إنضمام ساطع الحاج لهيئة الدفاع عن منسوبي النظام البائد

Quote: مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي الخرطوم – حسن محمد علي – الزين عثمان لا تستغربوا عدم حدوث حرارة توقعتموها في المؤتمر العام لحزب المؤتمر الشعبي الذي انعقد أمس ببري، فقد أسكتت الآلة التنظيمية من أعلى وحتى أصغر مستوى، أي بادرة لإعادة الحزب لدفة المواجهة، وبدا أن الذين حضروا سيكون لهم سهم الاستماع، فقواعد وقيادات المؤتمر الشعبي بكوا أمس على شيخهم الراحل الدكتور حسن عبد الله الترابي، إلا أنهم بصموا على معانقة السلطة يداً بيدٍ، ولم تعد تلقى الأيادي الاتهام. فقرار المشاركة في السلطة كان قد حُسم قبل المؤتمر العام، رغم أن كمال عمر، الأمين السياسي للحزب، كان يتحدث إلى الصحفيين على بعد خطوات من المؤتمر، بأنه بإمكان المؤتمرين رد بضاعة المشاركة لأصحابها وإلغاء كل ما حدث سابقاً والانطلاق من جديد، بحسب ما يطلب من فوضتهم القواعد، وهو أمر يبدو بحسب همسات كانت ترافق أصحابها في طريقهم نحو القاعة مستبعداً، فالأمر حُسم والمؤتمر سيجيزه فقط. (1) بالتزامن؛ فقد اختفت نبرة الحديث العالية بالقضايا الوطنية التي كان المؤتمر الشعبي يطالب بها، وخرج على السلطة من أجلها أو كما يقول: قضية الحريات، وكذلك قضايا إقليمية تمثل الجغرافيا المتخيلة لتمدد الحزب بصيغته العالمية، كما في أخيلة وشعارات قادته دائماً، وبسرعة بدأ التماهي منذ كلمة الأمين العام للحزب إبراهيم السنوسي الذي أذاع بصفة رسمية قبول المشاركة في الحكم، على كل المستويات التشريعية والتنفيذية، فيما اعتذرت قيادة الحزب لضيفها المصري القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح، الذي مُنع من دخول البلاد وغادر بذات الطائرة التي أقلته، ويقفز السنوسي في خطابه أمام فاتحة أعمال المؤتمر العام لحزبه عن حادثة (أبو الفتوح)، ليؤكد أن حزبه بعث فيما بعث من توصيات في الحوار الوطني باللاءات الثلاث المعروفة (لا صلح أو تفاوض وتطبيع مع إسرائيل). (2) في مؤتمرهم الأول دون عرابهم، جاء الشعبيون كمن يبحث عن الغائب الذي يرقد على بعد خطوات منهم في مقابر بري.. كانت صوره تحتل كل مداخل ومخارج المعرض، ترتفع فوق سطح القاعة وبجنباتها الأربع.. يرددون الحروف المرسومة تحت الصورة: “على نهجك سائرون”. وحين غلبهم الأمر فتحوا الأبواب أمام دموعهم علها تخفف نيران الدواخل.. كانت دموع الأمين العام المكلف هي الأقرب، فحين نادت المنصة على السنوسي ليخاطب الجلسة، انهمرت دموعه وانخرطت بعدها القاعة قبل أن يتماسك الكل وتمضي الجلسة إلى خواتيمها بحضور من قيادات الداخل وقيادات الخارج، وليس من السهولة تجاوز ما جرى لأحمد أبو الفتوح المرشح الرئاسي في الانتخابات المصرية، حيث رفضت السلطات منحه إذن الدخول لحضور المؤتمر، في حين جاء ممثلون من روسيا ومن ماليزيا ومن السنغال ومن نيجيريا ومن اليمن للمشاركة في المؤتمر العام. ربما لم تكن ثمة حكاية في الجلسة غير قصة الشيخ الغائب.. كل الأحاديث تمحورت حول ذات الترابي وأعماله ودوره الطليعي في بناء مؤسسة حزبية سودانية على أسس إسلامية، أو كما جاء في عرض الفيديو الذي كان يمثل انطلاقة للمؤتمر العام.. العرض الذي تناول تاريخ الترابي السياسي وما جرى بينه وبين مجايليه من السياسيين، الذي لم يخلُ من بعض ما تتميز به السياسة السودانية.. كان سيناريو الفيلم يجرم مصالحة (المهدي والنميري). (3) بصيغة تنهي أي جدل ولو حتى من تيار يرفض المشاركة، قال إبراهيم السنوسي الأمين العام للمؤتمر الشعبي: “كان قرارنا بتحمل المسؤولية والمشاركة الفاعلة في الأجهزة التشريعية والتنفيذية”، ويدمج معها أيضاً عبارات فيها دعوة للأحزاب السياسية للتناصح والتكامل والوحدة، بدلاً من الاحتراب والنزاعات التي رأى أنها أهدرت الوقت وبددت الإمكانيات، وهو يذيع ذلك باعتبارها اللحظة السانحة للوحدة والانطلاق، وهو بذلك يذكركم بأن حزبه في تموضعه الجديد سيعمل على تطوير أجهزته بمزيد من الشورى وتكريس المؤسسية والعمل بالقيادة الجماعية، لكن رغم ذلك التماهي يبدو السنوسي، حسب حديثه، مشفقاً من واقع الأوضاع السياسية والاقتصادية، ويتابع: “لا نزال مشفقين من واقع الأوضاع السياسية والاقتصادية”، ويلفت أيضاً “لذلك ركزت أطروحتنا في الحوار على محاربة الفساد وحماية المواطنين والقضاء على الفقر والحاجة”. (4) صحيح أن حزب المؤتمر الشعبي حشد عضويته جيداً، لكنها فشلت في إرسال صوتها ولو عبر هتاف داوٍ. فيما فشل ساطع الحاج، القيادي المعارض، في استثارتها نحو إشعال الحرارة في المؤتمر المتجمد، واسترسل ساطع في نوبة من الصراخ الداوي خلال كلمته للمؤتمر، ذكر فيها طريقة اعتقاله في إحدى المرات ثم أعاد شريط للدكتور حسن الترابي وهو في السجن عندما كان في هيئة دفاعه، وزاد عليها بشعارات يرددها الإسلاميون دائماً ويحبونها مثل: “لا لدنيا قد عملنا”، مع كل هذا الزخم والنار التي بدأت تتولد رويدا رويدا كانت المنصة تقاطع ساطع الحاج وتحيله للحديث في ندوة مقامة اليوم في تأبين الراحل الترابي، لكن صوت ولوم المعارضة على موقف الشعبيين عبّر عنه بصورة أوضح القيادي بالحزب الشيوعي المهندس صديق يوسف، الذي اكتفى بكلمات موجزة تؤكد تباعد خطوط التلاقي، بيد أن كلماته على قلتها هدرت لها الجماهير وصفقت عندما اعتبر أن الفعالية التنظيمية هي الأجمل في العملية السياسية، عندما تجاز فيها برامج تتنزل لمصلحة السودان والحريات العامة، وهو شوق وحلم الشعبيين الذي لم يتحقق. في مقدمة المؤتمر، طالب كثيرون بالترحيب بالقيادي الجنوب سوداني عبد الله دينق نيال؛ لكن كان السؤال: ترى من يرحب بالآخر ونيال سيد بيت؟ كان الأمر مدخلاً لتساؤلات حول دور الإسلاميين، باعتبار الشعبي الآن هو أكبر تمظهراتهم فيما جرى في السودان، وهو السؤال الذي ربما ينتقل إلى المداولات بين عضوية المؤتمر التي ستجد نفسها مشغولة، وبشكل كبير، بالموقف من المؤتمر الوطني وتحديد رجل يخلف الترابي في منصب الأمانة العامة. (5) بسعادة بدأ حزب المؤتمر الوطني يغمر حليفه الجديد بعبارات ثناء غير معتادة، فقد تكفل نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني وممثله في المؤتمر إبراهيم محمود، بتجريد جملة واحدة، بأن حزب المؤتمر الشعبي لديه فضل أول الأحزاب في قبول دعوة الحوار والوفاق الوطني، التي أطلقها رئيس الحزب ورئيس الجمهورية المشير عمر البشير، ووسمه بأنه أحد أعمدة العملية، وبمعية المشاركة من الأحزاب وعبرها فقد جدد إبراهيم محمود نداءً للقوى التي لم تشارك في الحوار، بقوله: “ندعو الذين لم يشاركوا أن يأتوا”، وهو يرى أن مؤتمر الشعبيين يأتي في وقت يسود فيه التفاؤل أهل السودان، في الوفاق الوطني، حسب رأيه، أو حتى في مجال السلام الذي أصبح واقعاً معاشاً. وبينما محمود يرسل البشريات كانت دعوة وهتاف أحد المؤتمرين بالحرية هتافا خجولا لم يلقِ له أحد بالا، ولم يردده معه المؤتمرون، ليمضي نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في بث أدلة التفاؤل برفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد، وما يزال يزامن بشريات البلاد مع مؤتمر الشعبي أيضاً، مثل انفتاح علاقات البلاد الخارجية بأنها تأتي في وقت أفضل من أي وقت مضى. (6) تبادل نادر لعهد واتفاق سياسي شهدته منصة حديث المؤتمر العام للشعبي بين السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، ونائب رئيس المؤتمر الوطني إبراهيم محمود، فالأول تساءل في كلمته عن: “هل ما انتهى عليه الحوار هي محطة المنتهى”؟ عندما يرى أنه وحلفاءه من قوى نداء السودان قد طرحوا المشاركة في حوار بموجب خريطة الطريق التي وقعت عليها الحكومة، وأشار المهدي إلى أن النظام يواجه عشر جدليات، من ضمنها جدلية (العصر والأصل، والحرية والأمن، والديمقراطية والتوازن، والمركز والهامش)، وتساءل بقوله: “هل سينتهي الحوار بصورته الحالية أم سيشكل قيمة إضافية لقضايا الوطن؟”، وهو ما دفع إبراهيم محمود للرد بقوله: “أؤكد للسيد الإمام أن الحكومة ملتزمة بتوقيعها على اتفاق خارطة الطريق”، وأنهم والقوى السياسية سيسعون لاستمرار الحوار وتحقيق السلام في وطن يلبي طموحات مواطنيه. بالنسبة للشعبي، فإن الشمس ستشرق على حزب الشيخ وقد حدد اتجاهه بين المشاركة أو عدمها، وقبل ذلك سيكون حدد من الذي سيجلس في مقعد بدا وكأنه مصمم فقط للشيخ الترابي، وعلى الجديد التأكيد على أنه قدر هذا التكليف. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي