قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة

قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة


08-09-2020, 09:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1596960647&rn=0


Post: #1
Title: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: عبدالرحمن أحمد السعادة
Date: 08-09-2020, 09:10 AM

09:10 AM August, 09 2020

سودانيز اون لاين
عبدالرحمن أحمد السعادة-المملكة العربية السعودية
مكتبتى
رابط مختصر




بسط الليل سطوته فانسحب النهار. وسرى النعاس في أجساد مسجاة بالتعب.
وهي آمنة بين السِّنة والسُّبات ذاعت حواليها أخبار على مستوى محدود، ودون
سابق إنذار مكبرات الصوت تتحدث :
يا شباب، يا أهل الحي، ظهرت مجموعات من العصابات المتفلتة مسلحة بالأسلحة
البيضاء تهاجم وتسرق وتهتك الأعراض.
حي على الجهاد حي على الجهاد ..
من يقتل في سبيل عرضه وأرضه وماله فهو شهيد، كل من يستطيع أن يحمل
سلاحًا فليحمله وليخرج، لا نوم الليلة ولا نوم بعدها حتى ينهزموا.
إنهم قتلة .. ينتهكون الحرمات والبيوت ويذبحون الأطفال والنساء!
لا شك أنهم سيطوقون الأطراف، ولا ننسى أننا تحت خط الهامش .. علينا الاستعداد.
وقال رجل يُسخر منه :
« وأعدوا لهم »
يا ناس افهموا، نحن بحاجة إلى المدافع المضادة، أقترح أن نشترى أربعة منها
على الجهات الأربعة، لابد من فرض رسوم لذلك وفتح باب التبرع للمقتدرين والمغتربين.
فسأل من حملته الحماسة :
- وكيف نرخصها؟.
- يرخصها رئيس الحي.
- رئيس الحي!.
- آي.
- تضاربت السلطات.
- تدعو إلى اللامركزية ولا تحترمها.
وقال ذو راتب شهري :
أدفع صرفتي في الصندوق لشراء مدفع! وكيف أسد العجز؟ بئس الرأي.
فقال له صاحب الاقتراح :
إذا لم تهتدِ بنورٍ في الظلام فعليك بالنار.
وقال قائل منهم :
لا للتفاوض في هذا الوقت اجتمعوا يا شباب قسِّموا أنفسكم زرافات، عشرات عشرات،
لا تثقوا بغريب.
سمعنا أن في الحي المجاور أوقفوا ثلاثة منهم، لقد ضربوهم حتى أثخنوا فيهم
وسلموهم إلى الحكومة.
فقال ثائر :
حكومة من؟ من يحكم من؟ لا تخدعوا أنفسكم أهذا حال من له حكومة؟
أقسم إنني وأبي وجدي لا نعترف بحكومة.
فتداخل بعضهم :
- الحكومة لا تحسن الاستجابة.
- هل يسمع من به صمم؟!.
- لو تعلم عنا.
وتساءلوا عن هوية العصابة :
- هل هم عملاء الحزب الحاكم؟.
- مخطط أمني.
- جواسيس المركز.
- ربما من المتمردين.
- انتقل التمرد إلى جمهورية المدن الثلاث.
- مبروك.
ضجيج خفيف يتكاثر .. خفت آذان وجاءت بنبأ عظيم :
يقولون داهموا بيتًا فجرحوا وسرقوا الذهب والمجوهرات.
- هل نملك ذهبًا أو أشياء ثمينة؟.
- لا أدري والله.
- أنا خرجت أذود عن عرضي وأرضي.
- أظن أن الذين ينادون من وراء المكبرات هم من يكنزون الذهب والفضة.
- أو تبع التنظيم.
- وقد يكونوا أبرياء غرارًا.
وتعالت صفافير قوية في جهة لا تبين. الصوت بعيد والأرض تهتز تحت أقدام الفزع ..
وصلوا فوجدوا الحراس يسألون عن مصدر الصوت.
وبعد هدنة من سكون في ظلمات حيث لا إنارة، ارتفعت الصيحات وكانت أكثر شدة
وطار الناس إليها.. اقبض اقبض ..
- من أنتم؟.
- نحن عائدون من عملنا ولا شر لنا.
- كيف نصدقكم؟.
- اسألوا ملابسنا ذوات البقع الناطقة.
- لا دليل لكم فنحن جميعًا علينا غبرة.
- ولسنا كفرة أو فجرة.
- اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ازداد التجمهر فقال حريص :
عليكم بالسواطير والسكاكين الطويلة وفي أضعف الإيمان العكاكيز المضببة.
ثمة من يملك مسدسًا ذا طلقات خمس، قصرت عن شراء ذي الطلقة الواحدة،
ما أطول ساطوري! ويرغمني رغيف قاصر.
وتنادوا وتداعوا في جمع غفير من المتسلحين يمشون شُمًّا متقاربين، الذئب يأكل
من الغنم القاصية.
وجوه مختلفة وألوان مختلفة وأشكال مختلفة. طوال وربعات وقصار. وبناطيل
وفانلات وأكمام ناقصة وكاملة معقودة وأخرى مسترسلة في غير إحكام.
ومراكيب وشباشب وسفنجات جديدة وقديمة لا أثر لها على الأرض إن أسرع
مالكها أو أبطأ.
وهم في مشيتهم صاح معاتب :
- يا من تلبس جلبابًا أبيض هذا ليس أوان الجلباب.
- سيراك العدو بوضوح وسيصيبك.
- دعوه إنه معجب بسكينه.
- عضلات، اليوم يوم التبش.
إنهم يكرون وإلى أين لا يعلمون إنهم أشد بأسًا وعتيا.
ظهر واحد .. ظهر واحد ..
يتصايحون في هرولة ولا هوادة .. أدبر المطارد فعجلوا إليه يتخللهم شرس
لاح في عينيه شيء غامض .. تماهى وتمادى وانسل منهم كالسهم وانقض على
من وقع من الذعر بسكين سفكٍ فرفرته ونهض منه بهامة تناطح ثبج الغمام يتبشم
ويتنسم بطولته ونظر فلم يجد أحدًا من الفوج الكبير.
انشقت الأرض وابتلعتهم. ذهبت سكرة وحضرت فكرة وبقيت عبرة.

