♧ كورونا من زاويةٍ إيمانيةٍ £

● عن أم المؤمنين عائشة قالت : سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ عن
الطاعونِ ، فأخبَرَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ : “أنَّه كان عَذابًا يَبعَثُه اللهُ
على مَن يَشاءُ ، فجعَلَه رَحمةً للمُؤمِنينَ ، فليس مِن رَجُلٍ يَقَعَ الطاعونُ فيَمكُثُ في
بَيتِه صابِرًا مُحتَسِبًا يَعلَمُ أنَّه لا يُصيبُه إلَّا ما كَتَبَ اللهُ له إلَّا كان له مِثلُ أجْرِ الشَّهيدِ”.

● قال ابن حجر رحمه الله : اقتضى منطوقه أن من اتصف بما جاء فيه يكتب له
أجر شهيدٍ و إن لم يمت بالطاعون .
● و ألفيتُ هذا الحديث مناسبًا في ظرفنا الحالي و واقعنا العالمي ؛ نظراً لاستفحال
فيروس كورونا الذي صار من الأوبئة الفتّاكة، كالطاعون أو أشد، و قد ألزم الناس القعود
في بيوتهم ، و أفرغ المؤسسات من موظفيها ، و عطل دواليب الاقتصاد و التجارة و
التعليم عن قرب ، و أغلق دور العبادة، و بات ينتشر في الناس انتشار النار بالهشيم .

● و هذه نظرة مقاصدية فاحصة لأبعاد الحديث وفق الآتي:
– الحديث ظاهره قاصر على وباء الطاعون؛ لأنه يتجلى في الأورام و البثور
بالجسم عامةً و تحت الإبط خاصة، مع الزيادة في خفقان القلب و ارتفاع درجة
الحرارة ؛ و الخطوىة و علّته، كونه داءً عضالاً وسُمًّا زعافاً، ووباءً معدياً ، على غرار
الكوليرا و الجذام. إن الطاعون المذكور يحصد الأرواح بالجملة زرافاتٍ و وحداناً ؛ و
هذا ينطوي على جائحة الكورونا و عَدْواه الخبيثة التي تفتك إذا ألنت بالضحية في مقتلٍ كجهازه التنفسي فتخرب رئتيه ثم تيتشري في بقية أجهزته الحيوية حتى يرديه قتيلاً!

– هل الطاعون عذاب و عقوبة ؟ نص الحديث يجيب بشقين أحدهما كونه عذاباً
و عقوبة للكافرين ؛ و توجيهه أن هؤلاء الكافرين لا يصدرون عن عقيدة سليمةو متينة .
فالهلع يسري فيهم ، و إذا فتك بهم انتقلوا بكفرهم إلى عذاب أشد! و لا يسبعد أن تكون
آية للبشية جمعاء للمسلمين نصيب منها؛ لأن سنن الله لا تحابي أحداً ؛ يقةل سبحانه :
(إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) . و يذكرون رواية عن
الإمام أحمد أن بعضهم قال للزبير رضي الله عنه: يا أبا عبد الله! ضيعتم الخليفة حتى
قُتِل ، ثم جئتم تطلبون بدمه. قال الزبير: إنا قرأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه
و سلم و أبي بكر و عمر و عثمان: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}،
و لم نكن نحسب أنا أهلاٌ لنزولها فينا حتى وقعت فينا حيث وقعت و لم نتقِها.