|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: النعمان اسحاق)
|
و أنت بألف خير و صحة أخي النعمان...آآآآآآآآآآمين....
رمضان شهر التغيير.. نعم لأنه يختلف عن بقية الشهور، وأعماله ليست كأعمال غيره، فهو شهر مختلف ولذلك ينبغي أن يكون المسلم فيه مختلفا أيضا.
لقد صام الأولون رمضان وعرفوا قدره وعلموا مراد الله منهم فيه؛ ولذلك رفعهم الصيام، وغير حياتهم، ورفع ذكرهم، وأعلى على العالمين قدرهم، ففتح الله بهم البلاد، وشرح بهم قلوب العباد، فسادوا وقادوا، وعلموا وعملوا، وأنفقوا وجاهدوا في الله حق الجهاد.
ورغم أن الصيام هو الصيام، وشهر رمضان هو هو شهر رمضان، غير أن الأحوال تبدلت، والمواقف تغيرت فقادوا وانقدنا، وسادوا وقهرنا، وعزوا وذللنا، وارتفعوا ووضعنا، وانتصروا وانهزمنا، وتقدموا وتأخرنا.. وإذا كان السؤال هو لماذا؟ فإن الإجابة: لأن صيامنا ليس كصيامهم، ورمضاننا غير رمضانهم، فكان لابد أن يكون حالنا غير حالهم. إننا إذا أردنا أن نعود لما كانوا عليه، وأن نكون كما كانوا .. وأن ننتفع برمضان حقيقة كما انتفعوا فإنما هي كلمة واحدة تجمع لنا الخير كله ألا وهي.. أن نصوم صومهم.. صيام الصادقين.
فإن الصائم الصادق يعلم أن: الصوم عبادة: وأن روح العبادات الإخلاص، فلا يشرك فيها مع الله أحدا.. قال تعالى: {فاعبد الله مخلصا له الدين . ألا لله الدين الخالص}، وقال سبحانه: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين}، وقال عز وجل: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}.. وفي الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري فأنا منه برئ وهو للذي أشرك (أو قال: تركته وشركه). وجاء في الحديث الشهير: (والصيام لي وأنا أجزي به).. وإنما يكون الجزاء والأجر إذا كان الصوم خالصا لوجهه سبحانه.
الصائم الصادق يعلم أن الصوم لا يتم أجره إلا بأن يكون على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسننه، فيصوم كما كان يصوم، ويقوم كما كان يقوم، ويفطر كما أمرنا، ويتسحر كما ندبنا.. {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}، وفي الحديث : [من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد].
الصائم الصادق يعلم أن الصوم ليس مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ثم يأتي بعد ذلك من المعاصي ما شاء، ومن المخالفات ما أراد.. وإنما الصوم صوم القلب عما سوى الله، وصوم الجوارح عن كل ما يغضب الله، فإذا صامت المعدة والفرج وأفطرت الجوارح والقلب فلعل صاحب هذا الصيام هو من عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : [كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش وكم من قائم ليس له من قيامه إلى السهر] إذا لم يكـن في الســمع مني تصــاون .. .. وفي نظري غض وفي منطقي صمت فحظي إذا من صومي الجوع والظما .. .. وإن قلت إني صـمت يـوما فـما صمت
الصائم الصادق يستحي من الله حق الحياء كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: [استحيوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحياءِ، قَالَ: فقلنا: يَا رسولَ اللَّهِ، إنَّا نَسْتَحِي وَالحَمْدُ للَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، ولكن الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وعى، وَتَحْفَظَ البَطْنَ وَمَا حوى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ والبلى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَركَ زِينَةَ الدّنْيَا، فَمَنْ فَعَل ذَلكَ فَقَدْ استحيا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاء] (رواه الترمذي عن ابن مسعود وحسنه الألباني).
الصائم الصادق: يصون بصره عن رؤية الخنا والفجور والعهر، ويصون سمعه عن سماع الغناء والفحش، وكذلك يحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الباطل والزور.. فهو يحفظ وصية جابر بن عبدالله المنسوبة إليه يقول: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم (والجار)، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".
الصائم الصادق يعلم أن الصوم جنة: يعني وقاية وحماية.. جنة من النار وغضب الجبار، وجنة ووقاية من الأخلاط الوبيلة، وجنة وحماية من الأخلاق الرذيلة، فأحسن ما يكون المرء خلقا وهو صائم، فالصوم يهذب النفس ويصونها عن كل سوء وقبح في الأقوال أو الأفعال أو الأخلاق؛ كما قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، وإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم]. ومن لم يمنعه صومه عن قالة السوء وفعل القبيح فليسمع تحذير رسولنا عليه الصلاة والسلام يقول: [من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه].
الصائم الصادق يعلم أن الصلاة عماد الدين وأن من صام بغير صلاة كان كمن بنى قصرا وهدم مصرا، ويعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر] وقال: [بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة]، فهو لا يفرط فيها ولا يضيعها وإنما يلتزم بها في مواقيتها لخوفه من وعيد القرآن الكريم: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}..
ويعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد]، وعندما جاءه الرجل الأعمى يريد رخصة للصلاة في بيته لأنه بعيد عن المسجد والطريق مسبعة "يعني فيها سباع وهوام"، وليس له من يقوده للمسجد.. فبعد أن كاد يرخص له ناداه وقال: [هل تسمع حي على الصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب]... فالصائم الصادق يحافظ على الصلاة في المسجد مع الجماعة لينال ثواب الجماعة وأجر السير للمساجد، وليحصل النور التام يوم القيامة، وليحمي نفسه من النفاق كما قال ابن مسعود: "وقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق".
الصائم الصادق يعلم أنه لم يكن له أن يمتنع عن ما أحل الله بأمر الله ثم يقع فيما حرمه الله عليه في رمضان وغير رمضان.. فهو يمتنع عن الطعام والشراب طيلة النهار ثم إذا أفطر سارع إلى الدخان والسجائر أو غيرها.. ولا يمتنع عن الشهوة في نهار رمضان ثم هو يقضي نهاره وليله ليشاهد ما حرم الله عليه في الليل والنهار وفي رمضان وغير رمضان إذ إن ذلك ليس فعل الصادقين.
الصائم الصادق دائم الخوف من أن يخرج من رمضان دون توبة ومغفرة لأنه سمع في الحديث أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: [من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، قل آمين. فقال: آمين].. فهو دائم التذلل إلى الله والتودد إليه ، والتضرع له والبكاء بين يديه ألا يخرجه من رمضان إلا وقد غفر كل ذنوبه السالفات، وتجاوز له عن كل السيئات الماضيات، والخطيئات السباقات، وقضى له بالعفو والمغفرة لكل ما مضى من الذنوب، فكأنه في رمضان قد ولد ولادة جديدة ليستأنف العمل من جديد.
الصائم الصادق يعيش الصيام عبادة لا عادة، وقربة لله لا حملا ثقيلا، وطاعة لله تعالى ورغبة فيما عنده، فهو يريد أن يقدمه بين يديه عملا يستحق به بعد فضل الله رضاه، وينال به ثوابه.. ومثل هذا هو الصيام الذي يغير الحياة.. ومثل هذا الصيام هو صيام الصادقين. أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم.. آمين. إسلام ويب...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن قيام الليل من أعظم أدوية القلوب التي تزيد الإيمان وتقوي صلة العبد بربه وخالقه، وتؤهل العبد لتحمل الأعباء والمشاق في طريق سيره إلى الله ، ولهذا كان الأمر الرباني للنبي صلى الله عليه وسلم في بداية التنزيل: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)} ( سورة المزمل). وقد وصف الله أهل الجنة فكان من صفاتهم أنهم يقومون الليل يناجون ربهم ويصلون له ويذكرونه: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} ( الذاريات).
وفي رمضان يحلو القيام
إذا كان قيام الليل هو شعار الصالحين كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد". فإن هذا القيام له في رمضان حلاوة و مزية خاصة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". قال الشيخ الألباني رحمه الله: (هذا الترغيب وأمثاله بيان لفضل هذه العبادات بأنه لو كان على الإنسان ذنوب تغفر له بسبب هذه العبادات ، فإن لم يكن للإنسان ذنب، يظهر هذا الفضل في رفع الدرجات كما في حق الأنبياء المعصومين من الذنوب).
فيا أيها الحبيب: هل ألهبت جوفك حرارة المعصية؟ هل أقلقت نومك الخطيئات؟ هل نغصت وكدرت عليك عيشك كثرة السيئات؟ إذا كنت كذلك فعليك بقيام الليل وخصوصا في رمضان يغفر لك ما مضى.
من فضائل القيام
لقيام الليل فضل عظيم وثمرات مباركة في الدنيا والآخرة، فهو في الدنيا شرف للمؤمن فقد جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل...".
وبه يستحق العبد درجة الصديقين والشهداء فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة ، وصمت رمضان وقمته فممن أنا؟ قال: " من الصديقين والشهداء".
وإذا تدبرت لوجدت أن الرجل ما زاد على أركان الإسلام إلا قيام الليل، واستحق بهذه الزيادة اسم الصديقين والشهداء.
وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن عبد الله بن عمر : " نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل". ومن صفات عباد الرحمن الذين أضافهم إلى نفسه إضافة تشريف أنهم يقومون الليل: { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)} ( الفرقان).
قيام الليل طريق إلى الجنة
كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله قال هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وبات قائما والناس نيام".
وهو مهر الحور العين فقد قال أبو سليمان الداراني: بينما أنا ساجد إذ ذهب بي النوم فإذا أنا بالحوراء ركضتني برجلها فقالت: يا حبيبي أترقد عيناك والملك يقظان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم؟ بؤسا لعين آثرت لذة نوم على مناجاة العزيز، قم فقد دنا الفراغ ولقي المحبون بعضهم بعضا فما هذا الرقاد؟ حبيبي وقرة عيني أترقد عيناك وانا أربى لك في الخدور منذ كذا وكذا؟ فوثبت فزعا وقد عرقت استحياء من توبيخها إياي وإن حلاوة منطقها لفي سمعي وقلبي. إنها الحور العين التي قال عنها نبيكم صلى الله عليه وسلم: " ولو أن امرأة من نساء الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها".
وقد بين الله في كتابه أنه سبحانه أعد لهؤلاء المتهجدين بالليل أعلى الكرامة في جنات النعيم: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}( السجدة). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يُفسر.
ولا شك أن هذا الذي أخفاه الله من أجرهم هو أعلى الكرامة لأعلى أهل الجنة منزلةً كما سأل موسى ربه عن أعلى أهل الجنة منزلة فقال: " أولئك الذين أردت غرسَ كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم ترعين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر".
وفي الليل تقضى الحوائج
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن في الليل لساعة ، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة ، إلا أعطاه إياه ، وذلك كل ليلة ".
وفي أحرج اللحظات وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل ويدعو ، حدث ذلك في بدر وفي يوم الأحزاب، فيا من ضاقت عليه الأرزاق قم الليل وسل ربك التوسعة ، يا من حرمت نعمة الولد عليك بالدعاء في جوف الليل، يا من تنشد للإسلام نصرا وعزا وتمكينا سل ربك في ظلمة الليل وفي أوقات السحر.
ذكر العلامة ابن كثير رحمه الله أن بعض المسلمين سمع الفرنجة يكلم بعضهم بعضا فقالوا: إن القسيم بن القسيم ( يقصدون نور الدين محمود زنكي ) لا ينتصر علينا بكثرة جيشه ولا عتاده لكنه يقوم بالليل فيدعو ربه فإذا أصبح نصره علينا. فيا سبحان الله أعداؤه علموا أنه ينصر عليهم بدعواته في الليل قبل كثرة العدد والعتاد. فاللهم وفقنا لقيام رمضان إيمانا واحتسابا واجعلنا ممن غفرت لهم ما تقدم من الذنوب، وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه أجمعين. ------------------------------------------------------ الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد: فقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يجعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميدانا للتنافس كما قال تعالى: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.(الملك:2). وكان من فضله على عباده وكرمه أن يجزي على القليل كثيرا، وأن يضاعف الحسنات، ويجعل لعباده مواسم تعظم فيها هذه المضاعفة.
ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان الذي خصه الله بإنزال القرآن ، وفرض على المسلمين فيه الصيام: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ...} (من الآية 185 سورة البقرة).
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يضاعف لعباده حين قال: " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
ولقد من الله تعالى على العباد في رمضان بالكثير من العطايا والمنن، فمن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، وله تعالى عتقاء في كل ليلة من لياليه، إلى غير ذلك من فضائله، وبالرغم من ذلك كله وجدنا لصوصا وقُطَّاع طريق وقفوا للناس على طريق الاستقامة يريدون أن يتخطفوهم وينتزعوا منهم هذه الفضائل ويضيعوا عليهم الأجور، بل ويوقعوهم في الأوزار والآثام ليخرجوا من الشهر خاسرين.
وقد روى الإمام أحمد رحمه الله بسند صححه الشيخ أحمد شاكر وضعفه الشيخ الألباني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " بمحلوف رسول الله ما أتى على المؤمنين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان، وذلك لما يعده المؤمنون فيه من القوة للعبادة، وما يعد فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم، هو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر ".
وما أصدق هذا الوصف على قطاع من الفنانين والإعلاميين الذين يختصون هذا الشهر بمزيد عمل لإضلال العباد وفتنتهم بين المسلسلات والفوازير والأفلام والمسابقات الفارغة التافهة وما يتضمنه ذلك من عري وانحلال ودعوة للفجور والعلاقات الآثمة.
وقد حذرنا الله من اتباع سبيل هؤلاء الفاسقين والفجار:{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا(28)} (الكهف). وقال: { إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16} ( سورة طه).
إن هؤلاء الذين يسرقون منا الشهر قد بين الله تعالى حقيقة ما يريدون، وأظهر ما يضمرون حين قال: { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) } (النساء).
ولنتذكر أن الله تعالى سائلنا عن هذه الجوارح: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)} (الإسراء).
ومن قُطَّاع الطريق هذه الفنادق والمطاعم التي تدعوك إلى تناول وجبة السحور على أنغام الموسيقى وأنواع النرجيلة( الشيشة ) وأنت تعلم أن الموسيقى والدخان من المحرمات فهل يجوز لك أن تتناول السحور ذلك الطعام الذي أخبر النبي أن به بركة وتستعد للصيام بتناول المحرم؟
ومن قطاع الطريق مجالس السوء التي تقوم على الغيبة والنميمة وهتك أعراض الناس، والله عز وجل حرم الغيبة: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12) }(الحجرات).
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عقوبة من يقع في أعراض الناس ويغتابهم فقال: " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون ( يقطعون ويجرحون) وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الماس ويقعون في أعراضهم".
وقال مجاهد: من أحب أن يسلم له صومه فليجتنب الغيبة والكذب.
وقالت حفصة بنت سيرين: الصيام جُنة ما لم يخرقها صاحبها ، وخرقها الغيبة.
وكان أبو هريرة رضي الله عنه وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد وقالوا: نطهر صيامنا.
وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمأثم ، ودع عنك أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
وإني أذكر نفسي وإياك بأمرين مهمين، الأول:
أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
فإن تركت قطاع الطريق مع ميل نفسك لهم عوضك الله خيرا، وقد مر معنا أن الله يتولى جزاء الصائمين وفيه: "يدع طعامه وشرابه من أجلي".
ودل على هذا المعنى أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حُرمها في الآخرة". وقوله: " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة".
ولأن الصائم ترك الطعام والشراب ابتغاء وجه الله في الدنيا فإنه يرجو أن يقال له يوم القيامة: { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} (الحاقة).
الأمر الثاني:
أن من استجاب لقطاع الطريق فأهمل نفسه في رمضان وضيع هذا الزمن الشريف وبارز فيه ربه بالمعاصي يخشى أن تستجاب فيه دعوة جبريل عليه السلام التي أمَّن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له جبريل: " يا محمد، من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأُدخل النار فأبعده الله. قل آمين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: آمين". نسأل الله أن يجنبنا وإياكم قطاع الطريق في رمضان وأن يمن علينا وعليكم بالعتق من النار والفوز برضوان الله والجنة، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين. إسلام ويب....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
كيف نستقبل رمضان رمضان فرصة الزمان .. هكذا ينبغي أن يعتقد المسلم، وهكذا كان يعتقد سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فلم يكن رمضان بالنسبة لهم مجرد شهر من الشهور، بل كان له في قلوبهم مكانة خاصة ظهرت واضحة من خلال استعدادهم له واحتفائهم به ودعائهم وتضرعهم إلى الله تعالى أن يبلغهم إياه لما يعلمون من فضيلته وعظم منزلته عند الله عز وجل . اسمع إلى معلى بن الفضل وهو يقول: كانوا " يعني الصحابة " يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم . وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً. والدعاء ببلوغ رمضان، والاستعداد له سنة عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد روى الطبراني عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". (قال الألباني: إسناده فيه ضعف) . وقد وصفت أمنا عائشة رضي الله عنها حال نبينا صلى الله عليه وسلم في استعداده لرمضان فقالت: كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً . فهذا عن استعدادهم فكيف عن استعدادنا نحن ؟!!
لقد جمعت لك أخيّ عدة نقاط أراها مهمة في استقبال رمضان، ولعل هناك ما هو أهم منها ولكن هذا حسب ما فتح الله ويسر، والله أرجو أن ينفعنا وإياك:- 1- النية الخالصة : من التأهب لرمضان وحسن الاستعداد له: أن تعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه . وهذا العزم ضروري فإن العبد لا يدري متى توافيه منيته ولا متى يأتيه أجله ؟ فإذا انخرم عمره وسبق إليه من الله أمره، وعادت الروح إلى باريها قامت نيته مقام عمله فيجازيه الله على حسن نيته وعلى هذا العزم فينال الأجر وإن لم يعمل . عن ابن عباس رضي الله عنهما: [ إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ... ] الحديث متفق عليه، وقال[ إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى ]متفق عليه ونحن نعرف أناسًا كانوا معنا في رمضان الماضي وليسوا معنا في عامنا هذا وكم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر كم كنت تعرف ممن صام في سلف .. من بين أهل وجيران وخلان أفناهم الموت واستبقاك بعدهم .. حيا فما أقرب القاصي من الداني فكم من مستقبل يومًا لا يستكمله ؟ ومؤمل غدًا لا يدركه ؟ إنكم لو أبصرتم الأجل وميسره لأبغضتم الأمل وغروره، خطب عمر بن عبد العزيز الناس فقال: [ إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادًا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين وسيرثها بعدكم الباقون حتى تردَّ إلى خير الوارثين ؟ في كل يوم تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه وتودعونه في صدع من الأرض غير موسد ولاً ممهد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنيًا عما خلف، فقيرًا إلى ما أسلف، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته . فيا مغرورًا بطول الأمل، مسرورًا بسوء العمل، كن من الموت على وجل فإنك لا تدري متى يهجم الأجل . فالنية النية، والعزم العزم، والإخلاص الإخلاص. (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة) (التوبة/46) (فلو صدقوا الله لكان خيرًا لهم) (محمد/21)
2 - التوبة الصادقة:- وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في هذا الحين ألزم وأوجب لأنك مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفق للطاعة ولا يؤهل للقرب، فإن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان، وإن قيد الذنوب يمنع عن المشي إلى طاعة الرحمن، وإن ثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات فتجد القلب في ظلمة وقسوة وبُعد عن الله وجفوة، فكيف يوفق مثل هذا للطاعة ؟ أو كيف يصلح للخدمة ؟ أو كيف يدعى للمناجاة وهو متلطخ بالأقذار والنجاسات ؟ فصاحب المعاصي المصر عليها لا يوفق إلى الطاعة فإن اتفق فبكد لا حلاوة فيه ولا لذة ولا صفوة ولا أنس ولا بهجة، وإنما بمعاناة وشدة، كل هذا بسبب شؤم الذنوب . وقد صدق الأول حين قال: حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته . وعندما قيل للحسن لا نستطيع قيام الليل، قال قيدتك خطاياكم . وقال الفضيل : " إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك".
فلابد من التوبة النصوح المستلزمة لشروطها، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، والمصاحبة للافتقار وإظهار الفاقة والحاجة إلى العزيز الغفار، ولابد من إظهار الرغبة بحسن الدعاء ودوام الاستغفار وكثرة الإلحاح والتضرع إلى الله بالقبول وأن يجعلك ممن تقبل توبتهم قبل رمضان وأن يكتبك في آخره في ديوان العتقاء من النار . وعلامة الصدق كثرة الإلحاح ودوام الطلب وكثرة الاستغفار، فارفع يديك إليه وناجه وتوسل إليه . يا من يرى ما في الضمير ويسمع .. أنت المعد لكـل ما يتوقـع يا من يرجّى للشــدائد كلها .. يا من إليه المشتكى والمفـزع يا من خزائن فضـله في قول كن .. امنن فإن الخير عندك أجمع مالي سوى فقـري إليك وسيلة .. فبالافتــقار إليك فقري أدفع مالي سوى قرعي لبابك حــيلة .. فـإذا رددت فـأي باب أقــرع ومن الذي أرجو وأهتف باسمه.. إن كان جودك عن فقيرك يمنع حاشـا لفضلك أن تقنـط راجيا .. الجود أجـزل والمواهب أوســع
3 - معرفة شرف الزمان فالوقت هو الحياة، وهو رأس مالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به السعادة وكل جزء يفوت من هذا الوقت خاليًا من العمل الصالح يفوت على العبد من السعادة بقدره . قال ابن الجوزي: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته فلا يضيع فيه لحظة في غير قربة . إذا كان رأس المال عمرك فاحترز .. ... .. عليه من الإنفاق في غير واجب ورمضان من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه "أيامًا معدودات" وهي إشارة إلى أنها قليلة وأنها سرعان ما تنتهي، وهكذا الأيام الغالية والمواسم الفاضلة سريعة الرحيل، وإنما يفوز فيه من كان مستعدًا له مستيقظا إليه . فإذا أدرك الإنسان قصر وقت رمضان علم أن مشقة الطاعة سرعان ما تذهب وسيبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب وانفساح الصدر وفرحة العبد بطاعة الرب سبحانه . وكم من مشقة في طاعة مرت على الإنسان فذهب نصبها وتعبها وبقى أجرها عند الله إن شاء الله . وكم من ساعات لهوٍ ولعبٍ وغفلةٍ ذهبت وانقضت لذتها وبقيت تبعتها. وساعة الذكر فاعلم ثروة وغنى .. ... .. وساعة اللهو إفلاس وفاقات
4 - التقلل من الطعام: وهو مقصد من مقاصد الصيام ومن مقاصد رمضان التعود على تقليل الطعام، وإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة، فكثرة الطعام هذه هي التي قسَّت القلوب حتى صيرتها كالحجارة، وأثقلت على النفوس الطاعة، وزهدت الناس في الوقوف بين يدي الله . فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام، بل يخفف؛ فإن قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وإنكسار النفس، وضعف الهوى والغضب . قال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد . قال سلمة بن سعيد: إن كان الرجل ليعير بالبطن كما يعير بالذنب يعمله . وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقا ل: [كف عنا جشاءك، فإن أطولكم شبعًا في الدنيا أطولكم جوعًا يوم القيامة] رواه الترمذي
5 - تعلم أحكام فقه الصيام: وأحكامه وآدابه حتى يتم الإنسان صيامه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيسحتق بذلك تحصيل الأجر والثواب وتحصيل الثمرة المرجوة والدرة الغالية وهي التقوى، وكم من إنسان يصوم ولا صيام له لجهله بشرائط الصيام وآدابه وما يجب عليه فيه، وكم ممن يجب عليه الفطر لمرض مهلك أو لعذر شرعي، ولكنه يصوم فيأثم بصومه، فلابد من تعلم فقه الصيام وأحكامه، وهذا واجب وفرض من عين على من وجب عليه الصيام .
6 - تعويد النفس على (أ) الصيام: وقد كان النبي يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً . وكان هذا ضروريًا لتعويد النفس على الصيام حتى إذا جاء رمضان كانت مستعدة بلا كلفة ولا تعب يمنعه عن العمل ويحرمه من كثرة التعبد (ب) القيام: وهي سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكنا يا للأسف ما دخلناها ولا رأيناها . مدرسة تربى فيها النفوس، وتزكى فيها القلوب، وتهذب فيها الأخلاق . عمل شاق، وجهاد عظيم لا يستطيعه إلا الأبطال من الرجال، والقانتات من النساء، الصابرين والصادقين ... بالأسحار . هو وصية النبي لنا وعمل الصالحين قبلنا: [عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد] رواه الترمذي . إن تعويد النفس على قيام الليل ضروري قبل رمضان وبعد رمضان وهو إن كان لازمًا لكل الناس فهو للدعاة والأئمة ألزم، ففيه من الأسرار ما تنفتح له مغاليق القلوب وتنكسر أمامه أقفالها، فتنزل الرحمات والبركات ويفتح على الإنسان من أبواب الفهم والفتوح ما لا يعلمه إلا الله، ومن تخرج من مدرسة الليل يؤثر في الأجيال بعده إلى ما شاء الله، والمتخلف عن مدرسة الليل تفسو قلوب الناظرين إليه . فعليك أيها الحبيب بمجاهدة النفس على القيام ولتكن البداية بركعتين ثم زد رويدًا رويدًا حتى ينفتح قلبك وتأتي فيوضات الرحمن . (ج) كثرة التلاوة: شهر رمضان شهر القرءان، فللقرآن في رمضان مزية خاصة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل في قيامه جدًا كما في حديث حذيفة . وهكذا كان السلف والأئمة يولون القرآن في رمضان اهتمامًا خاصًا .
7ـ المسابقة والجدية وهي أصل في العبادة كما في كتاب الله وسنة رسوله، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133) وقال سبحانه: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21) وفي الحديث: سبق المفردون سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال "الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات". وقد كان كل واحد من الأولين يعتبر نفسه المخاطب بهذا الأمر دون غيره فكانوا يتسابقون في الطاعة يدلك على هذا ما أثر عنهم من قولهم: "لو أن رجلا بالمشرق سمع أن رجلا بالمغرب أحب إلى الله منه فانصدع قلبه فمات كمدا لم يكن عجبا" . وقالت جارية لعمرو بن دينار: رأيت في المنام كأن مناديا ينادي: الرحيل .. الرحيل، فما رحل إلا محمد بن واسع !! فبكى عمرو حتى وقع مغشيا عليه. واعلم أيها الأخ الحبيب أن الأمر جد لا هزل فيه (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذريات:23) وقيل إن عطاء دخل على الخليفة الوليد بن عبد الملك وعنده عمر بن عبد العزيز .. فقال عطاء للوليد: " بلغنا أن في جهنم واديا يقال له هبهب أعده الله للولاة الظلمة " فخر الوليد مغشيا عليه .. فقال عمر لعطاء: قتلت أمير المؤمنين !! قال: فأمسك عطاء بيدي وقال: يا عمر إن الأمر جد فجد .. قال عمر: فوجدت ألمها في يدي سنة .
فاجهد أيها الحبيب أن تكون من أهل الصيام الحق والقيام الصدق لتنال الجائزة بغفران ما تقدم من ذنبك وما تأخر .. أسأل الله الكريم أن يبلغنا بمنه رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة، وأن يجعلنا في رمضان هذا من عتقائه من النار .. آمين. الشبكة الإسلامية -------------------------------------------
مقترحات قبل رمضان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فإليك - أخي الكريم - هذه الجملة من المقترحات المختصرة والتي تساعد على تهيئة النفس والبيت والمسجد في استقبال شهر رمضان المبارك والذي نسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إنه على كل شيء قدير:-
أولا: النفس :-
1- إخلاص العمل لله عز وجل . 2- استشعار نعمة الله علينا بهذه المواسم . 3- العلم بأنه ميدان منافسة على العتق من النار . 4- تهيئة المصحف والانقطاع عن الشواغل . 5- اختيار كتاب من كتب التفسير ككتاب السعدي رحمه الله للرجوع إليه عند الحاجة . 6- أن يخصص الإنسان لنفسه تلاوتين الأولى / تلاوة تدبر بقراءة جزء واحد في كل يوم بتدبره ويقف عند عجائبه وآياته . الثانية / تلاوة أجر وهي التي يكثر فيها الختمات ابتغاء الأجر . 7- إعداد جدول للقراءة يوفق فيه الإنسان بين قدراته وأعماله . 8- تعويد النفس على الدعاء ورفع اليدين . 9- تعويد النفس على الجلوس في المسجد أدبار الصلوات وخاصة صلاتي الفجر والعصر . 10- تعويد النفس على الصدقة والبذل والعطاء. 11- الحرص على تحفيز النفس ومضاعفة دورها في العمل الصالح مثل قراءة حياة السلف وحالهم في رمضان . 12- الاستماع إلى الأشرطة وقراءة المطويات الخاصة بذلك . 13- تعويد النفس على القيام وذلك بالزيادة في الوتر والتهجد .
ثانيا: البيت :- 1- شراء مصاحف وحاملات مصاحف لجميع أعضاء الأسرة . 2- تخصيص مصلى في المنزل . 3- شراء الأشرطة و المطويات وعمل مسابقات عائلية خاصة برمضان . 4- عقد جلسة مع أفراد الأسرة والتحدث عن رمضان وفضله وأحكامه . 5- تجهيز المنزل بما يتطلبه من مأكولات مشروبات بشرط عدم الإسراف . 6- اتخاذ قرار مجمع عليه تجاه وسائل الإعلام وما تبثه في رمضان . 7- تنسيق وتوزيع الأدوار بين أهل البيت في الخدمة حتى تجد المرأة حظها في برامج العبادة . 8- تنسيق برامج الزيارات والاستضافات الرمضانية مع الأهل والجيران والأصدقاء . 9- إعداد برنامج للعمرة والاعتكاف لجميع أعضاء الأسرة . 10- المشاركة في إعداد الطبق اليومي ولو كان شيئاً يسيراً يهدى لوجبة تفطير الصائمين في المسجد. 11- مسابقة في حفظ أحاديث كتاب الصيام مثل كتاب بلوغ المرام أو رياض الصالحين .
ثالثا: المسجد :-
1- أن يتهيأ الإمام في المواظبة بالقيام بجميع الفروض في مسجده طيلة أيام الشهر . 2- إعداد إنارة المسجد وتنظيم أثاثه ، والعناية بالإذاعة والصوتيات . 3- الاهتمام بدورات المياه والقيام على تجهيزها وتنظيفها . 4- العمل على حث جماعة المسجد في جمع تبرعات للمسجد وما يحتاجه من الماء والمناديل الورقية والطيب . 5- استضافة بعض العلماء وطلبة العلم في المسجد لإلقاء الكلمات والمواعظ قبل رمضان وأثناءه . 6- اختيار الإمام للكتاب المناسب وقراءته على جماعة المسجد بعد إحدى الصلوات . 7- إعداد المسابقات اليومية والأسبوعية لجماعة المسجد . 8- تخصيص لجنة تقوم بإعداد وجبة إفطار الصائم والإشراف عليها . 9- توزيع الأشرطة على الجاليات السودانية. 10- إعداد برامج للجاليات من مطويات وأشرطة . 11- تخصيص ليلتين أو ثلاث من الشهر يجتمع فيها جماعة المسجد لإفطار جماعي يأتي كل واحد منهم باليسير من زاده ويجتمعون عليه في المسجد تحت إشراف الإمام وتنسيقه . 12- إعداد برنامج ديني للشباب. 13- الحرص على أن يختم الإمام ولو ختمة واحدة في صلاة التراويح . 14- إقامة دورية للجالية . 15- الحرص على أن تقدم برامج تكون بدائل ومزاحمات إعلامية . 16- إعداد برنامج لجمع الزكاة وتوزيعها على فقراء الجالية السودانية . 17- إعداد برنامج لعيد رمضان مثل اجتماع الجالية بعد صلاة العيد في المسجد .
وبالله التوفيق , وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . ----------------------------------
لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان ؟ لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهي بدلا من شهر روحاني ؟ لست شيخا ولا داعية ، ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان … كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة فوازير بينما يتابعها كل أصدقائي .. ولم يشف غليلي إجابة والدتي المقتضبة “رمضان شهر عبادة مش فوازير!” لم أكن أفهم منطق أمي الذي كنت كطفل أعتبره تشددا فى الدين لا فائدة منه .. فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان؟ من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان؟ مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولي حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة على هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية ، كان ذلك الرجل هو عامل أمريكي في محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملي وفي اليوم الذي يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتي فإذا بي أجد ذلك الرجل منهمكا في وضع أقفال على ثلاجة الخمور ،وعندما عاد للـ (كاشير) لمحاسبتي على القهوة سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا : ”لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة؟؟” فأجابني: “هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور في ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح” نظرت إليه مندهشا قائلا : أليست أمريكا دولة علمانية .. لماذا تتدخل الدولة فى شيء مثل ذلك؟ فقال الرجل :”الاحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر في ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا .. إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شيء” الاحترام … (الاحترام) ظلت هذه الكلمة تدور فى عقلى لأيام وأيام بعد هذه الليلة … فالخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية فى أمريكا .. ولكن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام .. إنها مسألة احترام … فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام .. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف … فلتسكر ولتعربد فى يوم آخر إذا كان ذلك أسلوب حياتك … أنت حر … ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة قانونا ! أتمنى أن نحترم شهر القرأن. ونعرف ماذا نشاهد. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)... رحم الله الدكتور مصطفى محمود واسكنه فسيح جناته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
المسلم الرمضاني له شأن في هذا الشهر الفضيل يختلف اختلافا تاما عن عموم الناس .. إنه يدرك أن رمضان محطة غنية بالمعاني والدروس والتوجيهات غنى ربما لا يتأتى لشهر آخر، لذلك فهو يستشعر نوعا من المسئولية الذاتية والمجتمعية تحمله على محمل الجد والتميز رغبة منه في الفوز بأكبر قدر من منح وعطايا هذا الموسم الإيماني السنوي، خاصة والأجواء مهيأة والهمم متطلعة والمساجد عامرة والشياطين مصفدة ورحمات الله لا تحصى ولا تعد .. من هنا كان للمسلم الرمضاني سمت فريد وبصمة متميزة، فهو يعيش أجواء هذا الشهر برؤية خاصة وهمة عجيبة ورغبة ملحة في أن يدرك ركب الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
• المسلم الرمضاني: يتفاعل بشوق مع التغيرات الكونية التي تحدث في شهر الرحمات .. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» .. وهذا الشوق ينبثق في دواخله حتى قبل أن يبدأ رمضان، فتجده كثيرا ما يدعو: (اللهم بلغنا رمضان) حتى إذا أهل الشهر الفضيل استقبله بهمة جديدة وعزيمة فريدة، فالصلوات تستغرق الأوقات، وختمات القرآن تتوالى، والأذكار تلهج بها الألسنة، والصدقات تُغدق على ذوي الحاجات .. فأوقاته من طاعة إلى طاعة، ومن قربة إلى قربة. لوم نفسه على التقصير أشد من لومها على جمع الجليل والحقير، ورحم الله الحسن البصري حيث يقول: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته". وهذا بعكس من يستثقل قدوم رمضان لأنه سيحرمه من السيجارة أو كوب الشاي أو فنجان القهوة الذي لا يغادر مكتبه ، أو يحرمه من وجبات اعتاد عليها ومشروبات يرتوي بها .. فمن أخلد إلى الأرض لا يرى في رمضان سوى صداع الرأس من شدة الجوع والعطش، وحرمان النفس مما لذ وطاب، وتعكير المزاج بتلجيم الملذات. فهو يسير في أيامه بملل يحاول أن يقتله بالنوم تارة وبالمسلسلات تارة وباللعب تارة أخرى!! قال الحسن البصري: "إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون".
• المسلم الرمضاني: خلوق أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من أي شهر انقضى، شعاره «إني صائم، إني صائم» يتجلى في معاملاته ومناقشاته وحتى مجادلاته وخصوماته .. إنه يتصالح مع نفسه عندما يتمثل الصيام واقعا سلوكيا لا شكليا فقط .. فهو صاحب «الصوم النظيف» .. الصائم الكاظم لغيظه والعافي عن الناس والمنضوي في قائمة المحسنين، رغبة في رضا رب العالمين .. يمر باللغو مرور الكرام، ويدع قول الزور والعمل به، ويبذل النصح لكل مسلم، صومه عن المحرمات قرين صومه عن المطعومات، يحدوه الأمل في قبول الغفار والعتق من النيران.
• المسلم الرمضاني: يدرك جيدا أن رمضان شهر النصر، ويستشعر عبق بدر وفتح مكة وعين جالوت وغيرها من الأمجاد (185 انتصاراً وفتحاً غيرت مجرى التاريخ)، وإنما كان النصر الرمضاني فريدا لأن مدد الله في هذا الشهر فريدا أيضا، مع ما في رمضان من الصبر الذي هو قرين النصر، قال تعالى: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] ورمضان شهر الإرادة التي هي عامل قوي في حسم الحروب والمواقف، والصوم سبيل التقوى التي هي مفتاح محبة الله ومعيته وولايته ونصره وتأييده، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126] ولذلك تجد المسلم الرمضاني في هذا الشهر يسعى للنصر سعيا حثيثا، نصرا على النفس والهوى والملذات والشهوات، ونصرا على الكسل والفتور والسلبية، ونصرا على رتابة الأحداث وملل الروتين اليومي، ونصرا يجعله -إن شاء الله - في مصاف عتقاء الله من النار في هذا الشهر الكريم.
• المسلم الرمضاني: إيجابي يحمل هم أمته، ويعايش بواقعية وحركية قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكــــــم تتقــــــــون} [البقرة:183] وتحقيق التقوى بالتزام أوامر الدين وواجباته، ومنها «واجب الدعوة» الذي تزداد أهميته ووجوبه في مثل هذا العصر الذي بعدت فيه الأمة عن جادتها وكثرت جراحها وأنات ضعفائها من كثرة هزائمها وإخفاقاتها، ولعبت فيه الآلة الإعلامية الفاسدة بعقول أبنائها، فتوجب على المستشعرين لهذه المسئولية الجسيمة عدم التواني في تعبيد الخلق لرب الخلق، ولم شعث الأمة، وتوجيه طالب الحق إلى معالم الصراط المستقيم، ودحض شبهات الأفاقين وتلبيسات الأفاكين. والتاريخ يشهد والتجربة تحكي أنه يوم عُمرت قلوبُ السلفِ بالتقوى، جمعهم اللهُ بعد فرقة، وأعزهم بعد ذلة، وفُتحت لهم البلاد، ومُصرت لهم الأمصار .. كل ذلك تحقيقا لـموعودِ الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]
المسلم الرمضاني: يعي حجم التحدي الذي يواجه هذه الأمة من غزو فكري يعلي قيمة المادة على الروح، ويعطى فيها الأولويةُ للمحسوس على المعنوي، وللمباشر على غير المباشر، وللآني على الآجل، وللقوة على الرحمة، وللمتغير على الثابت .. إنها مفاهيم وقيم من ينظر تحت قدميه، ولا يدرك رسالة المرء الممتدة إلى حياة تكافلية وأبدية، وهو وضع خطير من شأنه أن يؤجج الغرائز ويهمش الفضائل ويحول المجتمع إلى غابة رعناء لا يرحم القوي فيها الضعيف، لذلك فرمضان للمسلم طاقة روحية تعبدية، ينعم فيه المؤمن بكل فضيلة ويحيد عن كل رذيلة، رضا الله في السر والعلن غايته، وطمأنينة نفسه أمنيته، والتراحم مع العالم رسالته. ففي رمضان يجد المسلم الغذاء الروحي الذي تحيى به نفسه الصافية «شهر القلوب الرقيقة»، فهو القائم والراكع والساجد والقانت والمتضرع، وهو الداعي بكل خير، المتصدق بكل ما قدرت عليه طاقته، الناصح بكل ما جادت به قريحته، رجل التراويح وليلة القدر وتلاوة القرآن والتضرع بين يدي الرحمن .. فرمضان مدرسته الإيمانية والتربوية والسلوكية، يغتنم أيامها ولياليها قبل أن تحل الزفرات، وتبدأ الآهات، وتشتد السكرات.
المسلم الرمضاني: جواد باقتدار، فرمضان بالنسبة له موسم المتصدقين وشهر الباذلين، وقدوته في ذلك أكرم الخلق وأجودهم صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة كما في الصحيحين. قال بعض السلف: الصلاة توصل صاحبها إلى نصف الطريق، والصيام يوصله إلى باب الملك، والصدقة تأخذ بيده فتدخله على الملك.
ولذلك حرص السلف رحمهم الله على زيادة البذل والإنفاق وخصوصاً تفطير الصائمين، وكان كثير منهم يواسون بإفطارهم وربما آثروا به على أنفسهم، فكان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منع أهله المساكين عنه لم يتعش تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً ولم يأكل شيئاً، وكان يتصدق بالسكر ويقول: "سمعت الله يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران:92]، والله يعلم أني أحب السكر"، وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه الإمام رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً.
إن هذه الأمة فريدة في إيمانها وعقيدتها وتعاليمها، ولقد أثرت عنها مواقف باهرة في التراحم وإغاثة المحتاج ونجدة الملهوف، حتى باتت قناعة راسخة على قمة هرم «فقه الأولويات» .. خرج عبد الله بن المبارك رحمه الله مرةً إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابُه أمامه، وتخلَّف هو وراءهم. فلما مرَّ بالمزبلة إذا جاريةٌ قد خَرَجَت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، ثم لَفَّتْهُ، ثم أسرعت به إلى الدار، فَتَبِعَها، وجاء إليها فسألها عن أمرِها، وأخذِها الميتة ؟!. فقالت: أنا وأخي هنا، ليس لنا شيءٌ إلا هذا الإزار، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلقى على هذه المزبلة، وقد حلَّت لنا المَيْتَةُ منذ أيام، وكان أبونا له مال، فظُلِم، وأُخِذَ مالُه وقُتِل!!. فأمر ابن المبارك بِرَدِّ أحمال القافلة، وقال لوكيله الذي معه المال: كم معك من النفقة؟. قال: ألف دينار. فقال ابن المبارك: عُدَّ منها عشرين ديناراً تكفينا للرجوع إلى مَرْو (بلدته)، وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا هذا العام، ثم رجع. د. خالد سعد النجار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
ما أحلى الدعاء في رمضان شهر رمضان شهر الدعاء والتضرع بامتياز لاسيما وأبواب الجنان مفتحة وأبواب النيران موصدة والشياطين مصفدة ومنح الرحمن تتنزل على الصائمين، والأجواء عامرة بالطائعين والخاشعين، والقرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار، وأيادي أهل الخير تعم المساكين والمحتاجين. قال الربيع: إنّ اللّه تعالى قضى على نفسه أنّ من آمن به هداهُ، ومن توكل عليه كفاهُ، ومن أقرضهُ جازاهُ، ومن وثق به نجّاه، ومن دعاهُ أجاب له، وتصديق ذلك في كتاب اللّه تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3] {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ } [التغابن:17] {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101] {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:186] وإذا سألك عبادي عني قال الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186] وهذه الآية في وسط آيات الصيام إشارة إلى أن الدعاء في هذا الشهر من أجل العبادات، وأن الصائمين المتضرعين أرجى للقبول والحظوة عند الرب الغفور. قال أبو حيان: ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما تضمن قوله: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185] طلب تكبيره وشكره، بيَّن أنه مطلع على ذكر من ذكره وشكر من شكره، يسمع نداءه ويجيب دعاءه أو رغبته، تنبيهاً على أن يكون ولابد مسبوقاً بالثناء الجميل. [البحر المحيط: 2/221] والمقصود أنه تعالى ذكر الدعاء هنا بعد ذكر الشكر للدلالة على أن الدعاء يجب أن يسبقه الثناء. وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي قال: كان يقال: (إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء). وقال البيضاوي: اعلم أنه تعالى، لما أمرهم بصوم الشهر، ومراعاة العدة على القيام بوظائف التكبير والشكر، عقَّبه بهذه الآية الدالّة على أنه خبير بأحوالهم، سميع لأقوالهم مجيب لدعائهم، مجازيهم على أعمالهم، تأكيداً وحثّاً عليه. [تفسير البيضاوي: 1/221] وقال ابن عاشور: نظم الآية مؤذنا بأن الله تعالى بعد أن أمرهم بما يجب له عليهم أكرمهم فقال: وإذا سألوا عن حقهم علي فإني قريب منهم أجيب دعوتهم، وجعل هذا الخير مرتبا على تقدير سؤالهم إشارة إلى أنهم يهجس هذا في نفوسهم بعد أن يسمعوا الأمر بالإكمال والتكبير والشكر أن يقولوا: هل لنا جزاء على ذلك؟ وأنهم قد يحجمون عن سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك أدبا مع الله تعالى فلذلك قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ ..}. ثم قال رحمه الله: وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان. والآية دلت على أن إجابة دعاء الداعي تفضل من الله على عبادة غير أن ذلك لا يقتضي التزام إجابة الدعوة من كل أحد وفي كل زمان، لأن الخبر لا يقتضي العموم، ولا يقال: إنه وقع في حيز الشرط فيفيد التلازم، لأن الشرط هنا ربط الجواب بالسؤال وليس ربطا للدعاء بالإجابة، لأنه لم يقل: إن دعوني أجبتهم. [التحرير والتنوير، ابن عاشور: 2/176] «إنها آية عجيبة .. آية تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة، والود المؤنس، والرضى المطمئن، والثقة واليقين .. ويعيش منها المؤمن في جناب رضيّ، وقربى ندية، وملاذ أمين وقرار مكين. وفي ظل هذا الأنس الحبيب، وهذا القرب الودود، وهذه الاستجابة الموحية .. يوجه الله عباده إلى الاستجابة له، والإيمان به، لعل هذا أن يقودهم إلى الرشد والهداية والصلاح. {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. [في ظلال القرآن: 1/146]
يوم بدر والدعاء كانت غزوة بدر في شهر رمضان يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة، حيث أعطي النبي -صلى الله عليه وسلم- النصر في الليلة السابقة منها وفي يومها قبل أن تبدأ المعركة، وذلك عندما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة يصلي طوال الليل، كما يروي علي رضي الله عنه قال: (ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم تحت شجرة يصلي ويبكي، ويتضرع إلى الله عز وجل). ومن شدة دعائه واستغاثته يشفق عليه صاحبه الصديق أبو بكر رضي الله تعالى عنه، ويلتزمه من خلفه، ويضع رداءه الذي سقط عنه من شدة رفع يديه في الدعا، يقول: (يا رسول الله! كفاك مناشدتك ربك، فإن ربك منجز لك ما وعدك). قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: لما كان يوم بدر نظر رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض» فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ ردائه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] فأمده الله بالملائكة. قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس، قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: (أقدم حيزوم) إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا قد حطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.
دعاء المتضرعين - التغني هو تحسين الصوت بالقراءة، وقد جاء الأمر به عند تلاوة القرآن في أحاديث عديدة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس مِنَّا من لم يتغن بالقرآن» [البخاري: 7525] وعلة ذلك أن التغني وتحسين الصوت والترنم في القراءة من أسباب الإقبال عليها والإنصات لها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ولا شك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطريب تأثيراً في رقة القلب وإجراء الدمع". [فتح الباري (9/72)] وأما التغني بالقراءة في غير تلاوة القرآن الكريم كدعاء القنوت ونحو ذلك، فرأى كثير من أهل العلم أنه لا بأس به؛ إذ مقصود التحسين حضور القلب وتأثره، ولكن ينبغي أن يكون ذلك التغني والتحسين بدون مبالغة مفرطة، أو جعله مما يشتبه بالقرآن، حتى يلتبس على السامع، هل هو قرآن أو غيره؟، كتعمد التجويد من إدغام وإخفاء ومدود حتى يظن الظان أن الداعي يتلوا آيات من الكتاب العزيز، وما هو من الكتاب .
- يتأكد على الإمام عدم المبالغة في رفع صوته في الدعاء، حتى يصل –أحياناً- إلى حد الصياح والصراخ المذهب للخشوع والمجلب للرياء، وربما رافقه بكاء ونحيب لتهيج مشاعر الناس. قال تعالى: {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]، فسمَّى الله سبحانه وتعالى رفع الصوت في الدعاء إعتداء، وفي الحديث: «اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمّاً ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً بصيراً» [رواه البخاري ومسلم] وقد كان -صلى الله عليه وسلم - يكتم بكاءه في صدره حتى يصبح له أزيز كأزيز المرجل [أي كغلي القدر]، قال ابن القيم: "وأما بكاؤه -صلى الله عليه وسلم- فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت"، ولم يشعر ابن مسعود -رضي الله عنه- ببكائه -صلى الله عليه وسلم- لما قرأ عليه بعضا من سورة النساء، إلا بعد أن نظر إليه فوجد عينيه تذرفان، والقصة في صحيح البخاري، فمدافعة البكاء إتباعٌ للسنة ومدعاة للإخلاص.
- من التكلف في الدعاء: الإطالة المفرطة والمبالغة في السجع، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: "فانظر السجع من الدعاء، فاجتنبه فإني عهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب". أيضا ورد النهي عن التفصيل المخل، روى أبو داود من حديث أبي نعامة عن ابن لسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنه قال: (سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا. فقال: يا بني، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء» فإياك أن تكون منهم، إنك إن اعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر) [حسنه الحافظ ابن حجر] وعن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: "اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: يا بني، سل الله الجنة وعذ به من النار، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يكون قوم يعتدون في الدعاء», فسمى التفصيل في الدعاء اعتداءً. وبالجملة فقد قال التوربشتي: الاعتداء في الدعاء يكون في وجوه كثيرة، والأصل فيه أن يتجاوز عن مواقف الافتقار إلى بساط الانبساط أو يميل إلى حد شقي الإفراط والتفريط في خاصة نفسه وفي غيره إذا دعا له وعليه. د / خالد سعد النجار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
"لقد أظلكم شهر رمضان".. هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فرمضان فرصة الزمان.. لما جعل الله فيه من الخيرات والبركات، وفتح فيه من أبواب الطاعات وأسباب الحسنات ورفعة الدرجات، وبما يسر فيه من السعي للعبادة والطاعة.. وسلسل فيه الشياطين ومردة الجان، وفتح أبواب الجنان وأغلق أبواب النيران.
إن رمضان هو أعظم نفحات الله لعباده، وأعظم أيام الخير، وأعظم مواسم الطاعة.. ولكثرة خيره وبره وفضله ونفعه كان الصحابة "يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم" كما قال معلى بن الفضل رحمه الله. فلا ينبغي للمسلم ـ مهما حل به ـ أن يغفل عنه أو أن يفرط في الإعداد والاستعداد له، والأخذ بأكبر أسباب الانتفاع فيه.
وصايا مهمة وهذه وصايا أسوقها لمن أراد أن ينتفع برمضان، اخترت أهمها لا كلها، لعل الله أن يجعلها من أسباب الفوز في هذا الشهر الفضيل:
- من أراد أن ينتفع برمضان كله، وينال أجره كله فليعقد العزم من الآن على أن يعمره كله بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وأن يصدق في نيته وعزمه على بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا رب الأرض والسموات.
وهذا العزم ضروري؛ فإن العبد لا يدري متى توافيه منيته ولا متى يأتيه أجله؟ فإذا انخرم عمره وسبق إليه من الله أمره، وعادت الروح إلى باريها، قامت نيته مقام عمله، فيجازيه الله على حسن نيته وعلى هذا العزم فينال الأجر، وإن لم يعمل.. فعن ابن عباس رضي الله عنهما: [إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة](متفق عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: [إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى](متفق عليه).
.. الذنوب سجن يسجن فيه القلب فيقعد معه البدن، ويصعب على الجوارح العمل.. قال ناس للحسن: "لا نستطيع قيام الليل؟ قال قيدتكم خطاياكم". وقال الفضيل بن عياض: "إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك". وقال بعض السلف: "حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته".. فشؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان، وقيد الذنوب يمنع المشي إلى طاعة الرحمن، وثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات قال تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
فمن أراد الهمة في الطاعة والمسارعة إليها، والخفة في أدائها، وإقبال القلب عليها في سعادة فلابد له من التوبة النصوح المستلزمة لشروطها، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، والمصاحبة للافتقار وإظهار الفاقة والحاجة إلى العزيز الغفار، ولابد من إظهار الرغبة بحسن الدعاء ودوام الاستغفار وكثرة الإلحاح والتضرع إلى الله بالقبول، وأن يجعلك ممن تقبل توبتهم قبل رمضان، وأن يكتبك في آخره في ديوان العتقاء من النار.
- الوقت هو رأس مالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به سعادة الدنيا والآخرة، وكل جزء يفوت من هذا الوقت خاليًا من العمل الصالح يفوت عليك من السعادة بقدره؛ فينبغي أن تعرف شرف زمانك وقيمة وقتك، فلا تضيع منه لحظة في غير قربة. ورمضان من أنفس لحظات العمر، وقد وصفه الله بأنه {أيامًا معدودات} وهي إشارة إلى أنها قليلة، وأنها سرعان ما تنتهي، بطاعاتها ومعاصيها.. فعندئذ كم من طاعة ذهبت مشقتها وبقي الأجر، وكم من معصية ذهبت لذتها وبقي الوزر. وساعة الذكر فاعلم ثروة وغنى .. ... .. وساعة اللهو إفلاس وفاقات
- إياك والعادات السيئة التي تقسي القلب، وتثقل البدن، وتضيع الأوقات: ككثرة المنام، وكثرة الطعام، وكثرة الكلام، وكثرة الاختلاط بالأنام في غير ما ينفع، وإنما كل ذلك ينبغي أن يكون محسوبا محسوما لخدمة خطتك الكبرى في رمضان. (فهل لك من خطة؟).
- التخطيط سر النجاح، وكل أمر بلا تخطيط فهو تخبيط وتخليط، ورمضان أعظم من أن نتركه بلا أهداف وبلا خطة لتحقيق هذه الأهداف، أو نتركه للظروف تمشي بالعبد كيفما اتفق.
فمن أراد الانتفاع برمضان: فيلزم أن يكون لديه خطة واضحة الأهداف ظاهرة المعالم لما يريد أن يحققه في رمضان.. فلا يكفي أبدا أن تنوي أن تصلي كثيرا، أو أن تتصدق، أو أن تفعل الخير. وإنما لابد أن يكون لديك خطة بعدد الختمات، وكم ستقرأ في كل يوم وليلة وفي أي الأوقات.. كذلك عدد الركعات التي ستصليها ومتى.. وما هو مقدار الصدقات، ولمن ستكون مصارف الزكوات، وما هي الخبيئات التي بينك وبين الله.. وينبغي أن يكون لديك تصور لأنواع القربات وأوقاتها، كصلة الأرحام وترتيبها، وكم ستقضي من الوقت فيها، ولا تترك شيئا للظروف تحكم فيه إلا مالا يملك الإنسان من ظروف خارجة عن إرادته ثم يطوع الأمور لتسير مع خطته. إن العامل في رمضان بلا إعداد كالعابث بين المجدين، وكالهازل بين الجادين، والمرتبكون في الغالب لا يسبقون، وإن وصلوا وصلوا متأخرين.. فكيف إذا كان ميدان السباق رمضان؟!
- من أراد أن ينتفع برمضان فعليه الاهتمام بمراتب الأعمال، فإن بعض الأعمال قليل يسير ولكنه في فضله عظيم فضيل يفضل غيره مما هو أكثر نصبا وتعبا.. فعلى العبد أن يكون فطنا بهذا الباب؛ فإنه تقطع به مفاوز، ويسبق بسببه أقوام ويتخلف آخرون.
- رمضان شهر جد وعمل لا شهر نوم وكسل، رمضان سوق تجارة ومضمار سباق، يتسابق المؤمنون فيه للوصول إلى الله، فكن أسرع المتسابقين، وأول الواصلين؛ فقد أمرك الله بالمسارعة والمسابقة فقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}(آل عمران:133) وقال جل في علاه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ}(الحديد:21) وفي الحديث: [سبق المفردون.. سبق المفردون.. قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال: الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات].
فاجهد أيها الحبيب أن تكون من أهل الصيام الحق والقيام الصدق؛ لتنال الجائزة وهي أن بغفر لك ما تقدم من ذنبك .. أسأل الله الكريم أن يبلغنا بمنه رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة، وأن يجعلنا في رمضان هذا من عتقائه من النار .. آمين.
إسلام ويب...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أهلا بشهر رمضان.... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
فضائل للصدقة
* الصدقة تجعل الملائكة تدعو بالخلف على المتصدق فتقول "اللهم اعط منفقا خلفا"
* الصدقة تنتصر على الشياطين ,قال صلى الله عليه وسلم "لايخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك على لحييها سبعين شيطانا"
* الصدقة تعالج المرضى ,قال صلى الله عليه وسلم "داووا مرضاكم بالصدقة "
* الصدقة تطفئ غضب ربك ,قال صلى الله عليه وسلم "ان الصدقة لتطفئ غضب الرب"
* الصدقة تمحو خطاياك ,قال صلى الله عليه وسلم "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"
* الصدقة تمحي عرضك وشرفك ,قال صلى الله عليه وسلم "ذبوا عن اعراضكم بأموالكم"
* الصدقة تحسن ختامك ,قال صلى الله عليه وسلم "صنائع المعروف تقي مصارع السوء", قال صلى الله عليه وسلم "ان الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء"
* الصدقة ظلك من اللهب ,قال صلى الله عليه وسلم "كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس"
* الصدقة تفك رهانك يوم القيامة ,قال صلى الله عليه وسلم "من فك رهان ميت (عليه الدين) فك الله رهانه يوم القيامة"
* الصدقة سترك من النار ,قال صلى الله عليه وسلم "يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة ,فأنها تسد من الجائع مسدها من الشعبان".
| |
|
|
|
|
|
|
|