♧ لُغَةُ الضَّفادِعِ و نَخْنَخَةُ البعاعيت £

فقهاءُ في علم اللغات(Linguistics)
يرون أن اللغة من حيث لغة كونها كائناً اجتماعياً يحمل
ذات السمات الشخصية لأولئك لناطفين بها من بني البشر ،
فهي لسان حال من يتحدثونها و ماعونٌ لثقافتهم .؛ تحيا بهم
و تسقم و تموت بموتهم . و قد يصيب لغة القوم ما يصيب الأمم
و المجتمعات و الحضارات الإنسانية من ازردهارٍ أو اضمحلالٍ أو
اندثار و هكذا.
● فالمفردة نجدها مثلاً تتهلل و تطرب حد الثمالة حين تفلح في أخذ
قارئها إلى معانٍ بديعةٍ تكون مخبوءةً وراء السطور ، تماماً مثل الكاتب
حينما يتمخض مخاضاً عسيراً ليلد عبارةً جذلةً تسوق معانيه إلى المتلقي
سوقاً ، ذلك المسكين الذي قد لا تقل محنته جراء صعوبة الاستنباط
و عسر الهضم، إذ ليس الكل عباقرةً أفذاذاً.
▪ فربما تكون المعاني أحياناً مصبوبةً صباً كجلاميد الصخور ، بحيث
تستعصي على التعاطي؛ أو قد يكون المعني نفسه فلسفياً معقداً ، أو
ضرباً من المطلق الفضفاض الذي يُرهِق العقلكما المرأة و السعادة و الحكمة
الحق و الأفق و العدم. لكن كل هذا يهون أمام سحر عبارةٍ بديعةٍ نافذةٍ لتأخذ
بتلابيب شغاف القلوب و تشع بنورها في حنايا الخاطر و تبث رونق همسها
في روع النفوس فتسبر سبراً في مغاصات المقاصد البعيدة.

● من هنا خرج أهل الغرب علينا غزاةً فاتحين ليس فقط بأساطييلً
يمخرون بها عبابات المحيطات ، و إنما كذلك بسحر بيانهم و برصين
ثقافاتهم و ليس أدل على ذلك من سياسة حملات المد الثاقافي و
الاستلاب الحضاري التي تبنتها فرنسا في مستعرماتها بغرب و شمال
أفريقيا و بلدان الكاريبي . و هي سياسة يمكن تلخيصها بشعار يقول:
"جوعْ كلبك يتبعْك"، و لها ذراعا اخطبوط إماالتذويب التام، ما يُعرف:
ب(L'assimilation) و إما الدمج ما يُعرف ب (L'integration).

● لذلك كان القلم في يد كاتبٍ جريءٍ مثل إميل زولا مثلاً ، أحدَّ
سناناً و أمضى سلاحاً من حد السيوف في أيادي قدامى المحاريبن
في جوقة الشرف (La Legion D'Honeur )و أصلبعوداً من
حنكة قائدٍ مناضلٍ و رمزٍ وطنيَّ بارزٍ كالجنرال (شارل ديغول) .

● ظهر ذلك جلياً عبر سلسلة من مقالاته الشهيرة "إنِّي أتهم
" (J'accuse)بجريدة الفجر (L'aube) تصدى لجدلية قضية /
الفريد دريفوز (L'Affaire Dréfus) التي أثارها زولا حول رقيب
مدفعية فرنسي الجنسية يهودي الديانة و قد جُرِّم بالخيانة العظمي
إثر تورطه المزعوم في سنة 1894بتسريب ملفاتٍ سريةٍ إلى ألمانيا .

● كانت القضية رمزاً للظلم باسم مصلحة الوطن و الذي فضحه
زولا بوجهه البشع. مما عرَّضه لعداواتٍ ضاريةٍ من خصومٍ ألِدَّاء.
و لما صدر بحقه حكمً قضائيٌّ بالسجن على مقالٍ نشره عام 1898،
فرّ إلى إنجلترا و مكث فيها بضعة أشهر ، مات بعدها مختنقاً.
****************************