|
Re: بئس قوم العشير في حكم المشير (فانتازيا) (Re: sadiq elbusairy)
|
المشهد الثالث جاء إبن اخي فاروق و هو شاب يناهز العشرين من عمره ، قال: عمي هناك رجل بالباب يريد أن يقابلك يقول أنه صديقك في الطفولة قلت: أدخله الديوان ريثما ارتديت جلبابي و كنت أتساءل في نفسي بينما كنت أرتدي جلبابي ترى من يكون صديق الطفولة هذا؟ و لما العجلة الأن أذهب إليه و أعرف من هو. كانت دهشتي بادية على وجهي و أنا أرحب بضيفي، فقد كان آخر من اتوقع زيارته قلت: السلام عليكم اي ريح اتت بك. قال: أعلم أنها مفاجئة، أعلم أنك لم تتوقع زيارتي مطلقا. قلت: الحقيقة حتى لم يخطر بخيالي ذلك، عموما مرحبا بك تفضل قال: قبل أن أجلس ارجو أن تتقبل تعازي في وفاة شقيقك فاروق، أعلم لقد مضى وقت طويل جدا، و لكن لم تكن لدي الجرأة و لا بيدي حيلة أن احضر لتعزيتك فيه. قلت: أتعلم من فتح لك الباب و ادخلك الديوان يا أبو القاسم؟ قال: اتقصد ذلك الشاب اليافع إنه يشبهك بل يشبه اخوك فاروق أكثر، هل هو ابنك؟ قلت: هو ابني، لكنه إبن اخي فاروق رحمه الله كان قد تركه و هو في سن الخامسة من عمره انجبه قبل اعتقاله، أتعلم كم عمره الأن؟ عشرون عام يعني انت الأن تقدم لي العزاء في أبوه الذي قتل قبل خمسة عشر عام!!! قال: لا تقسو علي أكثر من ذلك أعلم اني مقصر، و لقد اتيتك اليوم و كلي حسرة و ندم. قلت: الأمر لا يستحق كل ذلك أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي، و لكن قل لي ماذا حل بك أراك نحيلا و يبدو عليك آثار المرض و ثيابك !! ، ليست كما عهدتك فقد كنت انيق الملبس؟!!! قال: هذا ما دفعني لان أتي إليك معزيا، أجر خيبتي و حسرتي (اجهش في بكاء مرير) انتبهت أن خالد إبن اخي فاروق الذي سماه على إسمي لفرط حبه في فقد كنا أنا و فاروق أصدقاء و ليس أشقاء فحسب، جالسا معنا قلت: أنهض و أتي بماء لعمك هذا ثم أذهب لشأنك و اتركنا لوحدنا قال خالد: حاضر يا عمي خرح خالد ثم عاد بعد برهة يحمل الماء الذي قدمه لأبو القاسم الذي لا زال يبكي، ثم خرج. شرب أبو القاسم بعضا من الماء ثم وضع الكأس على الطاولة. ثم نظر الي قائلا: لست هنا فقط للعزاء إنما جئتك أطلب الصفح و العفو عني، فكما ترى ضعفي و قلة حيلتي التي أنا عليها الان. قلت: اصفح عنك فيما؟ في تبليغك عن الفاضل لمصلح أم لمتابعتك لي و رصد تحركاتي لمصلح أم على ماذا؟ّ عموما ذلك زمن مضى و كلا يعمل على شاكلته. قال: يا خالد أرجوك هون علي مهمتي فانت رجل فاضل و عرف عنك كريم اخلاقك. قلت: لا بأس قل ما عندك. قال: بعد مقتل فاروق بثلاثة أشهر، تغير حال مصلح و صار أكثر قسوة و أوسع سلطة كما تعلم، فانقلب على الجميع الذين كانوا يعملون معه من قبل و أتى بأبناء عمومته. استوقفته قائلا: على رسلك قلت مقتل فاروق، أنا اقولها لأني كنت أشك في أنه لم يكن مجرد حادثة بالسيارة بل هناك يد عبثت بسيارته مما أدى الى ذلك الحادث المشؤوم، فمن أين أتيت انت بمعلومة أنه قتل؟ قال: هذا ما أردت أن اوضحه لك، و لكن أقسم لك لم أكن أعلم انها سيارة فاروق، بعد أن بلغ فاروق الصحة من مرضه و عمل بتلك الشركة التي منحته تلك السيارة، و هذه معلومات علمتها بعد الحادثة من مصلح و كانت سببا فيما أنا فيه الأن، أمرني مصلح أن أقوم بفك صواميل إطارات سيارة أعطاني رقمها و مكانها، و قال لي المعلومات تقول أن صاحب هذه السيارة من المعارضين للحكومة الرشيدة و انه سيسافر بسيارته هذه إلى إحدى المدن فجرا و علي أن أنفذ مهمتي قبل ذلك بساعة على الأكثر دون أن يشعر بي احد، و لكن أقسم لك لم أكن أعلم انها سيارة فاروق، (عاد للبكاء مرة اخرى).
