ومع اندلاع الحرب في العاصمة السودانية وما خلفته من دمار، استدعى السودانيين نبوءة منسوبة لـ”فرح ود تكتوك” تقول: “الخرطوم، تعمر لسوبا، وتتفكك طوبة طوبة”، وكان يعني بها أن عاصمة بلاده سوف تتوسع في العمران حتى تصل ضاحية سوبا المحاذية لولاية الجزيرة جنوبا، ومن ثم يصيبها الخراب. فقد اتسع عمران الخرطوم وصارت مترامية الأطراف في كل الاتجاهات، بينما أصبحت سوبا التي كانت مضرباً للمثل في بُعد المسافة، واحدة من أرقى أحياء العاصمة السودانية وتضم مرافق حيوية ومؤسسات صحية متقدمة، وكانت وجهة محببة الى الولايات المتحدة الأميركية التي جعلت منها مقراً جديداً لسفارتها لدى السودان. وتنقل مشاهد الدمار الذي لحق بالخرطوم بعد شهرين من الحرب الضارية إلى الأذهان نبوءة الشيخ فرح ود تكتوك التي يعود تأريخها الى ثلاثة عقود إلى الوراء، وسط مخاوف من أن يصيبها تفكك معماري كامل. من هو الشيخ فرح؟ فرح ود تكتوك هو فرح بن محمد بن عيسى بن قدور، ينتمي الى قبيلة البطاحين فرع العبادلة، وبحسب مؤرخين سودانيين فقد ولد وعاش في القرن السابع عشر الميلادي في ولاية سنار “السلطنة الزرقاء”، واشتهر بالحكمة والفراسة والأقوال الخالدة والنباهة والفطنة، وحل العقد “المشبوك”، كل هذه الصفات أهلته لنيل لقب “حكيم السودان”.
وتوفي وتوسد الثراء في قرية تحمل اسمه على ضفاف نهر النيل الأزرق شرقي مدينة سنار، وصار ضريحه وجهة محببة لكل زوار السلطنة الزرقاء للتعرف على تأريخ رجل تنتشر مقولاته في كل أنحاء السودان ومن ثم نيل البركات.
تحوم حول القبة الخضراء التي يتوسدها الشيخ فرح ود تكتوك كثير من الأساطير والأقاويل التي لم يتسن لأي مؤرخ سوداني التثبت من صحتها، ومع ذلك يتم الاستشهاد بها في كثير من المواقف والتطورات الحياتية على أساس أنها نبوءات صادقة لود تكتوك.
لم تكن أقواله محلاً للجدل في يوم، إذ كان أهل هذا البلد يتناولونها في موانساتهم اليومية كطرف والاستدلال بها في مسائل حياتية غير جدلية، لكن مقولة “الخرطوم تعمر لسوبا وتتفكك طوبة طوبة” كانت محلاً للنقاش والجدل بين السودانيين بعد أن شكك البعض في أن يكون فرح ود تكتوك هو من أطلقها وذهبوا لنسبها إلى آخرين.
يقول سليمان سعيد أحد مريدي الشيخ فرح ويسكن بالقرب من ضريحه إن “الشيخ فرح رجل صالح ويأتي الجميع في يوم الجمعة من كل أسبوع لزيارة مقبرته لنيل البركات، وتذكر جزء من مآثره والاستعانة بها في شؤون حياتهم اليومية”.
العنوان
الكاتب
Date
قبل ثلاثة قرون .. كيف تنبأ “حكيم السودان” بدمار الخرطوم؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة