إنسان سنجة ، تماضر الطاهر ، عاش إنسان سنجة (Singa Skull) في العصر الحجري المسمى بالعصر « البلستوسيني »، قبل أكثر من 160000 سنة في منطقة سنجة وسط السودان، وتزامن في تلك الفترة مع إنسان النياندرتال وإنسان بكين.
تفاجأ -والحمد لله- حاكم مقاطعة شمال الفونج بمدينة سنجة المستر (بوند) بوجود مقبرة قديمة قرب منزله علي شاطئ النيل الأزرق. وعند فحصها، تبين أنها بقايا إنسان متحجرة، وتم نقلها بعناية إلى لندن. دلت الدراسة التي اجريت على الهيكل- في ذلك الزمن- الذي عرف فيما بعد بهيكل إنسان سنجة الأول، على أنه الإنسان الأقدم في افريقيا، وقد اتسم بقوة البنية، واحتوت تفاصيل هيكله على مكون عظيم حفظه من البلى بفعل عوامل الطبيعة الضارية. فعلى شاطيء النيل الأزرق،تمثل صمود هيكل إنسان سنجة في كل ما تولد عنه من ابداع وإرث وحضارة باقية ما بقي هذا الكوكب. وعلى شاطيء النيل الأزرق أيضاً، يصر الأستاذ السر قدور على أن يقدم لنا رمضان مليء بالحفريات كل عام، صحيح أن بعضها يأتي بالكنوز ، لكن الغالبية العظمى لا تعرف أصول التنقيب، فتخرج القطع مكسورة أو مترومة ومشققة، سيكلفنا ترميمها الكثير من الجهد والصبر والأعصاب، وقد استهلكوا بطبيعة الحال، وتم توزيعهم عشوائياً بين أزمات الكون والوطن والفترة الانتقالية والمجتمع والأسرة. في تلك اللحظة وعندما قررت لجنة إزالة التمكين أخذ الجمجمة الموجودة على رأس قناة النيل الأزرق لإراحتها قليلاً والبحث في خباياها (عاللي جرى)، قرر الأستاذ السر قدور أن يلملم ابراسين والكوريغ وجميع معينات التنقيب، والموظفين وعمال اليومية والدرداقات والقفف، والعصايات والعمم، ثم يرحل مغاضباً ويترككم لرمضان الحلومر والعصيدة والقراصة، ويحتجب كرغيف قرر أن يجافي صواني السودان بقوة الصف، يا حسن فيها ولا نكسر كبابيها. احتجب أو عاد من جديد، فهو مجرد عنصر كثر طرقه وفقد البريق. رمضان استثنائي يمر علينا هذا العام بكل ما يمكن تخيله من معانً. غاب فيه الشهيد عن مكانه، ولم تناديه أمه ليشيل الصينية كما شال الشيلة التقيلة..وقد أذن الأذان. وغابت فيه اللمة السمحة العفوية للغاشي والماشي بسبب ڤيروس كورونا. وغاب فيه صخب الشوارع ولعب الأطفال الفاطرين في الميادين، والأمان الذي يأتينا منقولاً من تراويح المسجد النبوي والمسجد الحرام و مُعاشاً من جامع الحي. لم تفلح العصور المطيرة وانجرافات التربة وتقلبات المناخ، والتشقق والتصدع والتحلل جميعها في تغييب إنسان سنجة الصامد، ومحوه عن الوجود. فبقي محتفظاً بكل سماته، وبفضل الأيدي التي حملته بلطف ،يوجد هيكل إنسان سنجة معززاً مكرماً -حالياً- في المتحف البريطاني. لعل ردة الفعل الغاضبة من الأستاذ السر قدور أتت قدرياً لمصلحة إنسان سنجة، لتحفظ ما تبقى من إرث أبناءه وفنونهم، جراء التنقيب القاسي الذي يكسر ويترم كل جميل صامد متماسك يصادفه. فرفقاً.
04-07-2020, 08:55 AM
ABUHUSSEIN ABUHUSSEIN
تاريخ التسجيل: 08-14-2002
مجموع المشاركات: 39382
دي اسمها كتابة أرابيسك فيها تعشيق ثلاثي الأبعاد .. فزلكة تاريخية لحضارة إنسان سنجة .. إنلاقا لي زمن مستر بوند .. استشرافاً للحاضر وملمة السر قدور والجنرال ..
مشكورة يا أستاذة ... على الكتابة الأرابيسكية وروعة التهويم بنا بين هام السحاب ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة