قلبى على أمريكا.. محزن ما يجرى فى الولايات المتحدة.

Quote: قيمنا المهددة أزمة أمريكا الأخلاقية لجيمي كارتر ما من أحد في العالم يجهل اسم جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الديمقراطي الأسبق، الذي أخفق في الاستمرار على عرش الولايات المتحدة الأمريكية في دورتين، واكتفى بدورة واحدة, ليخرج بعدها إلى العالم الأمريكي, والعالم في مختلف بقاع العالم في مهمات سياسية وانسانية كثيرة, هذه المهمات التي أسبغت على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جانباً انسانياً قلّ أن يمارسه رئيس أمريكي بعد انتهاء فترة حكمه. جيمي كارتر تحول لدى الإدارات الأمريكية المتتابعة إلى مستشار يقدم نصائحه وآراءه التي تجد قبولاً أحياناً، ولا تجد أي نوع من القبول إذا تعارضت مع سياسات الإدارة الأمريكية, ومشهود لجيمي كارتر أنه وقف ضد الحروب في كثير من الأحيان وكان في كل مواقفه صاحب مرجعية دينية وأخلاقية واضحة ومحددة، ومن هذا المنطلق جاء كتابه الجديد «قيمنا المهددة – أزمة أمريكا الأخلاقية» والذي كتبه من موقع الراصد المتابع لكل ما يجري، وتنبع آراؤه من عدة جوانب: 1- الخوف على أمريكا ذاتها, فهو مواطن أمريكي محب لأمريكا قبل أي شيء آخر. 2- الخوف على الأسرة، فهو يعرض مجموعة من الآراء التي تتعلق بالاسرة، وهو يمثل في حياته نموذجاً خاصاً. 3- المنطلق الديني المسيحي المثالي، كما جاء في الكتاب المقدس، وليس كما يراه المسيحيون الأمريكيون. 4- علاقة أمريكا بالعالم الآخر من خلال ممارساتها التي جعلت الآخر يقف منها موقفاً سلبياً. ومن هنا كان العنوان معبراً: قيمنا المهددة، على الصعيد الأمريكي سياسياً وأخلاقياً واجتماعياً، وعلى الصعيد الخارجي فيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة بالآخرين، هذه العلاقة التي أعطت صورة مشوهة عن القيم التي يراها جيمي كارتر، لذلك أهدى كتابه: إلى أطفالنا وأحفادنا الذين يجب الحفاظ على قيم أمريكا الأساسية من أجلهم. فالكتاب ليس موجهاً للآخر بقدر ماهو نقد للداخل الأمريكي من أجل الأمريكي نفسه. جاء الكتاب في سبعة عشر قسماً عدا المقدمة تناولت: معتقدات أمريكا العامة واختلافاتها الشديدة، الإيمان المسيحي التقليدي، نهوض الأصول الدينية، النزاعات بين المتدينين، لا نزاع بين العلم والدين، الدمج بين الدولة والكنيسة، آثام الطلاق والمثلية، الإجهاض، النساء تابعات للرجال، النزعة الأصولية في الحكومة, انحراف السياسة الأمريكية الخارجية، محاربة الإرهاب وليس الحقوق المدنية, ترساناتنا العسكرية, الحرب الوقائية، الأخطار على البيئة, تحديات الألفية, القوة الكبرى. اللاهوت في قيمنا المهددة يتميز كتاب كارتر الجديد عن كتبه السابقة, وعن كتب الساسة الآخرين بتركيزه على اللاهوت في الجانب الأخلاقي، لأنه يتناول الجوانب التشريعية الأمريكية لجوانب تم الحديث عنها، وشكلت نقطة تسابق وصراع في الانتخابات الأمريكية بين الحزبين المتناوبين على السلطة مثل: الاجهاض –الشذوذ الجنسي –المثلية –الأسرة.. ويؤكد كارتر أن محاربة القيم التي تتعارض مع الكنيسة لا يجامل فيها مطلقاً مع أنها صارت سمة للصراع بين الحزبين: «وقد تسببت السجالات حول تلك المسائل بانقسامات غير مسبوقة داخل بلدنا في الآونة الأخيرة، باعتماد كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على الإعلانات التي تذم هذا الطرف أو ذاك لكسب الانتخابات, واتصاف المداولات في الكونغرس بالعداء الحزبي أكثر فأكثر». جيمي كارتر المتدين الذي مارس تدريس اللاهوت بعد خروجه من البيت الأبيض، وكان يمارسه في أثناء رئاسته يفرّق بين الدين والحركات الأصولية، وها هو في كلمة له عند تسلمه جائزة نوبل للسلام عام 2002 يقول: «الحقبة الراهنة هي وقت التحدي والاضطراب» ويعترف بالتطرف لدى الجميع, وليس لدى فئة دون أخرى: «ثمة ميل ملحوظ نحو الأصولية في كل الأديان، يشمل ذلك الطوائف المسيحية المختلفة بالاضافة إلى الهندوسية واليهودية والاسلام, حيث يميل متدينون حقيقيون أكثر فأكثر إلى البدء بعملية تقرير: ما دمت أنا منحازاً إلى الله فأنا متفوق ومعتقداتي يجب أن تسود، وأي شخص لا يتفق معي فهو مخطئ جوهرياً، والخطوة التالية هي شرير جوهرياً والخطوة الأخيرة هي أقل من بشري ثم حياته غير ذات أهمية». بهذه الجمل التي نبرزها دون تصرف أو اختصار يظهر جيمي كارتر مفهومي التدين والتعصب, فالخيط بينهما رفيع للغاية، ولا يشعر المرء المتعصب بتعصبه في كثير من الأحيان.. والسؤال المهم الآن: أليس هذا التشخيص الذي وصل إليه جيمي كارتر في مقدمة كتابه هو السياسة التي قامت عليها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة؟. مفهوم الإيمان والتدين إن الايمان عند كارتر ضرورة, والتدين مقبول، لكن الجهل بالآخر، والشعور بالتفوق هو المرفوض مطلقاً, وللحفاظ على الإيمان والتدين ينطلق كارتر من الإنسان المفرد, ثم يصل إلى الأسرة, ومجمل التشريعات التي تحكم حياته مثل الاجهاض, عقوبة الإعدام, الشذوذ، ليصل إلى المؤسسات والدولة، ثم يتدرج ليصل إلى علاقة المؤمن ودولته بالدول الأخرى والشعوب الأخرى والديانات الأخرى. المرأة في اللاهوت في معرض حديثه عن المساواة ينطلق كارتر من الحديث عن المرأة، وهو في هذا الجانب يحاول أن يبحث في الجذور، فلا يعرض لمكارمه ومساوئ غيره, وإنما يضع وفق معرفة لاهوتية تاريخية التاريخ الحقيقي لمشكلات المرأة في مجتمع ذكوري, دون أن يلبس الذنب للدين، وإنما للعادات والتقاليد وذكورية المجتمع: «على الرغم من أن يسوع كان محررالنساء الأكبر، فقد واصل بعض القادة الذكور ذوي الإيمان المسيحي الممارسة التمييزية الجنسية غير المبررة, والحط من شأن النساء وحرمانهن من حقوقهن المتساوية في خدمة الله. وتبنت بعض الدول الإسلامية هذا الإصرار نفسه». السياسة الخارجية من منطلق إيماني لاهوتي يعالج جيمي كارتر السياسة الخارجية الأمريكية، ومن خلال الحرب على العراق: «وبوصفي مسيحياً ورئيساً, استثارتني الأزمات الدولية بقسوة, غدوت حسن الاطلاع تماماً على مبادئ الحرب العادلة والواضح أن الهجوم الأحادي الجانب جوهرياً على العراق لا يلبي تلك المبادئ، هذا إيمان قادة دينيين شامل تقريباً، باستثناء مجموعة من الناطقين بلسان المؤتمر المعمداني الجنوبي المتأثرين جداً بتعهدهم لإسرائيل القائم على عقيدة دينية إزاء الموت وما بعده». لماذا الآن عندما كنت أتناقش مع أي أحد حول كتابات كلينتون وأولبرايت وكارتر كان يقول: لماذا لم يقولوا هذا في أثناء وجودهم في السلطة؟ لا لقد قال كارتر هذا, ولكن علينا أن نفهم كيف يفكر الآخر.