معادلات مغلوطة في الواقع السوداني معتصم الحارث الضوّي
شهدت العهود السابقة حرصا بالغا على انتقاء العناصر المناسبة للمناصب الحكومية، وكانت التعيينات تجري في معظمها وفقا للكفاءة والخبرة والمؤهلات، وعبر منافسة شريفة في لجنة الاختيار للخدمة العامة. لكن تغيّرت الصورة بالكامل بعد حلول المتأنقذين أعداء الوطن والمواطن؛ فأضحت التعيينات للترضيات، والمحاصصات بين أجنحة الحزب الحاكم، وللتلميع بغرض الترقية إلى مناصب دستورية، ولتحسين الوضع المعيشي لفلان أو علانة!
للأسف الشديد تستمر المعادلات مغلوطة، وبما أننا نحارب لإزالة آثار النظام البائد، فلنتوقف قليلا لنسبر بعض أوجه الخلط الذي يقع كثيرا.
الصحفي الحاذق ≠ مسؤول العلاقات العامة يخلط الكثير من العامة والخاصة أيضا بين المهنتين، ولذا تجد صحفيا يُسند إليه الإشراف على العلاقات العامة، ولأن لديه فكرة أّوّلية عن العلاقات العامة بحُكم التقاطع بين المجالين، فإنه يتمكن من إنجاز بعض المهام الثانوية، ولكنه بالطبع يفتقد التخصص، وتكون المحصلة النهائية كارثية! هذه الممارسة المغلوطة أشبه بإسناد الطب البيطري إلى الأطباء المتخصصين في الطب البشري؛ فرغم التشابه النسبي فإن النتيجة الحتمية للتطبيب هي وفاة المريض.
الصحفي الحاذق ≠ المذيع الإذاعي أو التلفزيوني رغم أن معظم دارسي كليات الصحافة يتعلمون الجوانب النظرية، والعملية باقتضاب، للتقديم الإذاعي والتلفزيوني، إلا أن الإعلام المسموع/مرئي عالم مختلف؛ له قواعده وأسراره وخباياه، ويتطلب التدريب الشاق والممارسة العملية، ولذا لا يُعقل لأي جهة إعلامية تحرص على سمعتها، وتحترم جمهورها، أن تُلقي الصحفي في ذلك البحر العميق دون تدريب مناسب على السباحة، فمصيره الغرق لا محالة.
الصحفي الحاذق ≠ رئيس التحرير إن إجادة الصحفي لأدوات مهنته وحذقه لأساليبها لا يعني بالضرورة نجاحه في رئاسة التحرير، فالمهام مختلفة والمسؤولية تتشعب كثيرا؛ الإدارة والإشراف والتنسيق والتواصل ووضع الخط التحريري وتحديد الأجندة السياسية.. إلخ. الأمثلة صارخة ومتعددة يا للأسف!
الإعلامي ≠ رئاسة التلفزيون لكم يشعر المرء بالحزن عندما يرى إعلاميا ناجحا يخبو عندما يتسلم قيادة مؤسسة تلفزيونية بسبب عجزه في مجالات الإدارة والتخطيط الاستراتيجي. هذا الخلط كارثة أخرى باعتبار التلفزيون من أهم وسائل صناعة الرأي العام.
التكنوقراط ≠ المناصب الإدارية فجأة تكتشف أن التكنوقراط الفلاني قد تسنّم منصبا وزاريا، ولا تشفع له حينها المعرفة الأكاديمية والخبرة العملية، فما يفتقده هو الخبرة في الممارسة الفعلية للإدارة العامة، والإتقان للمناورة السياسية، والتعامل البارع مع وسائل الإعلام.. إلخ. موظف يحمل تأهيلا أكاديميا مناسبا وتدرّج عبر المناصب هو الأقرب بلا شك إلى تحقيق النجاح.
الناشط ≠ المنصب الرفيع في سودان اليوم "تهبط" شخصيات على المناصب الرفيعة في الحكومة دون زاد سوى سيرة لنضال حقيقي أو مزعوم. هذه الممارسة تصح تسميتها "تمكين-2"، والنتيجة نراها رأي العين.
كاتب عمود الرأي ≠ الصحفي يظن البعض أن كتابة عمود صحفي تفويض تلقائي للادعاء بممارسة الصحافة، ولا ينتبهون إلى الفرق بين تدبيج فكرة في وقت الفراغ، والعمل التخصصي استنادا إلى التأهيل والخبرة.
المفكر≠ المثقف ≠ المتعلم هذه الأخيرة تثير غضبي العارم لدرجة أنني سأتركها دون شرح!!
العنوان
الكاتب
Date
معادلات مغلوطة في الواقع السوداني- إعادة نشر لعل البعض يستحي!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة