات ، فقد رثى أمه وأخته وابن اخته وابن عمه وأخت سيف الدولة الحمداني ، وبعض اصدقائه المقربين .. ومن ثم تحول لرثاء نفسه أو قد نوه لذلك حين تحدث عن رحيله في قصيدته المشهورة :
أَتَزْعُمُ يا ضَخْمَ الَّلغَادِيـــدِ أَنَّنَــــا ونحنُ أُسُودُ الحَرْبِ لا نَعْرِفُ الحَرْبَا فَوَيْلَكَ مَن لِلْحَرْبِ إِنْ لم نَكُنْ لَهَا ومَن ذا الذي يُضْحِي ويُمْسِي لها تِرْبَا ومَن ذا يَلُفُّ الجيشَ مِن جَنَبَاتِهِ ومَن ذا يقودُ الشُّمَّ أو يَصْدِمُ القَلْبَا وَوَيْلَك مَن أَرْدَى أخاكَ بِمَرْعَشٍ وجَلَلَّ ضَرْبًا وَجْهَ وَالِدِكَ العَضْبَا وَوَيْلَكَ مَن خَلاَّ ابنَ أُخْتِكَ مُوْثَقًا وخَلاَّك بالَّلقَّانِ تَبْتَدِرُ الشِّعْبَا أَتُوعِدُنا بالحَرْبِ حتــى كأَنَّنَــــا وإياكَ لم يُعْصَبْ بها قَلْبُنَا عَصْبَا لقد جَمَعَتْنَا الحربُ مِن قبلِ هذه فكُنَّا بها أُسْدًا وكنتَ بها كَلْبَا
أما الشاعر تميم بن جميل في زمن الخليفة العباسي المعتصم بالله أيضا قيل قد رثى نفسه عندما هاجم الخليفة وتمرد وخرج عليه ، فلما قبض عليه ، وأدرك أنه مقتول لا محالة .. أنشد قصيدته والتي يقول فيها :
ارى الموت بين السيف والنطع كامناً يلاحظــــني مــــن حــيثــــما أتلفّتُ وأكـــبر ظني أنك اليـــوم قــــــــاتلـي وأيٌّ امـــرئٍ ممّـــا قضى الله يفلتُ وأيُّ امــــــرئ يأتي بعـــــــذر وحجـة وســيف المنايا بين عــينيه مصلت ومـــــا جــزعي من أن أموت وإننـي لأعلــــم أنّ المـــوت شيء مــوقّتُ ولكنّ خلفي صــبــية قــــد تركــتــهـم وأكــبـــــادهم من حسرة تتــفـــتّتُ كــــــــــأني أراهم حين أنعى إليــــهمُ وقد خمّشوا تلك الوجوه وصوّتـوا فــإن عشتُ عاشــوا خافضين بغبطة أذود الرّدى عنهم وإن متُّ موّتـوا وكــم قــــائلٍ لا يُـــبــــعد الله روحـــه وآخـــر جـــذلان يُســـرّ ويشــمــتُ
وفي العصر الحديث هناك عدداً من الشعراء تطرقوا لرثاء الذات ، وأحسب أن الشاعر السوري المعروف الراحل مصطفى السباعي قد سار على ذات الدرب حين قال في قصيدته الرائية المعروفة:
أهاجـك الوجـد أم شاقتـك آثـار كانت مغاني نعـم الأهـل والـدار وما لعينيك تبكـي حرقـة وأسـى وما لقلبك ما ضجـت بـه النـار؟ على الأحبة تبكي أم علـى طلـل لـم يبـق فيـه أحبـاء وسمـار؟ وهل على الدهر تشكو سوء عشرته لم يوف عهداً ولم يهدأ لـه ثـار؟ هيهات يا صاحبي آسي على زمن ساد العبيـد بـه واقتيـد أحـرار أو أذرف الدمع في حب يفارقنـي أو فـي اللذائـذ والآمـال تنهـار فما سبتنـي قبـل اليـوم غانيـة ولا دعاني إلـى الفحشـاء فجـار أمت فـي الله نفسـاً لا تطاوعنـي في المكرمات لها في الشر إصرار وبعت في الله دنيا لا يسـود بهـا حق ولا قادها في الحكـم أبـرار وإنما حزني من صبيةٍ درجوا غفلٍ من الشرِّ لم توقد لهم نارُ قد كنت أرجو زماناً أن أقودهُم ُللمكرماتِ فلا ظلم ولا عارُ
وهناك شاعر آخَر هو الشاعر والأديب والسفير السعودي المعروف محمد حسن فقي، حيث يعتقد بعض الأدباء والشعراء والنقَّاد أنه في تلك القصيدة والمزدحمة بالمرارة والحزن والألم فإنه فيها يرثي نفسه ، وكأنه يترسم خطى مالك بن الريب أو أبو فراس الحمداني لأن القصيدة تنحو نحو المفهوم الفلسلفي .. لماذا .. لأنه كما قيل يرى أن الموت هو راحة للانسان لا بل يعتبره نوعاً من النعيم لا بل هو الخلاص بعينه من رهق الدنيا ونكدها وكدرها ، فالخارج منها ، أي الدنيا ، فهو مرتاح وسعيد وكأنه قد ولد من جديد .. أما الموجود والباقي فيها ، أي لم يمت بعد ولم يغادرها ، فهو الميت حقا وهو الذي يستحق البكاء عليه والرثاء لحاله، فهو إن بكى على نفسه وعلى نفوس الآخرين فلأنهم ما زالوا أحياء، ولم يسعدوا بلقاء الموت .. فتأمل يا رعاك الله ، وانظر إليه حين يقول:
مقبرتي يبكي الورى غفلة موتاهم مثلي فيا للغباء أيهما أولى بهذا الأسى ينصب في الدمع وهذا الرثاء هل هو هذا الميت رهن البلى أم هو هذا الحي رهن الشقاء
كما أن هناك من النقاد من يرى أن قصيدة الكاتب والأديب الشاعر العباسي ابن زريق البغدادي التي وجدت في فراشه عند موته كانت رثاءا لنفسه .. حيث قال في بكائية مشهورة:، حين ترك زوجته في بغداد وهاجر واغترب في بلاد الأندلس بحثا عن الرزق الوفير ، فمرض هناك ، وقبل وفاته كتب تلك القصيدة والتي يقول فيها مخاطبا زوجته :
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
وكذلك شاعرنا المعاصر الأديب والسفير والوزير الدكتور الراحل غازي القصيبي حيث قال مخاطبا ابنته عندما شعر بموعد اقتراب الأجل : رب أنت المرتجى سيدي أنر لخطواتي سواء السبيل هديل بنتي مثل نور الضحى أسمع فيها هدهدات العويل تقول يا بابا تريث فلا أقول إلا سامحيني.. هديل.
