الحراك والمواكب ما هي إلا مجرد الجانب المكنيكي من الثورة.. الثورة في جوهرها هي أحلام الجيل الجديد الناهض المتوثب للعلا بكل الأثمان.. ومعظمهم لم يبدأوا حياتهم العملية بعد أي عندهم 45 سنة قادمة كي يصلوا عمر المعاش (لك أن تتصور) بمتوسط عمر 20 سنة.. إذن بالحساب هم يحلمون ب 45 سنة عمل في بيئة صحية ومن بعدها بقية العمر المديد يهنأون في مزرعة في الريف السوداني المتمدن مكتمل الخدمات.. لما لا!.
يحلون بدولة تحترم أحلامهم.
ويحلمون بحرية التنظيم وحرية التجمع وحرية التظاهر وحرية الحركة وحرية الفكر وحرية الضمير وحرية الملبس والمأكل والمشرب وحرية أن يحلقوأ شعرهم صلعة أو يمشطوه راسطة.. لما لا!.
يحلمون بحرية العبادة وحرية العقيدة وحرية الموسيقى والرقص والغناء إن شاءوا.. لما لا!.
وهم على يقين بحقوقهم.
في المقابل هناك من يسعى إلى تحجيم وقتل أحلامهم التي يرون فيها حياتهم. لذا نراهم كل يوم في ضوء النهار لا يهابون الموت المادي في سبيل حياتهم "أحلامهم" التي بدونها لا حياة. هكذا نشهدهم في الواقع المعاش.
والآن يحكمهم عنوة أناس من القاعدة إلى القمة تفوق أعمارهم عمر المعاش (حقيقة بينة) وتلك ليست المشكلة ولا المصيبة الجلل، المشكلة أن هؤلاء "الجلاكين ومن شايعهم" لا يفهمون لغة أهل المصلحة لغة الجيل الجديد الصاعد الذي لن يرضى بغير حقوقه كاملة وطريق أحلامه لا يعترضه معترض.
ولا يرى أولاد وبنات ماليزيا أو فرنسا أو اليابان أو أمريكا أو أولاد وبنات كوكب زحل أفضل منه ولا أجمل منه. إنه الجيل الجديد (الراكب راس) والوعد الجديد (الواقع من السما) والسودان الجديد في العالم الجديد المفتوح على آفاقه في القرن الواحد وعشرين.
إن نظامنا السياسي برمته بعساكره الكلاسيك المكنكشين ومدنييه المتكلسين أمام معضلة كبيرة تجعلهم أجمعين بلا معنى ومجرد عدم أمام هذه الأحلام العظيمة المجللة بالتضحية والدماء.
كما أن المثقف السوداني النمطي بدوره أمام إمتحان عسير في أن يواكب أو لا يواكب هذه المواكب العظيمة وإلا ستفوته بلغة أهلها.
وعليه أن يدرك أن دوره ليس كالماضي والمعهود في لوك الذكريات البالية وتحليل الأخبار ونقل الأفكار الجاهزة المعلبة من الخلف أو السلف من الغرب أو الشرق.. إنما المشاركة في صناعة الحدث وصناعة الفكرة وصناعة الخطط الإستراتيجية التي تعبر عملياً عن الأحلام العظيمة.. أحلامنا كلنا في بلاد آمنة مسالمة متحضرة ودولة مواطنة يتمتع فيها الجميع بذات الحقوق ونفس الواجبات بغض النظر عن أي هوية أو خلفية أي كانت للمواطن الفرد.
من ينجح في هذا الإمتحان العسير يحيا وإلا سيموت حيا!.
محمد جمال الدين
العنوان
الكاتب
Date
مكنة الثورة متوسط عمر 20 سنة إذن 45 سنة عشان يصل المعاش والعمر فيه بقية!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة