اسئله حول لقاح كورونا المطروح الان

Quote: منقول من صفحة د. محمد قرشي عباس على الفيسبوك نقاط مهمة حول مقال الصيدلي أيمن عامر(١) الذي كتب منتقدا اللقاح الجديد ومحذرا من مخاطره ربما أكثر ما يلفت انتباه القارئ للمقال هو تقديمه لنفسه بصفته كصيدلي وللمقال بصفة المقال العلمي، هذه الافتتاحية تهيئ القارئ لقبول ما سيأتي من معلومات، باعتبارها مدعومة بما هو متفق عليه في العلوم وليس كتأملات أو آراء شخصية. أود أن ألفت الانتباه أولا لحقيقة بسيطة وهي أن النقاش إن اكتسب حجته من الوزن العلمي للشخصيات وتأهيلها وخبرتها العلمية؛ فمن البديهي إذن أن يكون رأي الخبراء العالميين بكل الهيئات العالمية والوطنية مثل مراكز التحكم بالأمراض العالمية وهيئة الأطعمة والعقاقير الأمريكية مقدما على رأي عالم واحد لا يملك من الخبرة ولا الاطلاع على مجريات البحوث المختصة باللقاح ما يحوزونه من تدقيق ومعلومات. لأن كل هؤلاء قد نشروا تقارير رسمية بعد مراجعتهم للأمر تقول بأنه لقاح آمن لا غبار عليه(٢). فإن لم تكن من مصدقي نظريات المؤامرة الخيالية، أو ممن يقبل بسوء ذمة الغالبية العظمى من المختصين باللقاحات بكل دول العالم، فإذا من الواجب أن تكون قراءتك لباقي توضيحاتي هذه، من باب الفضول لمعرفة تدليسات الكاتب، لا لتقييم حجج لا يملك الغالبية القدرة على الإحاطة السليمة بها، والخلاصة هنا هي أن بعض الرأي السليم common sense كاف تماما في مثل هذه المواقف للتفرقة بين الغث والسمين، فالعالم اليوم ليس بحاجه لمزيد من العبث والحيرة. النقطة الأولى للكاتب تتعلق بأن جدة التقنية لا تتيح التحقق من سلامتها على المدى البعيد، وقد تبدو نقطة معتبرة، لولا إن طبقناها على بداية برامج التحصين الناجحة الحالية التي أنقذت ملايين البشر من أوبئة كالجدري - الذي قتل بالقرن العشرين لوحده ٣٠٠ مليونا(٣) من البشر- وأنقذت ملايين الأطفال من أمراض لطالما فتكت بهم (كأمراض الطفولة الستة)، علما بأن لقاح الحصبة للعام ١٩٦٤م قد اختبر في مدة سنتين فقط(٤)، فهل سنتوقف عن أي تطور علمي بسبب حجة الخوف من المجهول هذه! وهي فعلا حجة تعتمد على الجهل لا على اعتبارات علمية واضحة تلحظ مخاطرا بعينها يتوقع أن تظهر بعد سنوات طويلة، فالتخوف هنا لا يعتمد على أي آليات علمية حقيقية بل تقوم على مجرد الخوف المحض، برغم وجود اعتبارات علمية مقابلة تشي بإمكان الاطمئنان للتقنية الجديدة في التحصين أكثر من التقنية القديمة التي تحوشها أخطار فعلية معروفة، تظهر أحيانا في شكل تحويرات للفيروس المضعف تؤدي لإصابات جديدة بعد وقت طويل بسبب سوء التخزين. النقطة الثانية تعتمد على الأولى منطقيا، وتقول بأن فترة التجارب السريرية كانت قصيرة بما لا يفي بمتطلبات الثقة بالسلامة، ويتجاهل الكاتب أن تصميم التجربة كان مفتوح الزمن لحين الوصول لعدد من الإصابات بالمجموعة تحت الاختبار تكفي للوصول للمعنوية الإحصائية Statistical significance التي يعول عليها في التأكد من فعالية وأمان اللقاح، وبفضل الانتشار الوبائي للفيروس وتوافر ملايين الإصابات تم الوصول للعدد المطلوب علميا للقيام بالتحقق الاحصائي المحكم، ولولا هذا الظرف -أي إن كان هذا مرضا بطيء الانتشار- لاستغرق وقت التجارب فعلا سنوات طويلة! إذن لا تزال الحجة هنا هي نفس الحجة السابقة حول الخوف من المجهول دون مبرر علمي، رغم إيحائها الجانبي بأن زمن التجارب ليس كافيا للتحقق الاحصائي المحكم. كما أنه يرتكب غلطة تاريخية بقوله أن أقصر مدة لتطوير لقاح كانت سبعة سنوات، بينما استغرق تطوير لقاح التهاب الغدة النكفية Mumps ٤ سنوات فقط (٥)! (وهي معلومة بسيطة يسهل العثور عليها ببحث قصير بقوقل، فانظر يا رعاك الله عما يقوله هذا عن الجهد العلمي المبذول في كتابة هذا المقال)، فإذا وضعنا بالاعتبار