|
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� (Re: Azhari Baloul)
|
وحين تطلع النفس على سر القدر، وتستيقن أن الله خير محض، تسكن إليه، وترضى به، وتستسلم وتنقاد، فتتحرر عندئذ من الخوف، وتحقق السلام مع نفسها، ومع الأحياء والأشياء، وتنقي خاطرها من الشر، وتعصم لسانها من الهجر، وتقبض يدها عن الفتك، ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها، فتصير خيرا محضا، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار. ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيا حياة الله، وعالما علم الله، ومريدا إرادة الله، وقادرا قدرة الله، ويكون الله. وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقا بقوله تعالى عن نفسه، ((كل يوم هـو في شأن)) وإلى ذلك تهدف العبادة، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال ((تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم)) وقد قال تعالى ((كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)). وفي حق هؤلاء قال تعالى ((لهم ما يشاءون عند ربهم، ذلك جزاء المحسنين)) فقوله تعالى ((لهم ما يشاءون)) يعني هم مخيرون وقوله ((عند ربهم)) يعني مقام العبودية، لأنه لا يكون عند الرب إلا العبد، وقوله ((ذلك جزاء المحسنين)) يعني بالمحسنين من أحسنوا التصرف في الحرية الفردية المطلقة، وذلك باستعمالها في تحقيق العبودية لله، فإنه تعالى قد قال ((وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون)) . ههنا منطقة فرديات، والشرائع فيها شرائع فردية، والداعية فيها إلى الله، الله نفسه. يقوم فيها العبد في مواجهة الرب، وقد سقطت من بينهما الوسائط، ورفعت الحجب - حجب الظلمات وحجب الأنوار- العبادة فيها عبودية، والعمل فيها ملاحظة السابقة، وضبط اللاحقة عليها، حتى يستقيم الوزن بالقسط، إذ محاولة العبد هنا أن يكون لربه كما هو له، وهذا معنى أمر الرب سبحانه حين قال ((وأقيموا الـوزن بالقسط ولا تخسـروا الميزان)) فإذا كان حضور العبد مع الرب كحضور الرب مع العبد، تماما، فقد أقيم الوزن بالقسط.. وهيهات !! ولا بأس هنا من استطراد بسيط إلى القيمة العملية من العبادة، ذلك بأن قيام العبد في مواجهة الرب، وقد سقطت من بينهما الوسائط، تعني اللقاء بين الحادث والقديم، وقد رفعت من بينهما الحجب، والحادث هنا العقل والقديم القلب، وهو ما يعبر عنه أيضا بالعقل الباطن.. وهذه الحجب هي جثث الرغبات المكبوتة على سطح العقل الباطن، بفعل الخوف الموروث، في سحيق الآماد، من لدن النشأة البشرية الأولى، وهي ((الرين)) الذي وردت الإشارة إليه في قوله تعالى ((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)) .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه منطقة واشنطن دي سي الكبرى | Azhari Baloul | 01-14-21, 02:32 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | عبدالله عثمان | 01-14-21, 08:14 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Yasir Elsharif | 01-14-21, 08:37 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-14-21, 01:43 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Ali Alkanzi | 01-14-21, 02:02 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-14-21, 05:29 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-16-21, 05:21 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-16-21, 05:28 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | عبدالله عثمان | 01-16-21, 11:20 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | النذير حجازي | 01-16-21, 12:10 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-16-21, 06:26 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-16-21, 06:37 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 04:19 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 04:27 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | adil amin | 01-17-21, 05:04 AM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 12:12 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | ABDALLAH ABDALLAH | 01-17-21, 02:07 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Ali Alkanzi | 01-17-21, 02:52 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | ABDALLAH ABDALLAH | 01-17-21, 03:29 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 06:02 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 06:03 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-17-21, 06:19 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-18-21, 01:55 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Yasir Elsharif | 01-18-21, 08:19 PM |
Re: الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الأست� | Azhari Baloul | 01-20-21, 08:28 PM |
|
|
|