هل فى بورداب فى إســرائيل؟

Quote: سوق رائجة للحمير الفلسطينية سعر الحمار الواحد تضاعف ثلاثين مرة تقرير: كارولين هاولي - القدس عادت أقدم وسيلة انتقال عرفها التاريخ إلى الظهور بقوة في الضفة الغربية وقطاع غزة بعدما أصبحت الوسائل العصرية غير فاعلة من جراء الحصار الإسرائيلي المطبق. إنها الحمير التي حملت الناس وأمتعتهم منذ العصور البابلية لكنها أصبحت مجددا وسيلة نقل وانتقال للفلسطينيين في مساعيهم للالتفاف حول الطرق التي يغلقها الجيش الإسرائيلي. ويصف جمال عديله أحد رجال الأعمال الفلسطينيين هذه العودة قائلا " إننا نعود إلى الماضي السحيق، فمن كان يعتقد لوهلة أننا سنلجأ إلى الحمير في القرن الحادي والعشرين لنقل حاجياتنا الرئيسية من المدن وإليها؟". ليس لدى الجميع القدرة على استئجار حمار قبل أشهر قليلة كانت ظهور الحمير مألوفة لدى المزارعين الفلسطينيين، لكن الحصار الإسرائيلي لمدن وقرى الضفة الغربية كرس لدور جديد تلعبه الحمير في الحياة اليومية الفلسطينية. فعبر جميع أنحاء الضفة الغربية أغلقت إسرائيل الطرق بأكوام من الطين وقطع الخرسانة المسلحة والخنادق ونقاط التفتيش ضمن ما تسميه" إجراءات أمنية" وما يؤكد الفلسطينيون أنه عقاب جماعي. وبفضل هذه الإجراءات أصبحت الرحلة التي كانت تستغرق دقائق معدودة تستمر لساعات طوال مما جعل السيارات من سقط المتاع في بعض الأماكن. تجارة منتعشة المتوجه إلى نابلس أكبر مدن الضفة الغربية لن يجد سبيلا إلى ذلك سوى عبر طريق قذرة تمر بقرية بورين، وهناك سيتعين عليه عليه استئجار تاكسي لا يعمل بالبنزين ولكن يجره حمار. هذه هي أحدث وسيلة مواصلات تعرفها الضفة الغربية، عربة كارو تسير على أربع عجلات يجرها حمار، وأحيانا تتدلى منها بعض الأشرطة الملونة على سبيل الزينة. مواصفات خاصة لحمير التاكسي هنا يعتمد الجميع على "التاكسي - الحمار" سواء في الذهاب إلى الطبيب أو إلى العمل أو لشراء المواد الغدائية أو السلع التجارية. لكن ذلك لا يعني أن بوسع الجميع تحمل أجرة هذا التاكسي التي تعادل نصف دولار، ولهذا أصبحت هذه المهنة من المهن القليلة الرائجة في ظل الشلل الذي أصاب الاقتصاد الفلسطيني من جراء الحصار الإسرائيلي. وانعكس ازدهار هذه المهنة على أسعار الحمير نفسها، فعلى مدى شهور الحصار الماضية تضاعف سعر الحمار عشر مرات وفي أماكن كثيرة عشرين ضعفا وبل وثلاثين في بعض الأحيان. إذلال وبالتأكيد فإن السعر يختلف من حمار إلى آخر، ويقول أحد سائقي "التاكسيات الحمارية" إن السعر يعتمد على مدى سرعة الحمار، وربما لم يفكر هذا السائق في عمله الجديد لكنه اضطر إلى اقتراض مبلغ من المال لشراء حمار وعربة بعدما فقد عمله داخل إسرائيل نتيجة للصراع المتفاقم. يشعر الفلسطينيون بنوع من الإذلال وهم يعودون إلى الاعتماد على الحمير في تنقلاتهم، فعلى سبيل المثال درس جمال عديله رجل الأعمال الذي تحدثنا إليه علوم الكومبيوتر في الولايات المتحدة. وفي مكتبه الواقع على مشارف القدس لديه نظام كمبيوتر متطور لمتابعة مبيعات شركته وأداء الموظفين لديه، إضافة إلى مجموعة من الهواتف النقالة. لكن كل هذه المؤهلات عديمة الجدوى في وجه الحصار الإسرائيلي. يقول عديله وهو يفرغ شحنة من السجائر من سيارة نقل في عربة كارو قرب نابلس " لقد حولنا اعتمادنا على الحمير إلى مزحة، لكنها مزحة تؤلمنا في داخلنا".