خليل فرح - إزدواجية الوطنية والوحدوية

09:05 AM March, 15 2020

سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر

بعيدا عن نبوغ الخليل الشعري والفني وعبقريته اللافتة في هذين المجالين
نظما للشعر بكل ضروبه وأنواعه وأشكاله، مع ما إبتدعه من تجديد فيه
وتلحينا لنصوص من شعره الفخيم، مع إدخال الآلة والإيقاعات المستحدثة

بعيدا عن كل هذا وذاك
تبرز وتظهر وتتجلى إزدواجية غريبة ومحيرة في آن معا

والأغرب أن كلا شقي هذه الإزدواجية، يظهران ويبينان قوة وتعبيرا وإنفاذا عمليا ومعنويا كل في حيزه ومجاله وحقله

فخليل السياسي، كان ومنذ قبل مرحلة إنتظامه فعليا في العمل السياسي، منذ أن كان طالبا في كلية غوردون، وربما قبلها، كان مهتما بالشأن السياسي بكل نواحيه
وبعدها إنضم لجمعية الاتحاد السوداني التي تكونت عام 1921م، والتي كان هدفها وغرضها الوحيد، هو وحدة وادي النيل، وحدة السودان ومصر، هكذا

ثم جمعية اللواء الأبيض، وما نتج عنها مما يعرف في التاريخ السوداني الحديث ب "ثورة " 1924 بتفاصيلها المعروفة، والتي كانت محض مؤامرة مصرية بامتياز، على النمط الخديوي المعروف

كان خليل فرح من أشد أعضاء هذه الجمعيات تشددا ومناداة بالوحدة مع مصر، مستصحبا العداء السافر والمعلن والمتشدد للنصف الآخر من الإستعمار الثنائي، وهو الإنجليز

فهل كان خليل فرح ومن معه في تلك الجمعيات، لا يرون في المصريين مستعمرين ؟

ومن أي المنطلقات جاءت فكرة ورغبة الوحدة مع مصر ؟

العداء للإنجليز قد يكون مبررا ومعروفا ومسببا، ولكن، ليس "عدم معاداة" بل حب المستعمر المصري هو ما يخلق الإستغراب والدهشة من أعضاء ومناصري تلك الجمعيات من أمثال
توفيق البكري وبشير عبد الرحمن و عبيد حاج الأمين وبابكر قباني و الشاعر توفيق صالح جبريل، وغيرهم من نخب تلكم الأيام.

عندما تقرأ أو تستمع لقصيدة وأغنية "عزة"
تحس وكأنك تجلس في حضرة أشد وأكثر السودانيين وطنية وعشقا وولها وحبا في وطنه وأهله وأرضه

ومعها كذلك قصائد وأغنيات مثل "في الضواحي وطرف المدائن" و "أذكر بقعة أم درمان" وغيرها

ثم عندما تقرأ وتسمع "نحن الشرف الباذخ"
يتحول الإحساس، وبنفس القوة التعبيرية والصدق الملموس والمحسوس، بأنك أمام إنسان يذوب هوي ومحبة وعشقا لا يجارى، في مصر والمصريين (وهم ذات الغزاة المستعمرين أنفسهم)
سواء كانوا تحت العلم العلوي الخديوي، أو بصفاتهم الشخصية الفردية الشخصية كمصريين (ويقرأ كل هذا تحت مسمي وحدة وادي النيل)

فما هو سبب أو تفسير هذه الإزدواجية الغريبة المحيرة عند خليل فرح ؟

هل هو وطني غيور أم وحدوي مخدوع ؟

لا يخفى إرتباط أهل السودان الشمالي بمصر في كل مناحي ونواحي الحياة

إرتباط ربما يكون ضاربا في قدم تاريخه

وهو بالتأكيد أمر بديهي ونتيجة منطقية بحكم الجغرافيا والتاريخ
وكذلك هو أمر طبيعي وموجود ربما في بقاع الأرض، وأعنى في مناطق تماس وتلاقي مجموعات إثنية متشابهة أو مختلفة
في و حول منطقة جغرافية معينة، مما ينتج وينشأ عنه تلاقح وتداخل وتواصل مباشر وغير مباشر

