تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي عن تقارب حميدتي والحركات الدارفورية المسلحة للقضاء على حكم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 00:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2020, 01:56 PM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� (Re: حسين أحمد حسين)

    لقد أوجعتنا يا حمدوك، وأوجَعَنا الزبانية، وسارقو الفترات الانتقالية

    مقدمة

    لعلَّك لم تكن تعلم عزيز الفترة الانتقالية؛ أنَّنا قد أسرفنا في مدحِكَ في كلِّ الفضاءات، وذدنا عنك في وجه القادحين والمُعَرِّضين؛ ونحن بعد نعرف من أتى بك إلى السلطة من ليبراليِّي السودان الجُدد عبر اجتماعاتكم في أديس أبابا، ونعرف من يعمل في مكتبك ومن يعمل حوله لصالحهم ولصالح عناصر المؤتمر الوطني عبر الرِّشَى السخيَّة (Commissions)، ونعرف حتى عملاء المخابرات الذين من حولِك، وهم يلبسون الزيَّ القوميَّ، ويقدمون لك المشورة ليل نهار، ويحاولون رسم خطِّ السيرِ لك؛ ولكنَّا على أيِّ حال تجاوزنا عن كل ذلك.

    وقد فعلنا ما فعلنا من غضِّ الطرف سماحةً وتجمُلا وتطلُّعاً، بأنَّ ما تحمله من علمٍ وتجربة، سيُنْهِضُ عنقاء الوطن من رمادها.

    ملاحظات لابدَّ منها

    1/ نرجو أن نُنَبِّهك بكل الاحترام والتقدير أنَّك تجلس على هذا الكرسي بدماء شهدائنا وفقد مفقودينا وجراح جرحانا وبالفعل الثوري لثوارنا - في كل السودان - الذي أفضى للتغيير، ويجب أن تعلم أيضاً أنَّنا صرفنا النظر عن الحقائق في المقدمة أعلاه لأنَّك من الهامش وتنحدر من أسرة فقيرة. وكنَّا نحسبُ أنَّك بورجوازيٌّ صغيرٌ منحازٌ للطبقات الفقيرة التي جئت من ترائبها، ولكن يبدو أنَّنا كنَّا واهمين. فكل سياساتك تُوحي بأنَّك منحازٌ للطبقات الغنية التي قدمتك للثورة السودانية، وخلَقَتْ منك أيقونة المنقذ العظيم، وجمعتْ من حولك جموعاً كثيرة، بعضها صادق وجُلُّها "فلولً" تلبس لباس ثورة ديسمبر الظافرة. واختارت لك نموذجاً للحكم خُمْسُمُشْكِل - "مدني – عسكري" مقصوداً لذاته، ليحميها من رجعة النظام المتساقط الذي تنكَّرت له، وليحميها من غضب الثورة والثوار.

    غير أنَّ انحيازك لطبقة الليبراليين الجدد والعسكوطفيليات ودعاة الهبوط الناعم ومَنْ وراءَها في العالم الخارجي على حساب فقراء السودان (ولا تثريب على انحيازك هذا، فالدولة المدنية تُتيح لك ذلك) يُكذِب أول جملة قلتها بعد أدائك للقسم: "أنا الآن رئيس كل السودان"، ويفضح زيف وقوفك على مسافة متساوية من طبقات المجتمع (شركاء العملية الإنتاجية/الاقتصادية) ويكشف خِواء مفهوم المشروع الوطني لديك والذي لطالما بشرتَنا به، ويجردك حتى من الحقيقة الإنسانية وأنت تتخذ من قتلة أبنائنا ذراعاً يميناً لك؛ تارةً بذريعة العَمَلانِيَّة، وحقيقةً بسيادة العقل الجهوي المُتحاصِص (غربنة ممنهجة للدولة) عندك وعند من يليك.

