♧ علمتنا صروف القدر و نوائب الدهر £

♧ الوظيفة تأبيدةٌ تسرق الأعمار بلا طائلٍ 🤕⁦⁦⁦
●》أتعس شيء في الدنيا هو أن تظل أخيراً مقبوضاً عليك،
على ذمة تحقيق أضغاث أحلامك ؛ يوماتي منذ الثامنة صباحاً و
حتى الرابعة ( عصرن ) و بعد زوال الشمس عن كبد السماء و قرب
حلول"مغرب و إخفاق الشعاع"؛ بينما تفوتك أشياءٌ جميلةٌ لن تراها
و أنت رهين محبسين: مقر عملك الضيق و نطاق عقلك المتكلس .

▪》حياتك كاملةً ستمر حصرياً في هذه الدوامة..لن تستطيع التغيب
إلا بإذن مسبقٍ ، ولن تأخذ عطلة راحةٍ إلا برخصةٍ تُمنحك لك أو تُمنع ؛
و إذا مرضتَ لن يصدقك أحدٌ حتى تُدلي لهم بشهادةٍ طبيةٍ ممهورةٍ
بختمٍ من تمرجي الشفخانة المتعاونة معهم؛ و أحيانا لن يصدقوا حتى
مرضك البادي للعيان من شحوب وجهك ، فيخضعونك لفحص مضاد.
و أنت تعيش الحرمان من غفوة تعسيلة الصباح مثل بقية خلق الله.

▪》لن تتمتع بشبابك و رجولتك تائهةٌ وسط ضغوطاتٍ تفرضها طبيعة
شغلك..و أنت تجري جري الوحوش عبر سكك وسائل النقل العامة لتكون
ملتزماً بتوقيت الموعد الذي ضربوه لحضورك ..ستعيش على أوتار عصبك
السابع..تستهلك أقراصاً مقويةً و أخرى منومةً ضد التوترات العصبية.لتظل
تتمنى عشماً ضئيلاً بزيادة في الأجور المقطوعة و ترقيات الرتبة المتحجرة
و السلم الوظيفي المتعسر..و تتابع الحوارات الاجتماعية و العك النقاببي ..
لن يُسمح لك بالانفكاك و المغادرة إلا بعد نفاذ حكم جائرٍ (مؤبدٍ ) و مدته
خمسٌ و عشرون سنةُ حسوماً خلف قضبان زنازين سجون الوظيفة.
●》في هده الدوامة أو عندما تبلغ حد سن (الورم ) سيحتفل زملاؤك
بالعمل بقرب أجلك و نهاية مطافك ، مكرهاً أخاك لا بطل..سوف يلقون
بكلمة وداعٍ عصماء خجولةً في حقك على يببل ذكر مخاسن موتاهم
..سوف يبكي البعض منهم بدموع تماسيحَ سخينةٍ ايس لأجلك بقدرما
هي على ما سوف يؤول إليه حالهم بما يشبه حالك كوقع الظلف فوق
الظلف و الحافر على الحافر سيمنحك رئيسك المباشر شهادةً تقديرية
و هدية فضفاضةً بلا قيمة هي عزاء لقاء حياتك التي ضاعت ختلِسةً،
بل انتُزعت منك عنوةً و اقتداراً..و سوف تعود بنهاية المطاف إلىدارك
مصاباً بهاء السكت الساكنة..تمامن مثلما تعود عرجاءُ إلى مراحها ؛ و
كما يرجع كلبٌ لاهثٌ فيقيئه؛ وكما يعاود صاحب سوابقَ و مرتاد
سجونٍ إلى أول مسرحٍ لاقترافه أولىجرائمه.

●》..وفي صباح أول يوم من تقاعدك سوف تنتبه أخيرن إل الكثير
المثير مما كنتغافلاً عنه: أن العيال قد رحلوا عن الدار وأن شريكة حياتك
قد هرمت و غرا شيب كبياض الثلج بطاح جلحات رأسها..فتتمعن فيها كما
لو كنت تراها لأول نظرةٍ..فتتساءل: في دهشةٍو رلاهةٍ : متى وقع كل هذا
حينها سينادي المنادي فيك : و ينفخ نافخ الصور في أذنيك : أن الوظيفة
تسرق الأعمار بلا فائدة .. سيعاتبك ضميرك أشد العتاب .. لِمَ لم تهجرها قبل
أن تهجرك و أنت في كامل طاقتك لكي تستمتع بعنفوان شبابك و براطع صباك
لتتذوق عسيلة جمال زوجتك و تنشئة أبناءك و بالحياة بأناقتها التي في بساطتها..
..سوف يأتؤك الجواب من قرارة نفسك في آخر إقرار ذاتيٍّ بهزيمتك النكراء : لم
تكن لديَّ الإمكانيات ولم يكن لدي خيار ثانٍ ... ستستسلم آخر استسلام..ستركن
إلى أفرشة التثاقل فالتثاؤب و التقاعسعن التهوض إلى دروب المدح و الكسب
للقمة العيش النظيفة. ستقع فريسة سهلة لشبح اليأس والاكتئاب و تطلق أشرعتك
رحلةً مضنيةً لجلب العلاجات لحفظ ماء وجه حياتك..إلى أن ترحل في صمتٍ تامٍّ
و دون أن يشعر أحد بموتك؛ و في حلقك غصةً من بواقي أشياء حتى. فمن عاش
حانيَ الهامة يمشي فلا غضاضة في موته دون مقاومة بينما تنشب مبارازةٍ معاينات
حامية الوطيس بين حفنةٍ من الشباب بعد رحيلك ، للظفر بنفس وظيفتك وسوف
يحلمون كما كان حلمك و أنت في أوج شبابك..فتتكرر المأساة بينما .. حياتك
وحياتهم الجميلة لن تتكرر . تمامن ، كشأن من يسعى بظلفه نحو حتفه!!