ويكاد لا يخلو بيت أو فلنقل حي من قرية أو مدينة في مناطق السودان الشمالي، السكوت والمحس والدناقلة والبديرية ثم الشايقية وربما بنسب أقل في مناطق المناصير وما بعدهم

لا يخلو من فرد أو أفراد أو أسر كاملة تعيش في مصر بصفة دائمة ولمدد زمنية طويلة

فهل كان لهذا التأثير والتأثر بمصر والمصريين أثر في هوى وميول خليل فرح ؟

وكان مثله ومثل بقية أهل منطقته، نتاجا طبيعيا لذلك البعد الجيوتاريخي ؟

أم أنه كان نتيجة لمعتقد وإيمان شخصي بفكرة ومفهوم ما يسمى ب "وحدة وادي النيل" ؟

تحياتي أخي شاعرنا النحرير أباذر

مقال دسم
ولكن لي ملاحظة :فهل كان خليل فرح ومن معه في تلك الجمعيات، لا يرون في المصريين مستعمرين ؟

*****
هل تم إستعمار السودان من قبل المصريين ؟المصريون كانوا جنودا وموظفين في جيوش الأتراك العثمانيين أيام فؤاد وفاروق ثم أيام الأستعمار الأنجليزي
( وكلا الفترتين كان المستعمرين الأتراك والأنجليز يرون السودان الحديقة الخلفية لمصر )

ثانيا :
خليل فرح كمعظم النوبيين يرى في أهله النوبة المصريين الذين يقطنون أخصب أراضي مصر في مساحة شاسعة وما تضمه من آثارات نوبية ، يرون أن هذي البقاع هي امتداد سواني بما تضمه من قبائل الكنوز والفاديجا

دمتم

أبا ذر ! سلامات
جيل خليل فرح وسليمان كشه وصحبهم سمّاهم مكي إبراهيم جيل أحفاد ألهزيمه في كتابه ألموسوم ~الفكر السوداني أصوله وتطوره~ هذا إذا لم تخني الذاكره~ فهم جيل شهد نكبة أبائهم في كسرة كرري وإستباحة مدينة أمدرمان رمز الثورة السودانيه وبذلك تعلقوا بالحلقة الضعيفه في عملية هذه الكسره وهم بالطبع الجنود والموظفين المصريين لكونهم مسلمون وينتجون الثقافة العربيه في أشعارهم ومساهماتهم الأدبية فإنحازوا إليهم وجدانياً بظن أنهم سيقفون معهم في معركة النهر تحقيقاً لشعار وحدة وادي النيل وعندما تخلي عنهم الجانب المصري في تلك المعركه دخلوا في غربةٍ وجدانيةٍ أخري إستمرت لأكثر من عشرة أعوام بعثتهم مساهمات عرفات محمد عبدالله وشباب مجلتي الفجر والنهضه وأعتقد بأن نشيد عزه في هواك لخص هذه الغربة بأمتياز !

تحياتي يا عبد الله وكل الود والتقدير
لم يتخل المصريون عن السودانيين، لأنهم أصلا وفي الأساس لم يكونوا معهم في أي وقت وفي أي مقام
خليل فرح ومن معه، لم يجدوا ما ومن يتكئون عليه ويركنون إليه في شأن دفاعهم عن وطنيتهم المتقدة آنذاك وكان الأحرى والأجدر بهم التمسك بسودانيتهم ولا شئ غيرها وهذا ما اكتشفوه وعرفوه لاحقا كما قلت أنت

تحياتي يا جلال وكل التقدير
فعلا كان المصريون تابعين وملحقين بجيوش محمد علي ومن بعده بالجيش الثنائي ولكنهم، بقصد أو بغير قصد، لم يظهروا أو يبينوا أي شعور أو أفعال أو أقوال أو مواقف، تدل على تضامنهم أو حتى مجرد تعاطفهم مع السودانيين ولو في أقل المستويات
ربما كان السبب الآخر الذي تفضلت بذكره، وهو جذرية وحقيقة وكينونة الإمتداد الطبيعي للمجموعات السكانية المشتركة بين جنوب مصر وشمال السودان، وهي حقيقة فعلية وأزلية ربما كان ذلك هو ما حدا وقاد ووجه خليل فرح ومن معه، لتبني ذلك الشعار

أشكر لك مشاركتك القيمة يا أبا جهينةمع كل الود