♧ مِنْ أَرضِ الْمَحَنَّة مِنْ قَلْبِ الْجَزِيْرَةِ.. برْسِل للمسافر أشْواقي الكَتيرَة £

(16)
♧عذراً ، فقد بات يراعي يزرع نطف مداده كخبطِ عشواءَ ،
جيئة و ذهاباً على صفحاتي، دون أن يسجل شيئاً يذكر ، كحال
طاولة عرجاء فقدت إحدى سيقانها ذات عراك عبثيٍ في ملهى ليليٍ.
أو يوم زحام في حلبة صراع للثيران..و رحت أنفض غبار الذاكرة من على
شرفةٍ مائلة في ركن قصي للنثر و الخاطرة..و جئت أحمل فوق رأسي رغيف
خبز يأكل النمل منه..و في إبطي خارطة مطوية كنت دسستها بين سقط متعاي.
لحطام وطن عملاق، بيد أنه مصاب بغرقرينة مزمنةٍ في كافة أطرافه، ظلوا على
إثرها يبترون في كل مرة ربعاً خالياً من ربوعه الشاسعة الممددة على رقعة قارة،
حتى أوشك أن يصبح قزماً أو قرداً أعمش. كأن سيرة ذاتي بقعة دم كذبٍ دُلقت
على قميص خنزير بري..و ظلت تتمدد علىطرقاته.

@ ثم طرت أبحث عن مطارات و مرافئ غربتي علها تقبل
عذراً لي أقبح من ذنبي لدخولها بدون ثبوتيات..لدى خرجةٍ خرجناها
منذ نيفٍ و نيفٍ، و قد لا نعودبعدها أبداًو نحن في غُرُبات بعضها تلو بعض،
في همٍ لجي حتى إذا أخرج أحدنا يده لم يكد يراها ..فتروح أصابعك تفرك عبثاً
في عينيك علَّهما تدران بقطرة دمع حزن تسكبها فوق ذراعك..لكنهما تجمدان فلا
تجودان بشيء ذراً للرماد على الدقون.و لكن لا ضير..فإن أسقطتني الخطوب فذاك
شأنها، و أما شأني أنا أن أسقط منتصب القامة أمشي، و أنا أمشي....سمهري القوام،
حتى و لو كلفني ذلك شرخاً أبدياً في سلسلة عمودي الفقري أو أن أموت دون تراب
بلادي مصلوباً كنخلةٍ حمقاءَ،تجاورها حرازةٌ عطشى و كلتاهما تجافيان هطل المطر .