نزار مكي في مسارات الحرب التي فرضت واقعها في اتساق مع سهولة نشر المعلومة و توصيلها لأكبر عدد من المتلقين اخذت الحرب الإعلامية الحيز الكبير الي الحد الذي جعلها في احايين كثيرة تصنع واقعا افتراضيا مُرضيا لكل طرف يجعله متوهما لانتصارات لم تحدث على أرض الواقع بدليل عدم تحقيق اي طرف لتقدم واضح في هذه الحرب اللعينة حتى الآن و استمرار الاستنزاف و معاناة المدنيين التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم . مع سهولة صناعة المحتوى الذي لا يتطلب في كثير من الأحيان أكثر من هاتف جوال و مع روح التباهي التي تسيطر على المتقاتلين و خصوصا الجنجويد جري و يجري التوثيق للكثير من فظاعات هذه الحرب مع ارتفاع الأصوات بالتكبير كعادة ارتبطت بنمط التدين الإنقاذي. ما اتضح جليا هو أن كل طرف من الطرفين يحمل في جوفه بذور استبداد تبشر بمصير قاتم اذا تحققت له الغلبة فالجيش الذي جري تدجينه و تدميره على مدى ثلاثين عاما انتهى الي كيان سياسي يتأرجح بين كونه جناح مسلح للحركة الإسلامية و بين طموحات قادته في السلطة و مخاوفهم من الحساب و المساءلة على جرائمهم المتراكمة ليحمل في داخله شكلا من التباين السياسي بين مؤدلجين متشددين و بين من هم اقل منهم تشددا و يحاولون الموازنة بين المهنية و الانتماء. و يزداد وضع قادة الجيش تعقيدا مع ازدياد سيطرة الإسلاميين الذين يخوضون معركتهم الأخيرة و التي يمكن أن يضحوا فيها بكل شيء مقابل العودة إلى السلطة. الدعم السريع تم تكوينه في الأساس على فكرة الارتزاق مع استغلال عنصر القبلية بهدف القيام باقذر الأدوار نيابة عن الجيش و بدعم لوجستي و استخباراتي من الجيش في دارفور و قد نجح في تلك المهمة الأمر الذي رفع اسهمه في بورصة الإنقاذ ليتمدد وصولا الي الخرطوم بذات المفهوم حيث صار( لحمايتي) دور أكبر بعد أن صار مقربا من مركز القرار و هي رحلة لم يكن فيها للدعم السريع اي طرح سياسي او اي قضية تتعلق باي مطالب تنمية او خلافه بل كانت للدعم السريع اليد الطولي في الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور من قتل و اغتصاب و حرق للقرى و تهجير. و بعد أن كبرت طموحات قائد الدعم السريع و أسرته و وجد كل الفرص لبناء المؤسسة العسكرية الاقتصادية ثم بعد الثورة و ما وجده حميدتي من فراغات تمدد فيها تحت غطاء البرهان الذي لم يتعظ و أراد تكرار لعبة حمايتي. تمدد حميدتي عبر حدود السودان ليضع نفسه وسط تقاطعات مصالح دولية أكبر من حجمه و مقدراته. الكيزان سطوا على السلطة عن طريق الجيش و تمسكوا بها عن طريق الجيش و استمر حكمهم عن طريق الجيش و بقية الأجهزة النظامية التي اخترقوها و سيطروا عليها تماما فالانقاذ لم تكن ثورة و لم تكن خيارا شعبيا بل انقلاب افرز نظاما استبداديا فاسدا احتكر كل مفاصل الدولة و فعل بها ما يشاء رافعا شعارات دينية فضحت الممارسات بعده عنها و مع القوات النظامية ابتدعوا قوات موازية ما يعكس حالة الخوف المستمرة و اليوم تعود هذه القوات الي الواجهة لتقاتل مع الجيش ما يؤكد كل تهديدات كبارهم الذين قادوا حملة التحشيد و التعبئة للحرب تحت ذريعة رفض الاتفاق الاطاري. الجيش و الدعم السريع جمعهما موقف واحد ضد الثورة توجاه بفض الاعتصام و فرقتها الاجندات و الاطماع بعد الانقلاب ليتوجا خلافهما بالحرب المدمرة. و تلك هي حقيقتهما التي لن تغيرها اكاذيب الميديا و القنوات الفضائية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة