أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خارج الحدود!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 04:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-30-2023, 00:46 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خارج الحدود!

    أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خارج الحدود!

    مواصلة في سرد إنطباعاتي حول زيارتي الأولى للمغرب.. هذه المرة عن فن الملحون المغربي. .. هذه المرة بهذا الطموح.. ف( الملحون ديوان المغاربة وسجل حضارتهم، وهو ذو قيمة مزدوجة، فنية وجمالية، ثم ثقافية وحضارية) د. عبد الوهاب الفيلالي.

    إذاً هذه المهمة قد تكون شديدة الصعوبة والحساسية.. أعلم.. ولكنها مجرد وجهة نظر من خارج الحدود، ليس إلا.

    وقبل أن نذهب إلى أسرار الفتنة بالملحون، لنحاول أولاً أن نتعرف على معنى الملحون في العبارة و المصطلح؟!

    شعر غنائي عامي في معظمه (حضرياً كان أم بدوياً) عرفته المغرب وما جاورها منذ عديد القرون. نقطة سطر جديد!.

    ولكن هذه الإجابة تكون غاية في الإختزالية إذا تركناها هكذا ومضينا إلى شأننا في سبر أغوار الأسرار وفق وجهة النظر هذي. فالأشعار الغنائية كثيرة في كل مكان وزمان وفي المغرب ذاته.. ولا تأخذ إسم ملحون!.


    من حيث اللغة هناك تفسيران أساسيان “حد علمي” أضع هنا إشارات لهما بإختصار:

    1- الملحون من اللحن واللكن في اللغة أي في الضد من التعريب (موجز للرأي التاريخي قبل رأي محمد الفاسي “وجهة نظر”).. وهذا الرأي عنده حجج تاريخية عديدة جاءت بطريقة مباشرة وغير مباشرة مغربية ومشرقية.. من ضمنها رأي صفي الدين الحلي (1277-1336م) وإبن حُجة الحموي (1366-1426 م) وأيضاً إبن خلدون (ت: 1406 م)..سأشرح ذلك تفصيلياً في مستقبل هذا السرد كلما أمكن.

    2- الملحون من اللحن بمعناه في الغناء (لا إحالة إلى اللغة) لأن الملحون نظم شعري خصص للألحان والإنشاد والغناء (مؤجز لرأي الوزير محمد الفاسي 1900- 1991م) .
    وهذا الرأي لم أجد له "حتى الآن" حججاً مماثلة للرأي الأول القائل باللحن بمعنى اللا إعراب ولا تعريب.

    في الإصطلاح:

    الملحون من حيث النظم مجملاً أو قل في البدء خلفيته في الزجل الأندلسي وخلفية الزجل الأندلسي في الموشح الأندلسي (الرأي العام السائد أضعه بهذا الإختصار) وأرى ذلك أيضا. أي أن: الملحون إبن الزجل إبن الموشح.

    وحتماً الإبن يحمل جينات أبويه البايولوجيين وشئ من جديه ولكن مرة ثانية حتماً هو ليس صورة طبق الأصل من أي منهما.. لا في الشكل ولا الطباع.. وأصبح للملحون بدوره أبناء وأحفاد وعشائر وقبائل.

    من هذه المحاولة الصغيرة للوقوف على معنى كلمة (ملحون) قد نلاحظ أن الإجابة على السؤال الذي يبدو بسيطاً هو ليس كذلك في الحقيقة أو قل الواقع.
    المغرب قرون من الملحون:
    (ووفق المصادر التاريخية فقد أطلق المغاربة اسم الملحون على نوع من أنواع الزجل المنظوم باللهجة المغربية العامية.

    ويقول المؤرخ والوزير الراحل محمد الفاسي عن هذه التسمية "إنهم اشتقوا هذا اللفظ من التلحين، بمعنى أن الأصل في هذا الشعر الملحون أن ينظم ليتغنى به قبل كل شيء".

    ويرجع الدارسون -وفق كتاب "معلمة المغرب"- ظهور البواكير الأولى من الشعر الملحون بالمغرب إلى العهد الموحدي في القرن الـ12، وذلك من خلال بعض ما نظمه شعراء مغاربة كابن غرلة والسلطان عبد المؤمن الموحدي وأخته رميلة وابن خبازة وابن حسون وآخرين في العهد المريني.
    وفي عصر الدولة السعدية في القرن الـ16،

    شهد الملحون تطورا على مستوى الأوزان والبحور والأغراض، ليبلغ نهضته في العصر العلوي، وخاصة في عهد السلطان محمد الثالث.

    ويقول عبد الله البكراوي عضو جمعية "إدريس بن المامون" للبحث والإبداع في فن الملحون، إن فن الملحون جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية، وتاريخه حافل بأسماء شعراء وعازفين ومنشدين تركوا بصمتهم فيه وخلفوا إرثا فنيا غنيا للأجيال اللاحقة). مقطع من الأستاذة سناء القويطي، بلا تصرف.
    عبر هذا الإستهلال البسيط المبسط قد نلمس أن هذه الشئ الذي إسمه "الملحون" شئ عظيم الخبر وشديد الأثر عند المغاربة.

    وأيضاً أحد المؤرخين المغاربة الكبار يؤكد لنا ذلك ضمن عدد لا يمكن حصره من أمثاله في المغرب :

    (ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى) المؤرخ محمد المنوني1915 - 1999 م. وبقليل من التأمل قد نرى في هذا الرأي مرافعة جليلة أمام التهجمات التاريخية التي تنطلق من وقت إلى آخر عبر التاريخ تحط من قدر الزجل وإبنه الملحون بإعتبارهما فن عامي وفن العوام في نظر بعض "المدرسيين" عبر التاريخ بالذات في المراحل الأولى من زمان النشأة إذ كانت السلطات الرسمية في تلك البدايات أيضاً تتهيب منه كون للزجل كما الملحون وظائف إجتماعية وسياسية وشعوبية.

    إذ كانت شفرات المجتمع تنتقل في المجمل عبر الغنائين والزجالين واللحانين والحكائين الشعبيين. وكان الواحد منهم قد يعادل في الميزان قناة فضائية كاملة في فهم هذا الزمان.. حتى جاء زمان آخر.

    ولعل العلامة الجليل محمد الفاسي حينما قال:

    (إنهم اشتقوا هذا اللفظ من التلحين، بمعنى أن الأصل في هذا الشعر الملحون أن ينظم ليتغنى به قبل كل شيء).. وهو إبن المغرب الجليل وإبن الملحون رأى بلاغة الملحون ووزنه الثقيل في ميزان التاريخ. فأراد أن يبعد عنه وصمة الوصف باللحن بمعنى العجمة أو اللكن.. فهي مرافعة جديدة بدورها تندرج في ذات معنى محمد المنوني ولو بطريقة غير مباشرة. كما رأي الفاسي قد أصبح بمثابة التفسير الثاني لمعنى "ملحون".

    لكن ملحون بمعنى غير معرب.. ليست كلمة ولا وصفة سلبية في جوهرها بل فقط كلام غير معرب.. والكلام غير المعرب قد تكون به بلاغة أكثر وأفضل من المعرب كما قال المنوني.. وعندنا مزيداً من الشهود.
    إذ سنجد الكلمة بمعناها ذاته (في اللغة) من حيث كونها كلمة تحيل إلى اللا إعراب واللكن.. تدل مرة على الفصاحة والبلاغة والبيان عند صفي الدين الحلي في كتابه العاطل الحالي وإبن حُجة الحموي (أكده ونقل عنه) رأيه حول
    الفنون الأربعة التي كُتبت في اللغة العامية وهي الزجل والمواليا والقواما والكان كان.

    إذ نص الحلي في مقدمة الكتاب على هذه الفنون فقال: "فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل "وهو أرقاها في السلم وأعظمها شأناً").

    مرة ثانية قبل أن نذهب إلى الأسرار التي قلنا بها، لنتأمل هذه العبارة من صفي الدين الحلي وتاليه في الزمان إبن حجة الحموي: ( فهي الفنون التي إعرابها لحن، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل). الخلاعة هنا بمعنى: منتهى الوضوح والصراحة.


    هذا بالضبط ما قاله إبن خلدون الذي جاء في ترتيب الزمان بعد صفي الدين الحلي مباشرة وقبل إبن حجة الحموي بقليل.

    والسؤال هنا، كيف يكون في اللحن واللكن بلاغة؟!.

    نعم يكون وفق إبن خلدون.. بل
    إبن خلدون كان أشد صرامة في الوصف إذ يصف (اللحن واللكن) بالعجمة!.

    ويعني طبعاً إنتفاء الإعراب لا أن اللغة ذاتها التي كتب بها الزجل الأندلسي في الجوهر أعجمية بالكامل بل عامية الأندلس العربية ولو حوت عبارات لاتينية مثل كل عاميات هذا الزمان التي تستطيع أن تحوي كلمات تركية وفرنسية وإنجليزية ولغات تاريخية أخرى عديدة لكن بعد هي عامية عربية. ولكنه برغم ذلك يقول لقد إزداد فضاء البلاغة مع اللحن واللكن؟. كيف حدث ذلك مع العجمة!.

    حتى أن بعد عدة قرون تالية جاء المؤرخ الجليل محمد المنوني ليقول:

    (ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى).. وهذه مرافعة ساطعة من م. المنوني تضاف إلى مرافعة م. الفاسي غير المباشرة (اللحن لا يعني اللكن في اللغة بل التلحين في الغناء أو فيما معناه.
    وهذا نص إبن خلدون المعلوم عند هذه النقطة:

    "لما شاع فنُّ التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقتهم بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه إعراباً، واستحدثوا فناً سموه بالزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد فجاءوا فيه بالغرائب واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة".

    فالترصيع عند إبن خلدون هو القيمة الثابتة عند الوشاح والزجال في ذات الأوان.

    الموشح التام أي المعياري يتكون "مرصعاً" من مطلع (أغصان) وأدوار (أسماط) وأقفال (أغصان) وخرجة (أغصان).. وموشحة (جادك الغيث) للسان الدين الخطيب هي مضرب المثل المدرسي عند هذه اللحظة.. وهذا بإختصار طبعا.

    إبن خلدون يقول لغتهم المستعجمة أي طبعاً غير الفصيحة. ويعني زجالي الأندلس آنذاك. وقلنا أن الملحون من نمط الزجل أو وريثه. فهل الملحون أيضاً مستعجم!. نعم طبعاً، برغم الكلمات الفريدة الرنانة "الوافدة من التاريخ" فإنها غير معربة (لا تجري على قواعد النحو والإعراب في اللغة الفصيحة أو الأحسن أن نقول "الكلاسيكية" ولا على أوزان أبحر الخليل وتفاعيلها بالضرورة) كما أن كثير من تصاريفها غريبة على العربية الكلاسيكية كما أنها قد تكون مرة غريبة على العاميات المغربية ذاتها الحاضنة لشعر الملحون كل الوقت.

    والسبب أن العاميات متحركة بحركة البشر والأزمنة والامكنة ويبقى الملحون في الأرض ذاتها يراكم بعضه البعض (مسجل في بطون الكتب وفي صدور الناس) لا يأبه بالتحولات في الزمكان إلا ما خصه هو ذاته من غذاء وكساء وضحك في وجه الدنيا والتاريخ.

    ويذهب الملحون إلى كل الأمكنة في المغارب والمشارق.. فإن كان مركز الزلزال "فاس ومراكش ومكناس وسلا وطبعاً تافيلالت" فالأثر يجوب الأرجاء كلها حتى الحجاز ومصر والعراق وأبعد (تترنم ملحونا) مديحاً في النبي وآله وعبادة وأيضاً غزلاً وخمراً ومدحاً وهجاءاً ورثاءً وتبتلاً في الطبيعة وكله ملحون من حيث النظم والعبارة.. كله من مركز الزلزال.. والموجات تنتقل عبر طرق الحج والتجارة والهجرات المتبادلة وعبر الطرق الصوفية وفي مقدمتها الإدريسية والتجانية والعلوية وأخرى، نعلم ولا نعلم.

    بهذا القدر من التقديمات والإستهلال نمضى إلى موضوعنا في محاولة النظر في سر الفتنة الكبرى بالملحون:

    أهمها وأولها مطلقاً واحد فقط لا غيره (القواميس المتعددة غير المعهودة) إذا عددنا الترصيع قيمة ثابتة.. يقول إبن خلدون:

    " فجاءوا فيه بالغرائب (الزجل ووريثه الملحون) واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة".

    ما هي ماهية هذه الغرائب وكيف يتسع المجال للبلاغة مع العجمة؟!. بلاغة وعجمة بمعنى لحن ولكن بليغان إن شئت قل فصيحان أكثر من فصاحة الفصحى “اللغة الكلاسيكية” إشارة مرة ثالثة إلى محمد المنوني.. هو بالضبط المعنى (لا ننسى كلام الصفي وإبن حجة وإبن المنوني أعلاه).
    كيف يكون في اللحن واللكن بلاغة إي العجمة بلغة إبن خلدون؟!. وأن الزجل ليس بشئ غير أنه فن عامي جرى على نمط الموشح من حيث النظم.. ليس إلا .. كيف يكون ذلك بعد ذلك!.
    السر كله والفتنة التاريخية كلها في "اللحن واللكن" في العجمة.. إنها ثورة عظيمة في زمانها، أتاحت الخلاص من القاموس الواحد "اللغة الواحدة الفصيحة = السجن" إلى عدد غير محدود من القواميس “الحرية”. وتلك ثورة توجها قبل الجميع إبن قزمان في شكلها النهائي
    جردت فني من الإعراب .. كما يجرد السيف من القراب.. فمن دخل علي من هذا الباب ... فقد أخطأ وما أصاب. بكل تلك الجرأة في زمانه أعلن أبو بكر بن قزمان الثورة التصحيحية على الموشح
    وعلى كل الأنماط الشعرية الغنائية في التاريخ (1078 – 1160م).

    القواميس:
    تهمنا بشكل أدق هذه الجملة: (فجاءوا فيه بالغرائب واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة") من إبن خلدون.
    والسؤال هنا كيف يتسع باب للبلاغة مع العجمة؟!.

    والملحون غير معربة طبعاً كما زجل إبن قزمان وكل الزجل.

    نعم، يتسع!.

    إذ أن الموشح "المرصع بالحلي والديباج والحلل" في الأساس معرب "فصيح" عنده قاموس واحد.. وغير ذلك نشاز ليس من القاعدة.. وبالتالي لغته محدودة بحدود القاموس المحدد وقواعد اللغة المحددة وكنتيجة أيضاً قوافيه "تضيق" وبالتالي باب البلاغة أيضاَ يضيق “إشارة إلى إبن خلدون”. كما أن مساحة إنتشاره أيضاً تضيق بين جمهور الناس في الزمكان.

    فما فعل أبو بكر بن قزمان واضع قوانين الزجل وكممهد للملحون يمكن إعتباره ثورة في القاموس والنظم والقافية حينما نقل الموشح إلى عامي "زجل".. تلك اللحظة حدثا شيئان في غاية الأهمية إذ أن:
    القاموسين العامي "غير المعرب" والعربي الإثنان يعملان في ذات الوقت في النص الزجلي (فقط دون تعريب في الحالين “لا نحو وصرف وفق قواعد العربية”.

    فالقاموس يصبح "دابول" باللغة الإنجليزية أي يتضاعف في عدد المفردات وتصاريفها. والشيء الثاني ينجذب جمهور أكثر إلى النمط (زيادة الشعبية).

    وعليه عند هذه الحالة يصح كلام إبن خلدون ويتأكد، إذ تنفتح مساحات جديدة للزجال، فيكون لديه المزيد من المفردات من القاموسين العامي والفصيح ليصنع قصيدته ذات البلاغة الباهرة "فقط غير المعربة" وفرص أفضل ليجد قوافي كثيرة لينتقي منها. وهذا سبب في تعدد القوافي والأوزان في الزجل كما الملحون دون غيره من الأشعار الأخرى . وإمكانية تثليث وتربيع القوافي وحتى تسديسها بكل سهولة وأريحية في بعض المرات.

    إذاً إبن قزمان عمل عملأً عظيماً في زمانه..تمرداً زلزل الشرق والغرب معاً.. كانت ثورة عظيمة أسس لها ووضع قواعدها (أهم تلك القواعد مطلقاً "لا تعريب") .. فهو المؤسس الحق.. لذا نحن نتحدث عنه حتى هذه اللحظة. فعمل للشعر الأندلسي لاول مرة قاموسين أو ثلاثة لا واحداً فقط كما كان قبل الزجل.
    (فقد ذكر ابن سعيد في مقتطفه عن ابن قزمان أنه: "خرج إلى منتزه مع أصحابه فجلسوا تحت عريش وأمامهم أسد من رخام يصب ماء كثيرا على صفاح مدرج، وهو قوله:
    وعَرِيش قَدْ قَـام عَلَى دُكَّان بَحـَــال رِوَاق
    اسَـد قَـدْ ابْتَلَـع ثُعْــبَان بِه غَلَــظ سَاق
    وفَتَـح فَمُّـو بَحَال انْسـَان بِـه الفَـــوَاق
    وانْطَلَق مِنْ ثَم عَلَى الصِّفَاح والْقَى الصِّـفَـاح .. مثال من إبن
    قومان).
    وإذ قلنا ان الملحون وريث الزجل الأندلسي. إذاً كيف كانت وتكون قواميس الملحون!.

    كان للزجل الأندلسي قاموسين أو ثلاثة قواميس "قفزة بدورها" فعند المرحلة التالية (الملحون) تعددت القواميس بغير حساب إضافة للقواميس الأندلسية التي جاءت مع بنية الملحون الأولى (الشفرة الجنية = النظم والمفردة) وأهمها القاموسان الأندلسيان (العامي والفصيح أي الكلاسيكي “العامل الثابت” هنا إضافة إلى الترصيع) وقواميس اللغات العامية في كل العهود التي تلت نوم الأندلس على صدر المغرب وحتى تاريخ اليوم = عشرات القواميس.. وذلك سر الفتنة الكبرى بالملحون وفق هذا العلم.. إضافة إلى أسرار أخرى نعلمها ولا نعلمها!.
    دعني لوهلة أمضى بجملة إبن خلدون تلك في معادلة رياضية مبسطة :

    طريقة نظم الموشح + القاموس الاندلسي الفصيح “الكلاسيكي” + القاموس الاندلسي العامي × غير معرب = زجل.

    تلك مجرد محاولة لتقريب الصورة.

    والقاموس هنا يعني عدد مفردات اللغة وتصاريفها وطرق نظم الزجل تتعدد وتتطور أي تتنامى عبر الزمكانات حتى يكون ملحونا.
    وبغير معرب نعني إنتفاء الالتزام بقواعد اللغة العربية في مستواها الرسمي.. والركون الى منطوق الواقع اليومي للناس.
    فيكون الزجل أغنى في عدد المفردات من الموشح بأكثر من الضعف هذه المرة.

    مثلاً: عند الموشح إسم العلم المؤنث المحبب (فاطمة) ستكون كلمة واحدة في الفصيح (الكلمة ذاتها) ولكن في العامي "الملحون" تستطيع أن تكون فاطمة كما في في الفصيح قل الكلاسيكي (الفصيح كلمة متعالية) وتكون أيضاً فطوم وتكون فطيم في الزجل.. وسنرجع بعد قليل إلى فاطمة لنرى كيف تتعدد تصاريف فاطمة عند الملحون بأكثر من ذلك.. الآن نحن مع الزجل الأندلسي.. إذن الزجال عنده مجال للمفردة أوسع من الوشاح وخيارات القوافي اكبر بكثير.. وهذا ما دعى ابن خلدون ليقول ان ذلك فتح باباً للبلاغة جديداً أكبر وأوسع في حالة الزجل وريث الموشح.

    الترصيع هو العامل الثابت حسب ابن خلدون والقيمة المتحركة هي "المعرب وغير المعرب"
    الترصيع المعرب يساوي موشح.. والترصيع غير المعرب يساوي زجل.

    وإذا كان المعرب قيمة محددة ( = القاموس الفصيح) فان غير المعرب قيمة ضعفها = القاموسان الفصيح والعامي أي عدد مفردات اللغة وتصاريفها في حل عن قواعدها الرسمية أو المدرسية بلغة الباحث المغربي عبد المجيد فنيش.

    وعندما نأتي إلى الملحون نجده يصطحب معه الزجل ويفرز ذاته عنه بإضافة قاموس ثالث هو المغربي وبالتالي مقدرة جديدة على ترصيع نظمي اضافي.. فيكون هذه المرة:

    الترصيع الاضافي + الزجل + القاموس المغربي
    × تعدد القواميس بفعل تعدد الزمكانات = ملحون.
    وتلك مجرد محاولة لتقريب الصورة تستطيع ان شئت ان تفعل غيرها لذات الهدف.
    و
    فـَـنْ آلْمَـلْحـُونْ فِيـهْ كـُـلْ امـَّا تَـحْــتـَاجْ يَـا مَـنْ حَـبْ الْقـْـرِيـضْ فِي هَـذ اللّـهْـجَة في اكْلامو كايْنا الْحَكْمة دونْ آلْجاجْ (من مذكرات سيدي عبد القادر).

    تأكيد مرة ثانية لقد أتسع لزجل الملحون مجالاً أكبر للبلاغة بلغة إبن خلدون.. وزيادة بزيادة القواميس “مفردات اللغة” مع ازدياد تنوع طرق النظم بحكم الزمكانات المتعددة.. ولذا كانت أزجال الملحون شديدة الإبهار بالذات للمتكلمين بالأصالة للعاميات الحاضنة لنمطيات الملحون.
    إذ أنت عندك خمسة قواميس وزيادة بدلاً عن إثنين أو ثلاثة.. والزمان هو الزمان لأن كل تلك القواميس تعيش في جسد الملحون عبر الزمكانات العديدة غرب وشرق وعبر القرون طبعا.

    مثلاً نرجع إلى إسم العلم المؤنث فاطمة كما عائشة تكون عايشة وتكون عيوش (خلخال عيوش) وخديجة تكون كما هي وتكون في مكان آخر أخديجة وخدوج اخديجـــة رانـــايــا مـن جفـــاك مفقـــود عـــلاجـــي إلـــى اتغيبي عقلــي عني ايغيب و النــادي خــــدوج)
    وأما فاطمة فتكون فاطمة وتكون فطيمة، فاطنة، فطينة، فطوم وفطون.. ولفاطمة مكانة خاصة في الملحون وعندها مقياس خاص "فاطمة الزهراء":

    (وقت ما نمدح بيك غيتني نبرا من لضرار ونشاهد بيك اسرار يا بنت شفيع الخلق لالة فاطمة الزهراء يا من هو مثلي نضام حالو وفدهنو حار) عثمان الزاكي منقول بلا تصرف.
    وهو أمر مفهوم وغير مستغرب يختص بالتاريخ المجيد والتليد لبلاد المغرب.. ومن خلال تلك الأمثلة قد نلمح أيضاً إضافة جديدة مختلفة عن عما مضى وهي المقاييس. إذ فاطمة مثلاً = فاطما = فاعلنْ وفطومْ = فعولْ وفطَّوم بتشديد حرف الطاء = فِعْلان.. هنا أيضاً يتسع مجالاً للتفاعيل والقوافي جديد وبالتالي الأوزان فالبحور الشعرية.

    وان كان أس أسباب الفتنة النظم والترصيع الباهران مع تعدد القواميس عبر الزمكان فان هناك المزيد من الاسباب الاضافية التي وطدت الفتنة.

    فالملحون حلاوته في لحنه.

    الشعر العامي الحديث أيضا يضيق مقارنة بالملحون لإنه ملتزم في الغالب بقاموس العامي الراهن أي كان ونظم بسيط ينأ عن الترصيع بينما الملحون يشتغل على الراهن وينفتح على قواميس ماضوية متعددة تأتي بسحرها معها كما تأتي بمخيالات زمكاناتها المنوعة وتثري المفردة والمقاييس والقوافي فيكون النظم المركب والترصيع الباهر بلغة إبن خلدون وذلك هو الفرق.. وذلك أس مكمن الفتنة وفق هذا الرأي.

    الملحون: مضافاً إلى آثار المغرب التاريخية المادية والمعنوية الكثيرة يمكن اعتباره إهرام وأبوهول المغرب ولكن أكثر الناس لا ينتبهون لهذا الإهرام وهذا الهول.. إنه إحدى مشاهد الخلود لمن أراد أن يلمس الخلود.

    مختصر أسباب الفتنة ليست في واحد وإثنين فقط بل هناك عوامل إضافية زيادة وهنا الأسباب وزيادة وفق هذا الإنطباع:
    1- طرق النظم (البناء الشكلي للقصيدة) مرصع ومتعدد القوافي ورشيق العبارة.

    2- الأوزان "المقاييس" الإقاع الداخلي للقصيدة
    منوعة بغير حساب.

    3- الموسيقى الموروثة (النغمة الموسيقية المتوارثة) سهلة ولا تشعرك بالنشاز.

    4- القاموس (عشرة قواميس) ربما أكثر في شعر الملحون .. قواميس أمم خلت فوق أرض المغرب المباركة.. قواميس ماضوية قادمة من تواريخ قريبة وأخرى سحيقة..
    وما العامية المغربية الحالية إلا حالة طارئة على الكل المركب عربي أندلسي أمازيغي عربي موورتي عربي صحراوي عربي عربي عربي وعثماني/تركي وأسباني وفرنسي والمزيد. تلك القواميس فيها سحر الكلمة "الفتنة".

    5- التكرار التكرار التكرار (عبر الأزمان) حتى تصبح الحالة كصوت موج البحر.. تستطيع أن تنام على إيقاع هدير

    موج البحر دون أن تفكر أو تتساءل في ذاتك عن الأمر.. مثله ونزول المطر وسطوع القمر. التكرار التكرار التكرار. لكن صوت مكينة السيارة قد يغض مضجعك وقد
    يمنعك النوم ولو كان باهتا وقادماً من البعيد.. الملحون كهدير البحر يتصالح معك ومع الطبيعة.

    6- ذاكرة الشجن.. من جراء التكرار لكنها نتيجة مختلفة.. إذ الإيقاعات والإنغام الشعرية واللحنية والموسيقية تخزنها الذاكرة منذ عهد الطفولة الباكرة وحتى اللحظة الأخيرة مع أهم شيء مواقف حياتية مختلفة مصاحبة "ذاكرة محببة غير موعية" إستدعاءات من الماضي الذاتي غير الموعي به كلية "يكون ولا يكون" وتبقى مشدوداً للإستماع ألف مرة دون أن تهتم بالكلمة ولا اللحن ولا الإيقاع إنما أنت أصبحت الشيء ذاته أنت هو وهو أنت بلغة القطب محي الدين بن عربي في مقام اخر.

    وهنا مقطع جديد من د. الفيلالي:

    (الملحون فن شعري وإنشادي غنائي متميز، وقد يكفي السامعَ سماعُه وتذوقُه الانطباعي تَعَبَ البحث عن بواعث ومظاهر قيمته الفنية وكوامنه الجمالية. وإذا كان هذا شعور جل أو كل المتلقين، فإنه من الدواعي الأكيدة عند الباحث في فن الملحون لرصد تلك البواعث والتجليات، وتفحصها بعناية تامة حتى تتكشف أسرار قوة تأثيره الفنية في السامع المتذوق وفي غيره من الفنون الحديثة. د.عبد الوهاب الفيلالي).

    7- مادة متاحة للجميع مطلقاً بلا رقيب ولا حسيب.. وللإضافة إليها والإقتباس منها وبل إستلافها وفي كل مكان خارج وداخل المغرب وفي كل الأزمان هذا الزمان والأزمان التي مضت. هذه المرونة أيضاً من أسرارها التي لا تنقضي ومن أسباب إنتشارها وخلودها.
    ملاحظة ختامية مهمة في نظري تتطلب التسامح معها مقدما:

    ليس بالضرورة أن نتفق كلية مع بعض أدب الملحون والتراث عموماً وفي كل زمكان ليس المغرب وحده.. لأن ذلك البعض يمثل رؤى ومخيالات شعوب قديمة خلت وتركت لنا إرثها البديع في بطون الكتب وعلى ألسنة الناس. ونحن نعيش زمان مختلف، عنده رؤأه ومخيالاته الإجتماعية المختلفة جزئياً أو كلياً.. اي وجب النظر له في سياقه الوظيفي (التاريخي) لا دمجه في الراهن.

    تلك اللحظة وحدها نستطيع أن نجد في التراث أي كان المعاني والمتعة ونستلهم منه العبر وإلا سنصادمه بمفاهيمنا الراهنة من المجتمعات الحديثة والمدنية الحديثة.
    افصل نفسك عن التراث والفلكلور ستجد نفسك فيه متصالحاً مع نفسك بلا تناقض مع قناعاتك الراهنة أي كانت وكان مستواك التعليمي وموقعك الإجتماعي والطبقي.
    وتلك كانت نظرة من خارج الحدود، لا تزعم العلم بالشئ ولكنها توقن الإعجاب بالأثر وتسعى إلى المزيد من المعرفة والمتعة بتراث الملحون


    محمد جمال الدين
    10 أكتبوبر 2023

    [email protected]

    كاتب من السودان يعيش بهولندا، دارس آنثروبولوجيا .. زار المغرب لأول مرة في اكتبور 2023 وتلك المقالة جزءً من انطباعات الرحلة المحببة. وربما تتوسع في مستقبل الأيام إلى محاولة دراسة مقارنة بين الملحون والإنماط الشعرية الغنائية الشبيهة في المجتمعات المغاربية والمشرقية من زاوية تلقِّي آنثروبولوجية.


    ---
    * التعريف آخر المقالة جاء وفق طلب أصدقاء غير سودانيين لأنهم كانوا يودون مناقشة بعض التصورات الواردة في هذه المقالة الصغيرة فيما بينهم وفي منابرهم وهي مجرد "نظرة من خارج الحدود" ليس إلا.. عشان كدا

    (عدل بواسطة محمد جمال الدين on 01-07-2024, 03:06 AM)







                  

11-30-2023, 00:56 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خا� (Re: محمد جمال الدين)


    زجل السودان (حقيبة الفن) وقبل ذلك المدائح النبوية (5 قرون) لديها علاقة مباشرة بالملحون المغربي كما الحوزي التلمساني.. والعكس لا يحدث.. لأن الزجل أصلاً فن مغاربي!.

    نظرة في زجلية أحرموني ولا تحرموني لود الرضي.. لعبة من سبع خطوات (مثال لبوستات حقيبة الفن السودانية):

    https://sudaneseonline.com/board/510/msg/1690319198.html

    ---
    وهذه بوابة جديدة للنظر في الذات والتراث
                  

12-08-2023, 02:17 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خا� (Re: محمد جمال الدين)

    ندوة مسجلة.. حقيبة الفن السودانية: البداية والنهاية.. في سبيل مراجعة الذات والتراث.
    تفاصيل نتيجة بحث الحقيبة ومناهج البحث ومراجعه وطرق نظم الحقيبة الستة وقواميسها الخمسة وكيف كانت بدايتها النظمية مع خليل فرح واستاذه فؤاد الخطيب 1910. وكيف انها مرت بعدة مراحل حتى العام 1954.. وكيف كانت نهايتها من حيث النظم ولماذا؟.

    وموضعة فن الحقيبة في الفضاء العام السياسي والاجتماعي في زمان نشاته وبعده.. إضافة الى حوارات حول المدنية ومعناها وقضايا الحرب والسلام ودولة المواطنة ومشروع السودان200.
    في الرابط المرفق من X تويتر.. مع ملاحظة ان هناك عدة دقائق فراغ في البداية لكن سرعان ما تبدا الندوة التي حوت مشاركات فاعلة من الحضور في منصة الرؤية الوطنية:

    https://x.com/alruwyalwatania/status/1730617767814950939؟t=44AEMEra1m1LhG-WW3GZkAands=08https://x.com/alruwyalwatania/status/1730617767814950939؟t=44AEMEra1m1LhG-WW3GZkAands=08
                  

12-08-2023, 03:55 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خا� (Re: محمد جمال الدين)



    "نوبة رمل الماية" .. المتيوي يواصل مشروع التعريف بالموسيقى المغربية الأندلسية

    "نوبة رمل الماية" .. المتيوي يواصل مشروع التعريف بالموسيقى المغربية الأندلسية

    هسبريس - وائل بورشاشن

    الخميس 7 دجنبر 2023 - 12:31

    كتاب جديد ضمن سلسلة مهتمة بدراسة نوبات طرب الآلة الأندلسي المغربي وتقعيدها أعلن عنه المعهد الأكاديمي للفنون التابع لأكاديمية المملكة المغربية، ووقعه الباحث والموسيقي عمر المتيوي، في حفل تقديم استقبله، الأربعاء، مقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب بالرباط.


    محمد نور الدين أفاية، مدير المعهد الأكاديمي للفنون، قال إن حفل تقديم كتاب “رمل الماية – تدوين، دراسة وتحليل”، يندرج ضمن “التزام أكاديمية المملكة المغربية بدراسة التراث الفني بشموله ومختلف تعبيراته بالمغرب، والتعريف به، وتطويره كلما أتيحت فرصة الارتقاء بالتعبير الموسيقي التراثي المغربي، والعمل على البناء على هذا التراكم الذي يمكن أن يؤسس له ويسهم فيه مختلف الفاعلين المؤسسيين والأفراد والجمعيات”.


    وذكر أفاية أن هذا التقديم يأتي “في سياق اعتراف اليونسكو بفن الملحون”، علما أن “أكاديمية المملكة المغربية منذ تأسيسها اهتمت بشكل كبير بهذا النمط الموسيقي، وأصدرت ما يقرب من 11 مجلدا، لكبار ناظمي ومدوني الملحون المغربي، ولها برنامج كبير في استمرار إنتاج هذه الدواوين”، مردفا: “هذا الاعتراف يتوج مجهودات كبيرة لأكاديمية المملكة، بتنسيق مجموعة من الفاعلين المؤسسيين الوطنيين، لانتزاع الاعتراف في لائحة التراث غير المادي للإنسانية”.


    وفي مجال موسيقى الآلة، قال المتحدث ذاته: “أصدرت الأكاديمية 7 مؤلفات تهم الآلة المغربية، سواء في التحقيق، أو الدراسات التي ساهم بها الباحثون في ندوات ودورات الأكاديمية ومجلتها الخاصة. وبعد الكتاب الأول للمتيوي عن “نوبة الاستهلال” نقدم اليوم الكتاب الثاني من جزأين عن “رمل الماية”، للتعريف بها، وخصوصياتها، وأسباب استبدال أشعارها الغزلية بأشعار مديحية، مع تحليل طبوعها وتفصيل موازينها، والمقارنة بين النوبة الأصلية وأغراضها الدنيوية من غزل وخمريات ووصف للعشي، ونظيرتها المديحية المتداولة اليوم”.


    عبد العزيز بن عبد الجليل، الباحث في الدراسات الموسيقية، وضع المؤلف الجديد ضمن “مخطط رام التعريف بنوبات الموسيقى الأندلسية”، ينهض به عمر المتيوي؛ “فبعد كتابه في 2018 حول ”نوبة الاستهلال” يغني المكتبة الوطنية اليوم بكتاب جديد حول “نوبة رمل الماية” بعناية أكاديمية المملكة المغربية”.

    ويرى الباحث ذاته أن المتيوي “تفرّد دون غيره من مدوني الموسيقى التراثية الشفهية، ومنها المغربية الأندلسية، بالسبق في استخدام طريقة النقحرة، على المستوى العربي، وهي سابقة جريئة تحسب له؛ فرغم اقتناعه بقصور التدوين الغربي في صورته الحالية، وأن التدوين بقواعد السولفيج الصارمة يمس بهذا الصنف الموسيقي، إلا أنه اجتهد في تبني طريقة بصرية للتدوين، ولاسيما مع أفراد مجموعته، ووُفّق إلى نهج يلتقي فيه التدوين الصولفائي بالطريقة التقليدية، مع توفير دعم بصري للتدوين الموسيقي وفتح آفاق جديدة ومجددة في حود مستلزماتها”.


    محمود قطاط، أكاديمي ومؤسس المعهد العالي للموسيقى بتونس، قال من جهته إن “رصيد الآلة المغربية لقي كثيرا من الاهتمام، وهذا الإصدار الأخير يكتسي أهمية خاصة لمجهوده وإضافته التي لم تكن مألوفة، سواء من حيث التدوين اللحني والإيقاعي وتنزيل الكلمات، أو الجانب التنظيري والتعريفي بالنوبة والميزان والطبع، وكل ما يتعلق برصيد الآلة”، ثم سجل أن هذا العمل الجديد “إضافة نوعية في المجال”.


    الموسيقي والباحث عمر المتيوي ذكر أن إصداره الجديد حول “نوبة رمل الماية” يتكون من “جزأين أولهما بالفرنسية للكتابة الموسيقية، والثاني دراسة باللغة عربية، وهو يأخذ بالاعتبار أن هذه أكبر نوبة من النوبات الإحدى عشر للموسيقى الأندلسية المغربية المعروفة بموسيقى الآلة، وجديده دراسة الأشعار التي كانت من قبل غزلية، قبل أن تقوم لجنة بإشراف الوزير العربي الجامعي باستبدال جميع أشعار النوبة إلى المديح النبوي الشريف، فصارت هذه النوبة الأولى من حيث الأشعار والأذكار والنغمات”.

    وتابع المتيوي: “هذا مشروع سيستمر في تدوين النوبات ودراستها بطريقة جديدة، وجديده النقحرة، أي كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية حتى تتماشى مع كتابة الموسيقى الغربية. كما استعرنا منظومة الرموز الموسيقية، والكتاب الأول صدر عن أكاديمية المملكة المغربية، وكانت فيه دراسة كبيرة عن التاريخ والطبوع وتدوين ”نوبة الاستهلال”، وهذا الكتاب الثاني، والنوبة القادمة هي “الماية”، وستصل إلى الطباعة عما قريب”.

    الملحون الموسيقى الأندلسية

    https://www.hespress.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d9%8a%d9%88%d9%8a-%d9%8a%d9%88%d9%82%d8%b9-%d9%86%d9%88%d8%a8%d8%a9-%d8%b1%d9%85%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%8a-1277674.htmlhttps://www.hespress.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d9%8a%d9%88%d9%8a-%d9%8a%d9%88%d9%...7%d9%8a-1277674.html


    ---
    محاولة للتعريف بالفن التاريخي العظيم: الملحون المغربي
                  

12-19-2023, 03:12 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسرار فتنة الملحون المغربي.. نظرة من خا� (Re: محمد جمال الدين)

    أسرار فتنة "الزجل" الملحون المغربي
    ---
    للامر علاقة بنتيجة بحث الحقيبة السودانية وبالزجل الحوزي التلمساني ( رابط الموضوع دا موجود اعلاه لمن شاء) .. وبالسودان200 طبعا!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de