قلت: أخبرني ما كنت ستفعل لو علمت أنها سيارة فاروق؟ هل كنت ستعصي أوامر مصلح و لا تنفذ مهمتك؟ قلت ذلك بغضب و صوت مرتفع و مرتجف من الحنق فقد جال بخاطري أن اخنقه و أقتله و لكن حاله و حالته الصحية التي تبدو متدهورة حتى الكلام يخرج منه بجهد واضح من المرض و الإعياء كانت كافية لتنذر بدنو أجله فما حاجتي لادنس يدي. قال: من حقك ان لا تصدقني و لكن أنا الأن في حال أضعف من أكذب عليك فقد تمكن المرض الخبيث من جسدي كله و لا أعلم ان خرجت من عندك كم سأعيش، لقد جئتك متوسلا لأن تصفح عني، ذهبت بالأمس إلى محمد أخو الفاضل الأصغر و طلبت ايضا منه العفو و لكنه لم يفعل و قال لي عسى ربنا يتلطف بك ليس عندي لك غير ذلك. قلت: و ماذا كنت تتوقع أكثر من ذلك، اكنتم تظنون إن الموت لن يدرككم و انتم في غيكم ذلك؟ قال: كانت غفلة مني، أما مصلح لا يرى ذلك غفلة بل يراه أمر شرعي و جهاد، فبعد ثلاثة أشهر من ذلك الحادث المشؤوم جاء بأبناء عمومته من الضباع، و امرهم بحبسي و تعذيبي مكثت و من كان معي من زملائي في السجن عشر سنوات لم ينجى منا سواي، و لما اشتد علي المرض أمر مصلح باخراجي من السجن، و اودعوني مستشفى عام لا اتلقى فيه علاج سوى مسكنات للألم تركوني لاموت هناك فحسب، لم يزرني أحد من أهلي فقد تطلقت زوجتي مني بأمر مصلح و زوجها لأحد أبناء عمومته من الذين أستبدلنا بهم، ظللت بالمستشفى قرابة ثلاثة أعوام، و خرجت أحسن بقليل من حالتي الأولى، خرجت من المستشفى لا مأوى و لا ملجأ فصرت أسكن سوح المساجد و اقتات من بقايا المطاعم، حتى التقيت بعبدالسلام قبل شهرين في موقف الحافلات لم يعرفني في البدء و لكني عرفته، أخذني معه لداره فهو لا زال يعيش وحيدا، و بعد أيام اخذني إلى مستشفى متخصص قال لي الطبيب هناك أن حالتي ميؤس منها طبيا و ليكن الله في عونك، قلت لعبد السلام أن يعطيني عنوان محمد شقيق الفاضل و عنوانك فقد علمت منه أنك غيرت سكنك من الحي القديم، تلك بإختصار حياتي التعيسة. كنت أنوي أن ألقي عليه محاضرة في شرف الرجال و الكرامة و لكن حالته تكفي ان تكون واعظا له. قلت: الله يتلطف بك في عنقك كثير و لكن الله رحيم بعباده عسى أن يتوب عليك، لا أملك لك سوى ذلك نهض بصعوبة و سار نحو الباب و هو يبكي و يجر قدماه ثم خرج.
|
|
|
|
|
|
|
|
|