عبدالرحمن السعادة



Post: #2
Title: Re: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: سيف النصر محي الدين
Date: 08-09-2020, 07:53 PM
Parent: #1

يا سلام يا السعادة..
سعادة فعلا قراية نصك هذا.

Post: #3
Title: Re: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: عبدالرحمن أحمد السعادة
Date: 08-10-2020, 09:44 AM
Parent: #2

الأخ سيف النصر محي الدين

مرحبتين حبابك شرفت البوست
أسعدك الله في الدارين

تحياتي

Post: #4
Title: Re: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 08-10-2020, 12:49 PM
Parent: #3

Quote: ثبج الغمام يتبشم


والله دي ما فهمت فيها التكتح!
مبالغة الباقي والله.
إنت متأكد الشئ دي سكرة بس
إبداع والله يالسعادة و كتابة بضمير..
مقدرة عظيمة على البساطة و تطويع الكلمات..
شايفك في السعودية.. كتابتك تقول
you're homesick

Post: #5
Title: Re: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: عبدالرحمن أحمد السعادة
Date: 08-11-2020, 09:08 AM
Parent: #4



الأخ عمر عبدالله عمر
أهلاً بيك ومراحب وشرفت البوست

أما بالنسبة لما نسيت وكلنا ينسى

الثَّبج : وسط الشيء
الغمام : السحاب
وردت هنا بمعنى شامخ الهامة.
وبغض النظر عن المواقف السياسية يقول الشاعر فراج الطيب في ملحمته المربدية دار السلام :
ولو نهجوا طريق الله يومًا
لشق لواؤهم ثبج الغمام

تبشم أصلها من بشِم : تخم من الطعام ومله
ولك في بيت أبي الطيب الذائع نظرة :
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
وقد بشمن وما تفنى العناقيد
وقد يكون قلم الكاتب انتحى في اللفظ منحى تشاعريًّا من باب أن قصر القصة يحتمل التكثيف.

وحالي كحال السودانيين جميعًا يعيش السودان داخلهم أينما كانوا
وليس أمامنا غير التصالح والتسامح والتعاهد على السلام والفضيلة

تحياتي

Post: #6
Title: Re: قصة ليلة دامية في حي من أحياء العاصمة
Author: عبدالرحمن أحمد السعادة
Date: 08-12-2020, 08:49 AM
Parent: #5


ويرغمني رغيف قاصر