وكذلك الشاعر الفلسطيني الأشهر محمود درويش والذي رثى نفسه حين كتب قصيدته والتي يقول فيها : أيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض، انتظرني في بلادِكَ، ريثما أُنهي حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي .. قرب خيمتكَ
وأحسب أن القائمة ستطول إذا تبحرنا في صفحات الكتب أو دواوين الشعراء فسوف نجد كثيرين يرثون أنفسهم قبل الرحيل .
القومة ليك أخي العزيز مامون .. فقد أبدعت في رثاء ذاتك .. وأدعو الله أن يطيل في عمرك ويمتعك بالصحة والعافية ، وأن يوفقك لمزيد من الابداع ، والكتابة في مختلف شؤون الحياة ، وما أكثرها .. ومؤكد ستبدع أكثر وأروع .
مع خالص مودتي ،،،
( ليمو )
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: abdulhalim altilib)
|
Quote: القومة ليك أخي العزيز مامون .. فقد أبدعت في رثاء ذاتك .. وأدعو الله أن يطيل في عمرك ويمتعك بالصحة والعافية ، وأن يوفقك لمزيد من الابداع ، والكتابة في مختلف شؤون الحياة ، وما أكثرها .. ومؤكد ستبدع أكثر وأروع .
مع خالص مودتي ،،،
( ليمو ) |
يا الله عليك ، أستاذنا عبدالحليم التلب ،، استعراض ثري ومتنوع لأدب الرثاء وجدلية الرحيل والغياب الرهيب وكنههه المبهم ، وأسفاره السرمدية الطويلة بلا رجعة ، و تلك العوالم المجهولة ، وما ينتظرنا خلف الآماد اللا مرئية !! هي بالتأكيد محاولات لفهم طبيعة تلك الغيبيات والضفاف المختبئة من خلف الحُجب ،، ولكن يحدونا الأمل الكبير قي لطف اللطيف الخبير ولطافة ما ينتظرنا من مصائر ، هي بالتأكيد ألطف وأرق وأرحب وأجمل بما لا يقاس مادامت تحت ظل عرش الرحمن الرحيم ، وهاتيك الأجواء الأخر وما خلفها من أطر رائعة مدهشة ، وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا حتى خطر على قلب بشر !!!
خالص الشكر والمودة أستاذنا التلب ( ليمو ) ،،
وجزيل الشكرعلى الإثراء الغزير .
مامون
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا الرحيل المُر، وتراتيل التأهب لل� (Re: Ali Alkanzi)
|
Quote: الاستاذ مامون اليك في دوحة آل ثاني ومن برفقتهم سلام والدوحة استظل بها السودانيون قبل أن يمتد ظلها على الخليج فما بالك والآن فهي كتلة سحاب يغطي سوح الفضاء للدوحة فضل على كثير من اهل السودان ونحن أهل الشوال أخص ففيها الأن الجيل الثالث إن قلنا الاباء الذين هاجروا في منتصف سبعينات القرن الماضي هم الجيل الاول وابناؤهم هم الجيل الثاني واحفادهم هم الجيل الثالث فلاي جيل تنتمي انت أيها الراثي نفسه فإن غادرت الاول فأنك لا تبارح الثاني أراك تصف الرحيل بأنه تراجيدا |
مرحبا بالأستاذ العزيز علي الكنزي ،،
وشرفت كثير وتشرفنا بك ،، أتمنى أن تكون بخير وصحة جيدة ،،
أخالني تقريبا بحسب وصفك من الجيل الثاني للسودانيين ( الدوحاب ) فقد قدمت إلى الدوحة - قطر في مطلع الثمانينات ، وكما تفضلت أخي العزيز ، فقد كان فضلهم علينا كبيرا والفضل كله لله ، ولكن شكر الناس كما تعلم من شكر الله ،، وحقيقة أهل قطر أناس طيبين إلى أقصى حد يمكنك أن تتصوره فلهم ولكم الشكر الجزيل والعرفان .
أما عن موضوعنا الماثل بين يديك و تراجيديا الرحيل المر ،، فلك خالص الشكر والتقدير على ما تفضلت به علينا من تحليل و معلومات وحقائق ،،، تشرفت بك كثيرا أخي الكنزي ، و أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة ، و أن يجعل رحيلكم ورحيلنا انتقالا لطيفا هينا علينا وعلى الأهل الكرام ،، متعكم الله وأهلكم و أولادكم و أحفادكم بكل خير وصحة وسعادة ، وفي معية الحليم الكريم الرشيد .
خالص التحيات
| |

|
|
|
|
|
|
|