كتابات ابن عمتى

كتابات ابن عمتى


07-02-2020, 02:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1593652317&rn=0


Post: #1
Title: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-02-2020, 02:11 AM

02:11 AM July, 01 2020

سودانيز اون لاين
زينب محمد عبدالله-
مكتبتى
رابط مختصر



سأفرد هذا البوست لى ما يكتبه ابن عمتى من مواضيع متنوعة تتسم بالجمال والسلاسة فى السرد والنكهة السودانيه ( الطاعمة )
اتمنى لكم متعة القراءة


الانادي_في_الابيض

كانت أنادي الأبيض ( الأنادي جمع أندايه ، وهي بيت الشراب محلي الصُنع ) من أميز الأنادي بالسودان ، وهذا من حيث التنظيم وحتي النُظم .
كانت علي الطرف الشمالي الشرقي من مدينة الأبيض ، بجوارها مباشرة غابة فلاتة .
نظمت هذه الأنادي علي شارع بعرض خمس وعشرون متر تقريباً ممتدة علي ميمنة وميسرة الماشي ولم تكن هنالك شوارع فرعية علي طول الشارع ، والسبب هو أن تُسهل ضبطية الأمن ( لبوليس السواري ) .
حيث الأنادي تفتح صباحاً وهنالك مجموعة بوليس سواري يجوبون الشارع وقوفاً علي طرفيه وداخله وذلك لضبطه ووقف التفلتات .
تحت شجرة ظليلة واسعة كانت جِزارات لحوم وأماكن خضار فيها بصل وطماطم وشطة وليمون ( الدفلي ) وفحم وحتي الثوم والشمار ويباع ويشتري هنالك بثمن مُجمله ( ملينات ) وعلي مقرُبه موقف تاكسي وبص .
كُل أنداية سُميت بإسم ستها وقد تبارت ستات الأنادي ببناء رواكيب بالداخل وجدعت بداخلها العشرات من بنابر الجلد والسعف والقد .
المُدهش هو أن الأنادي كانت مُقسمة ( لإسكيلات ) فكانت هنالك أنادي للتُجار وأنادي للموظفين وأنادي لناس الأعمال الحُرة وأنادي ( دسوسية ) وهذه رُبما كانت لعسلية الحُجاج .
فهؤلاء قد جاهدو ( نفيساتهم ) وأمتنعوا عن البقو من بعد زيارتهم لبيت الله ، لذلك صارت لهم أنادي خاصه يحتسون عندها فقط ( عسلية ) الدخن الحمرا ، يعني بفهم أنها غير مُسكرة بل حلوة وحلال .
( شوف كيفن كان فقه الضرورة وقتها عند أهلنا الطيبين )
ولضخامة حجم الإستهلاك اليومي هنالك أحواض الترويق وحوض التصفية النهائي ، يعني فلترة عالية التنقية .
كما كان لكل فدادية مجموعة من الجواري الخُلص يقمن بتصفية المريسه للمستهلكين علي مصافي كالسروال صُنعت من الدمورية لعل الشاهد أيضاً أن بعض تلاميذ المدارس يمتهنون بيع ( الصفايات ) في أيام الإجازة .
ولضمان مريسه نقية يقوم المفتشون الصحيون لمجلس المدينة بالإشراف صباحاً ومساءً علي هذه الأحواض أو البُرام والبروش الكبيرة والوقوف علي نظافتها .
بعد صلاة العصر تُضرب صفافير السواري لتعلن نعاية اليوم ( المريسي ) هذا ، فيخرج الناس من الأنادي وكلً قد علم أو لم يعلم كم إحتسي وكم كم ثم كم قد دفع سراً أو علانية لغرض ما في نفسه ( غريض ) تم أو ربما يتم في مُقابِلات الأيام .
بعد هذه الصفافير أي زائر يُعتبر مخالفاً بنص اللوائح وعلي الموجودين الإنصراف خلال ثُلث ساعة ، ولكن يمكنهم التجمع أمام هذه الأنادي لوقت وجيز يحتسون ما بأيديهم أو يجرجرون حكاوي اليوم ويبرمون مقاتاً للغد .
بعدها يفرنقع المراسه شُزراً متخزين من حُمر مستنفرة وضوامر مُنهكة وسائلاً لإصالهم للديار والأهل ، وفي طريق العودة نجد من وضع إصبعه في أُذنه وتغني