    2/ ولتعلم أنَّنا على مستوى فهمنا المتواضع للنظرية الاقتصادية، لا نجد حرجاً في أن يكون للثورة شرائح رأسمالية وطنية حادبة على إنجاحها بشكلٍ شفاف لا فساد فيه ولا محاباة. وشراكة العملية الإنتاجية/الاقتصادية المتوازنة (العمل/العمال + رأس المال/روَّاد الأعمال + التنظيم/الطبقة الوسطى + الأرض/شريحة الدولة = الأنتاج القومي/الاقتصاد القومي في شكله الكلي) لا أحقاد طبقاتها (كما كان سائداً أيام الحرب الباردة) التي نطرحها منذ وقتٍ طويل تُتِيحُ ذلك. ولكن أخلاقياً لا نسمح أن يكون شركاؤنا في العملية الاقتصادية من أعداءِ ثورتنا وقتلة أبنائنا ومغتصبي حرائرنا وأحرارنا وسارقي أقواتنا يا رعاك الله.

    وإذا كنت لا مُحالةَ فاعلاً من واقع ما يبدو عندك من عقلية تصالحية (Accomodationist Mentality)، أو ما يبدو عندك من عملانيتِك الجارِحة وبرود أعصابك الفاقع للمرارة، فالتطرح وجهة نظرك بقوة وشفافية في إطار "مشروعك الوطني" لصنَّاع الثورة؛ قَبِلوه أو رَدُّوه. لماذا لا تقدم ورقة للمؤتمر الاقتصادي – السراب، وتطرح فيها رؤيتك للمشروع الوطني الذي تنادي به (إن كان بالفعل لك مشروع وطني)، وتعرِّف النَّاس عليه وعليكَ كما فعل مانديلا والروانديون وغيرهم؛ وكثيرٌ من النَّاس يشاركك ذات الرؤى.

    3/ لم يتوقف انحيازك لمعسكر الليبراليين الجدد والعسكوطفيليات ودعاة الهبوط الناعم المدعوم من الغرب ودول الجوار عند جعلِهم ذراع حكومتك اليمين في إطار "محفظة السلع الاستراتيجية" قاصمة ظهر الفقراء، أو عند سكوتك عن إرجاع المشاريع المخصخصة تمكيناً لصالح أعضاء النظام المتساقط والمتوالين معه، أو عند امتناعك عن إلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية والرسوم الأُخرى والزكاة وأخذها بأثر رجعي من آلاف الشركات الإنقاذية وأخواتها حتى الآن، أو عند غض طرفك عن عبث العسكوطفيليات التي تسيطر على موارد الدولة المدِرَّة للعملات الصعبة والمحلية وتديرها خارج الموازنة العامة؛ ولكن يتجلَّى ذلك يوماً بعد يوم في تمكين المُمَكنين، وفي التنازلات التي تقدمها للعسكر على حساب الدولة المدنية في لا ضرورة، وفي تبنِّي أفكار دعاة الهبوط الناعم الساعين لحماية مصالحهم المتشابكة مع مصالح الفلول على حساب مصالح أسر الشهداء والمفقودين والجرحي وكل الثوار.

    بل قد وصل صنيعك هذا مرحلة إقالة وزير الصحة الذي يُمثِّل المثقف العضوي الأكثر وقوفاً مع مصالح فقراء الثورة السودانية (العلاج المجاني والدواء المجاني والمدعوم) ضد مافيا المستشفيات الخاصة ومافيا الأدوية. بل في الحقيقة أنت ووزراء المحاصصات الضِّعاف تغيرون منه لأنَّه يفضح أداءكم الباهت المتهافت، وتحسدونه وتحسده شرائح رأس المال التقليدية والليبراليون الجدد، أن يُجيَّرَ أداءه الناصع وصنيعه الرفيع هذا لصالح الحزب الغريم بزعمكم.

    وتكفي د. أكرم على التوم شهادةً، من بين الشهادات العديدة في حق أدائه، شهادة د. محمد السابق استشاري أمراض الكلى، الإخوانويُّ المؤكَّد، إذ يقول {بتصرف من مداخلة للأخ الكريم فرح اسماعيل سعد على صفحتي بالفيس بوك}: "شَكَّلَ د. أكرم حماية كاملة للمركز القومي للكلى، مما انعكس إيجاباً على المركز واستقراراً وتطويراً للأداء. {لقد} أضفنا في عهده مركز غسيل الكلى بأمدرمان والدايات، والآن مركز السوكي والفاو والقطري بالخرطوم ومركز الكدرو كلها على وشك دخول الخدمة. وتمَّ تجهيز مركز سلمي التابع لجامعة الخرطوم في شراكة مع المركز القومي وتمَّ تجهيز غرف عملياته والعناية المكثفة، وأنجزنا 69 عملية زراعة كلى في ظرف 6 شهور. ... {و} تطورت الميزانيات .. إلى أن وصلت تريليون و600 مليار جنيه هذا العام. ... {و} تعاقدنا .. على شراء 300 ماكينة غسيل من اليابان و300 كرسي و11 محطة مياه من ألمانيا ..."؛ والحقُّ ما شَهِدَتْ به الأعداء.