مدى التقدم الكبير في التقنيات والعلوم بل كذلك في القدرات اللوجستية والحوسبية للعالم، بل لكون أن هذا هو أول حدث عالمي سخرت له من الإمكانيات ما هو غير مسبوق بتاريخ العالم، لصار من المعقول جدا أن يسرع التطوير أربعة أضعاف من الستينات ليومنا هذا. النقطة الثالثة للكاتب فيها تخليط كثير بحيث لا نكاد نعرف ما يقصده منها، فهو يتحدث أولا عن إمكان تحور الفيروس وتخوف من رد فعل مناعي تجاهه ويضرب مثلا برد فعل مناعي ضار حدث للحيوانات التي بتجربة استخدم فيها فيروس سارس (دون إشارة للمصدر لأتمكن من مراجعته)، وهنا علي الإشارة أولا لكون أن فيروس الكوفيد-19 هو من أبطأ الفيروسات تحورا، فلم يعرف عنه حتى الآن أي تحور ذي بال يؤثر في إمراضيته Pathogenicity ، وعلينا ثانيا ملاحظة أن التقنية الجديدة تتجاوز الحاجه القديمة لحقن فيروس كامل بالجسم للتطعيم (سواء أكان مضعفا أو مقتولا) فمن ثم لا يوجد خطر أصلا في هذه الحالة ينطبق على ما يشير إليه بالتجربة، وعلينا ثالثا ملاحظة أن اللقاح يمنح مناعة جزئية في الغالب تجاه الكثير من التحويرات الممكنة للفيروس، فحتى اليوم نجد أمثال هذه المناعة ضد فيروس الكوفيد-19 نفسه عند المصابين بفيروسات الكورونا الشائعة من النوع الذي يسبب الزكام رغم اختلافها عنه بمسافة جينية أكبر من السارس نفسه! أما إن كان الكاتب يقصد ما هو معروف من حالات التحسس المناعي تجاه اللقاحات Vaccine-associated hypersensitivity reactions فهي أمر معروف ويحدث بظرف أيام فقط، ولكنه نادر الحدوث ولا يفلت أي دواء حتى البنادول الشائع من رد فعل كهذا عند البعض، وأخيرا إن كان يقصد الظاهرة المعروفة باسم زيادة القابلية للمرض المنشطة باللقاح Vaccine-induced enhancement of viral infections فهي من الظواهر المعروفة التي حدثت ببعض محاولات تطوير لقاحات للإيدز وهي مما يمكن معرفته فورا عبر التجارب، كما أن هناك ظاهرة مماثلة يتسبب بها الفيروس نفسه أو تحويراته، الشيء الذي يجعل تطوير المناعة ضد الفيروس بواسطة اللقاح أمرا ذا أهمية شديدة لأن كل المخاوف المتوهمة من اللقاح هي في الحقيقة أقل شأنا من مخاوف حقيقية تتعلق بالفيروس نفسه، خاصة مع قابليته لإصابة الكل بلا استثناء، فما بالكم إن أعطيناه الفرصة ليتحور أيضا ليصيب الأطفال بنفس حدة إصابات الكبار؟! النقطة الرابعة للكاتب غير صحيحة بالمرة وتناقض شرحه في بدء مقاله لطريقة عمل اللقاح، فهو لا يتلاعب الحمض النووي بتاتا و لا يدخل لنواة الخلية (حيث يقبع الحمض النووي) من الأساس، بل يعمل خارج النواة عبر مصانع انتاج البروتينات (الرايبوزوماتRibosomes ) وهكذا تكون بقية تخرصات الكاتب منطبقة في الحقيقة على الفيروس الحي نفسه لا على اللقاح، لأن الفيروس يدخل فعلا لنواة الخلية ويحقن مادته الوراثية فعلا بالحمض النووي للخلية، ويمكن نظريا أن يتسبب فعلا كبعض أنواع الفيروسات الأخرى بالسرطان! أما عودة الكاتب في آخر هذه النقطة بالتخويف المعتاد عن الآثار طويلة المدى وأننا لن نستطيع معرفة أي شيء عنها، فهو هنا يعيد حجة الجهل بالآثار القديمة دون دليل، لكنه مع ذلك يتجاوز حقيقة بسيطة تقول بأن اللقاح الجديد بعد أن يؤدي وظيفته في إنتاج البروتين المحفز للاستجابة المناعية المرجوة، سيتكسر ببساطة بواسطة إنزيمات الخلية التي لا تترك هذا النوع من المواد الكيميائية mRNA بلا تكسير سريع (٦)، وحتى إن افترضنا أن هذا لم يحدث لسبب أو لآخر، فالمحصلة هي أن الوضع سيشابه تماما ما يحدث حين يغزو الفيروس الحي الخلية ويدمرها في النهاية محررا للملايين من هذه المواد نفسها دون ضرر حين يتعامل معها جهاز المناعة، باختصار فالكاتب يتعمد الاخافة دون مبرر معقول! النقطة الخامسة والأخيرة هي خلطة غريبة يظهر فيها الوجه الحقيقي للكاتب، فهي تنزع عنها قناع