أنا لو بسرق ما بسرق ليا حُمارة
بسرق بت الملوك المن الهواء بتتضاري

بعدها يأتي المُحتاجون والصغار لإستلام وأكل المتبقي من الشواءات وأم فتفت ، بسرعة قضم العتاب وذلك لان البلدية إن وجدت هذه الأشياء بداخل الأنداية تعتبرها مخالفة صحية ، فصحة الشارب من أهم هُموم السُلطات .
كانت بعض ستات الأنادي لا تفوتنهن صلاة جمعة وحتي بعضهن عُرفن بإسم ( الحاجة ) وذلك لأن فهمهن أن المريسة حلال وما هي إلا عيش وموية ومُغذية وتجارة ، وهي بالتالي ليست من الخمرة ( العرقي ) تحريماً .
سيدات الأنادي لديهن أعين فاحصة فبمجرد ما أن ياتي أحد إلا وإختبرنه بعين فاحصة ، فإن عرفن عنه أنه آتٍ جديد أو في بدايات عهده بمعاقرة المريسه فإنه يُعطي مريسة درجث تانيه تُؤخذ من المُشاك .
وحتي مريسة المُشاك هذه تفعل الأفاعيل في مستجديها فتتركهم يمشون مشية عُرفت بإسم ( حُمار شاقي فولة ) .
عموماً وقتها كان جنيهنا قد سكر من عبقة الدولارات ورأس السُكر بخمسة قروش والدكاكين فيها الكرز والأناناس والخوخ والكُمثري المعلب وبارد وبفريني ( بقرشين ) فقط .
كما كان التعليم مجاناً والداخليات فيها ما لذ وطاب والمستشفيات فيها كُل شئ ومن دون مقابل وتعب .
كُنا نحتسي الألبان ( المانا ) ومريستنا بالقرع ، يعني مافي كوز ، وكان كرومة وكان سرور وما بين زمن هؤلاء ودنهم أصابتنا مْصيبة ( الدروشة ) فوضعنا أياد الدهشة علي ( كضامينا ) .
والآن منا من ( عاط ومشي أملط ) من دون أن يرتوي من مريسة ماضينا أو قد ( متخ ) مُشكاً أو حتي كورية من مشروب ( فكي نط الشوك ) ، ولك ربما قد بلع من ( عرقي ) ناسنا هناك فأصابته لعنة الحياري

Post: #2
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: walid taha
Date: 07-02-2020, 04:21 AM
Parent: #1

شكرا لإبن عمتك يا زينب على هذه السياحة الجميلة فى عوالم أنادي الأبيض
لغة رفيعة

Post: #3
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 07-02-2020, 01:22 PM
Parent: #2

الاستاذة زينب .. تحياتي
سرد جميل .. وكاتب موهوب استحضار لذلك الزمن وكأننا نعيشه حالياً
تصوير بالحروف ..
يا سلام على ذلك الزمان .. كانت ارهاصات الاستعمار وأثر الانجليز مستمر
ثم انهارت بعد ذلك ..
عشنا فترة من ذلك الزمان .. الداخليات مجان والكتب والكراسات والعلاج
كل شي ء بالمجان ..

آه يا زمن

حروف في غاية الجمال وسرد ممتع



Post: #4
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-04-2020, 01:36 AM
Parent: #2

Quote: شكرا لإبن عمتك يا زينب على هذه السياحة الجميلة فى عوالم أنادي الأبيض
لغة رفيعة

شكرا الاخ وليد طه اسعدنى مرورك الكريم
لك التحية

Post: #5
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-04-2020, 01:44 AM
Parent: #4

الاخ الكريم على عبدالوهاب عثمان
تحيه واحترام وتقدير لى كلماتك الطيبة
Quote: سرد جميل .. وكاتب موهوب استحضار لذلك الزمن وكأننا نعيشه حالياً
تصوير بالحروف ..
يا سلام على ذلك الزمان .. كانت ارهاصات الاستعمار وأثر الانجليز مستمر
ثم انهارت بعد ذلك ..
عشنا فترة من ذلك الزمان .. الداخليات مجان والكتب والكراسات والعلاج
كل شي ء بالمجان ..

آه يا زمن

حروف في غاية الجمال وسرد ممتع

اتمنى ان يعود السودان اجمل مما كان بعد هذه الثورة المباركة

Post: #6
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: Amira Hussien
Date: 07-04-2020, 08:17 PM
Parent: #1

اسلوب جاذب وسلس و وصف دقيق خلانا شفنا الأنادى

Post: #7
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: امتثال عبدالله
Date: 07-04-2020, 09:57 PM
Parent: #6

زينب
التحيات النواضر لي ابن عمتك ....حكي اوسكار من القصص الواقعية...
ما تقيفي واستمري في هذا الحكي الطاعم من يراع أديب ولا شك ..

Post: #8
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: احمد عمر محمد
Date: 07-05-2020, 06:48 AM
Parent: #7

ما بين التجارو الطبقة الكادحة والافندية والفداديات علائق ربما
سقطت سهوا وربما نرى بين سطور اخرى حكاياتها وربما
قرأنا عن مجتمع المدينة وقتها وهو في طريقه الى اطراف
الابيض.
حكي ممتع وكتابة سلسة وخفيفة ننتظر الباقي
تحياتي للكاتب والناقل والمرور

Post: #10
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-06-2020, 02:44 PM
Parent: #7

هلا امتثال
Quote:
زينب
التحيات النواضر لي ابن عمتك ....حكي اوسكار من القصص الواقعية...
ما تقيفي واستمري في هذا الحكي الطاعم من يراع أديب ولا شك ..

لكى التحية البنت الحديقه فاكهة المنبر .... امتثال
نعم سوف اواصل فى نقل كتابتة بأذن الله حضورك يشرفنا

Post: #9
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-06-2020, 02:37 PM
Parent: #6

Quote: اسلوب جاذب وسلس و وصف دقيق خلانا شفنا الأنادى

تسلمى امور ( اميرة حسين )
اسعدنى سعيدة جدا حضورك الباهى

Post: #11
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-06-2020, 02:53 PM
Parent: #9

مرحب الاخ الفاضل احمد عمر محمد
Quote: حكي ممتع وكتابة سلسة وخفيفة ننتظر الباقي
تحياتي للكاتب والناقل والمرور

شكرا وتحية وتقدير لى شخصك الكريم .. سوف نواصل بأذن الله


Quote: ما بين التجارو الطبقة الكادحة والافندية والفداديات علائق ربما
سقطت سهوا وربما نرى بين سطور اخرى حكاياتها وربما
قرأنا عن مجتمع المدينة وقتها وهو في طريقه الى اطراف

بالتاكيد اخى الكريم
كل الود

Post: #12
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-08-2020, 04:59 AM
Parent: #11