    4/ نلاحظ أيضاً، إلى جانب تحالفاتك المذكورة بعاليه ضد مطالب الثوار وفقراء السودان، أنَّك تسوسُ البلد بعَمَلانِيَّة تسيطر عليها سيادة العقل الجهوي المُحاصِص – الغربنة الممنهجة للدولة ومؤسساتها، خاصةً في مسائل التوظيف والاستثمار واستحقاقات السلام. وهذا الأمر بطبيعة الحال لا يُلبِّي مطلوبات الدولة المدنية، ويقدح ثانيةً وبشكل مباشر في مفهوم المشروع الوطني الذي صَمَمْتَ به أُذاننا، ويجعل الكثير من النَّاس يتشككون في مضامين مسارات مفاوضات السلام الجارية في جوبا. الأمر الذي يجعل الطريق ممهَّدة لبروز شرقنات ووسطنات وشملنات موازية في البلد الواحد، وربما نشوء انقسامات وانفصلات حتى (الحكم الذاتي للمنطقتين، أكبر من صلاحيات حكومتك، وتمريره عند هذا المستوي مسألة في غاية الخطورة والمكر بالسودان وأمنه القومي)، خاصةً إذا رفضت قوى الحرية والتغيير القسمة الضيزى التي تنادي بها جبهة المحاصصات الثورية (مع وجود استثناءات).

    وبطبيعة الحال، نحن نتفهَّم أنَّ أصحاب المصلحة في الولايات التي دمرتها الإنقاذ بالحروب المباشرة، لهم أولويات التنمية والسلام وجبر الضرر والتعويض منذ بداية الحرب حتى نهايتها ولا مزايدة على هذا مُطلقاً؛ وقد كتبنا في ذلك الكثير من المقالات. ولكن ما لا نفهمه هو أن تتحول المطالبة بإيجاد التوازن على مستوى السلطة والثروة إلى "واقع من سيادة عقلية جهوية/غربنة ممنهجة للسلطة والدولة" تمارسها النخب المسيطرة الآن وتلك التي تتفاوض على السيطرة للظفر بنصيب الأسد، بالرغم من أنَّ الفعل الثوري لهذا الأسد لم يُفْضِ إلى التغيير على سبح عقدين من الزمان، إذا ما قارنَّاه بالفعل الثوري الذي أفضى للتغيير عند أهل المصلحة الحقيقيين غرباً وشرقاً ووسطاً وشمالاً وجنوباً (في سنار والدمازين ثم عطبرة ثم الخرطوم والجزيرة وبورسودان ثم نيالا ودنقلا) الذين غيروا أعتى ديكتاتوريات العصر في بِضعة أشهر.

    وبالتالي هذا النضالُ الطويلُ المسلح نحو المناصب والمكاسب كما يتبدَّى، سوف يحرِم أهل المصلحة الحقيقيين في الولايات الغربية والولايات الأخرى في الوسط والشرق والجنوب والشمال من فرص التوظيف العادل والاستثمار العادل واستحقاقت التنمية والسلام العادليْن.

    والمحزن أن تنبني سيادة هذا العقل الجهوي عند النخبة الحاكمة وتلك التي تسعى للمشاركة في الحكم من الحركات المسلحة بشكل مستتر (وعلني أحياناً) كردة فعل على الاعتقاد الذي لا نجد له عزماً، بأنَّ كلَّ النخب التي أدارت السودان وظلمت الولايات الجنوبية والغربية بخاصة، قد كرَّست التنمية في الولاية الشمالية، وقد حان أوان الاقتصاص منها بوجود حمدوك إبن جنوب كردفان رئيساً للوزراء.

    وهذه الغربنة الممنهجة لو يدري المتحاصصون تشكِّل خطراً عظيماً على الأمن القومي السوداني؛ ليس لأنَّ أهلنا في غرب السودان سيسيطرون على الدولة (حاشى وكلاَّ، ومرحباً بهم في دولتهم استحقاقاً وليس منحةً)، ولكن الخطورة في تسلَّل العناصر الشادية بكثافة إلى السودان في الثلاثة أعوام الفائتة (كما في فترة سيئة الذكر الإنقاذ) فيما يشبه الاستعمار الإحلالي (راجع مقالنا عن خطر حميدتي على الامن القومي السوداني بالراكوبة)؛ كما أنَّ هناك خطورة أخرى على الأمن القومي في رِدة الفعل المعاكسة التي تنتظر هذه الغربنة.

    والمُحزن أكثر أنَّ النَّاس يجهلون العديد من المشاكل التي جعلت الولاية الشمالية الأكثر تراجعاً – لا الأكثر حظاً - في المجال التنموي إذا ما قارنَّاها بالولايات التي تحسب نفسها أنَّها مظلومة، وأهم هذه المشاكل بطبيعة الأحوال هي سلوكيات ذات النخب التي يشكو منها الجميع. فمثلاً: أهمَّ ثلاثة مشاريع في الولاية الشمالية أنشأها الإنجليز عام 1949؛ وكل حكومات النخب المتعاقبة التي يعتقد البعض أنَّها ظالمة للولايات الجنوبية والغربية، كانت أكثر ظلماً للولاية الشمالية إذ أنَّها لم تنشئ أكثر من أربعة مشاريع تنموية وثلاثة منها معطوبة لأكثر من ثلاثة عقود. أمِّا الباقي من المشروعات فقد أنشأه الأهالي بالعون الذاتي بعد أن طردت الولاية أبكارهم إلى البنادر والخليج.

    فتلك النخب العضيرة يا سادتي امتنعت منذ الاستقلال حتى قيام ثورة ديسمبر المجيدة عن الاستثمار في هذه الولاية الطاردة متحججة بارتفاع كُلفة رأس المال، وأمعنت في تدميرها وتدمير إنسانها بدفن النفايات النووية والكيميائة والمخلَّفات الآدمية في أحشائها، وقد بدأت مؤخراً في حرق مزارع النخيل والبساتين التي أنشأها أهلنا بالعون الذاتي، وباعت العديد من أملاكنا للجيش المصري وعبد الرحمن الراجحي والقطريين، ومن لفَّ لفَّهم. فالشاهد، من يعيش في الولاية الشمالية الآن يعيش على هامش شريط نيلي لا يتجاوز عرضه شرقاً أو غرباً ثلاثة كليلومترات في أحسن الأحوال، وهو الآخر قد فتَّتَته المواريث. فالآن الكوشي في الولاية الشمالية، من أهل المصلحة يا رعاكم الله، كوشي لا طِين لا تَمُر؛ وواللهِ لو كان بالشمالية غابات، لتمردنا منذ ستة عقود.

    ودعونا نعود لسيادة العقل الجهوي بعد أن أوضحنا الظلم الواقع على الولاية الشمالية: هل لنا أدلةٌ عليه وعلى خطورته على الأمن القومي السوداني؟ والإجابة نعم.

    فمثلاً، أنَّنا نجد أنَّه ليس من قبيل المصادفة أن يُسلِّمَ مجرم الحرب "علي كوشيب" نفسه لمحكمة الجنايات الدولية طوعاً واختياراً دون وجود صفقة يفرُّ بموجبها من عقوبة الإعدام في المحاكم السودانية إلى تأبيدة الجنائية الدولية في سجون لاهاي الفندقية. وفي نفس الوقت هذه الصفقة تُملي عليه أن يذكر عملية تسلسل الأوامر بالقتل التي تأتيه من أعلى بكيفية محددة، لتساهم في تبرئة مجرم حرب آخر. وبالفعل قد ذكر الرجل في المحكمة أنَّ الأوامر تأتيه تسلسلاً من أعلى إلى أسفل من: على عثمان، غندور، البرهان (ولم يذكر على كوشيب البشير تكتيكاً، ولم يذكر حميدتي بحسبان أنَّه المعني بالصفقة أولاً وأخيراً).