العلمية والنقاش بالمصطلحات الفخمة، لتظهر كل أباطيل حركة مكافحة اللقاحات قاطبة، وهي حركة متطرفة قديمة لطالما عارضت برنامج التحصين كله جملة وتفصيلا، ولطالما تحدثت بلا مسؤولية ولا علمية عن أشياء كإضافات المعادن (اللقاح الجديد لا يحتوي الزئبق -بشكل مادة thimerosal التي يدخل في تركيبها- و لا أي مواد حافظة أخرى كاللقاحات القديمة كما يدعي الكاتب) التي لا دليل إطلاقا على ضررها كمواد حافظة بنسب متناهية في الصغر وقد أجريت فعلا حولها ما تستحقه من أبحاث مطمئنة (٧) استجابة لترهات هذه الجماعات المتطرفة حين وجدت بعض الجهلاء ممن يصدقها بأمريكا (تسببوا في أسوأ وباء حصبة(٨) منذ عقود ببعض المحليات هناك بالسنة الماضية). ويستمر الكاتب الصيدلاني كذلك ليدعي معرفة بعلوم الروبوتات المجهرية فينسج أحلاما لا يصدقها واقع التقنية الفعلي أصلا ولا يتصور أحد إمكان إخفائها من أي تدقيق بسيط! ولا ينسى الكاتب بهذه النقطة أيضا تكرار حجته المفضلة حول الجهل بالمآلات لكن هذه المرة يطيش سمهه لأن المعادن مثلا هي إضافات معروفة منذ عقود طويلة بدون أي آثار خطيرة كانت أم ضئيلة. الخلاصة هنا أن ختام الكاتب الذي يقول "أو أن الخوف من الإصابة ومضاعفاتها أكبر عندك من هذه المخاطر" ، يشي بعدم إدراك حقيقي للمخاطر والمضاعفات الممكنة لهذه الجائحة، فهي ليست مجرد مرض فردي يصيبك أو يخطئك، بل هو مرض جماعي لا نجاة لنا منه إلا معا، فآثاره الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية خطيرة فعلا للغاية ولها انعكاسات على عقود قادمة من المضاعفات الصحية التي بدأت بالظهور فعلا عند المصابين والمضاعفات الاقتصادية التي ستلازمنا لعقود طويلة، فهو ليس بالمرض الذي يتضرر فيه من يسيء التصرف تجاه اللقاح لوحده، لأن نجاح اللقاح في حمايتنا من الفيروس يعتمد بالدرجة الأولى على قبولنا له ككل واحد، و إلا فإن فرص تحويراته الجديدة بمقبل السنين في أجساد من يمنعهم أمثال هذا الجهل النشط عن الإصغاء لصوت العلم والعقل، لهو مهدد حقيقي للبشرية ولأطفالنا كذلك من أخطار تحويرات غير مرغوبة ستمنعها فقط قدرتنا على القضاء عليه بإنجاز مناعة قطيع صناعية عبر التحصين، في أكبر تتويج لمسيرة تقدم علمي متسارع غير مسبوق بهذا القرن، وحقا فإن كل تحد يأتي معه فرصة النجاح في التغلب عليه، كما تأتي معه أيضا للأسف حماقات القرون السابقة من المخاوف غير المبررة، والخيار لك وللبشرية جمعاء بين النجاة بالتوكل والإعداد أو المعاناة بالخوف و الجهل. #متابعات_محمد_قرشي_لكوفيد١٩ المراجع: (1) https://resalapost.com/2020/12/02/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1/؟fbclid=IwAR0mXN9CQDEcp7LLf75JnsfK1dgLjHAa2JV0RZLHuU9MRnamklGU4eIC9rchttps://resalapost.com/2020/12/02/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%84-%...HuU9MRnamklGU4eIC9rc (2) https://www.fda.gov/media/144246/download (3) https://www.nationalgeographic.com/science/health-and-human-body/human-diseases/smallpox/#:~:text=Likewise%2C%20smallpox%20claimed%20the%20life,some%20300%20million%20people%20globallyhttps://www.nationalgeographic.com/science/health-and-human-body/human-diseases/smallpox/#:~:text=Likewise%2C%20smallpox%20claimed%20the%20l...%20people%20globally. (4) https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4007870/ (5) https://www.cdc.gov/vaccines/pubs/pinkbook/mumps.html#vaccines (6) https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5906799/ (7) https://www.cdc.gov/vaccinesafety/concerns/thimerosal/index.html (8) https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6657116/