الوطن كان جميلا

الوطن كان جميلاً.. مدروزاً بالناس..كانت المدينة العاصمية مشغولة بالشوام والأرمن والأغاريق واليهود يفتحون أفواه الدكاكين على شهية الرزق اليومي ..أتذكرون؟ "كونت موخلص" وأبناء " فانيان" و"عبد الله أزرق" و"سركسيان"و "شاوول"؟
لياليها كان للمدينة شنه ورنه..لياليها كان التعدد حقيقياً و صاحياً في شوارع الجمهورية و السوق الأفرنجي .لياليها، كان يتجول أولاد البلد في الخرطوم على مهلٍ مهيل.الحلب في بحري يرسمون خارطة شرق النيل بموده..يساكنون الأقباط في حي المسالمه
ويستيقظون على جرس الكنيسة أيام الأحد في الأملاك..لياليها، كان للمخمورين مراتعهم، عند "البستان" و "أتيني" و "كوبا كابانا"، وللمتدينين مواقعهم في المورده عند المسجد الإدريسي و فضاء جامع بحري الكبير.كان موسى بدينه وعيسى بدينه، وكل نفس بما إكتسبت رهينه.
كان حسن عطيه في جهة و الشيخ صديق أحمد حمدون في جهة ،والقلوب، كلها، أنضر ما يكون..(وكان للشيخ صديق أحمد حمدون مسارات صوتيه تصعد بالجمال القرآني إلي حده الأقصى).كان هناك السوق العربي والسوق الأفرنجي.الأول تتجول فيه البهارات والخضروات ويعتليه الزنك (فسُميَ بسوق الزنك مجازاً)
الثاني، الأفرنجي، كان مرتعاً للسلع وارد بلاد الآخرين: مراوح توشيبا، أقمشه من مفتخر القطن الإنجليزي،و راديوهات ناشيونال التي ساهمت بضراوه في تضخيم الوعي السياسي ببثها لأخبار إذاعة لندن..لياليها كانت الأحزان هي الأحزان (سوى كونها كانت شفيفة) تلبس ثوباً أبيضاً وكان الناس يقرأون الفاتحة على مهل.
كان أثرياء المينة معدودين ..نعرفهم واحد، واحد : السرعباس ، عبد المنعم محمد، مأمون البرير، قارو فانيان، الشيخ مصطفى، كونت مخلص سعد أبو العلا، والشنقيطي، و طه الروبي.كان ذلك قبل أن يأتينا رجل من آخر المدينة يسعى ويشتري البلاد بما عليها من إنس وجان، وتؤول إليه ملكية مؤسسات قامت على أكتاف شعب كامل
.لياليها، كان لنا أب و أم و عمة وخال .ولنا أصدقاء، نعرفهم من أيام الدراسه في خور طقت والقديمه والأهلية والمؤتمر ومريدي وحنتوب وكمبوني ومدرسة فاروق. (ذلك قبل أن تداهمنا الدنيا بالقبس والفاروق والخنساء والعربيةالدبلوماسية الإبتدائية ) هذه الأسماء العجيبه وكأننا في مكه، بلا مؤآخذه
.حتى الخمر كانت طيبه.ليست كخمر هذه الأيام الرديئه الحاقده.خمر الأيام القديمه كانت وريفه، حنينه ذات سعرات كحوليه كافيه لجبر الخاطر دون التسبب في ما يعرف جنائياً بالأذى المباشر الذي يسببه العرقي.كان القوم يشربون الويسكي في علياء أرستقراطيتهم البائده، على درجه أقل كان الشيري أكثر إنتشاراً و إلتصاقاً بالجيوب الرقيقة الحال، سوى ان بيره أبو جمل كانت قاسماً مشتركاً للأمزجه العاصميه يأدون بها سطوة الحر ويعالجون بها إلتهابات الكلى بإعتبار البيره من مدررات البول المعروفه. (فيما بعد، وعلى إثر تطبيق قوانين الشريعة السمحاء، تحول مصنع البيره العظيم الى مصنع تافه لمياه غازيه أكثر تفاهه لا تعالج المزاج ولا تدر البول).ومن شمالات البحر الأبيض، جاءت تلك الخمر القبرصيه محمولة على تجارة الساحل لتدلي بدلوهافي شأن المزاج العاصمي..كانت خمراً رخيصه يتكيء عليها وعي الطلاب فيغيب، ويشتكي لها تعب العمال فيتلاشى.إسمها كان " دموع المسيح"..إختفت أيضاً في ذات الملابسات التي إختفى فيها كل شيء.................................................................................................وكان هناك :كازينو النيل الأزرق.على تخوم النيل.عند بحري.فيه يلتقي العشاق.طيبين كما الندى.يُقدم لهم مشروب الجنجر و ال " دبُل كولا " , على يد جرسونات لا يعملون في النظام العام.وكانت يد الحبيبه متاحه (دون إخلال بالأمن الوطني) .الخرطوم :أين أنت ..يا تلك المدينه الزاحفة للسراب .سبحانك .كنا نحبِك ..فلم هذا العذاب ؟

Post: #13
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: جمال ود القوز
Date: 07-08-2020, 08:43 AM
Parent: #12

قمة الروعة ..
حضور ومتابعة
تسلمي كتير زينب

Post: #14
Title: Re: كتابات ابن عمتى
Author: زينب محمد عبدالله
Date: 07-09-2020, 03:30 AM
Parent: #13

الاخ الكريم جمال ود القوز
تحية طيبة
اسعدنى حضورك وشرفنى
ابقى معنا
تحياتى