    وقد تبع هذه الصفقة حلقات متسلسلة من الإطراء المتصل على حميدتي: من قِبَل الحركات والمسارات المتفاوضة في جوبا، ومن قِبَل الدولة المضيفة للسلام، ومن قِبَل مراقبي السلام، ومن قِبَل حكومة حمدوك العملانية؛ ووصل الإطراء مدىً بعيداً بإعلان الإمام الصادق المهدي انضمام "الحبيب" حميدتي لحزب الأمة القومي؛ وكانت قمة التماهي مع تلك الصفقة قد تجسَّدت في تبرئة هيئة محامي دارفور لحميدتي من دمِ المعتصمين وإلصاقها بالكيزان والبرهان في تحقيقٍها الذي أودعته لجنة الأستاذ نبيل أديب (للتأثير على مجريات العدالة باتجاه سيادة العقل الجهوي تلك)، وفي تعيينه بواسطة حمدوك على إثر ذلك رئيساً للجنة الاقتصادية ثم نائباً لها.

    وبطبيعة الحال لا يُفهم مسعى هيئة محامي دارفور في تبرئة "قاتل أهلهم" حميدتي من دم معتصمي القيادة العامة وتجيّير إثمه وجريرته على الكيزان والبرهان، ولا يُفهم تقريب حمدوك له قُربةً تجعله أكثر حركة في المجال الاقتصادي من وزير المالية ذات نفسه، إلاَّ في إطار عملانية حمدوك الممعنة في تكريس العقل الجهوي المُحاصِص دون أن يتبصَّر حقيقة الخطر على الأمن القومي السوداني التي تنطوي عليها غربنته الممنهجة للسلطة؛ وليتها كانت غربنة سودانية صِرفة ينتفع منها أهل المصلحة في الولايات الغربية.

    وللأسف فإنَّ حمدوك يدمغ هذا الاتجاه بدليل آخر حين أجَّل أكثر من مرة (ومازال يؤجل) تشكيل المجلس التشريعي، وتعيين حكام الولايات المؤقتين، رغم موافقة المتفاوضين على تشكيله قبل أكثر من شهرين ونصف، ذلك لكي لا تُمس النسب المبتغاة التي تُلبي أشواق العقل الجهوي المُحاصِص، صرف النظر عن أعداد أصحاب المصلحة في الولايات الأخرى من السودان، وصرف النظر عن سهمهم في الفعل الثوري المفضي للتغيير. وحتى بعد طوفانية 30 يونيو 2020 ها هو حمدوك يُماطل ويُعلن تخديراً للثوار أنَّ السلام سينجز في غضون اسبوعين؛ ومازالت الدحرجة مستمرة.

    والأخطر من ذلك يا ثوارنا الموقرين أنّنا نرصد هذه الأوضاعَ بهذه الوتيرة منذ أيام الإنقاذ شراءاً للمتاجر وشراءاً للأراضي خاصةً بواسطة القبائل التي تتداخل مع دولة شاد، وها هي تتكرَّس الآن بشكل سافر بوجود العقل الجهوي في السلطة، وبمحاولات السيد الإمام الصادق المهدي المستميتة لكسب أفئدة أهل المصلحة الذين عارضوه مؤخراً في غرب السودان بتعيين أبنائهم بواسطة حمدوك والبدوي بعيداً عن الأعين وبشكلٍ غير شفاف وكلُّه محاباة.

    ومن أدلَّتنا أيضاً على طغيان العقل الجهوي شيوع لغة في العاصمة القومية وبعض الولايات الأخرى، محمولها الكراهية والتهديد بالقتل والتحرش بالأعراض من قِبَل "بعض" العناصر المحسوبة على أهلنا في الولايات الغربية خاصةً تلك التي لها امتدادات مع دولة شاد. ولعمري تلك قنبلة موقوتة يجب إبطال مفعولها الآن قبل فوات الأوان؛ فما من أحد يُريد تكرار المأساة التي أعقبت استشهاد المناضل الجسور المرحوم د. جون قرنق دي مبيور في الخرطوم أو في غيرها من الولايات.

    كذلك هناك مظاهر للغبن على الإهمال والجحود بدأت تظهر للسطح عند أسر الشهداء جرَّاء سيادة هذا العقل الجهوي وجرَّاء صفقات حمدوك العملانية معه حينما سمحت حكومته ترويجاً لهذه الصفقات وتلك الجهوية مندوب حميدتي جمال جمعة ليلقي كلمة في يوم تكريم وزارة الثقافة الاتحادية لأسر الشهداء (25/11/2019). بل كان الغبن أكثر وضوحاً في نبر أُسر الشهداء والمفقودين والجرحي الذين قالوا لن ننتظر لجنة الأستاذ نبيل لتقتصَّ لشهدائنا، والذين وصلت لعناتُهُم لبعضِ وزراء حمدوك فأبكتهم. وكيف لا يصيبهم الغبن وأبناؤهم من مهر بدمه الحراك الثوري الذي أفضى للتغيير وأقعد حمدوك ووزراءه على الكراسي التي هم عليها الآن؛ ولكنَّ حمدوكهم يُمعن في خيانتهم وخيانة دم أبنائهم.

    ومن البراهين على سيادة هذا العقل الجهوي، أنَّ عملانية حمدوك قد بدأت تخلقُ جفوةً ومناخاً من عدم الارتياح وعدم الثقة بين قادة المؤسسة العسكرية وحكومة حمدوك ومن يُشايعها من المليشيات العسكرية، وإن تظاهروا جميعاً بالتناغم والدبلماسية المشوبة بالحذر. وخطورة هذا الواقع تتجلَّى في أنَّ النخب العسكرية (ولا أقول المؤسسة العسكرية)، إن عاجلاً أو آجلاً ستلجأ بشكل موازي توازني لمليشيات النظام المتساقط لتعزز حماية نفسها من طغيان العقل الجهوي الوشيك داخل المؤسسة العسكرية نفسها، جراء الدمج المزمع تنفيذه لحركات مسلحة (ضعيفة العقيدة القومية بطبيعة الحال) في القوات النظامية؛ وبالتالي تدخل الثورة في تعقيدات غير محسوبة. ووقتها إمَّا استولت المؤسسة العسكرية على السلطة وضاع كلُّ شئ، ولا أحد سيلومها على ذلك؛ وإمَّا انقسمت المؤسسة العسكرية السودانية ووضعت البلد كله في حالة من الانكشاف العسكري والأمني لا يعلم متاهتها إلاَّ الله. ولا تنسَوْا أنَّ تشاد تمارس الاحتلال الإحلالي لبلدنا، والفشقة مشلولة بضربات الشِّفتة الإثيوبية، وحلايب ترقص عشرة بلدي على بلاط الفرعون.

    مطلوبات فورية

    1/ نرجو من السيد د. عبد الله حمدوك الإرجاع الفوري لدكتور أكرم علي التوم وزيراً للصحة الاتحادية. وهذا المطلب لا يُمثل أيَّ رغبةٍ حزبية البتَّة، بل يُمثِّل رغبة أصحاب المصلحة من الفقراء والمعاشيين والعمال والموظفين والقوى الحديثة في الهامش والمركز. وإن لَّم تفعل يا عزيز المحاصصات، فأعلم أنَّا مُرْجِعوهُ بإذن الله إلى وزارته إما بطوفانية لا تُبقي ولا تذر، وإما بمذكرة للمجلس التشريعي حال انعقاده ليصوت عليها نُصرةً لأصحاب المصلحة من المعدمين والمسحوقين، الذين يموتون بفقدان القدرة على الحياة بسبب الجوع والمرض؛ ويومها سنقول لك: شكراً حمدوك ونحن نشير إلى باب الخروج.

    2/ ونقول للثوار وللكوادر الوسيطة في القوات النظامية المناصرة لثورة ديسمبر من تحت الحجاب: عليكم إرغام الحكومة الانتقالية على تَجَنُّبِ إدارة البلد بالمكر والصفقات والمحاصصات الجهوية لأنَّها قنابل موقوتة، ورِدَّةُ فعلِها مدمِّرة للغاية (شرقنة، ووسطنة، وشملنة، وانقسامات) ومن الممكن أن تنسف الفترة الانتقالية وأهدافها برمتها، وربما السودان بأكمله.

    ولا تثريب أن يحدث توازن في السلطة المدنية والعسكرية وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولكن ليس بإعطاء المتحاصَصين أكثر مما يستحقون تلبية لسيادة عقل جهوي يكرِّس لعملية غربنة ظاهرها العدالة الاجتماعية وباطنها ربما كان احتلال إحلالي للسودان. ويجب أن يتم ذلك التوازن على أُسس علمية مرتبطة بعدد الولايات/الأقاليم في التقسيم الإداري المقترح، ومرتبطة بالثِّقَل السكاني ومعدلات الفقر والتهميش بين أصحاب المصلحة، لا بالمحاصصات وإفعال العقل الجهوي والمرارات التاريخية التي ليس للمواطن العادي فيها أيُّ يد.

    3/ حذاري من أن تكون استمالة حمدوك للجنجويد ذات ارتباط بمخطط يشتغل ضد المؤسسة العسكرية (أو نخبها التي لنا معها تار بابكر الصديق) في إطار هيمنة العقل الجهوي التي تمارسها حكومته وهيئة محامي دارفور الآن، والتي تترجح بتحركات حميدتي في كل الاتجاهات والاستثمار في كل القطاعات. وبالتالي نحن نفضل أن نقاضي قتلة شهدائنا بشكل شفاف، لا يستثني حميدتي ولا البرهان ولا غيرهما. وأيُّ سبيل غير هذا السبيل ستكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي السوداني. وعلى الثوار وكوادر الجيش الوسيطة أن تقف بحزم ضد هذا السلوك الغير مدروسة نتائجُه، وألاَّ تستثني أحداً مدَّ يدَه بالأذى للمعتصمين عبر استخدام العصي أو البنادق أو الاغتصاب أو الحرق أو الإغراق في النيل أو الإهانة أو العدالة الترميمية.

    4/ ومنعاً للجهوية وهيمنة العقل الجهوي، فلابد من أن يكون مجلس الوزراء ومجلس السيادة متوازنين مناطقيَّاً من عناصر أهل المصلحة – لا العناصر المتحاصصة - في استحقاقات التنمية والسلام.

    خاتمة
    1/ نريد معرفة رأيكم بين أن نُعيد د. أكرم على التوم وزيراً للصحة الاتحادية حال انعقاد المجلس التشريعي، وبين أن يكون د. أكرم هو مرشح الشباب لمجلس الوزراء في الانتخابات القادمة إن سمحت الوثيقة الدستورية.

    2/ على الثائرات والثوار في لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين: نصيحتي لكم أن تتحركوا سريعاً لحماية ثورتكم من سارقي الفترات الانتقالية.






                  

العنوان الكاتب Date
تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي عن تقارب حميدتي والحركات الدارفورية المسلحة للقضاء على حكم حسين أحمد حسين10-27-20, 01:47 AM
  Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد10-27-20, 05:41 AM
    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-28-20, 01:15 AM
      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد10-28-20, 04:05 AM
        Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-28-20, 11:46 PM
  Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� محمد حيدر المشرف10-28-20, 07:33 AM
    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� ترهاقا10-28-20, 11:55 PM
      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-29-20, 01:25 AM
    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-29-20, 01:10 AM
      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد10-29-20, 03:56 AM
        Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-31-20, 12:05 PM
          Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين10-31-20, 04:29 PM
            Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� Biraima M Adam11-01-20, 04:55 AM
              Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� Biraima M Adam11-01-20, 05:33 AM
            Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 09:57 AM
              Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 10:08 AM
                Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 01:56 PM
                  Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد11-01-20, 02:04 PM
                    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد11-01-20, 02:15 PM
                      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 05:09 PM
                    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 04:35 PM
                      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد11-01-20, 05:10 PM
                        Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-02-20, 02:19 PM
                    Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-01-20, 04:58 PM
                      Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد11-02-20, 05:43 PM
                        Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-06-20, 02:34 AM
                          Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� الشيخ سيد أحمد11-06-20, 05:20 AM
                            Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-11-20, 03:08 AM
                              Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-16-20, 04:50 PM
                                Re: تبصير حول تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي ع� حسين أحمد حسين11-16-20, 05:19 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de